أيدت محكمة النقض في حكم أصدرته أخيراً حكماً استئنافياً بحلّ شراكة تعاقدية بين صاحبة منشأة (صالون تجميل) وموظفة لديها على كفالة المنشأة، بعدما تبين أن هناك عقد شراكة موثقاً بين الطرفين بنسبة 51٪ لصاحبة الصالون و49٪ للموظفة، ومدة الشراكة خمس سنوات (انتهت عام 2009)، وبعد رفض صاحبة الصالون تجديد إقامة شريكتها، أو السماح لها بالعمل في منشأة أخرى. وكانت الموظفة أقامت دعوى ضد صاحبة المنشأة تطلب فيها الحكم بانتهاء عقد الشراكة المحرر بينهما، والأمر بإخراجها من رخصة صالون للحناء وتجميل السيدات، على سند أنها اتفقت معها في عام 2004 على تأسيس شركة برأسمال قدره 20 ألف درهم، على أن تكون حصتها فيها 49٪ وشريكتها 51٪ ووثقتا الاتفاق، وحددتا فيه مدة الشراكة بخمس سنوات، واستصدرتا رخصة تجارية بتلك المنشأة، إلا أنها نظراً إلى جهلها باللغة العربية وقّعت على عقد سلب حقوقها، وجعلها مجرد عاملة براتب قدره 1000 درهم. ونظراً إلى سوء معاملة شريكتها لها انقطعت عن العمل، وسعت للانتقال إلى عمل آخر إلا أن الطاعنة لم تمكنها من ذلك، كما أنها لم تجدد لها إقامتها، ما عرضها للملاحقة الجزائية، فضلاً عن أن المنشأة موضوع الشراكة مازالت تعمل بالرخصة، وتخشى وقوع التزامات عليها من دون علمها، ولانقضاء مدة الشراكة المتفق عليها في العقد، صدر حكم من محكمة الاستئناف بانقضاء الشراكة بين الطاعنة وبين المطعون ضدها، الأمر الذي يعني انتهاء العقد، وهو ما دفع صاحبة المنشأة إلى للطعن على الحكم عن طريق النقض. وأقامت صاحبة المنشأة طعنها على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون ومخالفة الثابت بالأوراق لأنه، بحسبها، لا يجوز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها عن طريق دعويين سابقتين، إذ كانت الموظفة قد رفعت دعوى سابقة تطالب فيها بفسخ عقد الشراكة الموقع بينهما لعدم استفادتها مالياً من هذه الشراكة، ولرغبتها في الانتقال لصاحب عمل جديد، ورفضت هذه الدعوى لأن صاحبتها لم تبين الأسانيد القانونية لطلبها فسخ الشراكة ولم تبين أوجه الإخلال بالتزامات شريكتها الأخرى. وأضافت الطاعنة أن الحكم الاستئنافي، الذي صدر لمصلحة الموظفة، بني على أساس أن صاحبة المنشأة أخلت بالتزاماتها المبينة في العقد بعد امتناعها عن سداد حصة شريكتها في المنشأة وعن تجديد إقامتها، علماً بأن موضوع الدعوى الحالية هو طلب العاملة القضاء بانتهاء عقد الشراكة بينهما، لانتهاء المدة والأمر بإخراجها من رخصة الصالون، ما يعد تحريفاً لطلبات الموظفة التي تمثلت في إنهاء عقد الشراكة بينهما لانتهاء المدة، بإخراجها من الرخصة من دون تقديم أي مبرر. وأضافت أن الموظفة لم تلتزم ببنود التعاقد بينهما، خصوصاً ما يتعلق بأنه «يجب في حال رغبة أحد الطرفين في فسخ العقد إخطار الطرف الآخر قبل 60 يوماً من مدة العقد»، وهو ما لم تقم به الموظفة، ومن ثم يكون العقد قد امتد لمدة مماثلة إعمالاً للقواعد العامة، ويكون ما انتهى إليه حكم الاستئناف من أحقية الموظفة في طلبها بالحكم بانتهاء الشراكة لانتهاء المدة مخالفاً للعقد. ورفضت محكمة النقض هذا الدفع مؤكدة أن الأصل أنه متى كانت الشراكة محددة المدة، فإن حلول أجلها يترتب عليه انحلال الشركة بقوة القانون، ولو لم تكن قد حققت الغرض الذي أنشئت من أجله، ويجوز للشركاء إطالة مدة الشراكة كتابيا، إلا إذا تضمن العقد بيان الأغلبية التي تكفي لإجراء هذا التعديل، فإذا انتهت مدة الشراكة طبقاً للعقد، ثم استمر الشركاء في عمل من الأعمال التي أنشئت الشراكة من أجلها يمتد العقد سنة بعد سنة بالشروط نفسها. وبما أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير أدلتها وتفسير العقود والاتفاقات والمشاركات وغيرها من دون رقابة عليها من المحكمة العليا، مادام تفسيرها سائغاً ومقبولاً، ولا يخالف القانون. وفي ما يتعلق بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قالت المحكمة إن الدعوى الأولى قامت على المطالبة بفسخ العقد وحل الشراكة من دون أن تبين الأسانيد القانونية، بينما الدعوى الثانية طلبت فيها الموظفة فسخ العقد بسبب أن المدعى عليها أخلت بالتزاماتها المبنية على العقد من حيث عدم دفع حصتها وعدم تجديد إقامتها. أما الدعوى الأخيرة فطلبت فيها الموظفة القضاء بانتهاء عقد الشراكة بينهما لانتهاء المدة والأمر بإخراج المدعية من رخصة الصالون موضوع الدعوى، وهو سبب مغاير تماماً للأسباب الواردة في الدعويين السابقتين، وبالتالي فلا مجال للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.