بيروت - نبيه البرجي من يتحدثون ليلاً إلى الرئيس المكلف تمام سلام ينصحونه ب«النزول إلى الأرض»، فتشكيل الحكومة في لبنان لا يتم بالنوايا الطيبة ولا بالنصوص الدستورية، وإنما بالقوى التي على الحلبة. ويقال لسلام إن عليه أن يخلع القفازات الحريرية، وحتى ان يتخلى عن أصابعه الناعمة. هنا لا بد من الأصابع الخشنة لأن شعار «لبنان واحد لا لبنانان» قد سقط مع اتفاق الطائف الذي كرس نوعاً من الفدرالية العمودية بين أكثر من لبنان الذي هو الآن نصفان على الأقل. ولقد أخذ سلام علماً بأن قوى 8 آذار / مارس اتخذت قرارها الذي لا تحيد عنه، وهو تشكيل حكومة سياسية تأخذ بالاعتبار الأوزان في البرلمان، وحين يتحدثون عن الشخصيات المحايدة التي تم تسريبها للتوزير، يصفون هذه الشخصيات بالمفخخة، ثم يقولون إن تجربتهم مع المحايدين كانت مريرة، إذ أمام الإغراءات المختلفة، بما فيها الإغراءات الرئاسية، تحول بعض المحايدين إلى صقور في قوى 14 آذار / مارس. كرة النار قوى 8 آذار / مارس طلبت من سلام أن يغير رؤيته، وأن يغير استراتيجيته، فالمرحلة دقيقة جداً، والأزمة السورية تضغط بقوة على الساحة اللبنانية ودون استبعاد أي احتمال، وبطبيعة الحال، فإن الأسماء التي طرحت لا يمكن أن تلتقط كرة النار لتطفئها إذا ما تدحرجت إلى لبنان، وهي تتدحرج فعلاً.أما قوى 14 آذار / مارس فتعتبر ان «الفريق الآخر» إنما يلجأ إلى تلك الحجج من أجل تعويم نفسه، فالتطورات السورية جعلته يعيش مأزقاً مصيرياً وبكل ما تعنيه الكلمة، حتى ان هناك داخل الطائفة الشيعية يتشكل تيار مناهض لتدخل «حزب الله» في سوريا، وسواء بذريعة الحفاظ على المقامات التي هي أكثر بكثير من ان تكون جدرانا، أو بذريعة الدفاع عن القرى الشيعية في الداخل السوري. الكل يناور وترى الأوساط السياسية ان الكل يناور الآن، ومن دون ان يكون صحيحا ما يتردد في بعض الغرف المقفلة من ان سلام ان فشل في تأليف حكومة محايدة، فهو قد يلجأ الى تشكيل حكومة من قوى 14 آذار/مارس او المقربين منها، من دون ان تكون هناك مشكلة في العثور على عناصر شيعية لتوزيرها. لا محاصصة.. في الأسبوع الحالي يتبلور المشهد أفضل. لكن الثابت ان قرار الرئيس المكلف هو عدم الدخول في اي محاصصة، في رأيه ان هذا يجهز على الحكومة قبل تأليفها، قوى 14 آذار/مارس قالت كلمتها بحكومة تكنوقراط تؤدي الى تنظيف الاجواء السياسية الملبدة، وقوى 8 آذار/مارس تصرّ على حكومة سياسية من الطراز القديم إياه، بينما ابدل «حزب الله» تسمية «حكومة الوحدة الوطنية» ب «حكومة الشراكة الوطنية». المشهد معقد وغامض، ثمة كلام عن وساطات عربية وغير عربية لعدم الدوران داخل المأزق لأن اتصالات وتصريحات الويك اند اظهرت ان الهوة لاتزال على حالها، مع توارد معلومات تقول ان سلام قد يضع تشكيلة بأسماء كثيرة، تاركا للقوى السياسية ان تحذف منها من تراه «مفخخا».