يأتي التحريض على القوات الأمنية في حضرموت، ممثلة بالنخبة الحضرمية، في توقيت لافت، بينما لم يجف حبر بيان وزارة الخارجية السعودية بعد، والذي دعت فيه صراحة إلى دعم الأمن والاستقرار وخفض التصعيد والتهدئة. الأخطر أن هذا التحريض لم يقتصر على أصوات هامشية، بل شارك فيه صحفيون ومنصات محسوبة على الإعلام السعودي، إلى جانب المغرر بهم من أبناء جلدتنا، وكتائب إعلامية يمنية، يتقدمها الحوثيون والإخوان ومن يدور في فلكهم، عبر شيطنة النخبة الحضرمية والترويج لجماعات متمردة يقودها المدعو سالم الغرابي، أحد أذرع علي سالم الحريزي المعروف بمواقفه المعادية للمملكة والتحالف، والمتواطئة مع مليشيات الحوثي.
وقد جاءت النتائج الدموية واضحة في الكمين الغادر الذي استهدف قوات النخبة الحضرمية، وأودى بحياة ثلاثة شهداء من خيرة رجال المناصب آل باوزير. لهم الرحمة، ولذويهم خالص العزاء، ولحضرموت والجنوب العربي كافة أصدق المواساة.
هذه ليست مسألة رأي إعلامي، ولا خلافًا مشروعًا في التقدير السياسي.
فوفق القوانين الدولية وميثاق الاتحاد الدولي للصحفيين والمعايير التحريرية المعتمدة في كبرى المؤسسات الإعلامية الدولية، يعد أي خطاب إعلامي يبرر العنف المسلح، أو يمنح شرعية لجماعات متمردة، أو يستهدف مؤسسات أمنية تضطلع بحماية المدنيين، شكلًا من أشكال التحريض، ويصنف بوصفه مشاركة غير مباشرة في العنف، حتى وإن قدم بلغة تحليلية أو تحت غطاء الرأي.
وانطلاقًا من هذا المعيار، فإن الاستهداف الإعلامي الممنهج للنخبة الحضرمية، في سياق تبرير أو تلميع جماعات متمردة، لا يمكن التعامل معه كاجتهاد مهني أو قراءة مختلفة، بل يمثل خرقًا صريحًا لمبادئ الصحافة المسؤولة، ومساهمة مباشرة في تقويض الأمن والاستقرار.
وتتضاعف خطورة هذا الخطاب في بيئة أمنية هشة، دفعت فيها النخبة الحضرمية ثمنًا باهظًا من الدماء، بسقوط عشرات الشهداء من منتسبيها في مواجهات مع الجماعات الإرهابية والخارجين عن القانون، أثناء أدائهم واجبهم في حماية المواطنين وصون الأمن والاستقرار في حضرموت.