مدينة عيسى – وزارة العمل أكد وزير العمل جميل حميدان، رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، رئيس المجلس الأعلى للتدريب المهني، ان الموارد البشرية الوطنية تعد من أهم مقومات الاقتصاد ونجاح الخطط التنموية وهي المحرك الأساسي والمحوري في دوران عملية الانتاج بسوق العمل، مما يجعل تنميتها والارتقاء بها يتصدر اهتمامات القيادة والحكومة في مملكة البحرين. جاء ذلك خلال استعراض حميدان في أمسية حوارية له تحت عنوان "واقع سوق العمل..التحديات والحلول"، والتي عقدت على هامش ملتقى مسئولي الموارد البشرية بالقطاع الخاص، حيث تناول فيها التحديات التي تواجه سوق العمل المحلي والسبل الكفيلة لمواجهتها، ودور الموارد البشرية الوطنية في المحافظة على استقرار سوق العمل في مملكة البحرين، موضحاً أنه على الرغم من النجاحات المشهودة المتحققة في سوق العمل فيما يتصل بالسيطرة على معدلات البطالة في حدودها الآمنة وتنفيذ مشاريع التدريب المهني النوعي، إلا أن التحديات ما زالت قائمة ومستمرة، مؤكداً أن هذا الملتقى الذي حظى بمشاركة واسعة من مسئولي تنمية ادارة الموارد البشرية بالقطاع الخاص فرصة لإلقاء الضوء على واقع سوق العمل وتحدياته، من أجل بلورة أفكار ورؤى تساعد صناع القرار والمسئولين التنفيذيين والمشرفين على تطوير سوق العمل من اتخاذ قرارات مناسبة وتطبيق خطط عملية ترتقي بالوضع القائم إلى أفضل المستويات. سياسة التوظيف واستقدام العمالة الوافدة وقال أنه من خلال الدراسة والبحث اتضح ان هناك جملة من التحديات التي تواجه سوق العمل المحلي، وهي تحديات كثيرة ومتشعبة تقتضي معالجتها بصورة ممنهجة وفق الامكانات المتاحة، مشيراً إلى أن أهم هذه التحديات تتمثل في التعاطي مع سياسة التشغيل وسياسة استقدام العمالة الوافدة التي تؤثر على الفرص الوظيفية للعمالة الوطنية في مؤسسات وشركات القطاع الخاص، مؤكداً أن المنافسة بين العمالة الوطنية والأجنبية لا تزال غير متكافئة، وهي تميل لصالح العامل الوافد، ومن هنا لا يمكن الحديث عن الغاء نظام البحرنة فيما سياسة اغراق السوق بالعمالة الوافدة لا تزال مستمرة، والتحدي الآخر هو كيفية تجاوز التركة الثقيلة لمخرجات التعليم السابقة والتي لا تزال تلقي بظلالها على سوق العمل، موضحاً أن مواجهة هذين التحديين يحتاج إلى خطط فورية وأخرى طويلة الأمد. ولفت حميدان إلى تحدٍ آخر يعتبر تحدياً طارئاً وواقعياً لسوق العمل وقد يواجه سوق العمل المحلي أو حتى الأسواق العالمية، وفي مقدمة تلك التحديات الآثار الناجمة عن الأزمات المالية المتوقعة التي قد تعصف بأسواق المال العالمية وانعكاساتها على اقتصاديات المنطقة، وعلى سبيل المثال الأزمة المالية العالمية التي حدثت في عام 2009، وانعكاس تداعياتها على أسواق العمل المحلية والاقليمية، أو النتائج المترتبة على التوترات الأمنية، كما حدث خلال الأحداث المؤسفة التي شهدتها البحرين عام 2011، وفي هذا السياق، قال سعادته ان متانة الاقتصاد البحريني وقدرة أصحاب العمل على التكيف مع تلك الأزمات وتجاوزها، كان له أكبر الأثر في تماسك سوق العمل المحلي، لافتاً إلى أن السوق المحلي استطاع نتيجة للجهود المشتركة بين أطراف الانتاج ممثلة في الحكومة وأصحاب العمل والعمال من اجتياز تلك الأزمات بأقل الخسائر الممكنة. نمو الوظائف وتحديات المستقبل وأكد أن نمو سوق الوظائف في القطاع الخاص بالمملكة خلال الفترة الماضية لم يتوقف، وهو يسير بوتيرة جيدة، وما زال سوق العمل يولد فرصاً وظيفية جديدة، مستدركاً أن ذلك لا يعني عدم وجود تحديات مستقبلية، لافتاً إلى أن أكبر تحد يتمثل في إيجاد فرص عمل نوعية في القطاعات المختلفة، خصوصاً في ضوء توقع دخول أكثر من 4 آلاف خريج جامعي إلى سوق العمل سنوياً في المرحلة القادمة، وذلك نظراً لتزايد أعداد الجامعات الخاصة ومخرجاتها، وهو ما يجعلنا نفكر دائماً في خلق مبادرات ومشاريع جديدة محفزة لتوفير فرص عمل مناسبة في القطاع الخاص، مشدداً على ضرورة تعزيز الشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص، والاستغلال الأمثل للموارد المالية من قبل أصحاب العمل بهدف خلق تنافسية في الانتاجية قادرة على توليد فرص عمل جديدة للمواطنين. وتطرق وزير العمل بالتفصيل إلى موضوع تزايد أعداد الخريجين الجامعيين، حيث قال ان بعض الخريجين الجامعيين يدخلون بانسيابية في سوق العمل نظراً لأن تخصصاتهم تلبي احتياجات السوق، ولكن هناك تخصصات لا يحتاجها أصحاب العمل. فما هي الحلول الممكنة كي نمنع تكدس مئات الخريجين في طوابير التعطل نتيجة لعدم احتياجات السوق الفعلية لتخصصاتهم الدراسية، والجواب هو: إن البعض يرى علاج ذلك في إلغاء بعض التخصصات الجامعية، وهذا الرأي ربما يكون مخرجاً مؤقتاً، لكنه غير عملي وليس واقعياً أيضاً، فهناك في الجامعات من يدرس في تخصصات يرغب فيها ذاتياً وغير مرتبطة بسوق العمل أو احتياجاته، كمن يرغب على سبيل المثال في دراسة الأدب أو الاجتماع أو العلوم الانسانية وغيرها من التخصصات، فلا يمكن الغاءها خصوصاً أن معظمها تفيد المجتمع في نواحٍ مختلفة. وأكد حميدان ان مواجهة ذلك التحدي يكمن في معالجة الخلل القائم والمزمن بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من ناحية، ومن ناحية أخرى تحسين مخرجات التدريب النوعي كي يتواءم مع المهارات التي يحتاجها السوق، وفي هذا السياق فإن الحكومة سعت إلى ردم الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل عبر تشكيل لجنة تطوير التعليم والتدريب برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، نائب سمو رئيس الوزراء، وهي لجنة مشتركة تضم وزارات وهيئات معنية بالتخطيط المستقبلي لواقع التعليم والتدريب في البلاد، ومنها وزارة العمل، كي يتلاءم مع متطلبات السوق، وصياغة تصورات ومرئيات واقعية تعالج الخلل في معادلة الجاذبية بين الباحث عن عمل ومؤسسات القطاع الخاص، معرباً في هذا الإطار عن رضاه لمستوى التنسيق بين وزارة العمل والجهات المختلفة المعنية بسياسات تطوير التعليم والتدريب وفي مقدمتها وزارة التربية التعليم، حيث تقدم وزارة العمل سنوياً قراءة لواقع السوق والمهن المطلوبة خلال الخمس سنوات القادمة، مما يمكن وزارة التربية والتعليم من صياغة مناهج جامعية مرتبطة باحتياجات سوق العمل. مشاريع التنمية البشرية وحول الآلية التي تعمل وفقها وزارة العمل للمساهمة في تقليل الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل من العمالة البحرينية، قال حميدان ان استراتيجية الوزارة تعتمد على جودة مخرجات التدريب التقني والمهني عالي المستوى لمد العنصر البحريني بالمهارات المهنية اللازمة، مشيراً إلى قيام الوزارة بالتعاون مع المجلس الأعلى للتدريب المهني والمجالس النوعية التابعة له بتنفيذ مشاريع تدريبية متخصصة تحدث تغييرات جوهرية في هذا المضمار قادرة على تصحيح الخلل الناجم عن مخرجات التعليم، مشيراً إلى جملة من المشاريع في هذا الصدد، ومنها مشروع المعايير المهنية ومركز قياس المهارات، ومشروع (بيدي أبني وطني)، إضافة الى المرصد الوطني للقوى العاملة والتي تقوم فكرته على الربط بين قواعد البيانات الخاصة بالمؤهلين للعمل والعاملين في القطاع الخاص والاستفادة من تلك المعلومات في ترشيد سياسات التوظيف وبرامج تنمية الموارد البشرية بشكل عام. واعتبر أن تلك المشاريع بمثابة البنية التحتية التي تؤسس لتنظيم متقن لسوق العمل، كما ستساهم في تفعيل جعل العامل البحريني الخيار الأمثل للتوظيف من خلال تسليحه بالمهارات والخبرات اللازمة التي يحتاجها سوق العمل المحلي. الفوائد المترتبة على تشغيل البحرينيين وأكد حميدان أن وزارة العمل لا تريد أن تحمل أصحاب العمل كلفة نقص المهارة لدى العامل البحريني، وذلك من خلال دعم الوزارة لتكلفة التدريب وسياسة دعم أجور العمالة الوطنية التي تتبناها الوزارة في القطاع الخاص. كما ان سياستها لا تقوم على إجبار المؤسسات والشركات على التشغيل الناقص الذي لا يخدم صاحب العمل ولا العامل ولا العملية الانتاجية برمتها، مشدداً على أنه في الوقت الذي يتم العمل فيه على وضع ضوابط معقولة لضبط معدلات العمالة الأجنبية يتم أيضاً رفض توظيف عمالة وطنية هامشية في الشركات من أجل رفع نسبة البحرنة فقط، مستدركاً أن ما نسعى إليه هو أن يكون توظيف البحريني محفزاً للإنتاجية واستقراراً للمنشأة وتطويرها، معتبراً ان اعتماد البعض على العمالة الرخيصة من أجل تحقيق ربح سريع يجعل المنشأة عرضة لعدم الاستقرار الذي توفره العمالة الوطنية المدربة والمؤهلة، والتي تعد مكسباً لأصحاب العمل ونهضة منشآتهم. أثر المزايا العمالية على استقرار المنشآت ودعا وزير العمل أصحاب العمل إلى الانفاق على الخدمات العمالية وتوفير مزايا عمالية أكبر كي يحافظوا على استقرار شركاتهم ومؤسساتهم، مشيراً إلى أن دراسات وأبحاث أجريت على بعض المنشآت العريقة والمتطورة أظهرت انخفاض معدلات دوران العمل نتيجة للرضا الوظيفي للعاملين، مؤكداً أن تحسين بيئة العمل والانفاق على الخدمات العمالية يحفزان الانتاجية وتحقيق الأرباح على المديين المتوسط والطويل. تطور مراكز ومعاهد التدريب وتطرق إلى أوضاع مراكز ومعاهد التدريب الخاصة في البحرين باعتبارها أحد الروافد المهمة التي تغذي القطاع الخاص بالموارد البشرية المؤهلة والمدربة تدريباً مهنياً وفنياً عالياً، حيث أكد ان المؤسسات التدريبية تسير من نجاح إلى آخر، وقد حققت نسبة درجات عالية في تقييم أدائها قياساً بالسنوات الماضية وذلك وفق تقييم هيئة ضمان الجودة، مشيداً في هذا السياق بالجهود المشتركة بين وزارة العمل والمجلس الأعلى للتدريب المهني والمجالس النوعية وهيئة ضمان الجودة وصندوق العمل في تطوير مخرجات وجودة التدريب في المراكز والمعاهد التدريبية مما مكنها من استقطاب متدربين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نظير سمعتها الجيدة في مجال التدريب، وهو ما يؤهل البحرين لأن تكون مركزاً إقليمياً للتدريب وتنمية الموارد البشرية، معرباً عن تفاؤله لمستقبل التدريب النوعي في المملكة وقدرته على رفد سوق العمل بالكوادر البحرينية لتقود عجلة الانتاج والتنمية في القطاعات الانتاجية والصناعية المختلفة. بعد ذلك فتح المجال لمداخلات واستفسارات المشاركين، حيث تناولت المداخلات جملة من المواضيع ذات الصلة بآفاق التدريب المهني وتنمية الموارد البشرية الوطنية في المنشآت. وقد أجاب سعادة وزير العمل، على الأسئلة المتعلقة بنظام البحرنة ومسيرة إصلاح سوق العمل والمبادرات الحكومية لدعم المؤسسات الصغيرة والكبيرة باعتبارها مؤسسات واعدة تولد الكثير من فرص التوظيف المناسبة للمواطنين. صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3864 - السبت 06 أبريل 2013م الموافق 25 جمادى الأولى 1434ه