نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوظيفة "هم" ما بعد التخرج
نشر في الجنوب ميديا يوم 13 - 11 - 2012

بعد أن يغادر طلبة الجامعة مقاعد الدراسة يبحثون عن عمل لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، لكنهم يصدمون برحلة بحث قد تكون طويلة بالنسبة إلى البعض منهم لعدم خبرتهم في كتابة السيرة الذاتية، والتعبير عن إمكاناتهم في أثناء المقابلة الشخصية . وعند استمرار تعثرهم يصيبهم القلق الذي يتطور إلى الاكتئاب والعزلة في أحيان كثيرة، ومنهم من يحول هذه المحنة إلى قوة وإرادة لإثبات الذات . ورغم ذلك تبقى كلمة الخبرة الهاجس الكبير لدى الخريجين، لأنها تختصر عليهم الكثير من الجهد والوقت للحصول على عمل .
أرقهم الفراغ وأتعبهم البحث
جامعيون في مهب الريح
الطريق إلى العمل ليس بالضرورة أن ينتهي بمجرد البحث عنه، بل يتطلب خبرة ذاتية في عملية وتقديم السيرة الذاتية، وكيفية اقتناص الفرصة المناسبة، ولا شك في أن السيرة الذاتية تلعب دوراً رئيساً في عملية القبول، لأن هذا الأمر أكثر تعقيداً وفق ما يراه الباحثون عن العمل وهم يتحدثون عن تجاربهم في رحلة البحث عن وظيفة.
أوضح عمران بن شيخان، خريج قانون من جامعة الشارقة، أن أحدى الهيئات أعطته منحة دراسية، وكان على أمل أن يعمل بعد تخرجه، وقال: بعد أن تخرجت منذ عدة أشهر كنت أمل بأن ألتحق بوظيفة لدى هذه الهيئة، لكنني تفاجأت بأنه لا توجد لديهم شواغر، وطلبوا مني أن أنتظر على أن يقوموا بتأمين وظيفة لي في مكان آخر، وبعد الانتظار بحثت عن عمل آخر، وبالفعل عثرت على فرصة مناسبة .
وعن الحالة التي يعيشها في انتظار تأمين فرصة عمل من قبل بعض الجهات، أضاف: سابقاً كنت أستغل وقتي بالدراسة وأعيش على أمل التخرج والتوظيف ولكن حالتي النفسية بدأت تتدهور نتيجة الفراغ الكبير الذي أعيشه وأشعر بأنني عاجز عن فعل أي شيء، لذلك فإنني أشغل وقتي بتأمين حاجاتنا المنزلية، وأدخل في دورات تدريبية، وأبحث عن وظيفة من خلال الإنترنت وأسجل فيها، وأشغل بقية وقتي بالأعمال التطوعية .
أشار بشر فهمي، خريج جامعي في الشارقة، إلى أن العمل يشغل فراغاً كبيراً في حياتنا، لاستثمار الوقت والحصول على مردود مادي، والثقة بالنفس كعضو منتج في المجتمع، ولكن يسبقه حالة بحث وترقب ترهق بعضهم، وأنا أحد الذين يعانون هذه المشكلة، لأنني تخرجت من الجامعة قبل سنة ولم يحالفني الحظ للعثور على عمل .
ووصف فهمي حالته النفسية بأنها تسوء يوماً بعد الآخر، لعدم قدرته على ما يثبت نفسه أمام أهله والمجتمع، لذا فإنه يشغل وقته ببعض الأنشطة الرياضية والهوايات وصقل خبرته الدراسية بالاطلاع على الكتب المتخصصة والمواقع الإلكترونية في مجال دراسته، كي يكتسب خبرة عملية نتيجة اطلاعه على تجارب المتخصصين .
وقال: قبل تخرجي من الجامعة لم أكن أتوقع أنني سأتعثر إلى هذه الدرجة، بحثاً عن العمل، ولكن الواقع أثبت لي أن ليس كل ما نتمناه يأتي بسرعة، بل يتطلب صبراً جميلاً وبحثاً طويلاً .
محمد المنصور، خريج جامعي في دبي، قال: للحصول على عمل يجب أن تكون لدينا علاقات مع الشركات العاملة في مجال تخصصنا، وهو ما كنت أفتقر إليه في بداية تخرجي من الجامعة، وبعدها تواصلت مع أكثر من جهة وطلبت منهم قبولي للتدريب والعمل من دون مقابل لاكتساب الخبرة فقط، ومع الزمن اكتسبت معرفة لا بأس بها من المعلومات والخبرات الهائلة .
وأضاف: لحسن الحظ فإن أحد الموظفين في تلك الشركة قد حصل على فرصة عمل أفضل، وينوي ترك عمله السابق، وأسعى كي أحل محله، لذا فإنني أبذل أقصى طاقة عندي لإثبات نفسي أمامهم كموظف يمكن الاعتماد عليه .
وأوضح في ختام حديثه أنه لو انتظر قدوم الفرصة كبقية الشباب، كان من المحتمل أن يبقى فترة طويلة من دون أن يكتسب خبرة، والحصول على العمل، وتابع: للأسف فإن أغلبية الشباب لا يسلكون هذا المنحى، لذا يقبلون بأي عرض يأتيهم من أية شركة لقاء الحصول على مرتب شهري حتى وإن كان لا يتعلق بمجال تخصصهم . كل ذلك لأنهم لا يطيقون الانتظار في محطة البحث عن العمل .
تقديم السيرة الذاتية هي أول خطوة للحصول على العمل، ولكن هل نكتفي بتقديمها للحصول على موافقة، أم أنها خطوة لا تكفي وينبغي التحرك في أكثر من جهة، وأكدت فاتن أشرف، مدققة حسابات ومراجعات مالية في دبي، أنها أرسلت سيرتها الذاتية عبر الإيميل والفاكس وباليد إلى عشرات الشركات والمؤسسات، لكنها لم تحصل على أي رد منها، لذا فأنها كان تجري اتصالاتها الهاتفية مع تلك الجهات باستمرار إلى أن حصلت على فرصة مناسبة، وبعدها قامت بزيارة الشركة للاتفاق على موعد للمقابلة التي كانت له الأثر الأكبر في التعرف إلى أصحاب العمل وجهاً لوجه وعرض خبراتها .
وقالت: تقديم السيرة الذاتية ما هو إلا مفتاح يقودنا إلى العمل، لذا يجب ألا نعلق كل آمالنا عليها مهما كانت قوية ويتوافر فيها خبرات كبيرة، لأن تلك الخبرات قد لا تتوافق مع مجال الشركات التي تتواصل معها، أو أن لديها فائض ولا تريد موظفين جدد، لذا فإن البحث عن الوظائف عبر الإنترنت والجرائد أمر مهم، خاصة أن الكثير من الناس يحصلون على عمل عن طريق تلك الوسائل .
بدورها، أكدت وفاء محمود، خريجة ديكور وتصميم داخلي في دبي، أنها تمتلك رغبة كبيرة للدخول في سوق العمل، ورغم أنها سعت جاهدة للحصول على عمل وقامت بتوزيع سيرتها الذاتية على كل الشركات، لكنها لم تحصل على فرصة بمردود مادي مقبول لكثرة المتنافسين من ذوي الخبرات الطويلة في مجال تخصصها، لذا فإنها تعد سيرتها الذاتية ليست كافية للحصول على عمل جيد . وقالت: لجأت إلى فتح دورات تخصصية كي أكتسب خبرة وأتقرب من العاملين في مجال الديكور والتصميم الداخلي، ولأكون على مقربة من سوق العمل والشروط المواصفات المطلوبة والشواغر فور توافرها .
كلنا يعلم أنه لا يتم الحصول على العمل إلا بالبحث عنه، ورغم ذلك ليس كل الناس بارعين في التعبير عن مهاراتهم وقدراتهم العملية في المقابلات التي يجرونها للحصول عليه، وقال أحمد هاشم، اختصاصي نظم معلومات في دبي: لم أتمكن من الحصول على فرصة عمل إلا بعد تجربة صعبة وطويلة من إجراء المقابلات والاعتماد على مهاراتي الشخصية بعد أن عرفت ما الذي ينبغي قوله وما لا ينبغي، وطريقة المحادثة واللباقة المطلوبة، وحتى طريقة اللبس والجلوس، لأنها كلها مدروسة من قبلهم باعتبارها تعكس صورة الموظف لديهم .
وأضاف هاشم: بعد أن تمكنت من التعبير عن نفسي بشكل جيد استطعت قبل فترة أن أقنع الموظف المسؤول في الشركة التي سأعمل بها، أن يجرب أدائي لفترة محددة وتمكنت من اجتياز الاختبار بنجاح، ومن المقرر أنني سأبدأ العمل رسمياً بعد أيام من استكمال إجراءات نقل أحد الموظفين إلى فرع آخر من فروع الشركة كي أحل مكانه .
كيف أستطيع اقتناص وظيفة؟ سؤال سهل بالنسبة إلى بعض الناس وصعب لدى آخرين، وذلك لاختلاف شخصياتهم وقدراتهم في التواصل مع الناس التي تنعكس على العمل، والأمر لدى أنس أورفلي، خريج إدارة أعمال في دبي، لا يقتصر في الحصول على فرصة عمل مناسبة براتب مناسب، لأنه يمتلك قدرة في التعبير عن نفسه وخبراته وإمكاناته التي يستطيع أن يظهرها في العمل، لذا فإنه حصل على أكثر من فرصة جيدة وتركها للحصول على واحدة أفضل منها، وهو الآن يستعد لإدارة أمور الشركة في الخارج كمندوب علاقات عامة مع الشركات التجارية في الدول الأخرى .
وعن الصعوبات التي يواجهها بعضهم في اقتناص فرصة عمل، قال: عدم الثقة بالنفس والخبرة يدفعاننا للوقوع في خطأ الارتباك في أثناء المقابلة الشخصية، لذا فإنه من الطبيعي أن يتعثر من يبحث عن العمل للمرة الأولى إلى أن يتعلم ما هو المطلوب كي يحظى بفرصة جيدة .
عمر الناجم، مختص اجتماعي، قال: الغرض من الدراسة يختلف من شخص لآخر، فمنهم من يسعى الحصول على سيارة ومنزل وأجهزة إلكترونية، وكل ما يوفر له سبل الراحة، وآخرون يحبون العمل، وفي كلتا الحالتين فإن الانتظار له آثار سلبية، لأن الشخص المادي لا يبدع أينما تم وضعه ولا يشعر بالاستقرار الوظيفي باعتباره دائم البحث عن عمل يحقق له مردوداً مادياً أكبر، أما النوع الثاني فإنه دائم التفكير بتطوير نفسه وخبراته .
وأضاف الناجم: يمكن استغلال حالة انتظار الوظيفة بالتسجيل في دورات تدريبية وأعمال تطوعية، كما أن فرص العمل متوافرة في الصيف حتى لحملة الشهادة الثانوية .
* * *
محاولاتهم مستمرة رغم فشلهم
التعثر يولّد القلق والاكتئاب
التفاؤل بالحصول على عمل يراود كل الشباب، ولكن قد يعترضهم بعض العواقب التي من شأنها أن تعرقل مسيرتهم نحوها، ما يترك آثاراً نفسية تختلف نسبتها من شخص إلى آخر، ما يجعل بعضهم يقع فريسة للاكتئاب، بخاصة الذين اعتادوا على النشاط في حياتهم، ولكن بعض النماذج يتحول تعثرهم إلى إرادة قوية للاستمرار في البحث عن وظيفة ويتجهون نحو العمل التطوعي لمساعدة للآخرين .
حدثنا علي بن مصبح، خريج جامعي في الشارقة، عن أيام الدراسة، قائلاً: كنت أمضي في دراستي منذ البداية بروح عالية وكان أملي أن ألتحق بالشباب المنتجين القادرين على الاعتماد على أنفسهم، ولكن بعد أن تخرجت في الجامعة وجدت الأبواب شبه مغلقة أمامي، إذ إن المنطقة التي أعيش فيها مع أهلي ليس فيها شواغر للعمل، لذا استوجب علي الانتظار أو العمل في مكان آخر، وقطع مسافات طويلة في أثناء الذهاب والإياب يومياً أو الاستقرار هناك، وبعد التفكير وجدت أن الانتظار أفضل الحلول، ولكن بعد مضي أكثر من أربعة أشهر بدأت أفكر بالرجوع عن قراري الذي اتخذته لأن الجلوس في البيت بغرض الانتظار أدخلني في حالة خمول وكآبة .
وأضاف: لكسر الروتين اليومي بت ألجأ إلى بعض الأصدقاء الذين يعانون مثلي الفراغ، فقررنا شغل أوقاتنا بحضور الفعاليات الثقافية والتراثية لنعزز علاقتنا بالأهل والأقارب .
وقد يتطور الأثر السلبي لعدم الحصول على عمل إلى أن يصل لدرجات نفسية عميقة تترك أثرها على المدى البعيد، وقد يكون التخلص منها صعباً، والأمر ينطبق على رامي أنور، خريج جامعي في العين، الذي قال: بعد محاولات متعثرة للحصول على عمل انحسرت علاقتي بأصدقائي والأهل وأصبحت متقوقعاً على نفسي، ولا أريد الخروج إلى أي مكان، وزادت ساعات النوم في النهار إلى أن وصلت لدرجة السهر طوال الليل والنوم في النهار بعكس الناس، حتى إنني صرت أتغيب عن المناسبات العامة، ما آثار استغراباً لدى المحيطين بي والاستفسار عن السبب، ورغم إلحاحهم لم أستطع أن أفسر لهم شيئاً .
وعن تأثير استمرار هذه الحالة لديه على المدى الطويل، أضاف: فرصة الحصول على عمل لم تعد تهمني، لأنني اعتدت على الكسل والارتخاء، وما عاد بوسعي أن أفكر وأخطط للمستقبل كما كنت في السابق، لأنني فقدت الخيط الذي يقودني إليه، لذلك حتى الواقع الذي أعيشه أصبح ثقيلاً وأحداثه لم تعد تهمني مهما مررت بمناسبات سعيدة أو حزينة .
منصور حمدي، خريج جامعي في الفجيرة، دفع ضريبة انتظاره الطويل للعمل عندما اتصلت به شركة برمجيات في دبي لإجراء فحص مقابلة، إذ إنه من شدة فرحه وخوفه من الفشل ارتبك كثيراً في أثنائها، ولم يستطع التعبير عن نفسه وامكاناته التي يتمتع بها، لذلك تم رفضه، ما أثّر في نفسيته سلباً وقلّت ثقته بنفسه . وعن طريقة تخلصه من الوهم الذي وقع فيه قال: لم أشعر أنني سأتخلص من خوفي إلا بعد أن تلقيت مكالمة هاتفية من صديق لي يطلبني لإجراء فحص مقابلة في الشركة التي يعمل بها، وفي البداية ترددت وقلت له إنني أخشى الفشل ثانية وأخيب ظنك، لكنه رفض وأصرّ علي أن أحضر في اليوم التالي، وعندما ذهبت استقبلني في مكتبه وخفف من ارتباكي وقدّم لي مجموعة نصائح والأفضل من ذلك كله أنه أتاح فرصة اللقاء بالشخص الذي أجرى لي فحص المقابلة لعدة دقائق، ولأنه كان شخصاً لطيفاً في تعامله فقد ارتحت له وشعرت براحة كاملة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على فحص المقابلة الذي اجتزته بنجاح .
وعلى العكس هناك من يتحوّل تعثرهم في الحصول على العمل إلى قوة وإرادة قوية لإثبات أنفسهم أمام مجتمعهم، ومثال على ذلك أحمد الحوسني "ماجستير إدارة أعمال في أبوظبي"الذي أكد أنه فشل منذ سنتين في الحصول على عمل مناسب له وأصبح عالة على أهله بعد أن كانوا يتوقعون له مستقبلاً عملياً مشرقاً .
وقال: كل زملائي الذين تخرجوا معي في الجامعة يعملون الآن، ومنهم من حصل على فرص مناسبة، ولكن لم يحالفني الحظ إلى الآن، ورغم ذلك لم يصبني اليأس إذ أجد لنفسي متنفساً للتعبير عن نفسي عبر اتصالاتي اليومية للبحث عن عمل، وتقديم سيرتي الذاتية وقراءة الجرائد المتخصصة بنشر الإعلانات، وقررت أن أكمل دراستي العليا بدلاً من الانتظار لأعزز مكانتي في مكان عملي مستقبلاً، لذا فإنني أعتبر أن تعثري دفعني للمثابرة .
الحصول على عمل بصعوبة وبعد فترة طويلة من البحث والانتظار تولد لدى البعض معرفة تامة بالظروف العامة للبحث عن العمل، والأسباب المباشرة التي تقود إليه، وأوضح سمير أبو زيد، مدقق حسابات في شركة الأحمد في دبي، أنه بعد تخرج أخيه في الجامعة أشار عليه إلى خطة محكمة توصله إلى أفضل عمل وبأسرع وقت ممكن، إذ أشرف بنفسه على صياغة سيرته الذاتية والاتصال بالشركات العاملة في مجال تخصصه وأملى عليه جملة من النصائح كي يظهر بأفضل صورة أمام من يجري له الاختبار .
وقال: بعد أن طبّق أخي نصائحي اختصر على نفسه الكثير من التعب والعناء الذي عانيته بنفسي نتيجة عدم خبرتي سابقاً ولعدم وقوف أحد إلى جانبي لتقديم النصح والمشورة، لذلك عهدت على نفسي ألا أبخل بأية معلومة على كل من يبحث عن عمل، لأنني أصبحت خبيراً في البحث عنه .
واعتبر أشرف العريان، اختصاصي نفسي في منطقة الشارقة التعليمية، أن الإحباط من إحدى أسباب حدوث الاكتئاب، وتكراره يفقد الشخص الأمل في الأمور الحياتية من شدة اليأس، وقال: من عوارض الاكتئاب قلة الأكل والكلام والقلق والعزلة عن الناس، وهنا يجب أن نميز بين الشخصية الاكتئابية، والاكتئاب كمرض يتطور إلى أن يصل لمرحلة متقدمة، ورغم ذلك فإنه مهما كانت الأسباب يجب ألا يصل الشخص إلى هذه الدرجة .
وقدّم العريان مجموعة نصائح لعدم الوقوع في مصيدة الاكتئاب مضيفاً: كي لا نصل إلى مرحلة الاكتئاب يجب أولاً أن نعزز ثقتنا بالله والتسلح بقوة الإيمان وإقناع النفس بالحصول على العمل وإن طال الوقت، والتركيز على الإمكانات التي نمتلكها عبر المواقف التي نثبت فيها قوتنا والتذكر أن الفرص متاحة أمامنا .
واختتم العريان حديثه قائلاً: إن لم يتمكن الشخص في تلك الحالة من تجاوز معاناته بإمكانه أن يزور الطبيب النفسي المختص للتخفيف من حالته النفسية قبل أن تتفاقم أكثر فأكثر .
د . نجيب محفوظ، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة الإمارات، بدوره قال: الذي يبحث عن العمل يمر بحالة نفسية صعبة جداً، لأن كل واحد في أثناء الدراسة لديه آمال كبيرة ليضيف شيئاً جديداً على مجتمعه ويصدم بعد التخرج أن المجتمع ليس بحاجة إلى خدماته وهذا انطباع سيئ لأنه يقل تقديره لذاته ويبدأ بالنظر إلى المجتمع نظرة فيها نوع من الغضب لأنه وجّه إليه إهانة بشكل غير مباشر .
وأضاف: كل خريج يسعى إلى بناء أسرة متماسكة، وكثرة الانتظار تحطم آماله وتسوء حالته أكثر فأكثر، وبعض المجتمعات تقوم برعاية الخريجين بتوفير بعض المال لهم كي لا يصبحوا عالة على أسرهم وكي لا يصبحوا ضعفاء أمام الأفكار السلبية التي تراودهم . وعن ازدياد هذه النسبة تابع: سوف نكون أمام حالة صعبة جداً إن زاد عددهم في المجتمع، والوطن العربي فيه نحو 20 مليون عاطل عن العمل وهؤلاء الناس يتأثرون ويؤثرون في الآخرين بشكل سلبي إن لم يتم حل المشكلة، والآمال معقودة على الإعلام والمؤسسات التعليمية لتوفير برامج تعليمية تسهم في توظيفهم كي تتطابق رؤية الجامعات مع خطط الدولة لتوافق حاجات المجتمع، وهي أدوار مرتبطة بين الخريج ومؤسسة التعليم العالي ومؤسسات الدولة، ولتفادي هذه المشكلة يمكن إعادة تأهيل الخريجين بما يلائم حاجات اليوم، ولا بدّ للمؤسسات الخاصة أن تبني مشروعات لتبني الخريجين للمساهمة في بناء المجتمع .
* * *
أصحاب العمل يطلبونها لضمان التميز
شهادات الخبرة كلمة السر ومصدر الرعب
كلمة الخبرة لها مدلولات كبيرة، فالطالب الذي تخرج حديثاً مندفع للدخول في سوق العمل من أين له أن يأتي بشهادات الخبرة التي يطلبها أصحاب العمل والشركات، لذا فإنه يضطر إلى انتظار فرصة لا تشتمل على طلب هذا الشرط، أو يعمل على صقل مهاراته بالدورات التدريبية التي تأخذ وقتاً طويلاً، وتحتاج إلى نفقات مادية كبيرة، كما يلجأ البعض إلى الدراسات العليا التي تتطلب تكاليف مادية أيضاً من أجل أن يصبح في النهاية ممن لديهم القدرة الكافية على الالتحاق بعمل ما .
استغرب فؤاد محيي الدين "خريج جامعي في رأس الخيمة"من طلب الشركات والمؤسسات شهادات الخبرة من الخريج حديثاً لكي تفسح له المجال للعمل، وقال: لمجرد إرسال أو تسليم السيرة الذاتية لأي مكان عمل يتم التدقيق أولاً على الشهادة الدراسية وشهادات الخبرة، وعدم توافر أحد هذين الشرطين يكون شرط الخبرة سبباً لعدم الاتصال به لإجراء المقابلة، ولو أجريت سوف يتم رفضه لأنه لا يحمل شهادات الخبرة . وعن تأثير ذلك فيه أضاف: رغم سعادتي الكبيرة التي مازالت تخيم على تفكيري كلما تخيلت نفسي أعمل بموجب شهادتي تتهاوى هذه الصورة في مخيلتي عندما أتذكر أنني لا أحمل الخبرة الكافية التي تؤهلني للحصول على وظيفة .
ومن جهته، أوضح محمد الكتبي، خريج جامعي في الشارقة، أن التزام جهات العمل بموضوع الخبرة يختلف من المدن إلى المناطق النائية، إذ إن المدن تشهد تنافساً كبيراً على الوظيفة ما يتطلب تقديم أكبر قدر من العمل بأقل وقت ممكن بعكس المناطق النائية التي يكون فيها العمل أقل، والمجال يكون مفتوحاً لاكتساب الخبرة أثناء العمل .
وقال: بحكم إقامتي في المدينة فإنني أسعى إلى تأمين عمل قريب، علماً أنني أرسلت سيرتي الذاتية إلى أكثر من جهة لكنني ما زلت أنتظر الرد، وأنا متأكد أن عدم حصولي على الخبرة هو السبب الرئيس لعدم الاتصال بي، ورغم ذلك فإنني آمل بالحصول على فرصتي في يوم من الأيام .
وبدوره، وصف عبدالرحيم محمد، خريج جامعي في دبي، حالته النفسية التي يمر بها الآن بأنها صعبة جداً بعد تخرجه من الجامعة لوجود ثغرة في سيرته الذاتية، ألا وهي الخبرة، لذا فإنه يستبعد من مخيلته فرصة العمل في شركة كبيرة تمتلك كوادر من المهندسين الذين يتمتعون بسنوات خبرة طويلة، ويبحث عن الشركات والمؤسسات الصغيرة التي لا تطلب شهادات الخبرة .
واستفسر بدوره عن السبب الذي يجعل الطلاب متفائلين بالتخرج إذا كان هناك حاجز اسمه شهادات الخبرة، وقال: يفكر الطالب لدى التسجيل في الجامعة بالكثير من المعادلات التي تقوده إلى الفرع الذي يرغب فيه، والمستقبل العملي له، ولكنه لا يفكر أبداً في أن الخبرة ستكون يوماً ما عائقاً أمامه، لذا فإنني أقترح على الطلاب الجدد أن يختاروا فرعاً دراسياً لا يكون فيه التركيز على شهادات الخبرة مطلوباً بدرجة كبيرة عند التقدم إلى الوظيفة . بغض النظر عن التخصص الدراسي فإن طلبة الجامعة يواجهون مشكلة الخبرة العملية، والمحظوظ من يستطيع أن يثبت نفسه ويعمل من دون أن تطلب منه جهة العمل شهادات الخبرة، هذه هي الخلاصة التي توصل إليها سعيد عابدين "خريج جامعي في الشارقة"وأكد أنه لم يقتنع بشرط الخبرة الذي تفرضه بعض الجهات على المتقدمين إلى العمل لديها، لأنه لا يوجد أي موظف بدأ حياته العملية ويحمل معه شهادات الخبرة .
وقال: برأيي إن الموظف الذي لا يحمل شهادات الخبرة بإمكانه أن يتعلم قواعد العمل لدى أي شركة أو مؤسسة بشكل أفضل من موظف يحمل خبرات لا تتوافق مع الخطة التي تسير عليها جهة العمل التي سوف يعمل معها، وهذا ما أكده أكثر من مدير، فالخريجون يمتلكون طاقات كبيرة تؤهلهم للإبداع والتميز بخلاف الموظف الذي تم استهلاك أفكاره في عمل سابق .
أوضحت منال محمود، خريجة جامعية في الشارقة، أن أغلبية الخريجين يلجأون إلى العمل في مجال تخصصهم إن توافرت لهم الفرصة أو اللجوء إلى أي فرصة عمل في مجال آخر واستغلال تلك الفترة في تطوير خبراتهم في مجال تخصصهم عبر علاقات الصداقة مع العاملين في ذلك المجال أو من خلال الدورات التدريبية وعند التقدم إلى الوظيفة المطلوبة فإنهم يضيفون إلى سيرتهم الذاتية خبرات وهمية لأسماء شركات لا وجود لها، لأنها الحل الوحيد الذي يمنحهم فرصة العمل بعد النجاح في المقابلة .
وقالت: رغم عدم قناعتي بهذا المبدأ لكن التجارب أثبتت أنها الطريقة المباشرة للحصول على العمل بدلاً من الوقوع في فخ الانتظار بحثاً عن فرصة عمل لا تشترط الخبرة لأنها ستكون بلا شك شركة صغيرة تسعى لاستقطاب الموظفين بأقل الأسعار .
أيمن الخالدي، مهندس مدني في دبي، قال: خسرت فرصة العمر بسبب عدم خبرتي في العمل، وذلك بعد أن أجريت مقابلة في شركة مقاولات كانت تطلب مهندسين مدنيين، ورغم اجتيازي الاختبار النظري والعملي لكن تم رفضي بسبب عدم امتلاكي شهادات خبرة، ما جعلني أقبل بالعمل لدى شركة صغيرة براتب قليل في انتظار فرصة أخرى في المستقبل، ورغم إن لديّ الآن سنتان من الخبرة العملية لكنني لم أعثر على عرض مغر يجعلني أترك عملي .
وأضاف: لم يتوقف حلمي الذي كنت أسعى إليه منذ أن كنت على مقاعد الدراسة في العمل لدى مؤسسة كبيرة تفتح الآفاق لي للإبداع والتعبير عن طاقاتي التي أعتز بها، لذا فإنني أطور نفسي مهنياً وأتابع مواقع الانترنت المتخصصة في مجال عملي وأطّلع على آخر الأبحاث والدراسات التي توصل إليها المتخصصون الهندسيون في الغرب واستفيد منها في مجال عملي كي أكون مستعداً للعمل في أية شركة ضخمة تطلب خبرة وكفاءة عالية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.