قالت الرئاسة المصرية، أمس، إنها ملتزمة بالحوار مع «كافة القوى السياسية» للتوصل الى توافق عام على الدستور، وشددت على «الطبيعة المؤقتة» للإعلان الدستوري الذي يوسع سلطات الرئيس محمد مرسي، فيما طالب المجلس الأعلي للقضاء بحصره في «الأعمال السيادية»، وتواصلت، أمس، الاشتباكات لليوم السابع على التوالي في محيط ميدان التحرير، الذي يشهد اعتصاماً لأنصار القوى السياسية المصرية المعتصمة، احتجاجاً على الإعلان، وقررت السلطات إقامة جدار اسمنتي جديد في شارع القصر العيني، للفصل بين المتظاهرين والأمن، وقال المعارض البارز محمد البرادعي، انه لن يكون هناك أي حوار مع الرئيس حتى يتراجع عن الإعلان «الدكتاتوري»، الذي قال إنه يمنح الرئيس سلطات تجعله «فرعوناً»، ووصف انتخابات الرئاسة التي فاز فيها مرسي بال«هزلية»، وأضاف «إنني أنتظر لأرى بيانات إدانة قوية للغاية من الولاياتالمتحدة ومن أوروبا ومن أي شخص يهتم حقاً بكرامة الإنسان، وأتمنى أن يكون ذلك سريعاً». وقالت الرئاسة في بيان «هذا الإعلان ضروري من أجل محاسبة المسؤولين عن الفساد، إضافة الى الجرائم الأخرى التي ارتكبت أثناء النظام السابق والفترة الانتقالية». في المقابل، قال مجلس القضاء الأعلى إن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس، والذي يحصن قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، يجب أن يقتصر على «الأعمال السيادية» فقط. وقال التلفزيون المصري إن المجلس دعا القضاة إلى الاستمرار في العمل، بينما كان نادي قضاة مصر دعاهم، أول من أمس، إلى تعليق العمل. واستجابت محاكم ونيابات لتوصية نادي القضاة. وأصبح شارع القصر العيني الذي تقع فيه المؤسسات الحيوية مركزاً للاشتباكات حيث تراشق المتظاهرون والامن بالحجارة فترات طويلة من الليل، وقلت حدة الاشتباكات في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير. من جهة أخرى، أقامت عناصر الأمن جداراً خرسانياً بمدخل شارع قصر العيني مقابل مبنى مجلس الشورى، للفصل بين المتظاهرين وقوات الامن تحت غطاء من الغاز المسيل للدموع لابعاد المتظاهرين عن موقع البناء، فيما أقامت حواجز حديدية وأسلاكاً شائكة بمداخل الشوارع المجاورة. واشتدت حدة المواجهات بإطلاق قوات الامن للغاز المسيل للدموع بشكل مكثف وهو ما صاحبه حملة اعتقالات. وهتف المتظاهرون «الشعب يريد اسقاط النظام» و«إعلان دستوري باطل». وردد المئات، ومعظمهم من الشبان صغار السن، هتافات مناوئة للداخلية والرئيس المصري. وقال أحمد عاطف (18 عاماً) لوكالة فرانس برس «الهجوم اشتد علينا عقب صلاة الفجر. اثنان من اصدقائي اعتقلا، أحدهما فتاة». من جهته، أكد مصطفى إبراهيم أن «الشرطة تستخدم الليل للتنكيل بنا، هذا شيء اعتدنا عليه». وسقط عشرات المصابين جراء الغاز، واكتظ المستشفى الميداني الذي أقامه المتظاهرون على مدخل شارع جانبي من التحرير بالمصابين. وتواصل اعتصام معارضي مرسي لليوم الثاني، وشهدت الليلة قبل الماضية محاولة من «بلطجية» باشعال النيران في الخيام، وحطم متظاهرون غاضبون منصة موحدة أقامتها أحزاب الدستور والتيار الشعبي والمؤتمر، بسبب اتهامهم لحزب المؤتمر بانتماء قياداته للنظام السابق «فلول». ووقعت اشتباكات متقطعة بين عشرات المتظاهرين وبين عناصر الأمن بجوار مسجد عمر مكرم، ومحيط مبنى السفارة الأميركية بمدخل حي «جاردن سيتي» بوسط القاهرة، حيث رشق المتظاهرون بالحجارة عناصر الأمن الذين ردوا بإطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين ودفعهم إلى التراجع نحو ميدان التحرير. وأسفرت تلك الاشتباكات عن وقوع عدد من الجرحى غالبيتهم من المتظاهرين، حيث يجري علاجهم من اختناقات بالغاز. ووقعت اشتباكات بين أعداد من المواطنين، بمحيط مقار لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بعدد من المحافظات المصرية، حيث أصيب عشرات المواطنين في الاشتباكات. من جانبه، قال البرادعي في مقابلة اجرتها معه وكالتا «رويترز» و«اسوشيتدبرس» بعد محادثات مع معارضين آخرين «لا مجال للحوار عندما يقوم دكتاتور بفرض أشد الإجراءات قمعاً وبغضاً ثم يقول دعونا نسوي الخلافات». وشدد البرادعي، الذي قال انه يتوقع ان يكون منسقاً لجبهة وطنية جديدة للانقاذ، على أن اعلان مرسي يهدد تحول مصر إلى الديمقراطية وإن هناك حاجة إلى وقف «دائرة العنف». وقال «كيف سنفعل ذلك؟ انا لا ارى أي سبيل آخر سوى إلغاء السيد مرسي لاعلانه (الدستوري) الدكتاتوري»، مضيفاً ان الإعلان يخلق «فرعونا جديداً». واجتمع البرادعي بمعارضين بارزين آخرين من بينهم المرشحان الرئاسيان السابقان اليساري حمدين صباحي والامين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، كما التقى مع ممثل لمرشح رئاسي ثالث هو عبدالمنعم ابوالفتوح. وقال البرادعي ان الهدف من الاجتماعات كان التأكيد على عمق المعارضة، وتابع «سيكون علينا ان نواصل تصعيد تعبيرنا عن المقاومة والعصيان السلمي». وقال إن قرارات مرسي اجبرت الليبراليين وغيرهم من تيارات المعارضة على التوحد. وحتى الاآن لم تظهر هذه القوى قوة أمام مهارات الاخوان المسلمين التنظيمية. وقال البرادعي إنه دعا مراراً لإقرار الدستور قبل إجراء الانتخابات للحيلولة دون وقوع اضطرابات كالتي تشهدها البلاد حالياً، مؤكداً انه كان محقاً في عدم خوض انتخابات «هزلية» على الرئاسة طالما لم يسن دستور او تحدد مهام المنصب. وأضاف «نحن ندفع ثمن عملية تحول معقدة وغير منطقية تماماً».