أتفقُ مع معالي وزيرِ الثقافة والإعلام (د. عبدالعزيز خوجه) في موقفه من أداء القناة الثقافية، التي أطلقها ومعها خمسُ قنوات أُخْرَى، بعد أحدَ عَشَرَ شهراً من تسلُّمه حقيبتَه. وفي المقابل هُوَ يدركُ أنّ مِنْ حق المتلقين، أنْ يُبْدُو ما لهم عليها من: ملحوظات، وآراء، وانتقادات. فالإعلام عمليةٌ تكامليةٌ، لا تخضعُ للأهواء الشخصية، ولا المجاملات، ولا المحسوبيات، التي تنتقص مِن مستوى الأداء، وتبدد الجهود، وتَشِلُّ العزائمَ والهِمَم. الوزيرُ "خوجه" أعلنَ رضاهُ عن القناة الثقافية (المجلة الثقافية الصادرة عن صحيفة الجزيرة، 18 ربيع الآخر 1434ه، الصفحة الأولى) وتجربتُها – كما قال-: "فيها تَحِدٍّ وجَهْدٍ كبيريْن" وهو على اقتناعٍ تام -وأنا معُه أيضاً- بأنها "تؤدي دوْرَها" الذي وصفَه بأنه "كبيرٌ جدا" وكان الرجُل منطقياً وواقعياً في إقراره بأنّ القناة "فيها الضّعيفُ، وفيها المتوسِّطُ،وفيها الجيِّد" واصفا العملَ التلفزيوني بأنه "مِحْرقةٌ بكامل عناصره"، وهذا صحيح مائة في المائة. في موازاة هذا، هناك مَنْ يرى أنّ "المِحْرقة" تحتاج إلى مَنْ يُطفئ لهيبها، ويأخذ بأيدي مَنْ بداخلها، وينجِّيهم من عذابِها، وينقذهُمْ من نارٍ يتلظوْن بها، صباحَ مساء، بينما بعضُ المارّةِ، والواقفين، والجالسين يتفرجون، وهُمْ يشاهدون اللهبَ يتصاعد، ولا يستطيعون إطفاءه، لأنهم غير مدربين على عمليات الإنقاذ، وغير مؤهلين لعمليات الإطفاء، ومن ثم فهُم يختنقون بدخان المحرقة، فيركضون في الشوارع بحثا عن ملاذ آمِن. مَنْ ينقذُ مَنْ في "المِحرقة"؟ كيف ينقذُهم؟ بأيِّ أداة؟ بأيِّ أسلوب؟ هذه الأسئلة تجيب عنها إجراءاتٌ مَرِنَةٌ، وحوافزُ ماديّةٌ ومعنويةٌ مُغْرِية، وإدارةٌ حكيمة، وقوى بشريةٌ مؤهلةٌ ومدرّبَةٌ، وتَقْنية حديثة، وتخطيطٌ لا يُعِدُّه أيّا كان، وهُوَ مستلقٍ على سرير، أو ينظرُ مِنْ ثُقْبِ الباب، أو يُحَدِّقُ في السقف. إنقاذُ أيِّ تلفزيون، أو أيِّ إذاعة، في أيِّ مجتمع كان من أي مِحْرقة، ليس مستحيلاً، ولا هُوَ قَفْزٌ فوق مَمرات مائية. بِضَاعتهما تنتجُ في المجتمع، وفيه تُباعُ، وعليها أنْ تنقذَ الناس من أتون "مِحْرقة" وتسمو بهم إلى أقصى غاياتهم، في عصر القنابِل الذرية، والنووية، وغزو الفضاء. مِن المُحْزِن أنّ المَحَارِق في بعض التلفزيونات العربية، يَجْني المتلقون من ورائها: الخيْبات، والفشلَ الذريع، فلا هِيَ انطفأت، ولا هِيَ وفّرَت لهم حمايةً آمِنة، ولا هي تعرّفتْ على مكامِن الضّعْف فيها، وستظل القناة الثقافية السعودية مُشْرِقة، لا تقوم على التهويش، والتفاهة، وتسفيه العقول. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (94) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain