مع اقتراب حلول فصل الصيف، تبدو مدينة جدة السعودية موعودة من جديد بأزمة مياه تهددها بالعطش، وإن كانت هذه المرة أشد قسوة، بعدما باتت بالفعل بعض الأحياء فيها تعيش ظروفاً صعبة، وسط دعوات لمعالجات سريعة للأزمة، قبل فوات الأوان. الرياض: "جدة غير.. في الشتاء غرقانة، وفي الصيف عطشانة".. بهذه العبارة لخّص أحد سكان المدينة الساحلية الحال الذي وصلت إليه "عروس البحر" مع اشتداد وطأة أزمة المياه التي تعيشها المدينة، والتي تنذر بعطش أهلها إن لم يتم حل المشكلة. ومنذ عدة أسابيع أصبحت المياه "ضيفاً خفيفاً" على المنازل في العديد من أحياء جدة، الأمر الذي يدفع الكثير من الأهالي لتكبد العناء والمشقة للحصول على المياه من خلال الوقوف في طابور أشبه بالطابور المدرسي لساعاتٍ طوال. وفيما تتعرض الجهات الحكومية لانتقادات لاذعة بسبب تلك الأزمة، أكد الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة أنه من غير المقبول أن تعطش مدينة جدة ويبحث الناس عن المياه، ولاسيما أن الدولة لم تدخر جهداً، في سبيل راحة المواطن، ولم يطلب منها مشروع إلا وسارعت إلى اعتماده مالياً وتابعت تنفيذه ميدانياً. وأرجع أمير منطقة مكةالمكرمة أسباب المشكلة الحالية إلى خلل في محطات تحلية الشعيبة التي تغذي مدينة جدة بالمياه ما أدى إلى نقص الكميات الموصلة عبر الشبكة، مؤكداً أنه يتابع المشكلة لحظة بلحظة. وبيّن أن مباحثاته مع المسؤولين المعنيين أظهرت أنه وأثناء إجراء أعمال الصيانة الدورية للمحطة تم اكتشاف خلل كان من الضروري إصلاحه لضمان استمرار الضخ، الأمر الذي أدى إلى توقف بعض وحدات المحطة جزئياً وبالتالي نقص ضخ كميات المياه إلى محافظة جدة. وطمأن المواطنين والمقيمين وزوار مدينة جدة أنه تلقى تأكيدات من المسؤولين في شركة المياه الوطنية ووزارة المياه بحسم المشكلة خلال أربعة أيام، متعهداً بمتابعتهم حتى تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي، وأضاف موجهاً حديثه لأهالي جدة "لا يمكن لي أن أقبل بوجود نقص في المياه في أي محافظة أو مدينة بالمنطقة، وأي يوم يعطش فيه المواطن نعطش فيه جميعاً". وكشف الأمير خالد الفيصل عن حزمة حلول مستقبلية تتمثل في بناء خزانات استراتيجية لتخزين المياه يمكن اللجوء إليها عند توقف الضخ لأي طارئ، حيث تمت المباشرة في بناء خزان يستوعب 1.5 مليون متر مكعب بتكلفة تتجاوز 600 مليون ريال، ويجري العمل على إنشاء خزان آخر بنفس التكلفة وستدخل الخدمة قريباً. وأضاف "سيتم أيضاً بناء خزانين آخرين بنفس الطاقة، والمشروع في مجمله يهدف إلى توفير خزانات استراتيجية تستوعب 12 مليون متر مكعب ويمكن اللجوء لها عند الحاجة. ولم يتردد العديد من الكتاب في الصحف السعودية في انتقاد الجهات المسؤولة عن الأزمة، وكتبت ريهام زامكه في صحيفة "البلاد" إن "مشهد الطوابير المنتظرة للمياه نكاد لا نراه حتى في دول أفريقيا الفقيرة، ونحن على ضفاف مدينة ساحلية مطلة على البحر ولا يزال أهلها وسكانها يعانون أشد المعاناة من تلك المشكلة الطويلة الأمد". وأضافت: "من غير اللائق ولا المعقول أن يقف المواطنون تحت أشعة الشمس الحارقة هذه، وبالطبع لا يخفى على أحد الدور الكبير والسريع والفعال للواسطة والمياه المسربة من تحت الطاولة لمن لهم معارف وأحبة من داخل الوزارة والأمانة".