عبدالكريم الرازحي مثلما حدث في عصر الفضاء ,ومثلما تابع العالم باهتمام شديد أول رحله إلى القمر ،تابعت أوروبا باهتمام بالغ رحلة أول وأهم بعثه علمية أوروبية إلى اليمن . كان ذلك في عام 1761- القرن الثامن عشر-عندما أراد فردريك الخامس ملك الدنمارك أن يفخر على كل دول أوروبا بتحقيق انتصارات علمية كبيرة : (إن جلالة الملك في هذا الوقت العصيب رغم مشاغله الرسمية المرهقة يناضل من أجل غزو آفاق جديدة من المعرفة والتقدم العلمي وتحقيق مجد أكبر لشعبه ..فقد أرسل بعثة من العلماء على ظهر السفينة (جرين لاند)سوف يرحل أعضاؤها عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى القسطنطينية , ومن هناك يرحلون عبر مصر إلى العربية السعيدة ). ولقد أثارت البعثة التي تألفت من علماء في مختلف التخصصات اهتماماً كبيراً..حيث تتبعت أوروبا المتطلعة بشغف إلى المعرفة – في عصر النور – رحلة هذه البعثة التي أقلعت باتجاه اليمن السعيد . وفي اليمن السعيد كان السؤال الذي طرحه أعضاء البعثة على أنفسهم هو: لماذا سُميت هذه البلاد بالعربية السعيدة ؟ كان هذا سؤال البعثة وسؤال الرحلة والسؤال الذي جاؤوا بحثاً عن جواب له ،ولكنهم بدلاً من أن يجدوا الجواب وجدوا الموت بانتظارهم.. وجدوا الأمراض والأوبئة والملاريا تتخطّفهم الواحد تلو الآخر,ووجدوا كذلك حكاماً وموظفين لصوصاً لا يسمحون لهم بالتحرك هنا وهناك ولا يسمحون لمن مات منهم بأن يدفن إلاّ بعد أن يدفع الرشوة ،وباستثناء نيبور عالم الفلك وأمين صندوق البعثة لقي جميع الأعضاء مصرعهم . لكن الحديث عن مأساة البعثة الدنماركية كما وردت في كتاب (من كوبنهاجن إلى صنعاء ) يجب أن لا ينسينا مأساة الزملاء أعضاء البعثة الصحفية الذين ذهبوا إلى مأرب لمعرفة من هو كلفوت هذا, ومن هم هؤلاء الكلافيت الشجعان الذين يضربون أبراج الكهرباء بشجاعةٍ عاليةٍ يستحقون عليها وسام الشجاعة؟! وإذا كانت رحلة البعثة الدنماركية إلى اليمن السعيد قد حدثت في عصر النور وفي عهد الملك فردريك الخامس ،فإن رحلة البعثة الصحفية إلى مأرب قد حدثت في عصر الظلام وفي عهد الرئيس عبدربه منصور هادي. إذا كانت أوروبا كلها قد تابعت باهتمام شديد رحلة البعثة من كوبنهاجن إلى صنعاء فإن رحلة البعثة الصحفية – من صنعاء إلى مأرب- لم تلق أي اهتمام ..لا أحد مهتم بهؤلاء الصحفيين الذين تعرضوا للاختطاف وليس هناك من يلتفت لمأساتهم أو يقلق على مصيرهم. *صحيفة اليمن اليوم