عاصفة تهب في كل عام، تقتلع بعض الآمال، وتطيح ببعض التطلعات، وتنسف بعض الطموحات، تلك هي باختصار- وأرجو أن يكون مفيدًا - عملية القبول في الجامعات. ومع الإشادة بالإجراءات المتخذة حديثًا في عملية التقديم من خلال الموقع الإلكتروني أولًا ثم تقديم الأوراق للجامعة عن طريق البريد السعودي (الذي أثبت مقدرته الفائقة في السلاسة والتيسير على المتقدمين) إلا أن العملية تحتاج لمزيد من التأمل وإعادة النظر فيما يسمى بتسكين الطلاب في التخصصات المطلوبة. فالملاحظ أن نسبة ليست باليسيرة يتم قبولهم في تخصصات لا يرغبونها، وهذا أمر خطير ينذر بشر مستطير؛ فالتخصص يجب أن يوافق رغبة لدى الطالب ومحبة فطرية؛ لكي يبدع فيه ويصبح مبرزًا، أما إن وضع الخريج في تخصص لا يرغبه ولا تميل إليه نفسه، فإنه من البدهي ألا يعرف سبيلًا للإنتاجية فضلًا عن الإبداع والابتكار. وبالعودة لتهيئة خريجي المرحلة الثانوية للجامعات فإن المفترض وجود مكاتب أو على الأقل إقامة دورات مكثفة لتعريفهم بالجامعات وما تحويه من تخصصات وما تقدمه من امتيازات، وحينها يخرج الطالب بتصور كامل، فيقدم أوراقه لجامعة محددة وتخصص بعينه، لكن واقعنا يقول أن طلاب وطالبات الثانوية العامة يخرجون بدون أي توجه، فهم هائمون يسألون ويستفسرون، ولا توجد لديهم المعلومات الكافية عن الجامعات والكليات! ومما يزيد الأمر سوءًا ما يطرق مسامعهم بين الفينة والأخرى عبر وسائل الإعلام المختلفة بما يُسمى حاجة سوق العمل، والمحزن أنهم لا يعرفون هذه الحاجة إذ لا يعلن عنها بشكل واضح، ناهيك عن أنهم في الواقع يرون ويجدون بعض أقاربهم وقد تخرجوا ولم يجدوا وظيفة أو عملًا، وبطبيعة الحال هم لا يرغبون مطلقا أن يكون لهم ذات المصير. وفي الآونة الأخيرة تكالب على الخريجين اختباران أسهما بشكل واضح في تقليص الفرص، وزادا من فرص الإطاحة بآمالهم، وهما القدرات والتحصيلي. والمرجو إعادة النظر في هذين الاختيارين، فمن غير المعقول أن يدرس الطالب ويحصل على تقدير امتياز ونسبة عالية ربما تقارب النسبة العظمى ليجد نفسه في نهاية المطاف، وبعد جهد استمر لسنوات، من غير المقبولين في الجامعة ويفاجأ برسالة اعتذار أو إخطاره بإمكانية قبوله في التعليم عن بعد أو الانتساب. ووزارة التربية والتعليم أوجدت حديثا نظام المقررات، وفيه يبذل الطالب والطالبة جهدًا خارقا، والمعدل فيه تراكمي منذ الفصل الأول من السنة الأولى وحتى التخرج في السنة الثالثة، مما يعني أن الخريج إنما كان يعيش حالة من المثابرة المستمرة، ولم يحصل على ذلك التقدير والمعدل عبثا، فكيف تقبل الوزارة أن تنسف جهة أخرى جهدها وترضى بمثل هذه الاختبارات أن تشتت خريجيها؟، ثم أليس بالإمكان استثناء مثل هؤلاء من هذين الاختبارين؟!. وفي نهاية المشهد نجد طلابنا وقد دب إلى نفوسهم شيء من الإحباط وباتوا لا يعيرون الدراسة ذلك الاهتمام المتزايد، وهو ما يعني أن القدرات والتحصيلي انعكسا سلبًا على نفسيات الدارسين، وحتى أولئك المتحسبين لها بالدورات لم يفلحوا في الحصول على ما يريدون، فما هو السبيل للخروج من هذا المأزق؟ (أرجو الحصول على إجابة من القائمين على المركز الوطني للقياس والتقويم). إن المرجو هو الخروج بمخرجات قوية ذات مكنون علمي رصين ويتميز بجودة التعلم والتعليم بحيث نضمن - كما هو معلن في نظام المقررات- أن يكون الخريج متعلّمًا ومعلّمًا في ذات الوقت، وحينها نراهن عليه ولا نحتاج لمن يأتي ليثبت لنا الصحة أو العكس. فهل يأتي اليوم الذي تتحقق لكل خريج رغبته ليُرضي طموحه فينفع وطنه ومجتمعه؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain