انتهى الاحتفال بذكرى تأسيس الإصلاح الخامسة والثلاثين، ولكن بقيت كلمة أحببت قولها وهي شهادة عابرة على مرحلة طويلة عمرها يزيد عن ثلث قرن من الزمن، وهي محاولة لتقديم إجابة على سؤال يتردد كثيراً ماذا قدم الإصلاح للوطن؟ وحتى تكون الإجابة مركزة وأكثر واقعية فسأتحدث عن تجربة الإصلاح في شبوة في إشارات عابرة بالتأكيد، وهي ليست تقييما فالتقييم المنهجي ليس محله هنا: نشط الإصلاح في محافظة شبوة منذ تأسيسه وأقبل الكثيرون على الانتساب إليه وأصبح له وجود في مختلف المناطق ومن جميع شرائح المجتمع، مشايخ ووجهاء شباب ومثقفون، طلاب وأساتذة، وكان لهذا التواجد أثر مهم في المجتمع يدركه كل متابع منصف ويمكن الحديث عن عناوين لهذا الأثر: الحضور السياسي: - منذ وقت مبكر حضر الإصلاح في المشهد السياسي في محافظة شبوة حتى في المرحلة التي لا يزال في بداياته وتأسيسه وقلة كوادره شارك في جميع المراحل الانتخابية منذ عام 1993 وإلى 2012، نافس وفاز وخسر وساهم في ترسيخ تجربة التنافس السياسي والقبول بنتائج التصويت مهما كانت والالتزام بقواعد الديمقراطية لك أو عليك حتى وإن كانت التجربة غير مكتملة وغير عادلة يبقى التنافس عبر الصندوق سلوك حضاري. - خلال مسيرته كان الإصلاح في شبوة داعما ومساندا للدولة ومؤسساتها وعاملا مساعدا في الاستقرار والتوافق والسعي لإبعاد شبوة عن الصراعات التي تضر بها وفي أصعب المراحل كان إلى جانب جميع أبناء شبوة سلطة وقوى سياسية واجتماعية في الحرص على الوفاق. - سعى الإصلاح إلى مد اليد لجميع شركاء العمل السياسي من أحزاب وقوى ومكونات وشخصيات تحت قاعدة أن ما يفرقنا أقل بكثير مما يجمعنا وتحت هذه القناعة بنى علاقاته مع مختلف القوى في المحافظة. - نشر ثقافة التغيير السلمي ونبذ الفوضى والعنف وتجريمها، كان هذا هو العنوان الذي انطلق منه الإصلاح في خطابه السياسي والإعلامي وجسده في سلوكه وممارسته. - اقتصرت مشاركة الإصلاح في السلطة عبر أعضائه الذين قدمهم كمرشحين للانتخابات المحلية سواء في المحافظة أو المديريات وكانوا إلى جانب بقية زملائهم جزء من تجربة الحكم المحلي القائم على الانتخابات المباشرة ومشاركة المجتمع في إدارة ذاته كما شارك محافظين اثنين تم تعينهما في مرحلة بالغة الحساسية التعقيد وهما أحمد علي باحاج رحمه الله "2012 – 2015"، ومحمد صالح بن عديو "2018 – 2021"، ولازال أبناء شبوة يحملون التقدير والاحترام لهذين الرجلين لحسن الأداء. - حين داهم الحوثيون شبوة، كان الإصلاح جزء أصيلا من المقاومة الشعبية التي واجهت الحوثي وقدم مع إخوانه من جميع أبناء شبوة أعدادا كبيرة من الشهداء والجرحى ولا يزال الإصلاح يرى أن معركته هي مع مليشيا الحوثي حتى استعادة الدولة. - من يتابع الخطاب الرسمي للإصلاح في شبوة منذ تأسيسه إلى اليوم سيجد خطابا مسؤولا يسعى للجمع لا التفريق، والتعاون لا الصراع، وهو خطاب موثق لمن يبحث عن الحقيقة. الحضور الاجتماعي: - يدرك الإصلاح تركيبة المجتمع في محافظة شبوة ولهذا أولى هذا الجانب أهمية كبرى، إذ استوعب في صفوفه عددا من الشخصيات الاجتماعية التي لها حضور في المجتمع إضافة لإقامة علاقة متميزة مع المشايخ والوجهاء وكان له إسهامات في حلحلة الكثير من القضايا والنزاعات التي ابتليت بها شبوة. - لا يخفى على كل متابع أن للإصلاح دور كبير في نشر ثقافة التعاون والتكافل والإسهام في المبادرات الطوعية وتشجيع انتشار المؤسسات التي تعنى بحماية المجتمع ومحاربة الفقر والاهتمام بمختلف شرائح المجتمع خصوصا مع تردي الأوضاع الاقتصادية واتساع رقعة الفقر باعتبار ذلك مسؤولية جماعية لا يعفى منها قادر. - كان الإصلاح ولا يزال بجميع منتسبيه قريبا من الناس يشاركهم الآمهم وأفراحهم، موليا كل شرائح المجتمع الاهتمام اللائق وفي الطليعة الشباب الذين هم روح المجتمع وقوته ومنذ تأسيسه حرص على الاهتمام بهم تنشئة وتربية وتوعية ودعم كل المناشط التي تستوعب طاقاتهم. صناعة الوعي: أولى الإصلاح في محافظة شبوة مسألة صناعة وعي المجتمع أهمية قصوى باعتبارها تحديا كبيرا ولهذا سعى بالدرجة الأساسية لصياغة الوعي لدى منتسبيه، وعيا منطلقا من ثوابت المجتمع اليمني وقيمه مع مراعاة خصوصية المجتمع الشبواني وحث كل منتسب إليه أن يكون له دورا في بناء وعي المجتمع والتعاون في ذلك مع الجميع بما يحقق هذا الهدف وتحجيم مساحة الخلاف لتصبح في أضيق الحدود وتوسيع دائرة التعاون وحشد كل وسائل التوعية لإعلاء روح التسامح ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال. كما أولى الإصلاح المرأة اهتماما كبيرا باعتبارها ركنا أساسيا في المجتمع وسعى لتمكينها من القيام بدورها في المجتمع، إضافة إلى الاهتمام والرعاية لكل المؤسسات التي تعنى بتوعية المجتمع. وأخيرا، ما ذكر ليس إلا إشارات عابرة لمرحلة طويلة أصاب فيها الإصلاح وأخطأ مثله مثل غيره من الأحزاب السياسية، ولكنه بكل تأكيد يبقى مكونا أصيلا من مكونات المجتمع.