رئيس مجلس القيادة يغادر عدن ومعه اثنين من الأعضاء    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    «البلسم»تختتم حملتها الطبية في اليمن وتنجح في إجراء 251 عملية قلب مفتوح وقسطرة تداخلية للكبار والأطفال    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    وصول شحنة وقود لكهرباء عدن.. وتقليص ساعات الانطفاء    الرئيس الزُبيدي يقرر إعادة تشكيل تنفيذية انتقالي شبوة    الدور الخبيث والحقير الذي يقوم به رشاد العليمي ضد الجنوب    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    عار على الجنوب وقيادته ما يمارسه الوغد رشاد كلفوت العليمي    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    عدن تنتفض ضد انقطاع الكهرباء... وموتى الحر يزدادون    "امتحانات تحت سيف الحرمان": أهالي المخا يطالبون بتوفير الكهرباء لطلابهم    "جريمة إلكترونية تهزّ صنعاء:"الحوثيون يسرقون هوية صحفي يمني بمساعدة شركة اتصالات!"    "الحوثيون يزرعون الجوع في اليمن: اتهامات من الوية العمالقة "    صراع على الحياة: النائب احمد حاشد يواجه الحوثيين في معركة من أجل الحرية    شاهد:الحوثيون يرقصون على أنقاض دمت: جريمةٌ لا تُغتفر    البريمييرليغ: السيتي يستعيد الصدارة من ارسنال    زلزال كروي: مبابي يعتزم الانتقال للدوري السعودي!    الوكيل مفتاح يتفقد نقطة الفلج ويؤكد أن كل الطرق من جانب مارب مفتوحة    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزي في وفاة الشخصية الوطنية والقيادية محسن هائل السلامي    مانشستر يونايتد الإنجليزي يعلن رحيل لاعبه الفرنسي رافاييل فاران    ارتفاع طفيف لمعدل البطالة في بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري    الذهب يرتفع قبل بيانات التضخم الأمريكية    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    المنامة تحتضن قمة عربية    أمين عام الإصلاح يبحث مع سفير الصين جهود إحلال السلام ودعم الحكومة    كريستيانو رونالدو يسعى لتمديد عقده مع النصر السعودي    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    بريطانيا تؤكد دخول مئات السفن إلى موانئ الحوثيين دون تفتيش أممي خلال الأشهر الماضية مميز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    مجازر دموية لا تتوقف وحصيلة شهداء قطاع غزة تتجاوز ال35 ألفا    الولايات المتحدة: هناك أدلة كثيرة على أن إيران توفر أسلحة متقدمة للمليشيات الحوثية    اليمن تسعى للاكتفاء الذاتي من الألبان    بن عيدان يمنع تدمير أنبوب نفط شبوة وخصخصة قطاع s4 النفطي    وصمة عار في جبين كل مسئول.. اخراج المرضى من أسرتهم إلى ساحات مستشفى الصداقة    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    برشلونة يرقص على أنغام سوسيداد ويستعيد وصافة الليغا!    لاعب منتخب الشباب السابق الدبعي يؤكد تكريم نجوم الرياضة وأجب وأستحقاق وليس هبه !    ليفربول يسقط في فخ التعادل امام استون فيلا    إنجاز يمني تاريخي لطفلة يمنية    ما معنى الانفصال:    جريمة قتل تهز عدن: قوات الأمن تحاصر منزل المتهم    البوم    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    فريق مركز الملك سلمان للإغاثة يتفقد سير العمل في بناء 50 وحدة سكنية بمديرية المسيلة    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    هل تعاني من الهم والكرب؟ إليك مفتاح الفرج في صلاةٍ مُهملة بالليل!    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    وزير المياه والبيئة يزور محمية خور عميرة بمحافظة لحج مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد بن زايد: بتوجيهات خليفة ملتزمونبدعم إيصال اللقاحات إلى أطفال العالم
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 08 - 2012

أكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات للمسلحة، أن القمة العالمية للقاحات تجمع تاريخي للقادة العالميين والمبتكرين الذين يمكن لتعاونهم أن يحقق أثراً إيجابياً مهماً من أجل ضمان مجتمع عالمي صحي، وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فإننا ملتزمون التزاماً دائماً بدعم إيصال اللقاحات المنقذة للحياة إلى الأطفال حول العالم .
وتشهد إمارة أبوظبي اليوم اجتماع ما يزيد على 300 من زعماء العالم، وخبراء الصحة والتنمية، والملقحين، والمشاهير، والمساهمين في الأعمال الخيرية ورواد الأعمال في أول قمة عالمية للقاحات، لتأييد الدور المهم الذي تؤديه اللقاحات والتحصين في توفير بداية صحية لحياة الأطفال، وبالرغم من هذا التقدم الهائل، لا يزال يموت طفل كل 20 ثانية بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الالتهاب الرئوي، وفيروس الروتا، والحصبة ومرض الالتهاب السحائي .
تُعقد هذه القمة، التي تركز على فاعلية اللقاحات، خلال الأسبوع العالمي للتحصين من 24 إلى 30 إبريل/نيسان الجاري لمواصلة مسعى مبادرة "عقد من اللقاحات" التي تعكس الرؤية والالتزام بإيصال اللقاحات إلى كل من يحتاجها . ويُعد القضاء على مرض شلل الأطفال هدفاً بالغ الأهمية في هذه الرؤية .
ومن المقرر أن يلقي بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل ومليندا غيتس، خطاباً رئيساً للاحتفاء بهذا التقدم وتكريم كل من الأفراد والمجتمعات المحلية، والشركاء والشعوب التي أسهمت في جعل هذا النجاح أمراً ممكناً، ويتم بث هذا الخطاب بشكل مباشر عبر الموقع الإلكتروني
www.globalvaccinesummit.org
.
وقال بيل غيتس: تعمل اللقاحات على إنقاذ الأرواح وحماية الأطفال طوال حياتهم . بإمكاننا حماية مكتسباتنا ضد مرض شلل الأطفال وإمداد الأمهات والأطفال بالخدمات الصحية الأخرى من خلال الاستثمار في أنظمة تحصين أكثر فاعلية .
وتجتمع دول العالم على إبداء تأييدها لخطة العمل العالمية الخاصة باللقاحات التي تمت المصادقة عليها من قبل نحو 200 دولة في شهر مايو/أيار الماضي، لتطوير لقاحات أفضل وأقل تكلفة وتوصيلها عبر أنظمة تحصين روتينية أكثر فاعلية . إذا نجحنا في تحقيق ذلك، فسنتمكن من إنقاذ حياة ما يزيد على 20 مليون شخص والوقاية مما يناهز مليار حالة مرضية بحلول عام ،2020 ومن شأن ذلك أن يسهم في توفير نحو 12 مليار دولار من نفقات العلاج، كما من شأنه أن يحقق مكاسب اقتصادية تصل إلى أكثر من 800 مليار دولار، حيث سيتمكن الأطفال الذين تم تلقيحهم من التمتع بصحة جيدة وحياة أطول وأكثر إنتاجية .
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: يُعد التحصين أحد الطرق الأقل تكلفة للوقاية من الأمراض والحفاظ على حياة الأطفال . ويبرهن النجاح العالمي الذي تم تحقيقه حتى الآن في مكافحة مرض شلل الأطفال مدى التقدم الذي يمكننا الوصول إليه، ولقد حققنا تقدمنا العظيم هذا بفضل التحالف الدولي بين الشركاء، ولدينا الفرصة اليوم للقضاء على مرض شلل الأطفال إلى الأبد .
تجدر الإشارة إلى أن القمة العالمية للقاحات تُعقد بالشراكة مع كل من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبان كي مون، وبيل غيتس .
ومن المقرر خلال القمة أن يناقش الحضور من وزراء صحة، وعاملين ميدانيين في مجال الرعاية الصحية، ومنظمات دولية غير حكومية وجهات مانحة، الطريقة التي يستطيع من خلالها المجتمع العالمي ضمان وصول اللقاحات إلى الأطفال في أي مكان، وآلية خريطة الطريق المقررة لاستئصال مرض شلل الأطفال، والفرص التي توفرها اللقاحات الجديدة والسبل المبتكرة لتوصيلها .
ويشار إلى أن الشركاء المنظمين للقمة العالمية للقاحات هم: منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، ومنظمة الصحة العالمية، والمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (GAVI) ومؤسسة بيل ومليندا غيتس .
* * *
إذا عانى الأطفال تدفع البلاد الثمن من مستقبلها
يتعين على كل دولة أن تقارن بين ظروف شبابها وتلك الواردة في تقرير اليونيسيف، وأن تستفيد من النتائج للمساعدة على توجيه الاستثمار الموسع في رفاهة أطفالها
جيفري د . ساكس*
إن الأطفال هم المورد الأكثر حيوية وأهمية بالنسبة لأي بلد . وهذا لا يصدق على المستوى الأخلاقي فحسب، بل وأيضاً على المستوى الاقتصادي . فالاستثمار في صحة وتعليم وتنمية مهارات الأطفال يعود على أي دولة بأعلى العائدات الاقتصادية . وتكشف دراسة حديثة أجرتها منظمة اليونيسيف (صندوق الأمم المتحدة للطفولة) عن الدول ذات الدخل المرتفع التي كان أداؤها طيباً في ما يتعلق بتنفيذ مثل هذه الاستثمارات وأيها كان أداؤها رديئاً .
يلقي التقرير الصادر بعنوان رفاهة الأطفال في الدول الغنية نظرة شاملة على الظروف التي يعيشها الأطفال في الويلات المتحدة وكندا وأوروبا 29 دولة في الإجمال . وجاءت الدول التي تتبنى الديمقراطية الاجتماعية في أوروبا الغربية الأعلى ترتيباً على القائمة . وتصدرت هولندا القائمة، وتلتها النرويج، وأيسلندا، وفنلندا، والسويد، وألمانيا .
وعند مؤخرة القائمة نجد مفاجأة كبرى: فقد احتلت الولايات المتحدة، الدولة صاحبة أضخم اقتصاد على مستوى العالم، المرتبة السادسة والعشرين، وتلتها ثلاث دول أكثر فقراً: ليتوانيا، ولاتفيا، وفرنسا . أما ترتيب فرنسا والمملكة المتحدة فكان في منتصف القائمة .
تقيم الدراسة رفاهة الأطفال من حيث الظروف المادية (المرتبطة بمستويات دخل الأسر)؛ والصحة والسلامة؛ والتعليم؛ والسلوك الخطر (مثل الإفراط في تناول الكحول)؛ والبيئة المادية، بما في ذلك ظروف السكن . ورغم أن الدراسة تقتصر على البلدان ذات الدخل المرتفع، فإن الحكومات الوطنية بل وحتى المدن في أجزاء أخرى من العالم لابد أن تحاكي هذه الدراسة من أجل تحليل رفاهة الأطفال لديها .
الواقع أن الفجوات بين دول شمال أوروبا والولايات المتحدة هي الأكثر كشفاً للحقائق . فدول شمال أوروبا عموماً تقدم دعماً نقدياً للأسر من أجل ضمان تنشئة أطفالها في ظروف لائقة، كما تطبق برامج اجتماعية طموحة لتوفير رعاية نهارية عالية الجودة، فضلاً عن التعليم ما قبل المدرسة والابتدائي والثانوي . وعلاوة على ذلك، تغطي أنظمة الرعاية الصحية الفاعلة كل الأطفال .
أما الولايات المتحدة، بإيديولوجيتها الفردية القائمة على حرية السوق، فإنها مختلفة تمام الاختلاف . فالدعم النقدي المقدم للأسر ضئيل، ومن المفترض أن توفر البرامج الحكومية شبكة الأمان الاجتماعي، غير أن الساسة لا يبالون في واقع الأمر برفاهة الفقراء، لأن الناخبين الفقراء يقبلون بأعداد أقل على صناديق الاقتراع ولا يمولون الحملات الانتخابية الباهظة التكاليف في أمريكا . والواقع أن الدلائل تشير بقوة إلى أن الساسة الأمريكيين يميلون إلى الإصغاء والاستجابة لناخبيهم الأكثر ثراءً فقط . وبالتالي فإن شبكة الأمان المزعومة تعاني بشدة، كما يعاني فقراء أمريكا .
وتتجلى الفوارق بين الديمقراطيات الاجتماعية والولايات المتحدة بقوة في فئة تلو الأخرى . ففي الديمقراطيات الاجتماعية، ينشأ أقل من 10% من الأطفال في فقر نسبي (في الأسر التي يقل دخلها عن نصف متوسط الدخل في البلاد) . أما في الولايات المتحدة فإن معدل الفقر النسبي يتجاوز 20% .
ويعاني الأطفال الأمريكيون بدرجة أكبر كثيراً انخفاض الوزن عند الولادة (وهي إشارة خطر رئيسية في ما يتصل بحياة الأطفال في المستقبل)؛ ثم زيادة الوزن في سن 11 و13 و15 عاما؛ ومعدلات خصوبة مرتفعة للغاية بين المراهقات . فهناك نحو 35 ولادة لكل 1000 فتاة بين سن خمسة عشر وتسعة عشر عاما، مقارنة بأقل من 10 لكل ألف في دول شمال أوروبا .
وعلى نحو مماثل، يواجه أطفال الولايات المتحدة قدراً أكبر من العنف في المجتمع مقارنة بالأطفال في دول أخرى مرتفعة الدخل . وقد لا يكون هذا مستغرباً، ولكنه مزعج إلى حد عميق، لأن تعرض الأطفال للعنف يُعَد تهديداً رئيسياً لتطورهم البدني، والعاطفي، والإدراكي . ففي الولايات المتحدة تكاد معدلات جرائم القتل تعادل خمسة أمثال نظيراتها في شمال أوروبا .
كان أحد الجوانب الشيقة في دراسة اليونيسيف استخدامها لما يسمى الآن "الرفاهة الشخصية" . وهذا يعني سؤال الشخص بشكل مباشر عن رضاه عن حياته . وفي مختلف أنحاء العالم، هناك العديد من الدراسات التي تتناول الرفاهة الشخصية للبالغين . ولكني لا علم لي بأي بحث مشابه حيث يوجه السؤال إلى الأطفال بشكل مباشر عن شعورهم بالرفاهة وهو سؤال بالغ البراعة حقا .
وهنا، تشير الأدلة إلى أن أطفال شمال أوروبا عموماً يقدرون المزايا الملحوظة التي يتمتعون بها . فقد طُلِب من الأطفال أن يعطي كل منهم درجة لرضاه عن حياته على مقياس من 11 درجة . وفي هولندا، حدد 95% من الأطفال ست درجات أو أعلى . وفي الولايات المتحدة، كانت النسبة أقل كثيرا، عند 84% . وترتبط هذه التصنيفات الشخصية أيضاً بشكل كبير بنوعية تفاعل الأطفال وفقاً لتصريحاتهم مع أقرانهم وآبائهم . ويرى 80% من الأطفال في هولندا أن زملاءهم في المدرسة "عطوفون ونافعون"، مقارنة بنحو 56% فقط من الأطفال الأمريكيين .
إن التكاليف المترتبة على تغاضي الولايات المتحدة عن نشوء هذا العدد الكبير من الأطفال في فقر، وصحة سيئة، وتعليم رديء، وسكن غير ملائم مذهلة . فهناك نسبة مروعة من الأطفال تنتهي بهم الحال إلى دخول السجن لبعض الوقت وخاصة في حالة الأطفال الفقراء من غير ذوي البشرة البيضاء . وحتى أولئك الأوفر حظاً إلى حد عدم الانزلاق إلى فخ نظام السجون الشاسع في أميركا تنتهي بهم الحال إلى البطالة، لأنهم محرومون من المهارات المطلوبة للحصول على وظيفة لائقة أو الاحتفاظ بها .
ويرجع تعامي الأمريكيين عن هذه الأخطاء المأسوية جزئياً إلى تاريخ طويل من الثقافة العنصرية، فضلاً عن الإيمان في غير محله بما يسمى "الفردانية الخشنة" . على سبيل المثال، عارضت بعض الأسر البيضاء التمويل العام للتعليم، لأنها كانت تعتقد أن أموال الضرائب توظف بشكل غير متناسب لمساعدة الطلاب الفقراء من غير ذوي البشرة البيضاء .
ولكن النتيجة هي أن الخسارة نالت الجميع . فالمدارس أقل من جيدة؛ وتظل معدلات الفقر مرتفعة؛ وتفرض معدلات البطالة والجريمة المرتفعة الناجمة عن هذا تكاليف مالية واجتماعية ضخمة على المجتمع الأمريكي .
إن النتائج التي توصلت إليها دراسة اليونيسيف بالغة القوة . فارتفاع الدخول الوطنية لا يكفي لضمان رفاهة الأطفال . والمجتمعات التي تلتزم بقوة بمبدأ تكافؤ الفرص لجميع أطفالها والتي لا تتوانى في استثمار الأموال العامة لصالح الأطفال تنتهي بها الحال إلى نتائج أفضل كثيراً .
ويتعين على كل دولة أن تقارن بين ظروف شبابها وتلك الواردة في تقرير اليونيسيف، وأن تستفيد من النتائج للمساعدة على توجيه الاستثمار الموسع في رفاهة أطفالها . والواقع أن لا شيء قد يكون أكثر من هذا أهمية بالنسبة لصحة أي مجتمع وازدهاره في المستقبل .
* جيفري د . ساكس أستاذ التنمية المستدامة، وأستاذ السياسة الصحية والإدارة، ومدير معهد الأرض في جامعة كولومبيا، والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالأهداف الإنمائية للألفية . والنشر بترتيب خاص مع بروجيكت سنديكيت، 2013 .
* * *
القيمة الكاملة للقاحات الأطفال
سيث بيركلي*
إن كنت تريد أن تعرف قيمة اللقاحات، فما عليك إلا أن تمضي بعض الوقت بمستوصف في إفريقيا، وسوف تنبئك وجوه الأمهات والآباء بكل شيء: فاللقاحات تمنع المرض وتنقذ الأرواح .
ولكن لعل ما لا يدركه هؤلاء الآباء هو أن القصة لا تنتهي عند هذا الحد . عندما يخرجون من المستوصف ويتوجهون إلى بيوتهم، فإنهم بهذا قد أخذوا بالفعل خطوات لتحسين صحة أطفالهم، ولكنهم بهذا حسنوا أيضاً الآفاق التعليمية ومستقبلهم في الأمد البعيد . فضلاً عن ذلك، فإنهم بهذا يساعدون أنفسهم في تحسين حياتهم شخصياً وتعزيز الآفاق الاقتصادية لمجتمعهم بالكامل .
والأسباب بسيطة . فنحن نعلم الأطفال الذين يتمتعون بحظ أوفر من الصحة لا يحتاجون إلى علاج أو رعاية طبية، بما ينطوي عليه هذا من تكاليف في الوقت والمال . ومن هنا فإن الأطفال بتجنب المرض تصبح فرصتهم أعظم في النمو إلى أطفال أصحاء قادرين على الذهاب إلى المدرسة والتحول إلى أفراد أكثر إنتاجاً في المجتمع .
ومن ناحية أخرى، فإن الآباء يصبح بوسعهم الخروج إلى أعمالهم بدلاً من الجلوس لرعاية طفل مريض، فتزيد بذلك قدرتهم على الكسب . لذا، فإنهم بدلاً من إنفاق المال على الفواتير الطبية، يعززون من دخولهم وقدرتهم على الإنفاق، وهذان الأمران يساعدان الاقتصاد على النمو .
كل هذا بديهي، وهناك مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية لدعمه . فقد تبين على سبيل المثال أن الأطفال الذين تم تطعيمهم لا يكون أداؤهم أفضل في المدرسة فحسب، بل إنهم يستفيدون أيضاً من حيث التطور الإدراكي والمعرفي من خلال اتقاء الأضرار التي قد تحدثها الأمراض المعدية وما يترتب عليها من اختلالات غذائية .
وعلى نحو مماثل، تبين أن التطعيم يؤدي إلى مكاسب في الأجور بين السكان، في حين يرتبط التحسن في معدلات بقاء الأطفال مع انخفاض معدلات الخصوبة . ومن حيث المكاسب الأوسع نطاقاً، فقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن التحسن في متوسط العمر المتوقع بنحو خمسة أعوام من الممكن أن يترجم إلى زيادة بنحو 0،5 نقطة مئوية في النمو السنوي لنصيب الفرد في الدخل الوطني .
وكل هذا يعني أن قياس فعالية اللقاحات من حيث قدرتها على "إنقاذ الأرواح" فحسب ربما يمثل استخفافاً خطيراً بالمدى الكامل للفوائد التي قد تترتب عليها . فمن حيث الجدوى من التدخلات الصحية، تعتبر اللقاحات بالفعل واحدة من أنجع السياسات العامة .
ووفقاً لتقديرات التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتحصين فإن الجهد المبذول لتوسيع تغطية اللقاحات في الدول النامية لابد أن يدر عائداً بنسبة 18% على هذا الاستثمار بحلول عام ،2020 ولكن الآن، ومع توافر المزيد من الأدلة، فالأرجح أن حتى هذا قد لا يوفي اللقاحات حقها الكامل في تقدير قيمتها .
ونظراً للتقدم الذي تم إحرازه في توسيع برامج التطعيم في الأعوام الأخيرة، فإن هذا الكشف يمثل فرصة فريدة للمجتمع العالمي، وخاصة مع اقترابنا من القضاء على شلل الأطفال تماماً . ومع توطن مرض شلل الأطفال في ثلاث دول فقط الآن، فقد بدأنا بالفعل في استخدام الزخم الذي حمل جهود استئصال هذا المرض حتى الآن لتوسيع مجال التطعيم الروتيني للوصول إلى المزيد من أشد الأطفال فقراً . والآن بات من الممكن أن تعمل نفس الأنظمة الصحية وخدمات التطعيم القوية كمنصة للمساعدة في مكافحة الفقر أيضاً .
ولكن مع إشارة التقديرات الحالية إلى إمكانية توفير تغطية التطعيم بشكل كامل بأحد عشر لقاحاً أوصت بها منظمة الصحة العالمية لنصف أطفال العالم فقط بحلول عام ،2030 فمن الواضح أن الطريق لا يزال أمامنا طويلاً . ومن جانبنا، فإننا نسعى إلى تغيير هذا الوضع .
منذ تأسس التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتحسين في عام ،2000 ساعد بالفعل في تحصين أكثر من 370 مليون طفل من مجموعة من الأمراض القاتلة . ونتيجة لهذا فقد نجحنا بالفعل في منع 5،5 مليون وفاة، ونحن نسعى إلى تحصين 245 مليون طفل آخرين وإنقاذ خمسة ملايين حياة أخرى بحلول عام 2015 .
ومن ناحية أخرى، فنحن نعلم الآن أن قيمة اللقاحات تمتد إلى ما هو أبعد من عدد الأرواح التي يتم إنقاذها . إن الاستثمار في اللقاحات لا يتعلق بالمدخرات في الأمد القريب، سواء من حيث الأرواح أو التكاليف الاقتصادية؛ بل إن الأمر يدور حول تزويد الأطفال بالحماية مدى الحياة والقدرة على تحقيق كامل إمكاناتهم . لذا، ففي حين يشكل خفض عدد الوفيات سبباً كافياً بالفعل للرغبة في تحصين كل طفل على كوكب الأرض، فإننا الآن لدينا الدافع الإضافي المتمثل في أننا لا نعمل على إنقاذ الأرواح فحسب، بل ونساعد أيضاً في تحسين حياة كثيرين آخرين في إطار هذه العملية .
. الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتحصين،
. والنشر بترتيب خاص مع "بروجيكت سنديكيت"، 2013
* * *
التطعيم في الخطوط الأمامية
مارغاريدا ماتسينهي*
إن معظم الأخبار التي ترد من موزمبيق هي أخبار سيئة فهناك أخبار الفقر والمرض والصراع والفيضانات ولكن هناك الكثير من الأشياء الجيدة التي تحصل في بلدي أيضاً .
لقد أصبحت موزمبيق في العقدين الماضيين ديمقراطيه فاعلة فلقد تمكنت من تحقيق نمو في قطاعها الزراعي وزادت مستويات التعليم كما تحسن توفير المياه والكهرباء للمناطق الريفية، وتمكنت موزمبيق كذلك من تخفيض نسبة وفيات الأطفال بشكل دراماتيكي أي من 219 لكل ألف ولادة في سنة 1990 أي قبل سنتين من انتهاء الحرب الأهلية إلى 135 لكل ألف ولادة سنة 2010 . أنا أشعر بالفخر على وجه الخصوص بهذا الإنجاز الأخير لأنني عملت بالشراكة مع أبناء وطني الموزمبيقيين من أجل توسعة تغطية التطعيم حيث أعتقد أنني لعبت دوراً في تحقيق هذه النتيجة .
لقد ترعرعت في موزمبيق عندما كانت البلاد تحت الحكم البرتغالي علماً أن انعدام المساواة في مجتمعنا الاستعماري شكل وجهة نظري بأن جميع الناس لديهم الحق بالحصول على الرعاية الصحية . أتذكر أني عملت في قسم طب الأطفال كمراهقة حيث كنت أشاهد الأطفال يموتون من أمراض مثل شلل الأطفال والحصبة والكزاز وهي أمراض كان يمكن تجنبها بسهولة عن طريق اللقاحات . إن تأثير هذه التجربة جعلني أقضي الأربعين سنة التي تلت تلك الفترة بالعمل من أجل التحقق من أن كل طفلة في موزبيق بغض النظر عن أصولها العرقية أو أين تسكن، يجب أن تحصل على اللقاحات التي تحتاج إليها من أجل مساعدتها على أن تعيش حياة طويلة وصحية .
سوف يجتمع في أبوظبي اليوم300 من قادة العالم لحضور أول قمة لقاحات على مستوى العالم وهو تجمع مخصص للتحقق من أن جميع الأطفال في كل أنحاء العالم بإمكانهم الحصول على اللقاحات . هناك أشخاص مثل بيل جيتس وكوفي أنان سوف يطرحون تصور أن برامج التطعيم تستحق التمويل الكافي والدعم السياسي .
أنا ليس لدي جمهور مثل بيل جيتس أو كوفي أنان ولكني أريد أن أضم صوتي إلى صوتيهما . إن الملايين من العاملين في المجال الصحي مثلي أنا، ومثل زملائي قد جعلوا من التطعيم عملهم اليومي . لقد حققنا تقدماً كبيراً في ما يتعلق بتقديم المزيد من اللقاحات للمزيد من الأطفال ولهذا السبب فإن نسبة الوفيات بين الأطفال هي أقل من أي وقت مضى، ولكن بإمكاننا أن ننقذ المزيد من الأطفال ونحن نحتاج للمساعدة من أجل أداء عملنا على الأرض .
إن اللقاحات لا قيمة لها لو رفض الآباء أن نقدمها لأطفالهم وجزء كبير من عملي هو التعاون مع العاملين في القطاع الصحي وقادة المجتمع ومعلمي المدارس والسياسيين المحليين من أجل تثقيف الآباء فيما يتعلق باللقاحات ولكن الحصول على دعم المجتمع ليس كافياً فمن الضروري أيضاً أن نتحقق من أن اللقاحات تصل إلى المكان المناسب في الوقت المناسب وبظروف مناسبة .
على سبيل المثال ومن أجل تجنب حصول نقص قامت فيلج ريتش وهي منظمة أعمل لديها بالمساعدة على تصحيح أرقام السكان التي كان يتم استخدامها من أجل توقع عدد اللقاحات التي يحتاج إليها كل مركز صحي، كما قامت فيليج ريتش بإنشاء شركة وفر غاز البروبان إلى المراكز الصحية في شمال موزمبيق والتي مثل غيرها من الأماكن في المناطق الريفية في البلاد لا يمكن التعويل فيها على الكهرباء أو أن الكهرباء غير متوفره بالمرة من أجل تشغيل الثلاجات التي تحفظ اللقاحات باردة . إن استخدام البروبان يعني انه بإمكاننا أن نتحقق من أن اللقاحات لن تفسد خلال الرحلة من الجهة المصنعة إلى الأم والطفل ومرة بالشهر نتحقق من أن العاملين بميدان الرعاية الصحية يوفرون اللقاحات وغيرها من الخدمات الصحية "الميل الأخير" إلى الأمهات والأطفال في الأماكن الريفية النائية .
أخيراً، لقد تعلمت إن حفظ السجلات وقياس النتائج بشكل دقيق هو أمر حيوي من أجل الوصول للمزيد من الأطفال ولهذا السبب نقوم بتقييم وسائل مختلفة من أجل جمع المعلومات على الأرض بما في ذلك استخدام تطبيقات الهاتف النقال وذلك من أجل جعل السجلات الورقية رقمية .
إن بناء أنظمة التطعيم الروتينية هذه قد ساعدنا فعلاً في القضاء على أمراض مثل شلل الأطفال وجميع أنواع الحصبة باستثناء نوع واحد وفي وقت سابق استخدمناها من أجل تطعيم الأطفال ضد الالتهاب الرئوي للمرة الأولى في تاريخ موزمبيق ونحن نأمل أنه في السنة المقبلة سوف نبدأ بالتعامل مع فيروس الروتا وهو فيروس يتسبب في الإسهال وهو القاتل رقم واحد للأطفال تحت سن الخامسة . إن هدفنا بعيد المدى هو تقوية الأنظمة بشكل كافٍ من أجل الوصول إلى جميع الأطفال في موزمبيق وتقديم اللقاحات الأساسية وغيرها من أشكال الرعاية الصحية لهم .
أنا أعتقد ان بإمكاننا تحقيق هذا الهدف لأنني قد شهدت مدى النجاح الذي حققناه بالرغم من الصعاب . فإن هناك تحديات كبيرة أمامنا ولكني على ثقة إنه بدعم المجتمع الدولي فإنه بإمكاني أن أترك لأطفالي ومجتمعي مجتمعاً مزدهراً يتمتع كل شخص فيه بفرصة الإزدهار .
* "مسؤولة ميدانية مع مؤسسة فيلج ريتش"، والنشر بترتيب خاص مع بروجيكت سنديكت 2013
* * *
باكستان تستطيع كسب الحرب ضد شلل الأطفال
سونيا قريشي *
كانت نشأتي في باكستان أثناء ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، وكان والداي، مثلهما في ذلك كمثل كل الآباء، يريدان لي أن أكون في أتم صحة وأن أحظى بأفضل بداية لحياتي . وكنت محظوظة بالقدر الكافي لكي أنشأ في أسرة من الطبقة المتوسطة وأحظى بمرافق جيدة للصرف الصحي وأتمتع بمياه نظيفة نقية . كما حصلت أيضاً على اللقاحات اللازمة لمنع إصابتي بأي شكل من أشكال العدوى المهددة للحياة مثل شلل الأطفال والحصبة .
ولكني ما زلت أتذكر أطفالاً كثر في جيرتي لم يتم تطعيمهم . ولقد أسهمت هذه التجارب المبكرة مع أطفال كنت أعرفهم وأصابتهم عدوى المرض وخاصة فيروس شلل الأطفال الذي يخلف إعاقة واضحة، في تشكيل آرائي في ما يتصل بالقيمة الهائلة الكامنة في التمتع بصحة جيدة وقوة اللقاحات .
أنا أعيش في لندن الآن، ولكن جذوري سوف تظل دوماً في باكستان . وبوصفي رئيسة لمؤسسة باكستان البريطانية، فإنا أساعد أهل الخير من الجالية الباكستانية في الاستثمار في مشاريع التنمية الاجتماعية المستدامة والفاعلة . وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، كنت في زيارة لمسقط رأسي في لاهور، ثاني أكبر مدينة في البلاد، لمناقشة كل شيء من الانتخابات المقبلة إلى التحديات التي تواجه الناس في حياتهم اليومية . وفي الأسبوع الماضي قمت بزيارة دار للأيتام التي تقع في ضواحي المدينة، والتي أنشئت بعد زلزال عام 2005 الذي أودى بحياة نحو 75 ألف إنسان . والواقع أنني شعرت بالإعجاب إزاء ما رأيت هناك، وما شجعني أن نحو 80% من الأطفال البالغ عددهم 85 طفلاً في الدار حصلوا على التطعيمات كاملة .
وتدعم الإحصاءات الوطنية للتحصين العلامات الإيجابية التي رأيتها . ففي عام ،1994 كان في باكستان ما يقرب من 25 ألف حالة إصابة بشلل الأطفال، وكثير من هذه الإصابات كان يفضي إلى الموت أو الإعاقة الدائمة . ولكن بفضل حملات التطعيم المكثفة، انخفض العدد إلى 58 حالة شلل أطفال فقط في البلاد بالكامل العام الماضي انخفض عدد الحالات بنسبة 70% عن عام 2011 . وقد اتفقت الحكومة والمسؤولون عن الصحة الدولية على خطة لمنع انتقال عدوى شلل الأطفال في باكستان تماماً بحلول نهاية عام 2014 وهو إنجاز تاريخي ومصدر حقيقي للفخر الوطني .
وكان المحرك الرئيس لهذا الانخفاض الهائل في عدد حالات شلل الأطفال في باكستان على مدى العقدين الماضيين الزعامة الحقيقية على كل المستويات . ففي عام ،1994 أطلقت رئيسة الوزراء بينظير بوتو أول حملة تطعيم وطنية بتطعيم ابنتها الرضيعة آصفة . وبعد تسعة عشر عاما، أصبحت آصفة سفيرة النوايا الحسنة الباكستانية لجهود استئصال شلل الأطفال ومدافعة قوية عن استكمال حلم والدتها بتحويل باكستان إلى بلد خال من شلل الأطفال . وتعمل الشراكات الدولية بين القطاعين العام والخاص، فضلاً عن جيش من العاملين في حملات التطعيم، على الخطوط الأمامية لحماية كل طفل . ونحن كمجموعة نساعد الأطفال والمجتمعات المحلية التي كان الوصول إليها يُعَد مستحيلاً ذات يوم .
ومع التقدم الأخير على جبهة شلل الأطفال، أصبح لدى باكستان الآن برنامج عمل لتدخلات الصحة العامة في المستقبل . والواقع أننا بدأنا نرى إطار العمل الجديد يتبلور بالفعل . على سبيل المثال، الآن يتم تسليم نقاط فيتامين (أ) الذي يزود الأطفال الرضع بأحد المغذيات الدقيقة الأساسية للرؤية والنمو الصحي مرتين سنوياً بالتزامن مع لقاحات شلل الأطفال . وعلاوة على ذلك، أصبحت باكستان في العام الماضي أول دولة في المنطقة تقدم أحدث اللقاحات لحماية الأطفال من الالتهاب الرئوي . ولأن الالتهاب الرئوي مسؤول عن 20% من الوفيات بين الأطفال في باكستان كل عام، فمن المؤكد أن الوصول إلى اللقاح على نطاق واسع من شأنه أن يخلف تأثيراً إيجابياً كبيراً .
ولكن تظل التحديات الكبرى قائمة . فوفقاً لمنظمة اليونيسيف (صندوق الأمم المتحدة للطفولة)، فإن باكستان لديها ثاني أعلى معدل للوفيات بين الأطفال في جنوب آسيا . والآن تدور مناقشة مهمة في بلادنا حول أفضل السبل لإعادة تنظيم نظام الرعاية الصحية بحيث يصبح مسؤولاً عن خدمة المجتمعات الأكثر فقراً وتهميشا . ولقد اتضح حجم التحدي الذي نواجهه في بداية هذا العام، عندما قتل وباء الحصبة أكثر من 300 طفل في باكستان أغلبهم لم يتلق اللقاحات . وهذا الشهر فقط، بلغنا الخبر المفجع عن مقتل أحد الحرس المرافقين للعاملين الصحيين أثناء حملة تطعيم .
ولكن هذا لن يردعنا . إن من يروجون للعنف أقلية في باكستان، ولن نسمح لهم بمنعنا من تحسين حياة شعبنا . ومع قدوم الانتخابات المقبلة، فإنه لدينا فرصة قيمة لتأكيد التزامنا باللقاحات من خلال تعزيز ودعم الزعامات الوطنية في ما يتصل بالصحة وزيادة الاستثمار في أنظمة الرعاية الصحية . وكما سمعت من الأوصياء في دار الأيتام، فإن تثقيف المجتمعات بشأن قيمة اللقاحات وحشد دعم الناس لها يشكل أهمية بالغة حتى يتسنى لنا الوصول إلى كل طفل .
كان التعاون الذي وجدناه من حركة الجالية الباكستانية والجهات المانحة الدولية مثل البنك الإسلامي للتنمية (الذي وقع في مارس/آذار على تمويل حزمة بقيمة 227 مليون دولار أمريكي لمكافحة شلل الأطفال في باكستان)، فضلاً عن عزيمة العاملين في حملات التحصين وحرصهم على الوصول إلى كل الأطفال في البلاد، ملهماً لنا جميعا . ويحدوني الأمل في ظل الدعم المستمر الذي تقدمه حكومة باكستان وشعبها للقاحات الحيوية في أن أعود إلى البلاد المرة القادمة لكي أجد المزيد من الأسباب للتفاؤل حول مستقبل أولادنا .
. سونيا قريشي المديرة التنفيذية لمؤسسة باكستان البريطانية
. والنشر بترتيب خاص مع حقوق النشر، بروجيكت سنديكيت .
* * *
منظمة أطباء بلا حدود قلقة
57 مليار دولار تكلفة "عقد اللقاحات"
حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن الأسعار المرتفعة للقاحات الجديدة يمكن أن تضع البلدان النامية في وضع خطر لن تتمكن فيه من توفير اللقاح الكامل لأطفالها في المستقبل .
وقال الدكتور مانيكا بالاسيغارام المدير التنفيذي لحملة منظمة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية إن هنالك حاجة إلى القيام بعمل عاجل للتصدي لتكلفة تطعيم الأطفال التي ارتفعت ارتفاعاً حاداً وسريعاً بنسبة 700 .2 في المئة خلال العقد الماضي مما سيفقد البلدان التي تعمل المنظمة فيها دعم المانحين في دفع ثمن اللقاحات وبالتالي تصبح غير قادرة على حماية اطفالها من أي أمراض مميتة .
ومن المقدر أن تبلغ تكلفة "عقد اللقاحات" أو مبادرة التطعيم العالمية خلال السنوات العشر المقبلة نحو 57 مليار دولار سيذهب أكثر من نصفها إلى شراء اللقاحات، وفي عام 2001 كانت تكلفة تطعيم طفل بشكل كامل ضد ستة أمراض لا تتجاوز 37 .1 دولار واليوم ارتفع السعر الإجمالي إلى 80 .38 دولار ويعود السبب غالباً إلى إضافة لقاحين جديدين ضد مرض المكورات الرئوية والفيروس العجلي وهما لقاحان باهظا الثمن تعادل تكلفتهما ثلاثة أرباع التكلفة الإجمالية لمجموعة اللقاحات .
وتعتبر اللقاحات الجديدة أغلى سعراً فبينما يكلف تطعيم طفل ضد الحصبة 25 .0 دولار تكلف وقاية طفل من مرض المكورات الرئوية 21 دولاراً .
وتقوم منظمة أطباء بلا حدود بتطعيم ملايين الأطفال كل سنة وتدعم بشكل كامل إدخال لقاحات جديدة إلى البلدان النامية لكن المفاوضات حول اللقاحات الجديدة بين الشركات المصنعة والتحالف العالمي للقاحات والتحصين الذي يعتمد في تمويله غالبا على دافعي الضرائب لم تؤد إلى تخفيضات مهمة في السعر تساعد مزيدا من الأطفال على الاستفادة من اللقاح .
وتكمن المشكلة في نقص شفافية الشركات بشأن تكاليف تصنيع اللقاحات وتركيزها على الربح عوضا عن ضمان أسعار للقاحات يمكن أن تتحملها البلدان منخفضة الدخل .
ويأتي بيان المنظمة عشية انعقاد قمة اللقاحات العالمية في أبوظبي .
وأعلن التحالف العالمي للقاحات والتحصين مؤخرا عن التوصل إلى اتفاق جديد لتخفيض سعر اللقاح الخماسي وهذا مثال ممتاز يثبت ما يستطيع التحالف إنجازه لا سيما في حالة وجود منافسة شريفة ومجموعة متعددة من مصنعي اللقاح في السوق، ويجب على التحالف العالمي العمل بسرعة وإعطاء الأولوية لإجراء مزيد من المفاوضات حول اللقاحين الجديدين الأغلى سعرا وعلى الشركات الصيدلانية التفاوض وتقديم عروض أفضل إلى التحالف .
وقالت كيت إلدر مستشارة سياسة اللقاحات في حملة المنظمة لتوفير الأدوية الأساسية إنه حتى تخفيض 90 في المئة من الأسعار المرتفعة للغاية والمتضخمة المفروضة في البلدان الغنية لا يمكن للدول الفقيرة تحمل تكلفة اللقاحات على المدى الطويل، مشيرة إلى أنه يجب أن تكون الأسعار أقرب ما يمكن إلى تكلفة الإنتاج وانه على التحالف العالمي للقاحات والتحصين فعل المزيد لتسريع دخول المصنعين بتكاليف منخفضة بحيث يمكن للمنافسة الحقيقية أن تخفض الأسعار .
وأعربت المنظمة أيضاً عن قلقها إزاء استثناء المنظمات غير الحكومية والمنظمات الإنسانية من التخفيضات على الأسعار التي توصل إليها التحالف العالمي للقاحات والتحصين عبر المفاوضات مع الشركات الصيدلانية، وتقوم المنظمة بتطعيم المجموعات المستضعفة مثل الأطفال اللاجئين والأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والأطفال الأكبر عمراً غير الملقحين الذين يعتبرون خارج نطاق العمر النموذجي لبرامج التطعيم المعيارية .
لكن المنظمة لم تتمكن من الحصول بشكل منتظم على أرخص الأسعار التي توصل إليها التحالف بالمفاوضات مع شركات الأدوية واضطرت إلى اللجوء إلى مفاوضات مطولة مع شركتي فيزر وغلاكسوسميث كلاين على مدى السنوات الأربع الماضية للحصول على لقاح المكورات الرئوية .
وطالب الدكتور بالاسيغارام التحالف العالمي للقاحات والتحصين بإتاحة أسعار اللقاح المخفضة للمنظمات الإنسانية التي كثيرا ما تحتل أفضل مواقع الاستجابة لتطعيم السكان الذين يعيشون في أزمة . (وام)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.