الحماسة التي كانت تلهب تركيا من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لم تعد على حالها، ورئيس الوزراء التركي يعطي مهلة نهائية لمنطقة اليورو من أجل قبول طلب أنقرة والا ستفقد أوروبا تركيا نهائيا. يعتبر الرئيس التركي عبد الله غول أن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي هي الخطوة الحتمية لعملية التحول التي تمر بها البلاد. لكن يبدو أن مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد تواجه الكثير من العراقيل، أو أن نتائجها غير مؤكدة على الأقل. من جهته، يرى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الأمر بطريقة مختلفة، إذ يعتبر أن عضوية بلاده في الاتحاد هي في قلب مشروعه الحكومي. وتحفظات دول الاتحاد الاوروبي حول عضوية تركيا تحوّلت إلى تصلب شبه رسمي بشأن المحادثات، فتحولت بدورها حماسة أنقرة إلى لامبالاة. خلال رحلته الأخيرة إلى برلين، قال أردوغان إنه سيتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعترف بعضوية أنقرة بحلول العام 2023 أو انه "سيفقد تركيا نهائياً". ومن المفارقة، فقد أعاد رئيس الوزراء طرح فكرة عقوبة الإعدام، التي من شأنها أن تدق ناقوس الموت لمحاولة بلاده الانضمام إلى منطقة اليورو. على الرغم من هذه العراقيل والأجواء التشاؤمية، تبقى محادثات تركيا مع الاتحاد الأوروبي حيوية بالنسبة للبلاد إذ تأتي ثلاثة أرباع الاستثمارات الأجنبية مباشرة من الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن مبيعاتها للاتحاد أصبحت اليوم أكثر قليلاً من ثلث إجمالي الصادرات التركية. وفقد الاتحاد الأوروبي اهتمامه بمسألة انضمام تركيا، بعد تعثّر المحادثات المتزامنة مع زيادة الشكاوى داخل تركيا حول قضايا مثل حرية الإعلام وسيادة القانون. وقال غول لصحيفة ال "فايننشال تايمز"، "يجب ألا يكون هناك شك في ما يتعلق بعزم تركيا لاستكمال المفاوضات بنجاح"، مشيراً إلى أن هذه ستكون النتيجة الفعلية لاستكمال عملية التحول التركية. ويقول غول إن تركيا قد تقرر في النهاية عدم المضي في السعي إلى العضوية لأن دولاً مثل فرنسا أو النمسا يمكنها الاعتراض على انضمامها في اللحظات الأخيرة. لكنه يقول إن مجرد وصول تركيا إلى معايير الاتحاد الأوروبي يعني أن المحادثات قد استكملت. ويلمح غول إلى أن انضمام تركيا للاتحاد قد يكون أقل تهديداً لغيرهم من الأوروبيين في الوقت الذي يتم فيه إعادة تشكيل الاتحاد الأوروبي، مع أسسه الداخلية ومحيطه الخارجي. "نحن نتابع بشكل وثيق الصعوبات التي تواجه الاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي، على خلفية إعادة الهيكلة السياسية والاقتصادية"، يقول غول، مشيراً إلى أن "آليات جديدة ستظهر في الاتحاد الأوروبي، ولذلك فعلى تركيا أن تأخذ مكانها الصحيح في إطار هذه الصورة العامة". وفي اشارة إلى طموحات تركيا باعتبارها قوة صاعدة في العالم، قال غول إن "دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تقدّر أيضاً حقيقة أنه لا يوجد بديل عن تركيا، بل يجب أن نعترف أيضاً بأن تركيا يمكن أن تضيف إلى الاتحاد الأوروبي". لكن في حين يتحدث غول عن الآثار الإجابية التي سيخلفها انضمام بلاده إلى منطقة اليورو، ينتقد الاتحاد الأوروبي المعايير التي تعتمدها أنقرة والتي لا تتوافق مع مبادئ الدول الأوروبية، وتحديداً إخفاقاتها في مجال الحريات، الأمر الذي يصعّب إحياء المفاوضات. تقرير الاتحاد الأوروبي الأخير حول تركيا، الذي صدر الشهر الماضي كان الأخطر حتى الآن، إذ أنه يثير مخاوف جدية حول سجن الصحفيين وشرعية القضايا المعروضة على المحاكم رفيعة المستوى والرقابة على الإنترنت. "التقرير المرحلي يوجه سؤالاً واحداً: إلى أين تتجه هذه البلاد؟" يقول جان موريس ريبير، سفير الاتحاد الأوروبي لأنقرة. ويعتقد ريبير أنه من الممكن أن تشهد المحادثات بين الفريقين فصولاً جديدة، في حال رفعت فرنسا تحفظاتها التي وضعت في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، مضيفاً: "الاتحاد الأوروبي يعطي مؤشرات بأنه ما زال مهتماً بانضمام تركيا وهذا هو المهم حقاً". لكن حتى هذا الأمل يعتمد على تطلعات حكومة فرانسوا هولاند التي تربطها قضايا شائكة بأنقرة، لا سيما مسألة مذابح الارمن في الاناضول قبل قرن من الزمان، والتي تعتبرها فرنسا "إبادة جماعية" وهو الجدل الذي وضع أنقرة على خلاف مع باريس.