عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة المرأة اليمنية في كتابات المرأة الغربية
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 04 - 2013

منذ مطلع القرن التاسع عشر وحتى اليوم لا تزال اليمن تجتذب كثيراً من الرحالة والباحثين الاجانب الذين يأتون اليها من اوروبا وامريكا وروسيا ليس فقط للبحث عن الطريق القديم لتجارة البخور والقطع الاثرية لكن ايضاً بهدف جمع المعلومات الانتربولوجية عن سكانها والخلفية الاجتماعية والفكرية والدينية لمئات الآلاف من المهاجرين اليمنيين والمولودين الذين يعود اصلهم الى اليمن والذين يعيشون اليوم في بلدان جنوب شرق افريقيا والخليج العربي ومناطق اخرى كثيرة من العالم. وعلى الرغم من الاهمية الكبيرة التي تنطوي عليها كتب الرحلات والمذكرات والدراسات التي الفها هؤلاء الرحالة والباحثون الاجانب عن اليمن، فحتى اليوم لم ينل معظمها الاهتمام المناسب من المترجمين والباحثين اليمنيين وتجدر الاشارة الى ان المعهد الامريكي للدراسات اليمنية- صنعاء قد ضمن الكتاب الثالث في «سلسلة الدراسات المترجمة» ترجمة عربية لتسع دراسات انتربولوجية تناول فيها باحثون غربيون المرأة اليمنية «1».
وبعكس الصورة العلمية التي تزعم تلك الدراسات الغربية تقديمها للمرأة اليمنية تبرز صورة المرأة اليمنية بشكل اوضح واكثر حيوية في كتب الرحلات والمذكرات التي الفها عدد من الرحالة والكتاب الغربيين خلال اقامتهم في اليمن وهي كتابات تحتوي على ابعاد فنية وخيالية بالاضافة الى المعلومات العلمية التي تزعم انها تقدمها عن المجتمع العربي في اليمن.
وبما ان تقاليد المجتمع اليمني لا تسمح عادة للرجل من دخول عالم المرأة ودراسته بشكل دقيق فقد اخترنا ان نكرس هذه الدراسة لتناول صورة المرأة اليمنية في كتابات ثلاث من اشهر النساء الغربيات اللاتي زرن اليمن وعشن فيه خلال القرن العشرين، البريطاينة «فريا ستارك» والالمانية «ايفا هوك» والفرنسية «كلودي فايان» «2».
في الجزء الاول من الدراسة سينصب جل اهتمامنا على الكيفية التي جعلت بها نصوص متننا «3» المرأة ضحية للعادات الاجتماعية والرجل والجهل والظروف الاقتصادية وفي الجزء الثاني الذي سنتناول فيه صورة المرأة الانثى سنبين اهتمام الكاتبات الغربيات بوصف عادات المرأة اليمنية وملابسها وزينتها ومعتقداتها وعلاقتها مع المجتمع وبما ان من اهم العوامل التي شجعتها على دراسة صورة المرأة في كتابات فريا ستارك وايفا هوك وكلودي فايان الاسلوب الفني الذي استخدمنه في تدوين رحلاتهن والذي يمزج بين السرد والوصف والواقع والخيال ويحتوي على كثير من عناصر الاثارة والتشويق فقد كرسنا الجزء الثالث من دراستنا للكشف عن الابعاد الفنية والخيالية في صورة المرأة اليمنية كما تبرزها تلك النصوص وسنحاول في نهاية هذا الجزء تبيان دور الخطاب النسوي الغربي في تشكيل تلك الصورة.
اولاً- المرأة الضحية
1/1- المرأة ضحية العادات الاجتماعية:
الحرمان من التعليم:
تصور فريا ستارك وايفا هوك وكلودي فايان المرأة اليمنية في حالة مزرية من الجهل ويفسرن ذلك بترسخ عدد من العادات الاجتماعية التي تمنع البنت اليمنية من تعلم القراءة والكتابة والالتحاق بالمدارس التي كانت نادرة في معظم مناطق اليمن في منتصف القرن الماضي وتسرد الطبيبة الفرنسية المصاعب الكثيرة التي واجهتها حينما ارادت ان تساعد الفتاتين «شريفة واختها ولطيفة» اللتين فدمتا الى صنعاء بعد ان فقدتا والديهما في القرية على التعليم «ص159»، وفي احد شوارع مدينة تعز التقت فايان بعدد من الصبيان والبنات الصغار ولكي تقربهم منها سمحت لهم باستخدام معدات الرسم التي بحوزتها وتقول: بدأت بالفتى، فالرجل هنا هو الاول دائماً ثم اردت أن امرر الورق على الفتيات يا لها من فضيحة لقد شعر الصبي بالاهانة فرمقني بنظرة قاسية وسحب الورق من يدي الفتاة بإزدراء وهو يقول: انها بنت لا تعرف شيئاً واستسلمت الصغيرة في انكسار وتركت الورق ولكني رتبت الامر بالطريقة الغريبة واعطيت الفتيات دورهن وتهللت اسارير مريم واستبشرت بالانتصارات القادمة للمرأة ورسمت اصابع عشراً للذراعين اللذين رسم خطوطهما الصبي «ص67».
وفي شبام حضرموت ايضاً لم يكن المجتمع في منتصف القرن الماضي متحمساً لتعليم الفتاة وتذكر ايفا هوك انه لم يكن في شبام إلا مدرسة واحدة للصبيان وتكتفي البنات الصغيرات بحفظ السور القصيرة من القرآن عند احدى العجائز او الفتيات وفي اثناء اقامتها في شبام تعرفت هوك على بنت في غاية الذكاء تدعى «أمينة» وطلبت من والدها ان يعهد بها الى معلم خاص ليتولى تعليمها القراءة والكتابة فرد قائلاً: لو تعلمت فتياتنا القراءة والكتابة لسعين الى المزيد من المعرفة وسيؤدي تعليمهن الى توليد المزيد من الرغبات والطلبات عندهن ولن يمضي وقت حتى يصبحن راغبات في مساواتنا نحن الرجال، اننا نعيش الآن في رخاء لكن اذا زادت مطالب النساء فإننا سنجد انفسنا عاجزين عن تأمين نفقاتنا وتؤكد ايفا هوك ان امينة نفسها لم تكن ترغب في ان تتعلم اكثر حاجتها المطلقة في ان تكون زوجة واماً صالحة «ص198».
وتذكر ايفا هوك ان رجال القبائل في بادية حضرموت لم يكونوا في الخمسينات من القرن الماضي ليسمحوا بذهاب بناتهم الى المدارس لان ذلك يؤدي الى انسلاخهن من جسد القبيلة فحينما سألت هوك «مقدم» احدى تلك القبائل ان كان مستعداً لتعليم بنته رد عليها على الفتيات ان يعتنين بماشيتنا واغنامنا ولن يتزوجن بعد ذلك رجلاً من القبيلة اما اذا اذهبن الى المدرسة فإن القبيلة تكون قد خسرتهن نهائياً وكان المقدم على حق الى حد ما فقد تزوجت اربع من الفتيات البدويات اللاتي يعملن معي رجالاً من اهل المدن لا من قبائلهن «ص250».
وبالمقابل تذكر فريا ستارك التي تؤكد انها لم تقابل سنة 1935م في دوعن اي امرأة تقرأ وتكتب ان ارملة مثقفة جداً دعتها اثناء اقامتها الاولى في سيئون في مطلع تلك السنة الى حضور احدى جلسات قراءة البخاري التي لا تزال منتشرة الى اليوم في هذه المدينة وتروي تفاصيل الزيارة على هذا النحو في كتابها «البوابات الجنوبية لشبه الجزيرة العربية» حين رأتني ادخل انكبت على قراءة احد مجلدات احاديث «البخاري» وضع فوق مقرأ امامها كانت في الكتاب بصوت يشبه الرنين وخالٍ من التعبير وبينما كانت هي منهمكة في القراءة اخذت المستمعات يتململن وقد تنازعهن واجب الانصات لما يقرأ والرغبة الجامحة في النظر اليّ، وكانت تستشهد بالقرآن والاحاديث النبوية وكذلك بالشعر، اذا انها كانت هي نفسها شاعرة، وشاركت في بعض المساجلات الشعرية العامة، وتحصلت في احدى المرات على طقم اواني كامل لتحضير الشاي كجائزة، واخبرتني ان النساء يجتمعن عندها كل يوم ليستمعن لقراءة القرآن او صحيح البخاري ومسلم او واحد من كتابين آخرين نسيت اسمهما.. وقد اضطررت الى الانصراف قبل انتهاء الجلسة، وكنت مفعمة بمشاعر المودة والتقدير تجاه تلك السيدة على الرغم من تحذلقها الذي كان في الواقع عفوياً وظريفاً وطبيعياً ويتدفق وسط هذه المراعي اللاهوتية الوحرة مثلما ينساب عين ماء بين الصخور، وقد اخبرتني انه يوجد في سيئون عدد آخر من النساء العالمات، الا انهن متزمتات جداً، ولم تكن هي كذلك، فقد فتحت ذراعيها للمستمعة المسيحية وبينت لي صدق محبتها لي، وجاءت لزيارتي حين مررت بسيئون بعد عودتي من تريم، ص (209).
الزواج المبكر
وتذكر كلودي فايان ان البنت اليمنية، لا سيما في المدينة، تعاني، بالاضافة الى الحرمان من المدرسة، من عدم امكانية الخروج من البيت، «فبنات العائلات الموسرة لا يذهبن الى المدرسة بل يبقين في اوساط الحريم يلعبن بقطع القماش ويكسر وجوههن بسرعة فائقة الحياء والخجل العنيف من سن الخامسة عشرة» (ص190).
واذا كانت البنت اليمنية تحرم من التعليم واللعب في الشارع فهي تدخل بسرعة في عالم النساء الكبار، وتكتسب فيه ثقافة جنسية تؤهلها نفسياً للزواج المبكر، وتربط ايفا هوك هذه الظاهرة بالاهتمام الكبير الذي توليه المرأة اليمنية للحياة الجنسية، فهي تؤكد ان «اهتمام النساء يتركز، اذا ما استثنينا الاطفال وحفلات الزواج والاعياد والملابس، على النواحي الجنسية، وذلك ثمرة نشوئهن في بلاد الف اهلها تزويج بناتها في سن تتراوح بين العاشرة والرابعة عشرة(...) ولا تكون الفتاة في هذه البلاد وهي في العاشرة او حتى في الرابعة عشرة من عمرها اكثر نموا، بدنيا وعقلياً، من مثيلاتها في هذا السن في أوروبا، ولكنها تكون اكثر ثقافة في الناحية الجنسية، اذ انها نشأت على التطلع الى الزواج المبكر، ولانها الفت منذ طفولتها المبكرة ان تكون دائماً في صحبة من يكبرها سنا، وهكذا تنشأ الفتاة على التحدث بما تلتقطه اذنها من حديث، والرجال والنساء على حد سواء كثيرو الصراحة في الاحاديث الجنسية ولا يتورعون مطلقا عن التحدث بجميع دقائق الحياة الجنسية وكنت مهيئة لتصديق فاطمة عندما قالت لي في يوم لاحق: ساحس بالخجل لو تحتم علي ان ابلغك جميع ما وجه الي من اسئلة عنك». (ص25).
وبعكس ايفاهوك التي تنتقد الزواج المبكر لايبدو ان الطبيبة كلودي فايان
ترى ضرراً في تزويج البنت حتى وهي في سن الحادية عشرة فهي تقول: الزواج الاول للفتاة هو الفرصة المناسبة للأفراح والاحتفالات وقد لاتتعدى الزوجة سن الحادية عشرة او الثانية عشرة، وتعيش مع زوجها.. فهل زواج الفتاة الصغيرة جريمة؟.. لقد عرفت الكثير من صغيرات السن مزوجات ومخطوبات، ولم اتبين لذلك ضرراً ويندر ان تحمل الفتاة في المرحلة الاولى لبلوغها وعسر الولادة ينتج عن سوء التغذية اكثر مما ينتج عن النمو الجسمي غير الكامل للأم الشابة وفي نظام الحريم تعد الفتيات الصغيرات اعدادانفسياً ممتازاً ويعرف الازواج كيف يحصلون على مايريدونه من متع ولذات.. وتعلق كلودي فايان.. يا لتعاسة فتياتنا الغربيات اللاتي تمتقع الوانهن في هذه السن على مقاعد الدراسة.. واللائي اذا عشن كنساء ففي الخفاء وفي العذاب والألم وزواج الفتاة الصغيرة ليس فيه خطر من الناحية الجسمية بل انه جاذب فتان في غالب الأحوال ص196.
وتؤكد ايفاهوك انه لم يكن من غير المألوف في اليمن ان نجد عجوزاً في السبعين من عمره او يزيد يبني بفتاة في العاشرة لتحول كما يقولون بينه وبين الشيخوخة بما تحمله من نضرة الشباب ويفاعته.
المرأة ضحية الرجل في الطلاق
تبرز نصوص متننا مدى الانتشار الواسع لظاهرة تعدد الزوجات في اليمن عند منتصف القرن الماضي وتفسر كلودي فايان هذه الظاهرة بأسباب اجتماعية ودينية قائلة: اذا توافرت الامكانات فان واحداً من كل رجلين في اليمن تتعدد زوجاته، اذ ان ارجح الازواج عقلاً وحنكة يشعرون وهم في سن الاربعين بحنين ورغبة الى جسد بض جديد وزوجاتهم يعرفن كل هذا ويتقبلنه كما لاتتقبله المرأة في اي بلد آخر، وذلك لان الاسلام يقره اولا، ولأن كرامة المرأة لن تمس: فهذا الزواج كزواجها هي تماماً ليس نتيجة للحب، انها لاتخشى العواصف التي تقلب الحياة العائلية رأساً على عقب في البلاد التي يتعارف فيها الرجال بالنساء وهي اخيراً ستجد صديقة حبيبة تساعدها وتأخذ عنها جزءاً من العمل المنزلي ومن ترصد الحماة واعتراضاتها ومتاعبها، اما الزوجة الجديدة فتحترم ضرتها الاولى وشبابها يضمن لها افضلية مناسبة، واذا لم تتفق الزوجتان فان الزوج يتخلص ممن لا اولاد لها فاذا كانت الاثنتان لهما اولاد وكان الرجل موسرا فانه يجعل لكل واحدة ساكناً خاصا، اما اذا كان الزوج فقيراً فانه الجحيم بعينه وقد عرفت رجلا معسراً وقع في هذا المأزق فكان في معظم الاوقات يعيش في بيت أخيه ص197- 198.
وتربط ايفا هوك بين ظاهرة تعدد الزوجات وكثرة الطلاق، ومثل كلودي فايان تحاول هي ايضاً- ان تقدمهما في اطار اسلامي لكنها تؤكد ان الاغنياء فقط هم الذين يقدمون على الجمع بين زوجتين او اكثر، فهي تكتب، يسمح للمسلم بالزواج من اربع نساء ويستطيع ان يطلق من يشاء منهن ويبعث بها الى اهلها لاقل سبب واتفه مبرر ولا يستفيد من هذا العرف عادة الا الاثرياء والسلاطين والملوك والأمراء بالنظر الى غلاء المهور التي يتحتم على الرجال دفعها للحصول على الزوجة، يضاف الى هذا ان على الرجل دفع النفقة الى زوجته بعد الطلاق مها، لاسيما اذا كان لها اطفال منه دون السابعة ويستمر في دفع النفقة الى ان تبني المطلقة برجل آخر او يستعيد الرجل اولاده منها بعد ان يكملوا السابعة ص24.
وتتناول ايفاهوك كذلك ظاهرة اقتناء الحكام والامراء للجواري والاماء وهي ظاهرة باتت نادرة في منتصف القرن الماضي، واختفت تماماً مع زوال حكم الائمة والسلاطين من اليمن وتشير اليها قائلة يستطيع الملك او الأمير بالاضافة الى زوجاته الاربع- ان يقتني العدد الذي يريد من الجواري والاماء اللاتي يستطيع الاعتراف بشرعية اولاده منهن اوعدم الاعتراف بشرعيتهم ان شاء وله الخيار ايضاً في ان يوصي لهن ببعض ماله ان شاء مع ان القوانين لاتفرض عليه ذلك ولا يسمح لزوجات الامام بالتزوج ثانية بعد طلاقهن منه.
وتؤكد كلودي فايان ان بامكان المرأة اليمنية ان تطلب هي الطلاق من زوجها لكنها لاتستطيع الحصول عليه الا اذا اثبتت خطأ في تصرف الزوج كعلاقة غير شرعية او مبالغة في البخل والتقتير وهي عندما تريد الطلاق تترك بيت الزوجية وتعيش عند اهلها وتكلف من يناقش الموضوع مع الزوج ص197.
ولا ريب في ان عدم تقبل المجتمع اليمني للمرأة العانس لاسيما في الريف وربما عدم ضمان استقرار الحياة الزوجية هما اللذان جعلا بعض النساء يعترفن لفريا ستارك انهن في الغاالب اكثر سعادة بعد الطلاق الاول او الطلاق الثاني ص75.
وتذكر ايفاهوك تحفظ الرجال اليمنيين عند الحديث عن زوجاتهم وعددهن وما تلاقيه من مشاكل من جراء ذلك لاسيما انهم لا يثقون كثيراً في الخادمات فهي تؤكد انه من النادر ان يبعث احدهم بخادمة لاستدعائي، اذ كان يجيئني دائماً الزوجة بنفسه طالباً مني رؤية بيته او يوفد اليَّ احد خدمة من الرجال ولو كنت قد تحدثت اليه عن زوجته بدلا من الحديث عن بيته لكان هذا الحديث خطيئه اجتماعية كبرى ولم اكن لأسأل الزوج في حالة وجود اكثر من زوجتين له عن الزوجة التي يريد مني معاينتها، وكان يتحتم عليَّ ان اميزها بنفسي على الرغم من وجود حالات تتطلب بالطبع معرفة المريض سلفا وفي مثل هذه الحالة كان الرجل يرد علي قائلاً: بيتي القديم او بيتي البدين او بيتي الصغير ص36.
وفي هذا الجانب بالتحديد تذكر ايفاهوك ان المرأة اليمنية في حضرموت تحظى باحترام اكثر من شقيقاتها في تعز، اذ تكتب تتمتع المرأة في حضرموت باحترام يفوق ماتتمتع به شقيقتها في بقية مناطق اليمن وقد تبينت هذه الحقيقة فور وصولي اذ عرفت ان النساء لايعشن في طبقات ادنى من الطبقات التي يعيش فيها الرجال بل في طبقات اعلى منها وكان في وسعي هنا ان اتحدث بانطلاق أكثر الى الرجل عن زوجته او بناته وان اذكر حتى اسمائهن ولم يكن هنا مجهولات كل الجهل في الحياة العامة كما هو الحال في بقية مناطق اليمن وكان الرجال يسمحون لنسائهم ان يلعبن دوراً اكبر في حياتهم، ما ادى الى ان افكار المرأة هنا كانت اكثر اتساعاً وآفاقهن اوسع شمولاً ص57.
وتذكر كلودي فايان التي انحصرت اقامتها في مدينة صنعاء في مطلع الخمسينات من القرن الماضي نوعاً من الزيجات يكون الطلاق فيها مخططاً له مسبقاً وبواسطته تسعى بعض الأسر الغنية في صنعاء الى وقاية ابنائها من حماقات المدينة فهي تكتب يتزوج ابناء الاسر الغنية مبكرين بنساء يكبرنهم في السن عادة ولسن ابكارا، ويكون الطلاق سريعاً وهو زواج هادئ لانه مجرد احتياط ووقاية وابعاد عن ارتكاب حماقات في المدينة ص 194، ولم نسمع ان زواج الوقاية هذا كان يوماً ما منتشراً في اية مدينة يمنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.