لفت نظري اللقاء المطول الذي أجراه الأمير الوليد بن طلال مع وسائل الإعلام وعرضته قناة «الراي» الفضائية الأسبوع الماضي، خصوصا أنه استعرض كثيرا من القضايا السياسية والاقتصادية العربية والخاصة، ومنه ما هو متعلق بالشأن المحلي السعودي. ومع تحفظي على بعض الأفكار والتوجهات للأمير الوليد، ولا سيما ما يتعلق بموقفه من التيار الإسلامي، فإنني سأتناول قضية ركز عليها، وأعتقد أنه بموقفه منها عبر عن ضمير كل إنسان خليجي على امتداد الضفة الغربية للخليج العربي، وأقصد بذلك موقفه من إيران عندما قال انه لا يثق بإيران وسياستها تجاه دول الخليج ونواياها، منتقدا تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية كسورية والبحرينوالعراقولبنان ومصر. فقد أصاب الأمير كبد الحقيقة لأن إيران وخلال 34 سنة من الثورة التي أطاحت بالشاه، لم تبد أي عمل يعبر عن التصريحات التي يطلقها قادتها تجاه دول الخليج، بل أكثر من ذلك عندما نجد سياستها تخالف وبشكل صارخ تصريحاتها، فموقفها الإعلامي من الكويت يؤكد، وعلى لسان أكثر من مسؤول كان آخرهم وزير ثقافة طهران الذي زار الكويت الأسبوع الماضي، أنها حريصة على أمن الكويت وتعزيز علاقات الصداقة وحسن الجوار، بينما نجد أنها لم تقم بشيء يترجم الكلام إلى أفعال، وهنا لا نريد الخوض في كثير من التحذيرات التي أطلقها عدد من النواب بضرورة الانتباه من خلايا نائمة ل«الباسيج» قد تقوم بأعمال تخريبية إذا جاءتها أوامر من الضفة الشرقية! وفي البحرين رأينا تدخلها وتحريضها الذي وصل إلى حد الوقاحة، فيما انبرى رجال الدين للتصريح بدل السياسيين عن ضرورة نصرة «شيعة البحرين» وكأن الشيعة في البحرين ليسوا جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع، وهو أمر رفضته رموز شيعية بحرينية قبل السنية... وفي سورية تبدو إيران متورطة «حتى النخاع» في سفك الدم السوري من خلال عناصر الحرس الثوري الذين نرى بعضهم ممن يقتله الجيش الحر أو يلقي القبض عليه، هذا عدا التصريحات الإيرانية المتعلقة بالأزمة السورية والتي تعكس أنهم هم أصحاب القرار وليس القابع في سراديب قصر الشعب على إحدى قمم جبل قاسيون! وفي العراق ثبتت أقدامها على امتداد بلاد الرافدين منذ سقوط الطاغية، فكان قدر الأشقاء في العراق أن يخرجوا من ظلم طاغية ليقعوا تحت وقع ظلم أكبر فرضه «ملالي طهران»، فتحول العراق إلى امتداد طبيعي لإيران، ورأينا كيف يذهب الساسة العراقيون إلى طهران ليأخذوا مباركات ساسة إيران وتوجيهاتهم في السياسة الإيرانية. أما في لبنان الشقيق، فالوجود الإيراني غير خاف على أحد ومعلن من خلال وكيلهم الحصري هناك متمثلا بحزب الله وأمينه العام حسن نصرالله، وها هو لبنان الشقيق يعيش على شفا انفجار يعيد شبح الحرب الأهلية التي عانتها البلاد قرابة ربع قرن من الزمان... والجديد في السياسة الإيرانية ما نراه من تمدد وصل إلى وادي النيل حيث صرح أحد الساسة الإيرانيين أن التقارب الإيراني المصري هدفه تثبيت أقدام طهران في المنطقة تحسبا لسقوط الاسد وضياع موطئها في سورية، فقامت بتقديم الإغراءات المالية والاقتصادية لتقنع قادة مصر فتح أبوابها أمامها، وكان لها ما ارادت، وها نحن نرى كيف البلدين تبادلا رفع التأشيرات عن مواطنيهما الراغبين في الزيارة، وهو ما ينذر بموجة جديدة من التشييع في ارض النيل هي امتداد لموجة شهدتها البلاد في عهد الرئيس المسجون محمد حسني مبارك. من كل ذلك نجد أن إيران لم تبن سياستها الخارجية على أسس المنافع المتبادلة، بل من خلال منظر أناني يتيح لها التغلغل في البلد المستهدف وتحقيق عدد من الأهداف السياسية... والدينية وهو الأهم. د.حمد العصيدان [email protected] Dr_alasidan@