لا نحتاج إلى قراءة التقارير والإحصائيات حتى نعلم ماذا يجري بمصر اليوم، وهذه الحالة ناتجة من عشرات السنين السابقة التي أفقرت البلد وسرقت مدخراته وحولته إلى أرصدتها الخاصة في الخارج، فمن غير المنطقي والطبيعي أن نحمل الرئيس الجديد كل هذه التبعات السابقة، واستقرار مصر بعد الثورة مطلب، لأنها تمثل العمق الطبيعي للدول العربية... وجسر وبوابة الدخول للدول الأفريقية، ولكن النظام السابق ضيع هذا الدور الريادي لمصر، وها هو الرئيس الحالي يحاول إعادة مصر لمكانها الطبيعي. وقبل فترة زار الرئيس المصري السودان، وكان من أبرز نتائج هذه الزيارة هو افتتاح الطريق الشرقي البري بين مصر والسودان، وإنشاء شركات سودانية... مصرية في الوقود الحيوي ومنطقة صناعية ومزارع للحوم إضافة للعديد من الاتفاقات... وهذا جزء من عودة مصر للقرن الإفريقي الذي أهمله النظام السابق... مكان مصر الطبيعي هو في القيادة والمقدمة، وإذا ضعفت مصر تجد العالم العربي في حالة تشتت وجمود، وهذا ما نجد عليه الرئيس الحالي ومحاولته الجادة لتغيير الواقع، وإلى الآن نجد بعض الدول والقنوات العربية تحاول إفشال خطط الرئيس المصري عن طريق التقارير غير الموضوعية أو عبر المداخلات المتفق عليها مسبقاً والمنحازة للنظام السابق بشكل يثير اللوعة... ولعل المشاهد اليوم أصبح على مستوى النضج والذكاء وهو يميز ما يدور حوله... وسترتد هذه المخططات على منفذيها وهذا ما علمنا إياه التاريخ القديم والحديث. إن ما يحدث اليوم في مصر لهو أمر طبيعي بعد سنوات من الاستبداد وظلم وقهر المواطنين، أصبحوا يتنفسون عبق الحرية والديموقراطية وللمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث والقديم، وهذا بالطبع ليس بالأمر السهل واليسير، ولكنه يحتاج إلى سنوات لتستقر الأمور أكثر، وبعد الانتخابات البرلمانية المقبلة ستستقر الأمور أكثر وستجري عملية البناء والتنمية عبر قنواتها المختلفة، وستنعكس هذه التجربة على الكثير من البلدان العربية بشكل إيجابي ولصالح المواطن العربي. مطلوب من جماعة «الإخوان المسلمين» ممارسة السياسة بشكلها الصحيح، وتقديم مصلحة المواطن على أي مصلحة أخرى، والاستفادة من التجربة التركية في شكل إدارة الدولة واستخدامها كنموذج، والتفريق بشكل قاطع بين حزب الحرية والعدالة والجماعة وعدم الخلط بينهما، ويجب أن يستوعبوا اللافتات المكتوب عليها «يسقط... حكم المرشد»، ولماذا وصل المواطن العادي إلى هذه القناعة وكيف لولا ان كان هناك خلط في الموضوع؟. الرئيس المصري الآن يجري في الطريق الصحيح، خصوصا عندما قلص من صلاحياته ووزعها على مختلف مؤسسات الدولة...سواء رئيس مجلس الوزراء أو القضاء أو في اختيار شيخ الأزهر، وقد يأتي رئيس وزراء قادم تكون صلاحياته موازية أو مقاربة لصلاحيات الرئيس، كما يجب إطلاق العنان لحرية التعبير وعدم تكميم الأفواه كما كان يعمل النظام السابق، والقبول بالتعددية السياسية أياً كان شكلها... موافقة أو مخالفة في وجهة نظرها، وعدم التفرد في القرارات... لم أكن أود أن أكتب عن مصر، ولكن كونها تمثل القلب النابض للعالم العربي فلا أريد لهذه التجربة أن تفشل، لأن فشلها سيسبب ردات فعل عكسية كبيرة داخل وخارج مصر، وحسناً فعلت قطر بدعمها الاقتصاد المصري وهذا سينعكس بالإيجاب على الجانبين في المدى المتوسط والبعيد، والدول التي تقف اليوم ضد التجربة المصرية ستكون نادمة إن لم تراجع نفسها وتقف بجانب الشعوب... لأن الشعوب أصبحت واعية أكثر من قبل. عبدالعزيز الكندري @akandary [email protected]