| عبدالعزيز الكندري | دور المستشار كبير جداً خاصة في زمن التقلبات والتحولات الجوهرية والمفصلية التي تحدث للدول، ولا إفراط أو تفريط... حيث إن الإفراط سيزيد من التخبط والهلع والجهل، أما التفريط فسيؤدي إلى تفاقم المشاكل واتساعها وليس حلها، وأعتقد بأن مايحدث في العالم العربي اليوم لم يكن يتوقعه أحد أبداً لا من قريب أو بعيد، ولا حتى أكبر البيوتات الاستشارية كانت تتوقع حدوثه... إذاً فإنها تحتاج إلى توصيف وتشخيص صادق ودقيق لأن التشخيص السليم نصف الحل وهذا دور المستشارين بكل تأكيد... من الواضح أننا نواجه السيل بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، وهذا واضح من خلال عدم وجود أحد يستطيع إيقافه وحتى تشخيصه وهنا تكمن المشكلة، حيث لم تستطع الجيوش الجرارة من أجهزة الإعلام والمخابرات العربية المتنوعة من الوقوف أمامه لأنها لم تتعود عليه أو حتى لم تسمع به أصلاً... وشاهدنا ذلك في دول عربية كثيرة، خاصة التي اجتاحها «الربيع العربي» والذي بدأ بتونس ومر بمصر واليمن وليبيا... وهاهو يقتلع بشار ونظامه من جذوره، وما يحدث الآن في سورية ما هو إلا حشرجة الصدور والرمق الأخير لهذا النظام المجرم وربع الساعة الأخيرة من عمره الممتد أعواماً طويلة. اتهام المستشار للسيول بأنها وراء المشكلة لن يوقف انهماره وتدفقه، توجيه أصابع الاتهام للجهات الخارجية لن يجعله يغير مجراه وتفكيره، ولكن السعيد من شخًّص التشخيص السليم واتخذ القرار المناسب وغير ما بنفسه وتوجه وتصالح مع شعبه قبل مجيء السيل إليه، وما حدث في البلدان العربية خير مثال على ذلك... وهذا صلب عمل المستشار. مطالب الناس ليست كبيرة أو كثيرة في البلدان العربية، إنهم يريدون لقمة عيش كريمة، يريدون سكنا لهم ولأسرهم يتناسب مع تطلعاتهم، يريدون وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ويريدون المفاضلة على أساس الكفاءة والمواطنة، والقضاء على مفاصل الفساد المستشرية بالعالم العربي... وكل هذه المشاكل إن لم يتم حلها فستزيد من قدرة وقوة السيول. وما قاله الشيخ محمد بن راشد في رده على أحد أسئلة الجمهور عندما قال عن ملامح المستقبل العربي «أنا في سنة 2004 وجهت بعض الكلام للزعماء العرب فقلت إما أن تعملوا إصلاحات جذرية تمس المواطن أو ستنصرف عنكم شعوبكم، ويكون حكم التاريخ عليكم قاسياً، وهذا الكلام موجود الآن وتستطيعون الرجوع إليه، وقلت لهم غيروا وإلا ستتغيرون، وهناك مؤشرات وأنا أدركت وزرت زعماء عرب... فنصحتهم فقالوا لي... التقارير لديّ، فأجبتهم بأن مشكلتكم بالتقارير، وأنا ليس لديّ حدود معكم، وأنا أنصح للشعوب العربية، ونصحتهم بإعطاء شيء للمواطنين لأنهم كانوا يذهبون بأموال المواطنين للخارج... ولكن هذه الشعوب ذكية». مشكلة المستشار الرئيسية بأنه يفكر في المصلحة الآنية ويقدمها على مصلحة الوطن، ولعل الشعوب العربية والتي أتاها السيل شاهدة على ذلك، حيث إن غالبيتهم يفكرون بالمغانم والثروات والقرب من السلطات، ويجيدون التملق وأبيات المدائح، وهو شريك بلاشك بكل ما يحدث للبلد بسبب عدم شمول واتساع تفكيره، وهذا هو السبب في الكثير من العقد الموجودة في العالم العربي، ومن كانت هذه صفاته فهو بعيد كل البعد عن الروح الوطنية... ويجعلنا نقلق من المستقبل. [email protected] akandary@