الضالع.. من النظرية إلى النصر    السامعي يكشف عن توجيه للاعلام الرسمي بمقاطعته واخرين ويؤكد وجود انفصاليين في سلطة صنعاء    روسيا تدخل قائمة أكبر 3 اقتصادات عالمية من حيث فائض التجارة    مشروع طموح يسهم في خفض الحرارة على سطح الارض    العثور على خاتم ذهبي نادر يعود إلى القرن الثالث ق. م. في القدس    العثور على كنز بيولوجي تحت سطح البحر قد يغير فهمنا لتاريخ البشرية    تكريم المتقنات للقرآن الكريم من طالبات المدارس الصيفية بأمانة العاصمة    روسيا تقصف سفينة تنقل معدات عسكرية إلى ميناء أوديسا    مليشيا الانتقالي تحاصر تظاهرة للنساء في عدن    اليوم.. الطليعة يواجهة السهام في بطولة البراعم لأندية تعز    نيابة المخالفات بالحديدة تتلف 14 طن دجاج مستورد غير صالح للاستخدام الادمي    مصرع 7 مرتزقة بغارة جوية في أبين    اليوم قرعة كأس العرب لكرة القدم    الجولاني دخل سجن بوكا الأمريكي كإرهابي قاعدي وخرج منه داعشي    سان جيرمان يحرز كأس فرنسا    10 وفيات في عدن نتيجة للحميّات والأوبئة وانقطاع الكهرباء    "آل بن سميط" يحتفلون بزفاف الشابين الدكتور أحمد والدكتور عبداللاه بمدينة شبام التاريخية    باكريت: تحرير الضالع انتصار عسكري ومنعطف استراتيجي    العميد بن عامر يكشف عن ترتيبات خليجية لتهجير أبناء غزة    الغيثي: ضغوط على الانتقالي لتسليم شبوة لقوات "درع الوطن العليمية"    كارثة صحية في المناطق المحتلة    عدن بين مشهد الأمس وواقع اليوم    منع "ثورة النسوان" من التظاهر بساحة العروض بعدن    في قضية سجين الرأي الصحفي محمد المياحي    هزة ارضية في خليج عدن    عدن .. تظاهرة نسائية تتحول إلى مسيرة بعد منعها من دخول ساحة العروض    ليفربول يقترب من تجديد عقد المدرب سلوت    إنجاز وطني عظيم    النعمي يكشف عن تمرد على قرار رئاسي بخصوص ضرائب قات الشرفين ويتهم لوبي بالتحريض ويتحدث عن مغارات فساد    ميلان يحقق الفوز امام مونزا في اخر جولات الدوري الايطالي    شركة نفطية أجنبية تنسحب وابن بريك يوجه بتشكيل إدارة لقطاع العقلة النفطي ويحدد الجهة التي يوجه إليها الانتاج    في حضرة المياحي    مقهى "الإبي" وصاحبه بتعز .. سبعون عامًا من ثبات الموضع وتبدلات الأحوال    أحمد زكي : الجنبيّة اليمنيّة .. سلاح تراثي يحرس هوية أمة    تقرير: زيادة الرسوم الأمريكية 50% قد تكلف ألمانيا 200 مليار يورو    الذهب يرتفع أكثر من 2 بالمائة    عدن تنزف وتُباد تحت سلطة محتل ومؤسسة الفساد    تدشين غرس 10 الاف نخلة في شوارع الحديدة    شرطة مرور إب تضبط سيارتين بسبب التفحيط    الأرصاد يتوقع طقساً حاراً إلى شديد الحرارة وينصح بالوقاية من أشعة الشمس المباشرة    ارتيريا تفرج عن 37 صيادا يمنيا بعد شهر من احتجازهم ومصادرة قواربهم    يمنيون بالقاهرة يحتفلون بالذكرى ال35 للوحدة اليمنية    الصحة العالمية: وفاة 10 أشخاص وإصابة نحو 13 ألف بالكوليرا في اليمن خلال الثلث الأول من 2025    في ذكرى رحيله العاشرة    طبيبة فلسطينية تستقبل أشلاء متفحمة لأطفالها التسعة إثر غارة إسرائيلية    للمرة الرابعة.. نابولي يتزعم إيطاليا    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    رونالدو يكشف "عمره البيولوجي" ويثير الجدل حول موعد اعتزاله    الاتحاد الأوروبي يطلب توضيحا بشأن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 50%    اليمنية تحدد موعد بدء تفويج الحجاج من مطار صنعاء الدولي    الإنسان بين الفلسفة والدين    الخطوط الجوية اليمنية تعلن البدء بتفويج الحجاج من مطار صنعاء اعتبارا من الغد    مطاوعة وزارة الأوقاف يحتكرون "منح الحج المجانية" لأنفسهم    نداء شعب الجنوب العربي إلى العالم لإغاثته من الكارثة الإنسانية    اكثر من (8000)الف حاج وحاجه تم عبورهم عبر منفذ ميناء الوديعه البري مديرية العبر بحضرموت    السعودية:محمد عبده يعتذر.. ورابح بديلا في العلا    دراسة صادمة تكشف ما قد يفعله الهاتف الذكي بعقول الأطفال!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة غرقًا في ساحل صيرة بعدن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن جادّون فى مواجهة الفكر التكفيرى؟
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 10 - 2012


بقلم : الحبيب علي زين العابدين الجفري
الحمد لله..
دعا شيخنا الإمام عبدالله بن بيّه، عبر مؤسسته «التجديد والترشيد» (عام 1431ه - 2010م)، بالتعاون مع جامعة «أرتوكلو» التركية ومؤسسة طابة، إلى مؤتمر فى بلدة ماردين فى الجزء التركى من كردستان لتدارس أحد أهم أسس العلاقات بين المسلمين وإخوانهم فى الإنسانية، وهى تصنيف الديار فى التصور الإسلامى وما يرتبط به من مفاهيم كالجهاد والولاء والبراء والمواطنة والهجرة ومناقشة فتوى الشيخ تقى الدين بن تيمية الشهيرة ب«فتوى ماردين»، التى استنبط فيها حكماً جديداً للتقسيم الفقهى للعالم إلى دار كفر ودار إسلام ودار عهد؛ حيث اعتبر «ماردين» دار كفر من جهة كون حكامها من التتار ودار إسلام من جهة كون أهلها مسلمين.
وطرح الإمام ابن بيه فى المؤتمر إعادة النظر فى هذا التقسيم الموروث بسبب تغير المسار السياسى للعلاقات الدولية ووجود اتفاق على معاهدات الأمم المتحدة التى نقلت العالم إلى مرحلة التعايش السلمى بالرغم من وجود خروقات من بعض الدول.
وتحفّظ الإمام ابن بيه على كلمة فى النسخة المطبوعة للفتوى الشهيرة فى موسوعة فتاوى ابن تيمية، وطالب بإعادة النظر فى صحتها لعدم مناسبتها لسياق العبارة، فاعترض د. أحمد الريسونى، عضو مجمع الفقه الإسلامى، بأن هذه الملاحظة قد تفتح باب التشكيك فى المصادر التراثية، فأجابه الإمام ابن بيه بأن هذا تساؤل مشروع ومراجعة النص فيها خدمة للتراث بتحقيقه.
وطلبنا صورة للفتوى من المخطوط الوحيد لفتاوى شيخ الإسلام من المكتبة الظاهرية بدمشق، وعند مراجعتها وجدنا أنّ تَحفُّظ الإمام ابن بيه كان فى محلّه تماماً؛ إذ إنّ نصَّ العبارة فى المطبوع: «يُعامَل المسلم فيها بما يستحقه و(يُقاتَل) الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه»، وكان التحفّظ على كلمة «يُقاتَل»، فإذا بالنصّ فى المخطوط: «يعامَل المسلمُ فيها بما يستحقه و(يعامَل) الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه»!
وظهر أن تحريف هذه الكلمة فى النسخ المطبوعة على مدى 100 عام كان أحدَ أهم مبررات التكفيريين من أصحاب المفهوم المنحرف فى سفك الدماء وإزهاق الأرواح!
وقد كتب الإمام العلّامة على جمعة، مفتى مصر السابق، مقالاً حول المسألة، وصدرت عن دار الإفتاء فتوى متعلقة بالموضوع..
وعلى الرغم من أنّ هذا التصويب لِما حُرِّف من فتوى ابن تيمية ينطوى على إنصافه مما نُسب إليه افتراءً، فإنّ رد فعل التكفيريين كان شديداً لكونه يمس مشروعيتهم! فكتبوا ثلاثة مؤلفات لمحاولة الرد على مؤتمر «ماردين» ضمن حملة شعواء لتشويه المؤتمر ومحاولة إلصاق التهم به، وبالطبع كانت قناة الجزيرة فى طليعة هذه الحملة التشويهية للمؤتمر من خلال تقريرها الإخبارى الذى أخذ مراسلها فيه يلمز المؤتمر بأنه لم يلقَ ترحيباً لدى أهل «ماردين»، وذلك لقلة الحضور، متجاهلاً كون المؤتمر تخصصياً وليس جماهيرياً، ومتجاهلاً أن علماء «ماردين» قد شاركوا فى المؤتمر، بل لقد شارك فى الحملة المضادة بعض الذين شاركوا فى صياغة بيان المؤتمر بعد تعرضهم لانتقادات المتشددين.
هذا كله وأنظمتنا التى تُعلن محاربتها للإرهاب فى سبات عميق وتجاهل كلى لهذا المؤتمر ونتائجه القيّمة، وكذلك كان حال مجامعنا الفقهية ومؤسساتنا الدينية وغالب إعلامنا المرئى والمقروء.
لذلك أصبح السؤال الملحّ اليوم هو:
هل نحن جادّون فى مواجهة الفكر التكفيرى؟
وإليكم بعض المقترحات لما ينبغى التركيز عليه فى حال كوننا «جادين» فى المعالجة:
أولاً: أن تتوقف الأنظمة والتنظيمات (فوراً) عن التعامل مع الفكر التكفيرى بصفته أداة من أدوات لعبة التوازنات السياسية فيدعمه البعض تارة ويهاجمه تارة أخرى، ويوفر له البعض فى وقت من الأوقات المناخ الخصب للتكاثر والانتشار ليستثمره فى المقايضات السياسية فى وقت آخر ولا مانع لديه فى أن يقاتله حينئذ، وهذا ما جرى فى عدد من دولنا خلال العشرين سنة الماضية.
ثانياً: أن تتصدّى المؤسسات الشرعية التعليمية منها والدعوية بشكل جاد ومعلن لهذا الفكر الضالّ عبر دراسات شرعية قوية الاستدلال، راسخة القدم فى التحقيق الفقهى وتناول الشبهات التى يُضل بها قادةُ هذا الفكر فلذات أكبادنا لينتزعوا منهم انتماءهم ويحولوهم إلى قنابل موقوته تنفجر هنا وهناك، ثم تُنشَر هذه الدراسات وتُدرَّس فى المدارس والمساجد ووسائل الإعلام، وتُناقَش عبر ندوات حوارية بحضور الرموز الدينية لهذا الفكر الضالّ ومشاركتهم ليظهر الصحيح من السقيم ويرجع الصادق منهم إلى الحق ويُفحَم صاحب الهوى على الملأ، مع التوقف عن استضافتهم فى وسائل الإعلام منفردين دون وجود من يرد عليهم.
ثالثاً: أن يُجاهِر العلماء والدعاة برفضهم لهذا الانحراف ويقوموا بدورهم التوعوى دون تردد أو خوف من التهديدات؛ فقد أخذ الله علينا العهد بتبيين الحق وحذّر من يكتم العلم فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ».
وإذا تواتر الصادعون بالحق فى الذبّ عن حُرمة هذا الدين فلن يستطيع خفافيش الليل أن يقاتلوا جموع العلماء والدعاة.
رابعاً: أن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بمشاركتنا من حيث لا نقصد، علماء وحكومات وتنظيمات وإعلاميين ومثقفين، فى تهيئة المناخ المناسب لانتشار هذا الفكر الضالّ بإهمال تفقّه أجيال من الأمة بأحكام دينها، لتصبح بذلك الإهمال فريسة لكل من يدّعى الجهاد فى سبيل الله، لا سيما فى ظل غضب الشباب من الضعف والهزيمة والتخلف والفساد الذى نعيشه.
خامساً: أن نعمل جادين على إعادة الاعتبار للمؤسسات الشرعية العريقة، وعلى رأسها الأزهر الشريف وجامعة الزيتونة وجامع القرويين ومدرسة حضرموت والمدرسة الشامية ومحاضر موريتانيا ودور العلم فى القارة الهندية وخلاوى السودان، وتوفير الدعم الكافى لاستقلالها المالى والإدارى، مع كفّ أيدى أصحاب الأفكار والمشاريع المخالفة لها عن العبث بها أو بمناهجها الراسخة عبر القرون، وضرورة إخراجها من معترك التنافس السياسى على السلطة ليكون ترشيدها للسياسة مستقلاً كما هو الشأن فى الاقتصاد والاجتماع وبقية شئون الحياة.
سادساً: عدم الاقتصار على الحلول السطحية السريعة التى لا تزيد المعضلة إلا تعقيداً ولا تزيد الأوهام فى نفوس الشباب إلا تأكيداً، ومن ذلك الاكتفاء بتفويض الأمر إلى الأجهزة الأمنية وحدها، وإن كانت الحلول الأمنية الناضجة مهمة، لكننا جرّبنا الفشل الذريع الذى تسببنا فيه بتحميل أجهزة الأمن فوق طاقتها فى ذلك، أو البحث عن الحلول الجاهزة، أو الاختيارات الفردية فى صنع القرار المتعلق بتصحيح الأفكار، فإقناع الإنسان بالعدول عن فكر اعتقد صوابه صناعة أعمق من ذلك بكثير.
سابعاً: التخلص من «توهّم» البعض إمكانية الاستفادة من إخفاقات «الإسلاميين» بتوظيفها فى صناعة جيل يُلقى بالدين وراء ظهره لينصهر فى بوتقة النموذج المعرفى الغربى (Paradigm)، الذى يظن أصحابه أنه قد نجح فى صبغ العالم بصبغته، وأنه يمثل نهاية التاريخ التى سوف يؤدى الاختلاف معها إلى حتمية «صدام الحضارات»، فإن الاستمرار فى الركض وراء هذا السراب لن يُفلح فى شىء سوى تعميق التطرّف باتجاهَيه الدينى واللادينى، وسوف يضيف إلى مصائب التطرف التكفيرى كوارث التطرف الإلحادى.
ثامناً: العمل الجاد على تجديد نموذجنا المعرفى ومنظورنا الثقافى المنطلق من هويتنا والمستوعب لمتغيرات زماننا ليشكل للأجيال المقبلة معيناً ينهلون منه فيقابلون المجتمعات الإنسانية بثقة تُخرجهم من ثنائية التحجّر والذوبان إلى همّة التعايش القائم على المشاركة، وطموح الإسهام فى تطور المجتمع الإنسانى.
وأخيراً..
أُذكّر نفسى ومن يقرأ بقوله تعالى:
«وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»..
وبقوله تعالى:
«وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ».
اللهم اجعلنا هادين مُهتدين غير ضالّين ولا مُضلّين برحمتك يا أرحم الراحمين.
الدائرة حول كلمة "ويعامل" في المخطوطة الأصلية
الدائرة حول كلمة "ويقاتل" في النسخة المطبوعة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.