حكموا عليك بالسجن اليوم ياصديقي .. لا قلق كلنا في سجن كبير وأنت وحدك الحُر ! من قال أن الحرية أن تكون خارج الجدران ؟ ومن أوهمنا إن السجن الحقيقي هو القضبان؟ وأن من يُعتقل هو الأسير؟ ومن أقنعنا أن الأجساد هي التي تحلق وتشعر وتقاوم ؟ وكيف تسللت إلى إذهاننا هذه السردية العدمية ؟ السجناء الحقيقيون هم أولائك الذين تخيفهم كلماتك فيمشون بين الناس بأرواح مُطفأة ، ويجهلون أن الحرية فكرة متى ما وُلِدت في العقل لا يمكن قتلها . هم فقط يحاولون الاختباء منك ، من وجودك ومن صوتك الذي يخترق الجدران ويكسر كبريائهم الفارغ ، يريدون لكلماتك أن تموت وما علموا أنها تنمو وتورق وتزهر . هم المسجونون وانت الحُر . لا تهمة لك إلا أنك كتبت كلمة حرة حين ظننت لوهلة أنك تمارس حقك المنصوص عليه في الدستور والقانون ، لكن ياصديقي .. من يكتب لدى هؤلاء المليشاويون فقد مس بقرتهم المقدسة ، وهم قد اعتادوا على التبرك بروثها ! أرأيت أسوأ من هذه المفارقة ، لأجلها جعلوا الكلمة تهمة ، والكتابة جريمة . لا بأس يا صديقي ... من يكتب عن الحرية في زمن القمع فهو الثائر ، وأنت تقدم تذكرة عبورك إلى مجد الأحرار ، بينما يتمرغ سجانوك في ذلّهم . حتما ستُكسر الأبواب وتُشرع النوافذ ، وتشرق شمس الحرية ساطعة كما أردت .