الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجيب الشامسي: جرأة نصوصي لا تروق لمخرجي المسرح في الإمارات
نشر في الجنوب ميديا يوم 12 - 11 - 2012

ليس غريباً أن يكون الكاتب والمؤلف المسرحي، نجيب الشامسي، منهمكاً في الكتابة الاقتصادية المتخصصة، ومشكلات المال في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وفي الوقت نفسه يطل على الساحة الثقافية بمسرحيات تتنبه لحالة المجتمع الإماراتي، فهو يرى في الاقتصاد والثقافة وجهين لعملة واحدة في ظل تغيير المفاهيم التي يشهدها العالم اليوم . انشغل الشامسي بالاقتصاد والمسرح والتوثيق معاً فشكل بذلك حالة ثقافية متفردة يتكئ فيها النص المسرحي على الاقتصاد، ويقرأ الواقع الاقتصادي وتحولاته بعد قراءة وثائقية للحياة الإماراتية .
المزيج الذي شكّله الشامسي دفعه إلى الجرأة، فاختار لنصوصه المسرحية المباشرة والنقد الحاد، حتى باتت نصوص مسرحياته لا تروق للمخرجين ولمسؤولي المسرح في الإمارات . بعنوان "كش ملك"كتب سيرة الثورة وقال فيها: "إذا كان الاستعمار الأجنبي خرج من المنطقة العربية فقد خرج ببزته العسكرية، ولكنه ظل بثقافته الممنهجة ضد الشعوب العربية«، اليوم يستعد الشامسي لطباعة مسرحيتيه الجديدتين، "وطن للبيع"و"جلفار«، لذلك توقفت الخليج عند تجربته في المسرح، وتنبهه لمشكلات التراث الإماراتي، ومشهدها الثقافي، فكان الحوار الآتي:
انشغلت في مؤلفات بثلاثة محاور تكاد تكون بعيدة عن بعضها في التوثيق، المسرح، الاقتصاد، كيف احتويت ذلك في مؤلفاتك، وما تأثير كل مجال في الآخر؟
- الكتابة على مختلف اشكالها وصورها تمثل لي هاجساً يسكنني منذ الصغر، كما أنني مؤمن بأن الكتابة تمثل سلاحاً يمكن توظيفه في صيانة العقل وصياغة المجتمع والارتقاء بالفرد وبالتالي إذا كانت كتاباتي في الموروث الشعبي، أو المسرح أو الاقتصاد فإن ذلك الهاجس دوماً كان حاضراً في كتاباتي وتخصصي في الاقتصاد كان واضحاً في كتاباتي سواء عن الموروث أو المسرح أو عن المشهد الثقافي في الإمارات خاصة وأن عوامل التغيير الكبير الذي حدث في المجتمع الإماراتي تعود في الأساس إلى العوامل الاقتصادية،كما كنت محظوظاً أن يكون تخصصي في الاقتصاد الذي أصبح يمثل لي منظاراً دقيقاً لسبر أغوار المجتمع الإماراتي وفهم حقيقة المتغيرات التي أضحت هي المشكلة للمجتمع الدولي ورسم معالم المستقبل في العلاقات بين الدول والأمم والشعوب، وربما لم يكن للإمارات هذا الحضور إلا لأهميتها النفطية أو الاقتصادية في الساحة الدولية .
من ناحية أخرى فإن الثقافة الشعبية أو الموروث الشعبي إنما تشكل واحدة من أهم ملامح الخواص الإثنوغرافية، بل وأحياناً ملمحاً من تفاعل العلاقات الإثنية التاريخية بين الشعوب وتداخلها على مدار سنوات طويلة، غير انها مع الوقت تتحول بعد هجرتها وترحالها وتوطنها إلى خاصية لروح ذلك الشعب . وبالتالي فإن هاجس الكتابة عن الوطن والدفاع عن هويته وشخصيته فرض عليّ الغوص إلى أعماق المجتمع الإماراتي ودراسة جذوره الحضارية والإنسانية لأستحضر الماضي من أجل مواجهة متغيرات الحاضر الذي همش كثيراً من تلك الجذور وحجم من حضورها وطمس معالمها بحكم الانفتاح السريع والكبير على ثقافات مختلفة جاءت معظمها من بيئات فقيرة ثقافياً لم تسهم في تعزيز البنية الثقافية لمجتمع الإمارات بقدر ما أسهمت في تشويه المشهد الثقافي وكانت أحد الأسباب في التراجع الثقافي الذي تشهده الساحة الثقافية في الإمارات .
من هنا كان الكتاب الأول الذي صدر في العام 1981 بعنوان "الإمارات في سفينة الماضي"الذي تناولت فيه الثقافة الشعبية المادية لمجتمع الإمارات من مأكل ومشرب وملبس والمهن التي كانت تمثل قاعدة الاقتصاد الوطني في فترة ما قبل النفط، واشتمل هذا الكتاب على ملامح مضيئة لمجتمع الأمس، وبعد عشر سنوات وتحديداً في العام 1991 صدر لي الكتاب الثاني الموسوم ب(الألعاب والألغاز الشعبية) وتلك الألعاب والألغاز التي ركزت في أهميتها الاجتماعية والتربوية والسلوكية وكيف أسهمت هذه الألعاب في صياغة النسيج الاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي لمجتمع الإمارات .
إن الكتابة في الموروث الشعبي في الإمارات إنما تمثل حجراً أولياً للثقافة الشعبية واشكالها وتجلياتها، وكتبي في الموروث تمثل استحضاراً للماضي ودفعاً عن مجتمع الإمارات الذي أصبح يعاني تفشي الثقافة الاستهلاكية فيه والتي لا تدفع إلى البناء والتنمية بقدر ما تدعو إلى التهميش والفناء أما الكتابة في المسرح فقد تجد أن البعد الاقتصادي حاضر في كل كتاباتي المسرحية سواء في نصوصي المسرحية والتي يبلغ عددها سبعة نصوص، أو كتاباتي وتحليلي لمسيرة الحركة المسرحية، إن مداد قلمي ممزوج بين الثقافة والاقتصاد باعتبارهما وجهان لعملة واحدة خاصة في ظل التغيرات والمفاهيم التي يشهدها عالم اليوم والتي دوماً ما يكون الاقتصاد اللاعب الأول والمؤثر الأكبر في مفرداتها وصياغتها وتركيبتها .
غلب على مؤلفاتك الموضوع الاقتصادي ومشكلاته، ما سر ذلك؟
- نعم معظم كتاباتي واصداراتي في الاقتصاد ويعزى سر ذلك أولاً إلى تخصصي في الاقتصاد الذي مكنني كثيراً في فهم طبيعة المتغيرات وأسباب الصراعات في العالم، فمن يملك منظار الاقتصاد في يومنا هذا يستطيع تحديد رؤيته وبشكل أكثر دقة عن المستقبل في العالم أو المجتمع الذي يعيش فيه، أو حتى في رسم وتحديد علاقته مع بقية أفراد المجتمع لا سيما بعد أن أصبح الاقتصاد لغة العلاقات، بل لغة العالم في يومنا هذا . . ولكن دوماً ما تكون كتاباتي تنطلق من حقيقة اقتصادات الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وعلاقة الاقتصاد بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإمارات ودول المجلس، والعلاقات الاقتصادية التي تحكم دولة الإمارات بدول المجلس من ناحية، ودول المجلس مجتمعة بدول العالم والمنظمات والتكتلات الاستراتيجية العالمية .
إن الكتابة الاقتصادية تمثل صعوبة بالغة لأن المتغيرات الاقتصادية متسارعة في هذا العالم وأدوات الكتابة الاقتصادية تعتمد على البيانات والاحصاءات التي تساعد المحلل الاقتصادي على وضع رؤيته، وبقدر ما تكون تلك البيانات دقيقة فإن الكتابة أو التحليل يكون أكثر دقة ويتسم بالموضوعية، من هنا باتت الكتابة الاقتصادية تمثل منهجية الكتاب والبحث لدي خاصة بعد أن تخصصت أكثر في الكتابة عن اقتصادات التنمية والاقتصاد في الإمارات ودول مجلس التعاون والخليج، ولدي الكثير من الكتابات والعديد من الدراسات وهناك كتابان سوف يصدران هذا العام أولهما بعنوان "اقتصادنا واشكاليات التنمية في الإمارات"والآخر كتاب بعنوان "اقتصادات مجلس التعاون بين تحديات الداخل وأزمات الخارج"في اشارة إلى الأزمة المالية العالمية .
في مسرحيتك "يحدث بعد منتصف الليل"تناولت فكرة انشغال الرجل بصناعة الثروة واهمال العلاقة الزوجية، كيف استفدت من انشغالك بالاقتصاد في كتابتها؟
- مثلما أشرت آنفاً إلى البعد الاقتصادي في كتاباتي الثقافية والمسرحية وحتى عند الكتابة عن الموروث الشعبي فإن البعد الاقتصادي حاضر في كتابة النص المسرحي "يحدث بعد منتصف الليل"والذي فاز بجائزة النص المسرحي في احدى دورات أيام الشارقة المسرحية . ومثلما أشرت إلى حقيقة التحولات الاقتصادية التي اصابت مجتمع الإمارات، كاللهاث المستمر لرجال الأعمال لتعظيم ثرواتهم وتناسيهم لعلاقاتهم الأسرية وإهمالهم لمتطلبات ابناءهم وزوجاتهم، حيث تعاني المرأة (الزوجة) في هذا النص من غياب الزوج عن منزل الأسرة حتى لو كان حاضراً في المنزل فإنه دوماً ما يكون منشغلاً باتصالاته وعلاقاته مع رجال الأعمال ومؤسساته وشركاته غير عابئ بمعاناة الزوجة، وتلك المسرحية تدق ناقوس الخطر في العلاقة الزوجية وضرورة أن تكون للزوج أولويات الاهتمام بمنزله وأفراد أسرته قبل أن يحدث التصدع في الأسرة وبالتالي في المجتمع كما يحدث حالياً، وهذا هو في حقيقة الأمر ما يحدث كثيراً في الأسرة الإماراتية التي أصبحت تعاني التصدع والانهيار حيث الانشغال الدائم للزوج بتكوين الثروة وتعظيمها على حساب علاقته الزوجية أو حتى الأبوية .
وثقت في الثمانينات للحياة الإماراتية بأشكالها كافة ب"الإمارات في سفينة الماضي«، برأيك ماذا تبقى من تلك الحياة مع هذا المد العمراني والتغير الحديث؟
- دوماً حينما اضع فكرة الكتاب فإنني اضع نهايات هذا الكتاب وسؤال نفسي ماذا أريد قوله في هذا الكتاب وكيف هي النهاية؟ ومن هنا فإن كتابي الأول (الإمارات في سفينة الماضي) هي دعوة مبكرة ومنذ بداية عقد الثمانينات أي قبل ثلاثين عاماً إلى أهمية المحافظة على المجتمع وهوية الوطن .
اليوم أصبح مجتمعنا يعاني الكثير من ثقافات ولغات جاءت محمولة في عقول القادمين إلى مجتمعنا أو من خلال برامج معلبة تبث من خلال القنوات الفضائية، أو من خلال ثقافة معولمة استهدفت بنية المجتمع وهويته فأصابت النسيج الاجتماعي بالكثير من الوهن .
في مسرحيتك "كش ملك"تناولت حقيقة الثورة، هل تجد فيها مجرد دعوة للنهوض أم تنبؤ؟ وهل ترى في الربيع العربي ثورات حقيقية؟
- تلك المسرحية التي أصدرتها في منتصف عقد التسعينات وعكفت على كتابتها على مدى عامين كنت استحضر أدوات قراءتي لواقع المتغيرات الدولية وتأثيرها في الشعوب والمجتمعات الناشئة، وربما تعرف جيداً أن المنطقة العربية كانت وما زالت وسوف تبقى هدفاً للصراعات الدولية وإذا كان الاستعمار الأجنبي خرج من هذه المنطقة فقد خرج ببزته العسكرية ولكن ظل بثقافته الممنهجة ضد شعوبنا العربية، وكانت البنية الثقافية دوماً هدفاً للمستعمر باعتبار أن ضرب البنية الثقافية يعني السيطرة على مقدرات هذا الشعب أو تلك الأمة، وهكذا كانت الضربة الأولى للبنية الثقافية (منظومة القيم والمبادئ والثقافات والجذور الحضارية) من خلال ارساليات تبشيرية إلى اغراءات مالية حتى أضحت منطقتنا العربية ساحة شطرنج بحيث يحتدم الصراع الطائفي والقبلي والإقليمي وتتصارع الأطراف على مصالح الشعوب واستقرار الأمم والشعوب، وعلى حساب المشروع الحضاري باعتباره أساس التنمية وأحد أهم الحقوق المشروعة لشعوبنا العربية .
في مسرحية (كش ملك) أصبحت المقايضة سلاح المستعمرين، مقابل قيم الشعوب والأمم، التاجر المستعمر يقايض الإنسان المعدم مصحف (رمزية المثل والقيم) مقابل حفنة من المال، أو الذهب، هكذا كانت سنوات الاستعمار في ظل المستعمر المباشر، أو المستعمر حيث استنزاف الثروات ومصادرة حقوق العباد واستهداف كرامة الإنسان، وحينما وصل الحل بالإنسان العربي إلى أنه لم يعد يملك شيئاً حتى كرامته كان لا بد من الثورة فجاء الربيع العربي الذي اختلف في تسمية الثورات العربية على انها ربيع خشية أن يأتي بعده الخريف والصيف، إنما هي ثورات الكرامة واستعادة الحقوق الإنسانية والكرامة واحداث التنمية والأمن والاستقرار .
إلى أي مدى تعتقد أنك كنت جريئاً في اختيار عنوان مسرحيتك "كش ملك«؟
- لم أكن جريئاً في مسرحية "كش ملك"بقدر ما كنت دقيقاً وأميناً ومسؤولاً عما اكتبه . . الكلمة أمانة والأمانة مسؤولية، لذا أردت أن أكتب عن حالة الإنسان العربي والوطن العربي وكان البعد الاقتصادي حاضراً سواء في اثناء المقايضات والمساوامات أو عند تحديد الاهداف والأولويات للدول العظمى التي كانت وما زالت وسوف تبقى تمارس غيها وظلمها وغطرستها ضد شعوب الأرض ومنها شعوبنا العربية المغلوبة على حالها .
هكذا هي مسؤولية الكاتب الذي يكتب للناس وليس لنفسه، يدق أجراس الخطر . . يصرخ عند الشعوب بأن وطنه مستهدف، هي مسؤولية التنوير وصناعة الوعي وايقاد العقل لذا فإن الكاتب الأصيل والمسؤول عن كلمته دوماً ما يكون حاضراً في عقول وأفئدة أبناء الوطن، ودوماً ما يكون خالداً في ذاكرة الوطن وأبنائه واتمنى أن أكون أحد أولئك الكتاب الأمينين مع أنفسهم ومع وطنهم، الصادقين مع ذاتهم وابناء وطنهم، الغيورين على قيم ومبادئ الوطن .
لماذا لم تنشغل بالمسرح كثيراً، واكتفيت بمسرحيتين طبعتا، وتتحضر بعد عشر سنوات من الانقطاع لعملين جديدين مازالا قيد الطباعة؟
- لم أكت سوى سبعة نصوص ولكنني كنت حاضراً في الساحة الفنية "المسرحية"سواء عندما كنت نائباً لرئيس المسرح القومي للشباب في دبي ثم رئيساً لمجلس إدارة مسرح رأس الخيمة الوطني، أو من خلال حضوري الدائم لأيام الشارقة المسرحية في دوراتها المختلفة، أو من خلال مشاركاتي في ندوات حول المسرح، ولكن نصوصي المسرحية لا تروق للمخرجين أو المسؤولين في مسارح الدولة، ربما لأنها مسرحيات جادة، أو لأنها تحمل في طياتها شيئاً من الجرأة، ربما لأنها تحمل في طياتها صرخات مكبوتة، ولكن تبقى الكتابة المسرحية الجادة رئة اتنفس من خلالها وسوف يأتي اليوم الذي يدرك المسارح والمخرجون أهمية الأبعاد في نصوصي المسرحية، وربما ما نشاهده اليوم على مسارحنا من اسفاف وتسخيف لقضايانا وهموم الإنسان هو السبب المباشر في بعد الكثير من جمهور المسرح عن خشبته، فإذا لم يكن المسرح مرآة للإنسان وقضاياه فإنه يفقد دوره ورسالته وأهميته ويصبح مسرحاً للهو والاستخفاف .
لكن أود التأكيد أن لدي نصوصاً مسرحية أدرك حقيقة مضامينها وأهمية الفكرة التي أطرحها، لكن ربما تخونني فنيات الكتابة المسرحية ربما أجد المباشرة في مجتمعنا أكثر جدوى . . فيما المخرجون في الإمارات يخشون الخوض في التعاطي مع هذه "المباشرة"أو تناول قضايا تمس الإنسان العربي وتحترم عقليته .
لو تسنى لك الرجوع إلى حياتك مع الكتابة، ماذا كان نجيب الشامسي سيغير في مؤلفاته، وهل سيقدم على إلغاء مؤلف كامل؟
- لا أعتقد أنني سوف أغير مؤلفاتي، ولعل في طباعة كتاب "الألعاب والألغاز الشعبية في الإمارات"وهو الإصدار الثاني لثلاث طبعات دليل على أهمية تلك الكتب ومضامينها، ولكن من الطبيعي أن أطور من لغة الكتابة والتحليل ونوعية الصور والإخراج، وأضيف أبواباً جديدة وأوسع من الأبواب الحالية، ربما أقوم بتوسيع الإصدار وتطوير آليات الكتابة باعتبار أن القارئ في هذا العصر غير القارئ قبل ثلاثين عاماً أو عشرين عاماً، ربما أقوم بعرض كتابي أو كتبي على المواقع الإلكترونية وتلك آليات لتشجيع القارئ على القراءة وتوصيل المعلومة بسلاسة ومن دون تقصير .
كتبت ومازلت في الصحف اليومية، إلى أي مدى تعتقد أن المقال شبه اليومي قادر على نقل ما يريد الشامسي قوله؟
- نعم كتبت ومنذ عقد السبعينات عموداً أو مقالات وعلى فترات مختلفة في مجلة الأزمنة العربية، ثم مجلة المسيرة "الصادرة عن نادي الإمارات«، ثم وبعد تخرجي في الجامعة كانت لي كتابات في العديد من المجلات المتخصصة في الشأن الاقتصادي، وكتبت مقالاً أو قضية في صحيفة البيان ولثلاث سنوات، ثم عموداً أو زاوية ثقافية في صحيفة الاتحاد ولسنتين أو أكثر، وفي صحيفة الإمارات اليوم كتبت وعلى مدى أكثر من عامين زاوية "ثلاث أيام في الأسبوع"في الشأن الاقتصادي الإماراتي والخليجي، فضلاً عن موضوعات في مجلات عدة، وكل ذلك قد أوصلني وبقوة لجمهور القراء، ولأهمية القضايا التي أطرحها في مقالاتي فإن كثيراً ما تتناقلها المواقع الإلكترونية ودوماً ما تكون حديث المجالس أو اللقاءات الشخصية .
ذلك لأنني دوماً ما أكون صريحاً وأميناً ومسؤولاً عما أكتبه وتلك المقالات كثيراً ما فتحت عيون القائمين في تلفزيوناتنا وتلفزيونات عربية لدعوتي لمناقشتها من خلال شاشاتها، وكذلك فتحت لي الدعوات للمشاركة في الندوات والمؤتمرات وهذا دليل على عافية ما أكتبه وأهمية ما أطرحه والحمد لله على توفيقه .
ماذا بشأن كتاباتك حول المسرح؟
- بالنسبة للمسرح كتبت عن هويته وأهميته في تناول قضايا المجتمع، وبحثت وتحدثت كثيراً عن التشويه الذي يمارسه بعض الكتاب لتاريخ الثقافة والماضي بكل صور وتجلياته .
انجرف بعض كتّاب المسرح من الإماراتيين وراء البحث عن البعد الفني وتجاهلوا قضية المسرح ورسالته وأصبح مسرح الإمارات مسرح مواسم، فيما جمهور المسرح هو نفس جمهور الفنانين وأعضاء المسارح، فيما هجر الجمهور الحقيقي المسرح لأنه لم يجد في مسرحنا ما يمت بصلة لقضاياه وهمومه . . وأصبح انشغال أهل المسرح لشهر أو شهرين على الأكثر للتحضير لأيام الشارقة المسرحية، وينتهي هذا الانشغال بتقديم عمل مسرحي يتيم وفقير في المضمون ولساعة واحدة فقط .
لقد أصبح المسرح غريباً في طرحه لهموم الإنسان وطموحاته، وقضاياه الملحة وأحد الأطراف المسؤولة عما يحدث في مجتمع الإمارات وكذلك أحد الأطراف المعنية بحالة اللاتوازن التي يعانيها ابن الإمارات وأصبح المسرح هو مسرح الفبركات أكثر من كونه مسرحاً حقيقياً يمارس دوره ورسالته وأصبح مسرح المناسبات وخاص بالفنانين أكثر من أبناء المجتمع .
ماذا عن اهتمامك بالموروث الشعبي؟
- نعم لم يكن الاهتمام بالموروث الشعبي أو الثقافة الشعبية بالمستوى الذي يؤكد الجذور الثقافية والحضارية للإمارات وشعبها على الرغم من الأهمية التاريخية والضرورات الوطنية التي يمليها واقع التطور السريع الذي يشهده ومازال يشهده مجتمع الإمارات .
فمجتمع الإمارات اليوم أصبح مستهدفاً من الداخل بحكم التدفق السكاني الكبير والثقافات الفقيرة التي أفرزت ظواهر سلبية في مجتمعنا، وأثرت في البنية الثقافية لمجتمعنا وضربت الجذور الثقافية لوطننا . . وشوهت الكثير من ماضي أجدادنا، وجعلتنا نشعر بغربة حقيقية في وطننا، ثم وفي ظل الانفتاح الكبير على إعلام الشرق والغرب وما أحدثته ثورة الاتصالات قد أثر ذلك وبشكل كبير في ثقافتنا الوطنية بعد أن أعطى جيل اليوم ظهره لثقافة الآباء والأجداد وأصبحت هناك جفوة خطرة بين جيل الشباب وثقافة الوطن وبفعل المتغيرات والمفاهيم والقيم الثقافية التي نقلتها وسائل الإعلام ذات البرامج المعلبة .
الموروث الشعبي أو الثقافة الشعبية في أي دولة إضافة لكونه صورة حضارية لأي مجتمع، ومرآة صادقة للتطور الحقيقي للإنسان، فإنه يحمل في طياته أبعاداً اجتماعية واقتصادية عندما قامت دول عديدة باستثمار ذلك الموروث .
لقد جسدت مقولة المغفور له مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه حول الموروث الشعبي "من ليس له ماض ليس له حاضر". . وأنا أكمل تلك المقولة بأنه لن يكون له مستقبل، لقد أصبح الموروث الشعبي في الإمارات يتم التعامل معه على استحياء غريب من وسائل الإعلام وخاصة في خريطة البرامج التلفزيونية، فيما نجد تجاهلاً كبيراً من قبل صحافتنا المحلية، فلم تجد عناصر الموروث تحليلاً علمياً، وتوظيفاً حقيقياً يعزز الولاء والانتماء لدى أجيال اليوم، ولم يحظ الموروث باهتمام في مناهجنا الدراسية بشكل يعكس الاعتزاز بالثقافة الشعية والهوية الوطنية، ومازالت مكتباتنا فقيرة، وجهود الباحثين من أبناء الدولة فقيرة لأنها لا تجد الدعم الكافي والاهتمام المطلوب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.