يشارك الكبير والصغير في احتفالات اليوم الوطني، تفيض المشاعر ويجتمع الكل على كلمة واحدة، ويلهج بصوت واحد، وتمثل تلك الاحتفالات صيغة موحدة لممارسة مشاعر الحب، وإظهار صور الانتماء والفخر والاعتزاز بهذا الوطن الذي يحتضن أبناءه، فهذه الصيغ والصور تشكل ورشة عمل تدريبية لممارسة الانتماء من خلال مفردات الحب التي زرعت في كل جزء من ترابه، فهي تحرك المشاعر التي تسكن الدواخل، وتستحضر قيم الاتحاد والولاء للوطن، كل ذلك يعلي من قيمة الانتماء، ويغرس حب الوطن في نفس الصغير قبل الكبير، ما يسهم في تطوير الذات، فالانتماء قيمة إنسانية عليا تربط الإنسان بجذوره وبأصله وبتاريخه وموطنه. الانتماء للوطن قيمة تفاؤلية تبعث على التطور، وتغذي الطموح داخل الإنسان، ومن ثم تمده بالطاقة اللازمة لتحقيق الرفعة والتقدم ليس للإنسان الفرد، بل للوحدة المنتمي إليها، أياً كانت خصائص تلك الوحدة سواء فرداً أو أسرة أو جماعة أو قبيلة أو عشيرة أو دين أو مجتمع، هذا ما تؤكد عليه الدكتورة علياء إبراهيم، استشارية أسرية، وخبيرة تنمية بشرية، موضحة إن الانتماء هو القيمة الأكثر التصاقاً بالنفس، وتربط ذلك بالاحتفال باليوم الوطني في الإمارات، وتقول إن "مذاق الاحتفال باليوم الوطني في الإمارات له شكل ومضمون خاص، فهذه الدولة تطل على السواحل ما جعلها منذ القدم منفتحة على الشعوب والحضارات الأخرى، ولتمتعها باستقرار وأمن وأمان أصبحت منطقة جذب سواء للراغبين في العمل أو السياحة، ولذلك فهي دولة تتميز بالتعددية الثقافية التي لم تمنع الدولة من الحفاظ على هويتها التي تحرص على ترسيخها من خلال العديد من الخطوات والفعاليات الثقافية التي حفظت للإمارات تراثها وموروثاتها بالرغم من تطورها الذي لم يتعارض مع مجتمع متمسك بالأصالة". «سيمفونية» التعددية ترى إبراهيم أن الاحتفال باليوم الوطني في الإمارات يشكل "بانوراما انتمائية"، وفق قولها. وتضيف في هذا الصدد "الاحتفال تعبير عفوي عن حب وطن، صادر من كل شخص لديه شعور قوي بالانتماء لدولته وقيادته التي تسعى لتطويره وتقدمه واستقراره، فهناك أطفال ينتمون إلى دول وجنسيات مختلفة، ولكنهم بحكم الميلاد والنشأة على أرض الإمارات، بات هذا البلد الآمن وطنهم اندمجوا فيه، وتبلورت مشاعرهم هنا بين أقرانهم، جنبا إلى جنب، فأصبح لديهم انتماء مخلوط بمشاعر الحب وارتباط بأرض هذا الوطن الذي احتضن لحظات ميلادهم وخطواتهم الأولى، ما جعلهم يتغنون جميعا بنشيد "عاش اتحاد إماراتنا"، الذي هو سيمفونية للتعدد والتكامل الثقافي فكاتبه إماراتي وملحنه مصري وكلاهما عربي ويتغنى بالنشيد العديد من الجنسيات". وتتابع "يحتفل الجميع باليوم الوطني باختلاف الجنسيات، يتذكرون مؤسس هذا الاتحاد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي حرص على بناء الإنسان الإماراتي، والذي أحب شعبه وتواضع له وتواصل مع شعوب العالم بأخلاقيات المسلم العربي؛ فنال احترام شعبه والعالم في حياته ومماته فحمل له الكثيرين ممن يعيش على أرض الإمارات مشاعر حب والولاء"، مؤكدة أن اليوم الوطني فرصة لاستحضار قصص وحكايات رجال عاصروا هذه الأيام التي تم إعلان الاتحاد فيها ما يخلق لهذا الجيل فرصة للوقوف على نضالهم وصبرهم وعزيمتهم، وهذا يصب في اتجاه التربية بخلق ووعي مفاهيمي قوي بأن ما وصلت إليه الإمارات اليوم فهو بفضل الكفاح والصبر. وتلفت إبراهيم إلى أن التعددية الثقافية لدولة الإمارات أسهمت في خلق وعي ثقافي مختلف لدى الناس. وتضيف "أهدى هذا البلد للعالم نموذجا لمجتمع مسلم عربي حرص على الحفاظ على هويته وتراثه وأصالته، وأهدى مع هذا كله جودة لإدارة التعددية الثقافية التي يتسم بها هذا المجتمع، بما لا يؤثر على هويته، منطلقا من مبدأ اختلاف الشعوب والألسنة والألوان، فهو آية من آيات الله في خلق البشر لتحقيق مبادئ التكامل والتعارف والتعايش، بل إن هناك مجتمعات أخرى تتكون من نسيج مجتمعي واحد، ولكنها تشهد صدامات نتيجة التعصب، وهذا ما لم تشهده الإمارات، فنالت احترام العالم". غريزة الانتماء ... المزيد