هدية العيد : قصيدة مارون عبود بمدح رسولنا الكريم ( ص ) الدكتور عبدالإله الراوي في كلمتنا هذه ، وفي هذا اليوم العظيم ، فضلنا أولا أن نبتعد عن السياسة لكوننا وقرائنا الأعزاء بحاجة للحظات من النقاهة . وثانيا قررنا أن لا يكون مقالنا طويلا ومملا ولذا سنقوم بتقديم القصيدة فقط دون كتابة أي سطر عن حياة كاتبنا وشاعرنا الكبير مارون عبود رحمه الله . علما بأننا سنقدم قريبا ، إن شاء الله ، قصيدة أخرى لنفس الشاعر والتي لها علاقة مباشرة بهذه القصيدة ، وسوف نقدم عرضا موجزا للتعريف بالشاعر ومؤلفاته . وأخيرا إن من يقرأ اسم ( مارون عبود ) سيقول بأنه مسيحي . فهل أنه اعتنق الإسلام ليكتب هذه القصيدة والقصيدة التي سنقدمها قريبا ؟ هذا السؤال سنجيب عليه في مقالنا القادم إن شاء الله . وختاما سنقوم بشرح بعض الكلمات والتعريف السريع ببعض الأعلام . وإليكم القصيدة . في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم للشاعر مارون عبود . طَبعتْكَ كفُ الله سيفَ أمان كمنَ الرّدى في حدِه للجاني العدلُ قائمهُ وفي اِفْرَنْدهِ (1) سورُ الهدى نُزلّن سحر بيان وعليك أملى الله من آياته شهباً هتكْنَ مدارع ( 2 ) البُهتان لولا كتابك ما رأينا معجزاً في أمةٍ مرصوصة البنيان حملت إلى الأقطار من صحرائها قبسَ الهدى ومطارفَ ( 3 )العمران هادٍ يُصوَّر لي كأنّ قَوامه متجسدٌ من عنصر الإيمان وأراه يغضب للإله موحداً من نخلةٍ في عِرقِها صِنوان لم يُزْهِهِ بدرٌ ولا أحدٌ ثنى عزماتِه عن خِطة العرفان فهو اليقين يصارع الدنيا ومنْ جاز اليقين يعودُ بالخذلان وكذا النّبوة حكمةٌ وصرامةٌ وتقى وإلهام وفرطُ حنان هي ذلك الرّوح التي تَتَقَمَّصُ الأبطالَ للحدث العظيم الشان تُلقي على الأبطال شِكّتها فتد فعهم فينفجرون كالبركان لك في السماء منصةٌ قدسيةٌ قامَتْ على التوحيد والميزان ما كنتَ سفاحا ولم تسفك دماً إلا بحق العادل الديان لو كنتَ في قوم تسيخُ عقولهم وحياً لكنت كأطوع الحملان قد أحرجوك فأخرجوك فنِلْتَهم ومذ ارعووا عن ذلك الطغيان وسمحتَ ثم صفحتَ عن آثامهم وغمرتَهم بالفيءِ والإحسان لله دينك جنةٌ مختومةٌ من كل فاكهةٍ بها زوجان دينٌ تدفّق حكمةً وتجدداً كالبحر لفظاً والسماءِ معاني ألّفت منه وحدةً كونيةً العبدُ والمولى بها نِدان يامَنْ يموتُ ودرعه مرهونةٌ قد دُستَ مجدَ الأصفرِ الرّنان لو أَدّتِ الناسُ الزكاةَ وأنصفوا ما كان في الدنيا فقيرٌ عاني يسّرتَ للناس الشؤونَ فأيسروا أما الهوى فكبحتَهُ بعِنان وجمعت حولك يا رسولُ صحابةً بعمائمٍ أزهى من التيجان خَشُنَتْ ملابسهم ولان جوارهم بالعدل فالأعداءُ كالإخوان تشقى العدالةُ في القصور وأنت قدْ أسعدْتَها بمضاربِ العربان أمعلمَ التوحيد وَحِّد أمةً قدْ فرقَتْها نُعرة الأديان يتنازعون على السماء وأرضهم في قبضة الرُّواد والحَدثان فلتنحنيْ الأجيالُ إجلالاً لدى ذكرِ النّبي الأطهر العدنان ولينعق المتعصبون فلم يَضُرْ طيرَ الجنان تمنطقُ الغربان غزوة أحد أحدٌ سبيلُ الله سيناءُ النّبي الهاشميّ ومصرعُ الأوثان ألواحُه هبطتْ سطوراً مِنْ دم لما تَناضَل عنده الحِزبان يمشي برايةِ أحمدٍ حزبُ الهدى والشركُ يُزجِيه أبو سفيان فعلا فحيحُ المشركين كأنّ في تلكَ الصدورِ جهنّمُ الأضغان والنوق ساهمةٌ تخبُّ هوادراً يحدو الحنينُ بها إلى الأعطان (4 ) والصاهلات تلوك ألجمة الوغى وتشبُّ عند الكفّ كالثّعبان هزجٌ هو الرعدُ الأجشُّ وزحفةٌ كالموج فوق نواهدِ الكُثبان يمشون والرّمضاءُ ترقصُ في الفَلا رقص السّراب على بساط جمان دهموا الرسول فما ألانَ جناحَه للكافرينَ وقام كالصَّفْوان ( 5 ) متماسكٌ إيمانه مستوثقٌ وجدانُه من ربّه الحنّان سرْ يا محمّد لا تخفْ غمراتِها فستنجلي عن قُدرةِ الربّان وأمامك الميناءُ بسامُ اللَمى فاضربْ بجوجئها ( 6 ) العبابَ القاني والريحُ بين يديكَ يُرسلُها الذي يطوي الوجودَ بأمرهِ الملوانِ دارتْ رحى الهيجا على لهواتِها (7) مجنونةً وتلاحمَ الجمعان وكأن عاصفةً تحركُ غابةً من مشرفياتٍ ومن مُرّان ( 8 ) فصليل أَسْيُفِهِم زئيرُ مآسدٍ ورنينُ أَنبُلِهم عزيفُ الجان وكأنّما في كل لأمةٍ باسل عِزريلُ فالصّرعى بكلّ مكان ما أرخصَ الأرواح عند العُرب إن جَهلوا وكمْ تُمسي بلا أثمان وقضى المهيمن أن يمهتر ( 9 ) عبده بدمٍ بلاغ الوحي للأكوان فثنيتاه ومبسمُ الدين ازدهى بهما ونالَ الحقُ خير ضمان وكذا الرسالةُ لا يُؤيّدُ وحيها إلا إذا كُتبت بأحمرَ قاني أبو دجانة (10) وأبو دجانةَ في حسامِ محمدٍ يختالُ كالجنّي في الميدان بطلُ الجلادِ إذا تعصّبَ وانتمى فالفجُّ أينعَ والقطوفُ دواني أخذَ الحسامَ من النّبي بحقِهِ فلواهُ فوقَ مناكبِ الأقرانِ كم شكَّ مدرعاً وجندلَ فارساً وهوى على متجبرٍ طعّان حُمَّ القضاءُ فكان ترساً من دمٍ دونَ النّبي وأسهمِ العُدوان وابَن اليقين إذا دعوتَ وجدتَه في الساعةِ السوداء ثبْتَ جَنان أأبا العصابةِ أخلدتْكَ هنيهةٌ حمراءُ صانتْ بيضةَ الإيمان كرَّمْتَ سيفَ محمدٍ والموت يف ترش الرجال فعِفْتَ ضربَ غواني أم عمارة (11) لله أمُّ عمارةٍ من باسلٍ أنثى تطاحنُ أشجع الشجعان لله درُّ أبيكِ أنصارية مضت الدهور وأنتِ نصب عيان هي مجدليةُ أحمدٍ وسلاحُها غيرُ الطيوبِ ومدمعٍ هتان ( 12 ) سلكتْ سبيلَ اللهِ تحملُ قربةً تَروي ظماءَ مُجاهدٍ حرَّان حتى إذا ما المسلمون تضعضعوا ومحمدٌ أمسى بلا أعوان ألقتْ بقربتها وسَلَّتْ صارماً نفحَتْ به عن سيدِ الفرسان مهتاجةٌ كَلَبُوْءَةٍ في فجوةٍ منقضةٌ ككواسرِ العقبان أنثى تذود يشدُّها إيمانها بالمصطفى بالله بالقرآن فتح مكة ماذا أبا لهبٍ و مكةُ أُشرِعَتْ أبوابُها لعساكر الرحمن قد غمك النصر الصغير فلو ترى الفتح الكبير لَمُتَّ قبل ثمان انظرْ فإن النّاس حول محمدٍ كربائضٍ أحدقن بالرّعيان قد طافَ بالبيت العتيق مطهِّراً و غداً سيعدوه إلى البلدان الله أكبر دُهوِرَتْ أصنامُكم فتحطمتْ أسمعت صوتَ أذان؟ هذا بلالُ يبلغُ النبأَ العظيمَ ويطبعَ اسمَ اللهِ في الأذهان و محمدٌ مغضٍ جلالاً خاشعاً ملءُ النفوس جمالُه الروحاني --------------------------------------------------------------------------- 1- ( الفرند : وشى السيف وفرند السيف وإفرنده : ربده ووشيه . والفرند السيف نفسه .) 2- ( مدراع : لابس الدرع ) 3- الطريف والطارف من المال : المستحدث وهو خلاف التالد والتليد ) 4- ( الأعطان : عطنت الإبل إذا رويت ثم بركت ) 5- (الصفوة : خيار الشيء ) 6- ( الجؤجؤ : الصدر ) 7- ( اللهاة : اللحمة المشرفة على الحلق والجمع لهوات .. ) 8- ( المشرفيات : السيوف اليمنة . والمران : شجر الرماح ) 9- ( الهتر : مزق العرض ورجل مستهتر : لا يبالي ما قيل فيه ) 10- ( أبو دجانة ( رض ) : أحد الصحابة الذين حموا الرسول ( ص ) يو أحد ) 11- ( أم عمارة ( رض ) : صحابية معروفة ) 12 – ( هتان : هتون الدمع أي كثيرة البكاء ) الدكتور عبدالإله الراوي دكتور في القانون وصحافي عراقي سابق مقيم في فرنسا [email protected] تجدون كافة مقالاتنا التي نشرت بعد الغزو على http://iraqrawi.blogspot.com