| بيروت - «الراي» | رسمت ردود الفعل الواسعة على الاطلالة التلفزيونية الاخيرة للامين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله وما أطلقه من مواقف اعتُبرت بمثابة إثبات علني غير مسبوق لحجم تورط الحزب في القتال الى جانب النظام السوري، لوحة شديدة القتامة حيال مجريات الوضع السياسي في لبنان وانعكاساتها على مصير أزمتيْ تأليف الحكومة الجديدة والانتخابات النيابية. واذا كان البيان الذي أصدره رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رداً على كلام نصرالله رسم اعلى السقوف حتى الآن لقوى «14 آذار» في التعامل مع تورط «حزب الله» في سورية واتهامه باستجرار خطر الفتنة المذهبية الى لبنان، فان الاوساط المعنية بالأزمة السياسية الداخلية رسمت غداة هذين التطورين، اي كلام نصرالله والردود الحادة عليه، صورة متشائمة حيال التطورات المرتقبة، مستبعدة في اقل الاحوال اي امكانات لتأليف الحكومة قريباً او حتى التوصل الى اتفاق على اي مسلك ايجابي توافقي في شأن قانون الانتخاب الذي يواجه في 15 الجاري محطة مفصلية في البرلمان. وتقول هذه الاوساط ل «الراي» ان المفعول الفوري لكلام نصرالله تُرجم في وصول المفاوضات بين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام وقوى «8 آذار» الى حائط مسدود من خلال اصرار هذه القوى على الثلث المعطل في الحكومة ورفض سلام هذا الشرط، كما من خلال رفض القوى نفسها المداورة في الحقائب الوزارية وتمسك سلام بهذا المعيار. ثم ان ملامح اشتداد الازمة برزت في اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف اول من امس اي غداة كلام نصرالله، اذ تداول الرئيسان ما يمكن طرحه من صيغ معدَّلة لتأليف الحكومة من دون ان ترسو المداولات بعد على طرح جديد ما يعكس دوران الازمة في المراوحة حتى إشعار آخر. وتخشى هذه الاوساط ان تكون الازمة السياسية قد بلغت مرحلة الانسداد التي تملي على مجمل القوى السياسية مراجعة الحسابات بعدما رسم كلام نصرالله عنواناً اقليمياً كبيراً للازمة الداخلية تجاوز كل المعطيات السابقة ووضع الجميع في مواجهة زحف انعكاسات الازمة السورية الى لبنان بأوضح معالم التورط فيها على يد فريق لم يعد يجد اي حرج في تثبيت هذا التورط، وصولاً الى اعلانه الصريح انه «إذا تدحرجت الأمور في سورية الى ما هو أخطر قد تضطر دول أو قوى أو حركات مقاومة الى التدخل الفعلي في المواجهة الميدانية فيها». وتضيف هذه الاوساط ان شحنة التوتر العالي التي اثارها كلام الامين العام ل «حزب الله» اعادت ملف تأليف الحكومة الى المربع الاول كما وضعت المساعي للتوافق على مخرج لقانون الانتخاب في دائرة مختلفة جداً بعدما بات موضوع التورط في سورية يحتل الاولوية الساحقة في مجمل المشهد اللبناني. حتى ان المخاوف لم تقف عند الازمة السياسية فقط بل تعدّتها الى الوضع الاقتصادي والسياحي وسط الخشية من ان يكون مردود المناخ الناشئ شديد السلبية على موسم الاصطياف وحركة توافد السياح والرعايا العرب والخليجيين الى لبنان علماً ان تكليف سلام وعودة الحضور السعودي الى الساحة اللبنانية كان أنعش الآمال في موسم سياحي واعد قبل ان تعود هذه الآمال الى التراجع. وقالت الاوساط نفسها انه من المستبعد ان تظهر اي معالم جدية في طريق البحث عن حلول قبل الثلاثاء المقبل، اذ ان الرئيس سليمان سيغادر في الساعات المقبلة الى الفاتيكان في زيارة تستمر يومين، كما ان البلاد تدخل اليوم في عطلة الجمعة العظيمة والفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي. ومع ان ثمة معلومات تحدثت عن لقاء جديد بين الرئيس المكلف ووفد من قوى 8 آذار، فان الاوساط شككت في امكان التوصل الى اي قواسم مشتركة وسط تصاعد مناخ التوتر السياسي، علماً ان فريق 14 آذار بات يقيم على اقتناع قد لا يكون الرئيس الملكف ورئيس الجمهورية ايضاً بعيديْن عنه وهو ان فريق 8 آذار يدفع نحو التسبب بواقع قسري من خلال شروط تعجيزية لا يمكن لسلام قبولها بقصد دفع قوى 14 آذار والوسطيين الى صفقة تتناول التمديد الطويل لمجلس النواب تحت وطأة منع تأليف حكومة جديدة من جهة وبروز خطر الفراغ الدستوري في حال عدم التمديد لمجلس النواب من جهة اخرى.