هذه الكلمات اختصرت النداء الذي وجهه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الشعب الإسرائيلي، من فوق رؤوس زعمائه.. شرح الرئيس أوباما كيف أن حقائق الجغرافيا والديموغرافيا ووقائع الأرض ومسيرة التاريخ كلها تعني أن إسرائيل لا يمكن أن تتمتع بالأمن إلا بتحقيق السلام، وشرح كيف أن غياب السلام فيه من الإجحاف تجاه الفلسطينيين ما لا يمكن أن يتقبله ضمير ولا إحساس، ثم بشَّر الرئيس أوباما بفجر جديد من الرخاء الذي يمكن أن يحققه السلام للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.. وتحدث الرئيس أوباما بحرارة وعمق عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وفي إقامة دولتهم المستقلة، وحق أبنائهم في التطلع إلى حياة كريمة ومستقبل مشرق، وتحدث عن معاناة الفلسطينيين المزارعين الذين لا يتمكنون من فلاحة أراضيهم، والطلبة الذين لا يستطيعون الوصول إلى جامعاتهم، والأطفال الذين يشاهدون آباءهم وأجدادهم يتعرضون للمهانة والإذلال على يد حواجز الجيش الإسرائيلي، وعن القرويين الذين يعانون من اعتداءات المستوطنين المتكررة عليهم دون رادع يردعهم أو رقيب يوقع عليهم العقاب المستحق، وقال إنه لا توجد في العالم حصون دفاعية أو أسوار شاهقة تستطيع تأمين الحماية ما لم يتحقق السلام العادل، ثم أطلق صرخته العالية بأن الاحتلال والإبعاد، وأضيف إليهما الاضطهاد والسجن والتعذيب، لا يمكن أن يكون بديلاً عن السلام.. والملفت للنظر أن الجمهور الإسرائيلي قابل حديث الرئيس أوباما عن حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم بأطول فترة من التصفيق الحار المتواصل. سوف يهمل بعضنا كل هذا الكلام ويركزون على النصف الأول من الخطاب الذي كان أوباما فيه يهودياً أكثر من كوهينات العالم، وصهيونياً ذا قبعة أشد سواداً من قبعة هرتزل أو نتنياهو، ولكن النصف الأول من الخطاب كان عن التاريخ، وما علينا لو اختلفنا في نظرتنا إليه أو روايتنا له، وما يضيرنا لو قلنا للرئيس أوباما بكل احترام إننا لا نقبل مغالطاتك التاريخية، ولا الأسس الشوفينية للعقيدة الصهيونية، ولسنا ملزمين بإعجابك بما حققه الكيبوتز على أراضٍ مغتصبة، أو أنجزته التقنيات الإسرائيلية بأموال المواطن الأمريكي الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها بلاده منذ عشرات السنين.. ما علينا من كل هذا ودعنا نأكل معك يا أوباما العنب ولنترك الناطور في حاله.. إن الإنصاف يقتضي أن نقول إن ما قاله الرئيس أوباما عن حقوق الفلسطينيين وطموحاتهم لا يختلف كثيراً عما نقوله ونتطلع إليه. هل سينهار الصلف الإسرائيلي غداً؟ وهل سيهرول نتنياهو إلى محمود عباس طالباً الصفح والغفران ومقدماً ما يسميه بالتنازلات المؤلمة؟ بالطبع لا!! ولكن تصفيق الشباب الإسرائيلي الحار، ونتائج الانتخابات الأخيرة التي أسفرت عن تحولات رئيسية في الخارطة السياسية لإسرائيل، والشجاعة الأدبية التي أظهرها أوباما عندما أسمع الإسرائيليين ما كان قادتهم يعملون على حجبه عنهم، كل ذلك لا بد وأن يتبلور في إعادة بحث عميقة لدى شباب إسرائيل وأسرها، مما قد يسفر عن تيار داعم للسلام بشكل لم تشهده إسرائيل من قبل، وقد يساعد على الضغط على القيادة الإسرائيلية بأكثر مما يترتب على صاروخ هنا أو هناك. قد أكون متفائلاً بعض الشيء، ولا ضير في ذلك.. فلنمنح السلام فرصة، والأهم من ذلك هو أن يمنح الإسرائيليون السلام فرصة.. فلقد جنحنا إلى السلم قبل أن يجنحوا إليه، وانتظرناهم طويلاً فلعلهم يجنحون!! للتواصل: [email protected] فاكس : 02/6901502 [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (19) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain