فيما تجري عمليات توحيد صفوف المعارضة السورية في جسد واحد يحمل اسم "الإئتلاف الوطني للقوى الثورة والمعارضة"، كبديل من المجلس الوطني السوري، قالت غالبية طفيفة من قراء إيلاف إن تلك الخطوة التي من شأنها تطوير أو إستبعاد المجلس من الواجهة، لن تصبّ في مصلحة الثورة المشتعلة ضد نظام حكم بشار الأسد منذ منتصف شهر مارس/ آذار 2011. صبري عبد الحفيظ من القاهرة: توقع معارضون سوريون في القاهرة أن تؤتي تلك الخطوة ثمارها سريعاً، معتبرين أنها جيدة، وجاءت في توقيتها، غير أنهم أكدوا أن المجلس الوطني سيكون بمثابة مراقب لأداء الإئتلاف الجديد، ليضبط أداءه بما يتوافق ومصالح الثورة السورية، وبما يضمن عدم سيطرة القوى الغربية أو العربية عليه. ليس في مصلحة الثورة ووفقاً لنتائج إستطلاع الرأي الذي أجرته "إيلاف" حول السؤال الآتي: "هل يصبّ تغيير المجلس الوطني السوري في مصلحة الثورة السورية؟.. نعم أم لا"، فإن غالبية طفيفة ممن شاركت في الإستفتاء قالت "لا"، وتقدر ب2691 قارئاً، أي ما يعادل 50.21 %، من إجمالي المشاركين في التصويت، ويبلغ عددهم 5359 قارئاً. فيما ترى أقلية تقارب الأكثرية 2668 قارئاً، أي ما يعادل 49.79%، أن التغيير في شكل أو بنية المجلس الوطني السوري سيكون في مصلحة الثورة السورية، التي ينظر إليها بإعتبارها الأكثر دموية بين ثورات الربيع العربي. وبنظرة بسيطة إلى نتائج الإستفتاء، يمكن القول إن ثمة إنقسامًا بين القراء حول جدوى التغيير في بنية المعارضة السورية، التي تعاني التشرزم منذ إندلاع الثورة، ولم تكن على مستوى التضحيات التي قدمها ولايزال يقدمها الشعب على مدار أكثر من 19 شهراً. توحيد المعارضة غير أن المعارضين السوريين يرون أن الخطوة التي اتخذت في العاصمة القطرية الدوحة، جاءت في التوقيت الصحيح، بعدما اتفق مختلف أطيافها على توحيد المعارضة في جسد واحد، أطلقوا عليه اسم "الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، وإنتخب الناشط معاذ الخطيب رئيساً له. ورغم أن هذه الخطوة جاءت بعد فشل المجلس الوطني في القيام بدور فاعل في جمع تأييد الدول الغربية لمصلحة الثورة السورية، إلا أن المعارضين، لاسيما المنتمون منهم إلى المجلس، يرون أنه اندماجه في الإئتلاف الجديد سيكون بمثابة حجر الزاوية، والمراقب حتى لا يحيد الإئتلاف عن أهداف الثورة، أو يتم إستغلاله من قبل القوى الدولية في غير مصلحة الشعب السوري الذي يناضل من أجل حريته منذ أكثر 19 شهراً. مراقب لأداء الإئتلاف وقال جبر الشوفي عضو المجلس الوطني السوري ل"إيلاف" إن توحيد صفوف المعارضة وتوسيع دائرتها كان ضمن توجهات المجلس الوطني، مشيراً إلى أن المجلس سعى منذ إنشائه إلى تحقيق ذلك الهدف من أجل إلتفاف المعارضة حول الهدف الأهم في تلك المرحلة، ألا وهو إسقاط النظام، وإنشاء حكومة إنتقالية، تنظم عملية الإنتقال إلى دولة الحرية والديمقراطية. وأضاف أن الخطوة ليست جديدة، وسبق أن دعا إليها المجلس أكثر من مرة. وأضاف الشوفي أن إنشاء الإتئلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة، لا يعني إنتهاء دور المجلس الوطني السوري، أو أنه سوف يتقاعد عن العمل السياسي، مشيراً إلى أن المجلس سوف يظل المرجعية الأولى للثورة السورية، وسوف يكون مراقباً لأداء الإئتلاف وسيشكل غطاء سياسياً له، لضبط أي خروج عن أهداف الثورة، ومنع أية محاولات للإستقطاب أو إجراء حوارات مع النظام. ونبه إلى أنه لا أحد أو جهة يمكنها أن تجبر المجلس الوطني على السير في الإتجاه الخاطئ، في ما يخص الثورة السورية. ولفت إلى أن العلاقة بين الكيانين ستكون علاقة تعاون وتكامل. وحول ما إذا كان توحيد صفوف المعارضة وتغيير المجلس الوطني جاء نتيجة للضغوط الخارجية، لاسيما الأميركية، أم لضرورة إقتضتها الظروف الراهنة، قال الشوفي إن الحالتين ساهمتا في تطوير المجلس الوطني وإنشاء الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة، لاسيما في ظل توافر النية لدي المجلس الوطني، ودعا إلى ضرورة العمل وفقاً لمجريات وأهداف الثورة، من دون النظر إلى أهداف القوى الإقليمية أو الدولية. إنجاز على طريق إسقاط النظام المعارض السوري في القاهرة مؤمن كويفاتية، يرى أيضاً أن ما حصل إنجاز على طريق إسقاط النظام وإقامة سوريا الحرة والديمقراطية. وقال ل"إيلاف" إن المجلس الوطني كيان مهم إنبثق من الثورة السورية، مشيراً إلى أن المجلس حاول بقدر الإمكان تحقيق مطالب الثورة وتمثيلها على المستوى الدولي، لكن الدول المختلفة، سواء العربية أو الأجنبية، لم تتعاون معه، وبالتالي صار مثل ورقة الشجر المقطوعة من الجذور. ولفت كويفاتية إلى أن المجلس الوطني لم يلبِّ طموحات الشعب السوري، مشيراً إلى أن الدعوات إلى تطويره أو دمج المعارضة السورية لم تتوقف منذ إندلاع الثورة في منتصف شهر مارس/ آذار 2011. ونوه بأن التشكيل الجديد لإتئلاف المعارضة جاء متأخراً، لاسيما أن هناك نحو 50 ألف قتيل، وأكثر من 6 ملايين مشرد في الداخل والخارج يعيشون في العراء، ودماء القتلي تنزف يومياً، إضافة إلى إرتكاب النظام فظائع، تتمثل في قتل الأطفال أو ذبحهم بالسكاكين وإغتصاب النساء، وكلها جرائم لا بدّ أن تتوقف فوراً. وأعرب عن أمنياته في أن يتعاون المجتمع الدولي مع الجسد الجديد للمعارضة، من أجل إنقاذ الشعب السوري. ودعا كويفاتية الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة إلى الإبتعاد عن الخوض في مستنقع المصالح الأقليمية والمناطقية للدول في سوريا، وإقامة علاقات متوازنة مع كل الدول العربية أو الأجنبية أو الأقليمية، والإبتعاد عن نظام المحاصصة السياسية. المشهد الأخير للأسد حسب وجهة نظر الناشطة اليمينة توكل كرمان، الحائزة جائزة نوبل للسلام، فإن الإعلان عن ولادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يمثل محطة حاسمة في تاريخ الثورة السورية. وقالت في تصريح مكتوب أرسلت إلى "إيلاف" نسخة منه: "إننا أمام المشهد الأخير لسقوط نظام بشار الأسد، يمكن القول أيضاً إن قوى الثورة والمعارضة السورية بهذه الخطوة أصبحوا جاهزين للدخول الآمن والمنظم في المرحلة الانتقالية، والعبور ببلادهم إلى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة".