أجمع المتدخلون مساء أمس الأول بمسرح قطر الوطني خلال الندوة التطبيقية لمسرحية المسعور لمخرجها فالح فايز، على تميزها وفرادتها. وأثنى النقاد والأكاديميون على العرض المسرحي الذي يدخل غمار المنافسة في مهرجان الدوحة المسرحي الثاني المنعقد ما بين 7 و13 أبريل الجاري. وقال الدكتور سامي عبدالحليم، الأستاذ المتفرغ بأكاديمية الفنون بمصر خلال الندوة التي أدارها السيد محمد الجاسم: «ما شهدناه يكفي لمعرفة تطور هذا المسرح»، ليبدي بعدها ملاحظتين، أولاهما أن الحديث بعجالة عن عمل فني لا يفي النقد والعمل الأكاديمي حقه، وهو ما شدد عليه عامر الحمود في مداخلة لاحقة. أما الملاحظة الثانية، فمفادها أنه مهما بلغت قدرة الناقد، فإنها لن تصل إلى قدرة المبدع الذي بدل الجهد والتخيل والعمل. إلى ذلك، أشار المعقب الرئيسي في الندوة، أن النص يتصف بالسمات التي تتصف بها هذه الخلطة الدرامية كما بدأت في مصر وسوريا، من قبيل جمعها لفكرة التراث وعناصر النص التراثية مثل النداف والمطوّع والتاجر إلى الأمثال المستعملة والكلمات، مسجلا أن الميلودراما بدت فيها مجموعة من الذبائح التي ملأت العرض، فضلا عن المباشرة والخطابة في عناصر العرض سواء كانت مرئية أو مسموعة، منوها إلى أن هذه التوليفة التي عمد إليها المخرج والمؤلف، نجحت في العرض. من جهة أخرى، أبرز الناقد والأكاديمي المصري، أن الفن ليس بالضرورة محاكاة مرآة الواقع، من قبيل جلب الرمل لخشبة المسرح، موضحا أن عنصر التمثيل نحى المنحى الميلودرامي وزيادة في جرعة البكاء، غير أنه أشاد بالطاقة المذهلة والمتدفقة للممثلين. وقال الناقد المسرحي سالم ماجد من جهته: إن فالح فايز أسعدنا الليلة، واصفا إياه بأديسون الذي أضاء المصباح وأبهرنا به. في حين أن الفنان المصري محمد متولي، أشاد بدوره بالعمل الفني، مشيرا إلى أن المخرج فالح فايز توارى خلف النص، ليعبر عن رغبته ودعوته بترشيح الممثل الذي قام بدور المسعور بجائزة أحسن ممثل. وفي ارتباط بالموضوع، أبرز الدكتور محمد الحبسي، رئيس مجلس إدارة معهد الفنون للتدريب الإعلامي والمسرحي بسلطنة عمان، أن العرض الذي يقترب من واقع المتلقي يلقى إقبالا عليه. وتمنى الدكتور الحبسي، لو خدمت السينوغرافيا النص المسرحي أكثر، ملاحظا أن القطع الكثيرة للديكور قد تعيق حركة الممثل، فضلا عن ذكره لتكرارية في بعض المشاهد من قبيل «الجنازة»، ليختتم حديثه بالدعوة للاهتمام بمسألة النهايات. وذكرت الأكاديمية المغربية والأستاذة بالمعهد العالي للمسرح الدكتورة نوال بنبراهيم، أن العرض أعجب الجمهور، بدليل بقائه متسمرا إلى الآخر وتجاوبه معه. وأرجعت الدكتورة بنبراهيم ذلك، إلى الموضوع الواقعي والبسيط الذي ابتعد عن التعقيد، فضلا عن اختيار اللهجة والموسيقى والملابس. ولاحظت المتحدثة أنه على مستوى السينوغرافيا أن هناك تكديسا، فضلا على أن الرمال التي لن تنقص من قيمة العرض لو لم تكن موجودة. وشدت الدكتورة نوال بنبراهيم على يد الفتاة الممثلة التي نزعت الضماد من على يدها المكسورة من أجل المساهمة في إنجاح العرض، لتتساءل عن المبالغة في استخدام الكومبارس. أما عبدالله ملك من البحرين، فقال إن العرض لامس وجداننا وارتحنا له ربما لبساطته وإيقاع العرض وانسجام عناصره، ليؤكد أن فالح فايز استغل خبرته الطويلة للخروج بهذا العمل الجميل. وهنأ موسى زينل طالب الدوس وفالح فايز، مشبها عملية الفن، بعملية صنع العسل لدى النحلة التي تطير من زهرة إلى زهرة، ليخرج عسلا سائغا شرابه، لا نميز فيه هل هو عسل هذه الزهرة أم تلك، مشيرا إلى أن النص محكم البناء. وخلال تعقيبه على المداخلات، قال المؤلف طالب الدوس إن كل ما قاله مبثث في النص، في حين شدد المخرج والممثل فالح فايز، أنه تعب كثيرا مع الممثلين ومن أجلهم، وأن عددا كبيرا منهم يصعد للخشبة لأول مرة.