أكد مختصون وعقاريون أن حل أزمة السكن في المملكة لا سيما لفئة الشباب حديثي الزواج، يكمن في توفير مساحات محدودة للشقق السكنية، لافتين إلى أن الشاب في بداية الزواج لا يتطلب مساحات واسعة. وقالوا: إن ارتفاع أسعار الإيجار للواحدات السكنية الواسعة، لا يقل عن 35 ألف ريال سنويًا، وهذا المبلغ من الممكن أن يكون مقدار ما يمكن تسديده على فترة زمنية لتملك وحدة سكنية. وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة «دار التمليك» ياسر أبوعتيق، أن هناك شريحة كبيرة من الشباب لا يعلم كيف يمكن أن يوفر سكنًا في ظل ارتفاع الإيجارات وصعوبة شراء مسكن. ويضيف: أحد أهم التحديات التي تواجه الشباب هي عدم مناسبة الرغبات مع الإمكانات بمعنى أن شاب في مقتبل حياته الوظيفية، ويكون أسرة صغيرة ويسكن في شقة صغيرة بالإيجار ومتوسط راتبه سبعة آلاف ريال ويرغب شراء مسكن بأن يكون منزل العمر وهو فيلا بمواصفات معينة، فلن تتحمل إمكاناته المالية تكاليف شرائها ولا صيانتها في المستقبل. ويضيف: إذن لا بد من إعادة ترتيب الأوليات والتركيز أولًا على استبدال المنازل المؤجرة بمساكن تمليك، ولكي نصل إلى هذه الخطوة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي حيث تشكل الأراضي 50-60% من قيمة العقار، حيث إن أحد هذه الحلول للتغلب على ارتفاع أسعار الأراضي هي زيادة ارتفاعات المباني فمثلًا يمكن شراء شقة في عمارة سكنية بدلًا من الشقة التي يتم إيجارها حاليًا، ولكن قد يواجه الساكن عدة إشكالات نتيجة لعدم وجود تنظيم اتحاد ملاك مفعل يحفظ حقوق كافة الملاك، وبالتالي يصبح عاملاً غير جذاب في شراء الشقق السكنية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى ناحية تنظيمية لحفظ الحقوق وتشجيع الشباب لتملك شقق سكنية في بداية حياتهم بدلًا عن استئجارها مما يساهم في بناء ملكية في هذه الشقة ومن ثم بيعها، والانتقال لمسكن أكبر وهكذا، حيث يجب توفير شقق سكنية بمساحات معقولة، وبأسعار معتدلة، في إطار تنظيمي يحفظ حقوق كافة ملاك مثل هذه الشقق. وقال أبوعتيق: هذا يقودنا إلى المحور الثاني من القضية حيث يلجأ عدد كبير من المواطنين إلى صندوق التنمية العقاري من أجل الحصول على تمويل لسكن مناسب، ووفقًا لاشتراطات الصندوق لا يمكن مساعدة الأسر الصغيرة على تملك وحدة سكنية صغيرة تناسب إمكانياتهم بسبب اشتراطات المساحة التي لا تقل عن 200 متر مربع وهي شقة كبيرة بكافة المقاييس العالمية، ولا بد من سرعة إعادة النظر في هذه المساحات بالرغم من أن الصندوق، قام بتعديل المساحات المطلوبة إلا أنها لا تزال تعتبر مساحة كبيرة نسبيًا خصوصا للأسر الصغيرة، وأصحاب الإمكانات المحدودة. ويوجد العديد من الأسر تلجأ إلى استئجار وحدات سكنية بمبالغ مرتفعة أكثر من 35 ألف ريال في السنة ويمكن أن نوفر وحدات بنفس هذا المبلغ للتملك. السكن الميسر ويشير أبو عتيق، لذا علينا أن نوضح أن السكن الميسر عبارة عن وحدات سكنية ذات مساحات صغيرة تناسب الشباب بأسعار معقولة سواء كانت شقة أو منزلًا صغيرًا، فنحن غالبًا نضع اشتراطات في البناء بألا يقل مساحة المنزل عن 200 متر مربع بينما في بعض الدول توفر مساحات أصغر وعن طريق هذه المساحة الأقل نستطيع توفر وحدات سكنية أكثر. ويضيف: لا بد من العمل سريعًا على عدة نواحٍ تنظيمية ومتمثلة حاليًا في تنظيم اتحاد الملاك، وتفعيله ولا بد من إعادة الأنظمة الخاصة بالبناء وسرعة وسهولة إصدار رخص البناء وقرارات الذرعة وقبول المساحات الأقل، كذلك لا بد من تعديل شروط الصندوق فيما يخص الحد الأدنى من المساحة المطلوبة لتتماشي مع وضع السوق الحالي وإمكانات الأسر الصغيرة، من أجل توجيه الأسر إلى وحدات سكنية وفق إمكاناتهم ويصبح هدفهم الأول هو استبدال الإيجار كمرحلة أولى للتملك. عدد أفراد الأسرة ومن جهته يقول الكاتب والإعلامي بسام فتيني: أعتقد أن أزمة السكن تمس الشريحة الأكبر في المملكة وهي شريحة الشباب لاسيما وأن الإحصاءات تؤكد أن أكثر من 60% من عدد سكان المملكة هم في عمر الشباب. وأضاف: من وجهة نظري الشخصية أعتقد أننا بحاجة إلى إعادة نظر في كيفية وشكل وجود المساكن في المملكة، فأغلب الوحدات السكنية تكون في حدود 5 غرف بمرفقاتها رغم أن عدد أفراد الأسرة لا يتجاوز شخصين «العرسان» مثلًا، لذلك اعتقد أننا بحاجة إلى وحدات سكنية تتواكب ومتطلبات العصر وتغيراته، فنحن لم نعد بحاجة لصوالين كبيرة للرجال والنساء بينما نعاني أزمة سكن خانقة جعلت أسعار الإيجارات لا تطاق، إننا بحاجة إلى وحدات سكنية تبدأ من غرفتين مثلًا، وتتواكب مع إمكانات الشاب المبتدئ في حياته وتتلاءم مع مدخولاته الشهرية ثم بطريقة تصاعدية يتحول إلى مسكن يلاءم عدد أفراد أسرته. الهجرة الداخلية من جهة أخرى يؤكد عضو لجنة البناء والتشييد عبدالرحمن السهلي، أنه من الصعب في الوقت الحالي الحصول على سكن مناسب في ظل الهجرات المتتالية من قبل عدد كبير من الشباب لبعض المدن الرئيسية من أجل العمل والدراسة، لهذا لا بد من توفير مساكن لهؤلاء بمبلغ رمزي زهيد ويكون بديلًا عن القرض المشروط بتوفير أرض وبذلك تكون الدوله قد ساهمت في حل أزمة الإسكان للشباب ودعمتهم، أو توفر الدولة الأراضي وتعمدها إلى عدد من المستثمرين لاستثمارها وبناء وحدات سكنية مناسبة لتأجيرها للشباب بأسعار رمزية، كما علينا أخذ تجارب الدول الأخرى التي استطاعت حل مشكلة الإسكان نصب أعيننا وأن نستعين بخبراتهم وتطبيقها لدينا.