بمجرد الانتهاء من بناء قواتنا الأمنية , سيكون امامنا حرب أهلية طويلة ستنتهي في نهاية المطاف بيمن واحد" هذا ما قاله وزير الإعلام اليمني علي العمراني لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في لقاء نشر وتناقلته كثير من وسائل الإعلام . هذا الحديث ليس جديدا على أبناء الجنوب ولا مستحدث , فقد سمعوا ولا يزالون يسمعون التهديد والوعيد من قبل المدمنين على شم روائح الجثث ومصاصي الدماء في العاصمة التي يقتل من يتجاوز فيها موكب الشيخ او يعترض على تصرفات المحصنين من النظام والقانون , ولكن الجديد في هذا الحديث هو ان يصدر عن وزير الإعلام , الذي ترأس هذا الجهاز بعد سقوط نظام صالح الذي يدّعون انه كان سبب في كل السقطات التي كان الإعلام اليمني يعيشها , ولكن الحقيقة ان السقوط الإعلامي لا يزال كما هو وليس هناك أعظم سقطة من تهديد وزير إعلام بإعلان حرب وإشعال فتيل القتال , فاذا كان هذا كلام المسئول الأول عن الإعلام فماذا عسانا ان نسمع عبر تلك المنابر المسخّرة لدك كل ما تبقى من معالم التعايش بين الشعبين الشمالي والجنوبي. الأيام تثبت بما لا يدع مجال للشك ان الجميع متفقون على شعب الجنوب ومجمعون على حربه وان المسالة مسالة وقت , فمشروع الضم والإلحاق معشعشا في عقولهم ومخيم في قلوبهم , فلا فرق بين وزير الإعلام او جنرال عسكري او شيخ قبلي اذا تعلق الأمر بالجنوب , فأحاديثهم دائما تكون متشابهة وفيها لهجة التهديد والوعيد طاغية , وهي لا تخلوا دائما من التذكير بان حرب 94 كانت من اجل الحفاظ على الوحدة اليمنية وخوفا من تشرذم البلاد , وهكذا يتبارى الجميع في ميدان الوعيد الشديد ملوحين بعصا غليظة لمن خالف أمرهم او أنكر طغيانهم , فالجنوب بالنسبة لهم غنيمة ليس من السهولة بمكان ان يتركوها لاسيما وان كل مواردها تصب في جيوبهم , ووجدوا فيها ما تحلم به كل نفس مشبعة بالجشع وحب السيطرة على كل ما تطاله الأيادي وتهوى إليه الأفئدة , في ظل الانعدام التام للنظام والقانون الذي يجرّم تلك الأفعال وينبذها . اذا لا غرابة ان تخرج كل وسائل الإعلام في صنعاء ما بجوفها من حقد على ثورة الجنوب وحراكه السلمي , ولم يعد غريبا أيضا ان يطلق لها العنان بان تتهم أبناء الجنوب بما لا يليق ولا يقبله صاحب دين اوخلق سوي , ولم يعد الاعتراض على ما تبثه قناة الإصلاح (سهيل ) من كذب وتضليل او قناة المخلوع صالح اعتراضا مؤثرا ولن يكون له وقع طالما وان رأس الإعلام اليمني يعد العدة لحرب طويلة قد تعود عليه بيمن موحد آمن مطمئن كما يدّعي , كل وسائل الإعلام التي أخذت على عاتقها معاداة الشعب الجنوبي وأمعنت في الكذب والتضليل حول قضيته أصحبت في مأمن من المسائلة والعقاب بعد مقاله الوزير , بينما الصحف الجنوبية التي تنقل أخبار الثورة الجنوبية تتعرض للمضايقات المستمرة ويتعرض رؤساءها للتهديد المستمر بالتصفية الجسدية , وهذا في منطق وزير الإعلام الجديد امرا طبيعي لا يُستغرب منه . خلاصة القول ان ما قاله وزير الإعلام اليمني وقبله الشيخ الأحمر حول الحرب الطويلة المدى التي ينوي نظام صنعاء ان يشنها في الجنوب دليل واضح على ان ثورة التغيير المزعومة قد تم وئدها قبل ان ترى النور , وان الذين كان من المفترض ان يذهبوا الى حيث يذهب الطغاة عقب كل ثورة لا يزالون يحكمون القبضة على البلاد , وان إمام أبناء الجنوب تراكمات سياسية معقدة قد يدفع ثمنها الصغير والكبير في ظل عقاب جماعي تفرضه سلطات صنعاء لا ينتهي عند قطع الكهرباء والماء على عدن المعروفة بصيفها الملتهب وأجواءها الاقتصادية والسياسية المعكّرة , فالجميع في صنعاء بصدد تجميع قواهم وتوحيد صفوفهم للاتجاه صوب الجنوب ومواجهة الشعب الأعزل في حرب طويلة يريدون بعدها يمن موحد يطل على انهار من الدماء .