د. فهد بن سعد الجهني العلماء هم زينة الدنيا وبهجتها، وهم قادة الرأي والفكر، وقد امتدح الله في كتابه الكريم أهل العلم والذكر، وأحال السؤال عند الحاجة، وعدم العلم إليهم (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، وأهل الذكر في كل مجال هم أهل التخصص فيه، والآية تشير لاحترام التخصص! وفي تاريخ الأمة صفحات مضيئة، وتاريخ مشرف يحكي مكانة العلماء، وجميل أثرهم في الناس ومحبة الناس لهم وحاجتهم إليهم. وحفظت لنا كتب التاريخ والتراجم والأدب كيف كان الخلفاء والأمراء والوزراء من محبي العلم والأدب؛ كيف كانت عنايتهم بالعلماء والفقهاء والأدباء! وقد تذكرت هذا المعنى وعشته أيامًا وأنا أزور بعض الأصدقاء في حاضرة من حواضر العلم والعلماء والتي تضم بين أسوارها القديمة تراثًا معماريّاً لو تكلَّم لنطق بتاريخ مجيد يحكي عظمة المسلمين وهيبتهم وفنونهم وعلومهم! إني أعني مدينة "مراكش" عاصمة دول الإسلام من المرابطين والموحدين وغيرهم؛ والتي تبنّت وأنتجت وصدّرت واستضافت كوكبة من علماء المسلمين، سواء من المغرب الأقصى أو الأندلس! تذكرت ذلك، وأنا أسأل عالمًا من علمائها وكنزًا من كنوزها وهو مولاي الحسن بن عبدالرحمن العلوي الحسني -حفظه الله- عن علماء مراكش، ومنهم الإمام السهيلي شارح سيرة ابن هشام في مصنفه المشهور (الروض الأنف)، وهل هو دفين مراكش؟ فقال: نعم؛ وأوقفني على قبره -رحمه الله-! الإمام اللغوي الحافظ السهيلي المولود في مالقة في الأندلس سنة 508 ذاع صيته، وانتشرت تصانيفه حتى سمع عنه خليفة الموحدين يوسف بن عبدالمؤمن، فرغب في أن تستفيد منه مراكش وأهلها، فطلب منه المجيء كأستاذ زائر بتعبيرنا المعاصر ليدرس، ويؤلف في مراكش، وأرسل إليه المراكب والمواكب، واعتنى بقدومه؛ فقدمها سنة 579 ومكث فيها ثلاث سنوات حتى توفي بها سنة 581، ودفن في باب الشريعة أو الرب بضم الباء، والطريف والمدهش أن الأمير الموحدي، ورغبة منه في توفير جميع سبل الراحة حتى النفسية منها! أرسل من يرى تصميم بناء بيت السهيلي في الأندلس حتى يبني لها بيتًا على وفقه وقريبًا من شكله! ترك الإمام عبدالرحمن الخثعمي -نسبة إلى قبيلة خثعم- السهيلي تراثًا علميًّا وافرًا ومنه: غير الروض الأنف؛ كتاب (نتائج الفكر في علل النحو) تحقيق د. محمد البنا، وكتاب (التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام) تحقيق د.عبدالله النقراط، رحم الله علماء الإسلام، فقد كانوا هم الذين يعتنى سواء باستضافتهم وتكريمهم والإفادة منهم! وكم أتمنى لو تعود هذه السنّة الحميدة فيُستفاد من النابغين والنابهين والنافعين من العلماء والأدباء من بلاد المسلمين، وتسهيل إجراءات الإفادة منهم بالتخفف من كثير من الإجراءات غير الضرورية.. فالعلم رحم بين أهله.. فالسهيلي مثلاً خثعمي الأصل أندلسي المنشأ مراكشي المدفن!! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (67) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain