دعت خطبة الجمعة أمس إلى استثمار الوقت في القراءة والتعلم، وذكرت أن الأمم ترقى بالقراءة والعلم، وأن الحياة بلا قراءة وتعلم لا قيمة لها، ولذا أقسم الله تعالى بأدوات القراءة والكتابة، كالقلم الذي يكتب به أنواع العلوم، ويسطر به المنثور والمنظوم، فقال جل وعلا: "ن والقلم وما يسطرون"، منوهاً بقيمة الكتابة معظماً لشأنها، مشيرة إلى أن الإمارات شيدت المدارس والجامعات، وأسست المجامع العلمية والمكتبات، ووفرت أسباب القراءة بإقامة معارض الكتاب في كل عام. وأكدت الخطبة أن القراءة مفتاح العلم وسبيله، وبها تكتسب المعارف والمهارات، وتعرف بها أحكام الدين، وعلوم الأولين والآخرين، وأحوال السابقين واللاحقين، فلا عجب أن تكون سبباً لرفعة الإنسان في الحياة وبعد الممات، قال الله تعالى: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات". استثمار الوقت وأضافت الخطبة أن الله تعالى أنعم علينا بنعمة الوجود، وجعل حياتنا مقيدة بعمر معدود، وزمن محدود، والعمر مهما طال فهو قصير، والزمن مهما امتد فهو يسير، ولذلك حثنا القرآن الكريم على استثمار أوقاتنا بالعمل الصالح، الذي يعود علينا وعلى أوطاننا بالخير والنماء، ومن هذه الأعمال الصالحة، القراءة، فهي من أعظم ما تغتنم بها الساعات، وتستثمر فيها الأوقات، ولأهمية القراءة في الحياة، أمر الله سبحانه بها رسوله صلى الله عليه وسلم في أول ما نزل من الآيات، قال تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم". وذكرت أن القراءة متعة للنفس وغذاء للعقل، فيقرأ العلم النافع، ويقتنى الكتاب المفيد، وخير كتاب يقرؤه المسلم القرآن الكريم، مستشهدة بقوله تعالى: "فاقرؤوا ما تيسر من القرآن"، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"، فالقرآن الكريم هو الكتاب المسطور، لفهم ما بثه الله تعالى في هذا الكون المنظور، من أرض وسماء، وبيئة وهواء، وفلك وفضاء، فمن قرأ كتاب الله وتدبر في معانيه أبحر في آياته، التي تدل على معرفة الخالق وعظمته، وسعة علمه وحكمته عز وجل، وقال الله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق". الأحاديث والسيرة كما حثت الخطبة المسلمين على قراءة أحاديث النبي وسيرته، وسير العلماء والصالحين، فإن في مطالعة تلك الأخبار غنية عن قراءة كثير من الكتب والأسفار، لما فيها من الدروس والعبر، فقد قيل لابن المبارك: "يا أبا عبد الرحمن، لو خرجت فجلست مع أصحابك، قال: إني إذا كنت في المنزل جالست أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم"، يعني قراءة الكتب. وذكرت الخطبة أن مما يشعر بقيمة القراءة وضرورتها، ورفعة قدرها وعزة شأنها، أن القرآن الكريم بين في حديثه عن أصحاب الكهف أن الكتاب كان رفيقهم، حيث قال تعالى: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً"، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الرقيم كتاب كان عندهم فيه الشرع الذي تمسكوا به. وفي هذا إشارة إلى أهمية القراءة واصطحاب الكتاب في الحل والترحال، وفي الحضر والسفر، كما كان حال المسلمين الأوائل، الذين أدركوا ذلك، فشمروا عن ساعد الجد في محو أميتهم، تعلماً وقراءة وكتابة، حتى كان أحدهم يوصي صديقه قبل السفر، فيقول: "استعن على وحشة الغربة بقراءة الكتب، فإنها ألسن ناطقة، وعيون رامقة"