مسكينة الوحدة الوطنية في الكويت، أصبحت شعارا يرفع في «الطالعة والنازلة» ووسيلة لمهاجمة الآخرين لتتحول من عنصر جمع وتوحيد، إلى معول هدم وتفريق! وللتدليل على ذلك إليكم بعض المظاهر المرصودة من الساحة. لم يكد خبر مهاجمة مسجد البحارنة في الدعية الأسبوع قبل الماضي، حتى انبرت بعض الجهات لتستغل الحادثة في مهاجمة فئة واسعة من المجتمع متهمة إياها بالكراهية وبث التفرقة وصولا إلى الوصف ب «التكفير» رافعة شعارات التهديد والوعيد لوزير الداخلية بالثبور وعظائم الأمور إن لم يكشف عن المعتدين ومن يقف وراءهم من الجهة المقابلة. بالمقابل قامت الجهات المقابلة بإصدار بيانات تدين الاعتداء وتعلن تبرؤها من الفاعلين وأن هذا الفعل يتنافى مع القيم الدينية والاجتماعية، وكأنها تحاول سحب البساط من تحت الطرف الآخر في التكسب على حسابها. ولم يتوقف الأخذ والرد حتى أعلنت الجهات الأمنية عن القبض على المعتدي الذي اتضح أنه «مهزوز نفسيا» وليس له أي خلفية سياسية ولا دينية وأن ما يقوم به يشبع حالة نفسية مريضة. قبل هذه الحادثة حادثة كتابة عبارة «لا للوحدة الوطنية» في مخفر الشويخ، فتوالت ردود الفعل على ذلك، فكيف تكتب هذه العبارة أو يلصق الملصق الذي يحملها على جدار مؤسسة أمنية رسمية يفترض أنها تلاحق الخارجين على القانون، لا أن يصل الخارجون إلى داخلها ويرفعون شعاراتهم! وبين هذه وتلك شهدنا حادثة سرقة آلاف الطلقات من أحد المعسكرات الأمنية، لتزيد في «الطنبور نغما» وسط حالة من الارتباك الأمني لم يهدئه تصريح النائب الأول وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود عن قرب القبض على السارقين. هذه الحادثة التي ترى فيها جهات برلمانية وسياسية اختراقا خطيرا لجهاز الأمن، ولا سيما أن الكمية المسروقة ضخمة جدا تثير مخاوف كبيرة حول هدف الجناة الذي يتجاوز حالة الاستفادة من بعض الطلقات للصيد أو إطلاق النار في الأفراح. وهنا يكمن الخلل في المنظومة الأمنية التي لم تكن هذه الحادثة الأولى فيها، ولاسيما أن التساؤل الذي يجب على القيادات الأمنية الإجابة عنه هو كيف يمكن لعنصر أو عنصرين أن يسرقا كمية من الذخيرة تجاوزت 50 ألف طلقة؟ وكيف استطاعوا نقلها خارج المعسكر؟ وأين يمكن أن يخفوها؟ وما دوافعهم في هذه السرقة؟ ولعل السؤال الأخير هو الأكثر إلحاحا وخطورة، فالدوافع للسرقة يجب أن تكون محور التحقيق والبحث، ولا سيما أننا هنا نتحدث عن نوع من الخلايا النائمة التي تهدد بشكل أو بآخر وطننا وأمنه، ووحدته الوطنية.. وأعتقد أن القضية تتجاوز الشق الأمني ولا بد من البحث على جميع المستويات أمنيا ورسميا وبرلمانيا وشعبيا، فالأمر أخطر من رصاصات فقدت ولم يعد لهن أثر، وإنما من سرقها ولماذا سرقها وأين يخفيها؟ من يبحث عن تعزيز الوحدة الوطنية لا يترصد حادثة عابرة لا تقدم وتؤخر لينبري مستعرضا عضلاته الوطنية، فهذه القضية أكثر ما يمكن أن تظهر فيها الوطنية والحرص على الوطن، ويجب أن تتضافر الجهود كلها للبحث عن مصير الطلقات وسارقيها ومن يقف وراءهم... هنا فقط نعبر عن وطنيتنا بلا نفاق وبلا استعراض. د.حمد العصيدان [email protected] @Dr_alasidan