ضمن فعاليات مهرجان الكويت المسرحي الثالث عشر، قدمت فرقة المسرح الاستعراضي مسرحية «على الطريق»، تأليف أحمد العوضي وإخراج خالد أمين، وبطولة أحلام حسن وعصام الكاظمي وعلي الششتري ومجموعة من الفنانين، عرضت المسرحية موضوع الأخلاق عبر مجموعة من الأخلاقيات التي تهم الإنسان وعلاقته بأخيه الإنسان، وكيف يكون لهذه الأخلاق تأثير في العلاقات الإنسانية، هذا باختصار قصة المسرحية، أما على الخشبة، فالأمر كان مختلفا. استعراضي غنائي يفترض بالمسرح أن يعكس الواقع الذي يعيشه الناس، ومأخوذة من حياتهم اليومية ليكون قريبا جدا منهم، أو يكون مسرحا استعراضيا غنائيا يقدم متعة غنائية أو فلكلورية، أو يكون قصة خيالية ذات إسقاطات معينة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها يصعب التحدث عنها بواقعية.. هذه هي مهمة المسرح الأساسية، أما عندما يكون العمل مزيجا بين أفكار مختلفة وطرق متعددة في الطرح، فهنا يصعب الحكم عليه، تصعب متابعته. أحرص دائما على متابعة الأعمال الفنية بسهولة ويسر، بعيدا عن التعقيدات واللا معقول، وهذا ما أوقعني، في متابعتي لمسرحية «على الطريق»، في صعوبة وحرج، بالرغم من متعة المشاهدة.. فالأزياء والديكور والألوان والحركة على الخشبة كانت مميزة وجميلة، ومتناغمة مع الحوار بصورة كبيرة، خاصة أن الحوار كان باللغة العربية الفصحى، ولكن ما لنا وللعصور الغابرة، ولماذا يحرص المسرحيون، وبالذات الأكاديميون، على تقديم أعمالهم في قوالب قديمة أكل عليها الدهر وشرب، وانتهت قصصهم وأزياؤهم وديكوراتهم؟ هروب من الواقع لا أعلم لماذا يهرب المسرحيون الأكاديميون من الواقع إلى تلك العصور الغابرة، وماذا يجدون فيها لا يتوافر في عصرنا الحالي؟ جلست على مقعدي في مسرح الدسمة وتابعت المسرحية التي حملتني من الواقع الذي أعيشه إلى عصر لا أنتمي إليه ولا أعرفه ولا أدري كيف كان أهله يعيشون، والمشكلة أن جميع الأعمال المسرحية الأكاديمية تقدم التراث القديم وتبتعد عن الواقع إلا بإسقاطاته. اعتمدت المسرحية على عنصرين في تقديم الفكرة، وهما اللغة المقعرة الفصحى والحركة الكثيرة في المشهد، ونجح المخرج خالد أمين في توظيف هذين العنصرين في إيصال فكرته إلى المشاهد، ولكن الفنانين بالغوا كثيرا في أدائهم، لاسيما أحلام حسن التي اعتمدت اعتمادا كبيرا على الصراخ والمبالغة في الأداء بصورة أفسدت الدور، واضطر بقية الممثلين إلى مجاراتها في هذا الأداء، فصار الأداء الجماعي في العمل مبالغا فيه. غياب التماسك المسرحية لوحات موزعة طوال فترة العرض، وليس نصا مسرحيا متماسك الأحداث، ومتتالي القصة، ولم يكن هناك رابطا منطقيا بين التمثيل والرقصات الغنائية التي كانت مهمة جدا في النص وروح العمل، فالأداء الصوفي في النص كان جزءا مهما إن لم يكن روح المسرحية، ولكن لم يظهر له التأثير المنطقي الذي يخدم الفكرة الرئيسية، ولم يقدم المخرج ولا الكاتب لا حركية ولا حدثية بين هذه الرقصات وموضوع المشهد، سواء السابق أو اللاحق، فغدت المسرحية لوحات متناثرة في الأخلاق، وليس نصا مسرحيا.