(إفي): يقال أن "لكل مجتهد نصيب"، وأن "الحظ لا يأتي الا لمن يستحقه"، وخير مثال يطبق على تلك القاعدتين هو النجم الهولندي آريين روبن، الذي أدار له الحظ ظهره في كثير من المناسبات، حتى ابتسم له اخيرا، فضحك أخيرا وضحك كثيرا. روبن، الذي تجاوز عامه ال29 بعد مسيرة حافلة تنقل فيها بين كبار أندية العالم دون انجاز دولي يضمه الى سيرته الذاتية، فك عقدته اخيرا بعد سلسلة متواصلة من الاخفاقات في المحافل الكبرى، التي يتحمل مسئولية جزءا كبيرا منها، بخلاف تعنت الحظ والتوفيق. تقمص روبن للمرة الأولى في تاريخه شخصية البطل، القائد المظفر، معشوق الجماهير، بعد أن كان في السابق سببا في أحزانهم وانكساراتهم. لعب "السهم الهولندي"، نسبة لسرعته الفائقة، أو "اللاعب الزجاجي" نسبة لكثرة إصاباته، دورا بارزا في قيادة فريقه بايرن ميونخ الألماني للتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة في تاريخه، والأولى منذ 2001. قدم روبن مستويات رائعة على مدار الموسم، وحاول التخفيف نسبيا من أكبر مشاكله: الأنانية وعدم التركيز، حتى كان ركنا أساسيا في استعادة العملاق البافاري لدوري البوندسليجا المحلي بأرقام قياسية في رصيد الأهداف والنقاط، ولعب دورا هاما كذلك في إعتلاء منصة بطل الكأس ذات الأذنين الطويلتين، بل بات الفريق على شفى ثلاثية تاريخية، إذ يخوض السبت المقبل نهائي كأس ألمانيا امام شتوتجارت. ولعل ما قدمه روبن على ملعب ويمبلي امام بروسيا دورتموند الألماني، قد محى ذكرتين سيئتين كان طرفا فيهما بقميصين مختلفين، وعامين مختلفين، وفي أرضين متباعدتين. في جنوب أفريقيا 2010 على ملعب سوكر سيتي، اعتبرت جماهير هولندا صاحب الصلعة الشهيرة مسئولا عن ضياع أمل التتويج بلقب كأس العالم بعد أن تفنن في إهدار فرص سهلة أمام مرمى زميله السابق في ريال مدريد إيكر كاسياس، ليفسح المجال لإسبانيا لنيل لقبها المونديالي الأول بهدف ذهبي لأندريس إنييستا. وفي ميونخ 2012 على ملعب أليانز أرينا، واصل روبن تضييعه للفرص الثمينة، فأهدر ركلة جزاء امام مرمى التشيكي بيتر تشيك حارس تشيلسي الإنجليزي قلبت نهائي دوري الأبطال رأسا على عقب، حتى نجح الضيف الأزرق في حسم اللقب بركلة ترجيح من الإيفواري ديدييه دروجبا. لكن روبن انتقم لنفسه بعد أن كان تاجر السعادة للجماهير البافارية، فصنع هدف التقدم لزميله الكرواتي ماريو ماندزوكيتش في عرين أسود دورتموند، وسجل هدف التتويج باللقب الغالي قبل دقيقة فقط على انتهاء الوقت الأصلي بمهارة استثنائية، ليقف امام نفس الجماهير التي كانت تهاجمه قبل عام واحد، وهي الآن تهتف باسمه وتعتبره بطلا قوميا. روبن أعاد الاعتبار لنفسه ايضا امام دورتموند، فقد اتهم الموسم الماضي بالتسبب في ضياع لقب البوندسليجا بإهداره المزيد من الفرص السهلة امام نفس الفريق، وركلة جزاء جديدة تسببت في حسم الفريق الأصفر للقب الدوري الثاني على التوالي. الآن فقط روبن يضع نفسه بنفسه في مصاف نجوم العالم، ويبرهن على جدارته بالكرة الذهبية، ويثبت نضجه الكروي بعد تجاربه المترنحة بين أيندهوفن وتشيلسي وريال مدريد.. الآن فقط روبن على القمة.