د. عبد العزيز حسين الصويغ "السُّلْطة الكُلِّيَّة تؤدي إلى الفساد، والسُّلْطَة المُطْلَقة فاسدة كُلِّيَّا". عبارة تعتبر من أشهر أقوال اللورد البريطاني جون "أكتون" الذي كان أحد أشهر المؤرخين في القرن التاسع عشر، وهي عبارة أثبتتها الوقائع حين يتحول النظام السياسي من خدمة الشعب إلى خدمة الحاكم والمستفيدين منه الذين يهيئون له مفاتيح السلطة، ليتهيأ لهم البيئة المناسبة للفساد المُطلق. فالسلطة بما تحمله من بريق يمكن أن تفسد حتى أصلح السياسيين. *** وقليل هم الرجال الذين لم تُطح برؤوسهم السلطة، أو يغير من شخصيتهم كرسي الحكم. أو أولئك الحُكام الذين يقبلون التخلي عن السلطة وهم فوق كرسي الحكم وفي قمة التمكن. ومن بين هؤلاء ليوبولد سيدار سنغور (9 أكتوبر 1906 - 20 ديسمبر 2001) - الشاعر الرئيس - الذي كان أول رئيس للسنغال (1960-1980) ثم تنازل بمحض إرادته عن الرئاسة مرشحاً (عبده ضيوف) المسلم خلفاً له. لذا فرغم التشكيك والاختلاف بين الكُتاب حول إنجازات سنغور لبلاده السنغال أو اعتبار فترة حكمه حكماً ديموقراطيا، إلا أن كثيرا من المثقفين في العالم يعرفون سنغور الشاعر والأديب، أكثر مما يعرفون سنغور السياسي أو الرئيس، وإنجازاته التي أهلته لاحتلال مكانة خاصة بين قادة أفريقيا الكبار في القرن العشرين. فهو أحد الكبار، بالإضافة إلى نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا، أو كوامو نيكروما في غينيا، أو باتريس لومومبا في الكونغو، أو جمال عبدالناصر في مصر. *** ورغم أن ليوبولد سنغور اشتهر ببلورة مصطلح "الخصوصية الزنجية" التي يبرز فيها الخصوصية لأفريقيا السوداء تميزها عن بقية الشعوب والقارات. فالإنسان الأفريقي ينبغي أن يكون مرتبطاً بشخصيته التراثية الأفريقية، الموروثة أباً عن جد منذ آلاف السنين، لكنه كان يؤمن في الوقت ذاته بأنه لابد لهذا الإنسان الذي يعتز بجذوره الأفريقية والزنجية أن لا يكون بعيداً عن العصر، وأن يسعي كي يتعلم الحضارة والحداثة في الغرب. وبالتالي فإن الثقافة الحقيقية في نظره هي تلك التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، أو بين التراث والتجديد، أو بين العقلية الأفريقية والعقلية الأوروبية. وبالتالي فإن سنغور ينصح مواطنيه بتعلم المناهج الغربية، القائمة على العلم والعقل، لكي يوازنوا انفعاليتهم العاطفية بالعقلانية الغربية. وعلى هذا النحو تكتمل الشخصية السنغالية أو الأفريقية، وتجمع بين العقل والعاطفة. وهكذا يمكن القول، وفق ما يرى الكاتب هاشم صالح، إن سنغور كان يتصور الثقافة على أساس أنها ارتباط بالجذور، واقتلاع من هذه الجذور أيضا؟! *** لقد ضرب سنغور مثالاً لم يضاهِه فيه في المنطقة إلا الرئيس السابق للجمهورية السودانية المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، الذي استلم السلطة أثناء انتفاضة أبريل 1985 بصفته أعلى قادة الجيش وبتنسيق مع قادة الانتفاضة من أحزاب ونقابات ثم قام بتسليم السلطة للحكومة المنتخبة في العام التالي ... كما وعد. لذا فإن مثل هؤلاء الرجال يظلون مصدر إلهام للسياسيين والمثقفين في بلدانهم، وتحاط سيرتهم وذكراهم بالاحترام، حيث يقول الكاتب السنغالي امادو الأمين سال في الرئيس ليوبولد سنغور: "اسم السنغال مرتبط ارتباطاً عضوياً بسنغور . سنغور هو تأشيرة دخولنا العالمية". * نافذة صغيرة: [وُلِدتُ أسودَ اللونِ، كبُرتُ أسودَ اللونِ، أجلسُ في الشمسِ، أسودَ اللونِ، يَنْتابُني خوفٌ، أسودَ اللونِ، وحين أموتُ، أموتُ أسودَ اللونِ.] ليوبولد سيدار سَنغور [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain