أ. د. محمد خضر عريف ليس هناك وصف لسوق عكاظ الذي افتتح في الأسبوع الماضي أبلغ من الوصف الذي وصفه به صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة حين قال: هذا السوق ليس عكاظ الماضي، بل هو "عكاظ السعودي". جاء ذلك في لقاء سموه مع الصحفيين والاعلاميين عقب الندوة الكبرى التي انعقدت صباح يوم الثلاثاء 4/11/1434ه في قاعة الندوات الكبرى بجامعة الطائف. وفي شرحه لمعنى "سوق عكاظ السعودي" أوضح سموه أن هذا السوق بكل فعالياته وأنشطته ومنجزاته يظهر كيف يريد أن يرانا العالم ثقافياً واقتصادياً وحضارياً وغير ذلك، فقد فتح هذا السوق الآفاق واسعة لتبادل الأفكار والحوار، ويكفينا فخراً - كما قال سموه- أن يكون قائدنا الملهم أيده الله الشخصية العالمية التي بادرت بترسيخ الحوار محليا وعالميا، لذا يسعى هذا السوق إلى ترجمة ذلك بكل فاعلية عن طريق فتح كل النوافذ للحوار العالمي وتقديم الصورة المشرّفة للسعودي العربي والإسلامي. كما وضح سموه أن سوق عكاظ سوق اقتصادي تجاري وحضاري ثقافي فني فيه كل ما يستفيد منه المواطن السعودي عامة والشباب خاصة، وهو ليس معرضا أثريا أو حركة للموروث فقط، ولكنه نافذة للحاضر والمستقبل على حد سواء، وقد بيّن سموه أنه في العام القادم إن شاء الله سيكون في السوق نافذة للمستقبل تشارك فيها المؤسسات الكبرى، ليرى المواطن السعودي مستقبل بلاده ومستقبل العالم بما في ذلك مسار الحياة في هذا الكوكب والمشاريع العالمية التي تغير هذا المسار إضافة الى الدراسات المستقبلية الطليعية. وبهذه الإضاءات، بيّن سمو الأمير خالد الفيصل مفهوم سوق عكاظ السعودي في أول أيام السوق في دورته السابعة. وكل من تابع وقائع وفعاليات السوق تلمس واقعية هذا المفهوم. فأولى الفعاليات كما ذكرت كانت ندوة "تطلعات وإبداعات الشباب" التي شارك فيها وكيل إمارة مكةالمكرمة الدكتور عبدالعزيز الخضيري الذي تحدث عن دور الشباب في رسم استراتيجية المنطقة كما تحدث المشرف على الاستراتيجية الوطنية للشباب الدكتور صالح النصار عن الاستراتيجية الوطنية للشباب، ثم عرض عدد من الشباب إبداعاتهم ومخترعاتهم التي نال بعضها جوائز عالمية ودخل بعضها في موسوعة جينيس. وذكر أحد المخترعين الشباب لمادة عملية توضع في واجهات الأمنية أنه لم يجد ممولاً لمشروع انتاجها الذي لا يكلف أكثر من ثلاثة ملايين ريال، لذا أتمنى أن يطرح موضوع تمويل ودعم مشروعات الشباب في أسبوعيات سمو الأمير خالد الفيصل بجدة هذا الموسم، في الأسابيع المخصصة للقاء سموه مع رجال الأعمال تحقيقا لرؤية سموه في دعم سوق عكاظ للشباب خصوصاً. وقد عكست موضوعات الندوات التي قدمت في عكاظ هذا العام -وقد حضرت معظمها ولله الحمد- هذا التوجه السديد في الجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل، مثل ندوة شعر الأعشى التي ناقشت وعرضت ونقدت التراث الشعري الهائل الذي خلفه أعشى قيس، صناجة العرب، ثم انتقلنا في اليوم التالي من العصر الجاهلي الى العصر الحديث فحضرنا ندوة بعنوان "دور النخبة في الإعلام الجديد" واستمعنا إلى رؤى مختلفة لثلاثة خبراء لوسائط الإعلام الجديد، تبعتها مداخلات مهمة للغاية. ومن أهم الندوات ذوات الصبغة العالمية ندوة "اللغة العربية في الصين" التي بهر فيها المتحدثون الصينيون الجمهور بلغتهم العربية السليمة واهتمامهم البالغ بالأدب العربي والمخزون الفكري العربي الهائل. إضافة إلى ندوات أخرى عديدة وأمسيات شعرية، وعروض مفيدة لتجارب عدد من الكتاب على مدى ندوتين كاملتين. وكانت واسطة العقد في هذه الفعاليات الثقافية مسرحية الأعشى التي مثلت عملاً فنيا رائعا مكتمل الأركان نصا، وأداء ودقة تاريخية، مع حسن استخدام المؤثرات بكل أنواعها. ولأني شاهدت مسرحيات أدبية كثيرة في الغرب، فإني أجزم بأن هذه المسرحية لا تقل إن لم تتفوق على الكثير منها دون أي مبالغة. أما جادة عكاظ فهي تزداد تألقا عاما بعد عام وتتنوع عروضها من حيث اشتمالها على الاستعراضات الفلكلورية واستعراضات الخيل والإبل وغيرها إضافة الى ما يعرض في الحوانيت التراثية البديعة من مصنوعات ومشغولات متقنة. ومن الملاحظات التي أبديتها لبعض المسؤولين في السوق ضرورة أن تكون هناك قاعة صغيرة بجانب الخيمة الكبرى لتقديم المحاضرات، وهذه القاعة الصغيرة تكون مناسبة لحضور بضع مئات، وقد بشرني سعادة الدكتور سعد مارق بأن بناء وتأسيس هذه القاعة يجري الآن على قدم وساق. لقد أصبح سوق عكاظ بكل ما تعنيه الكلمة من أهم المؤسسات الثقافية والحضارية في عالمنا العربي إن لم يكن في العالم كله وسيقدم فيه الإنسان السعودي نفسه ليراه العالم كله بما يمتلك من أدوات الثقافة والوعي والإنجاز. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (53) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain