بشير صحراوي * 2 مواضيع ذات صلة يشدّد الباحث والمؤرخ الجزائري "بشير صحراوي" على أنّ الفكر الماسوني سائر إلى الانتشار في الجزائر والمنطقة المغاربية، وهي ممارسة تختبئ وراء ملتقيات ومحاضرات وندوات. وفي حديث خاص بإيلاف، يحصي صحراوي كثيرا من الطقوسيات والرموز الماسونية المستخدمة هناك، كاشفا عن نوادي وطرق تروّج الماسونية تحت مسميات متعددة محليا ومغاربيا. يسود كثير من اللغط حول الفكر الماسوني في الجزائر والمغرب العربي، ما صحة الذي يجري؟ - الأمر واقع وهو حقيقة لا جدال فيها، حيث ينتشر الفكر الماسوني بمجلداته ال12 المشتهرة ب "كتب الكابالا" أو "الكتب الشيطانية" التي ألفها الربّي اليهودي "إسحاق الكفيف" في عهد سليمان عليه السلام. أستطيع الجزم أنّ الماسونية تفشت في المجتمعات المغاربية، تحت غطاء نوادي وجمعيات وأسماء جذابة دون أن يدرك روادها عمقها، ويبرز الماسونيون أو البناؤون الأحرار - freemasons-، عبر عادات وطقوسيات هي في الأصل دينية محضة يلتف السكان المحليون حولها ويقدسونها، على غرار احتفالية المولد النبوي الشريف. الأكيد أنّ الماسونية تغلغلت في الجزائر ومعظم دول المغرب العربي منذ زمن طويل تحت غطاء ديني عقائدي وثقافي، في صورة الأسطورة المفبركة التي تسمى عيد الأمازيغ – ينايّر – حيث يتم إحياء الأخير احتفالا بفوز جيش الملك الأمازيغي " شيشنيق" Chechonq في 12 كانون الثاني/ يناير 950 قبل الميلاد على جيش الفرعون المصري رمسيس الثالث الذي حكم مصر من 1166 إلى 1696 قبل الميلاد، لكن الواقعة خرافة ابتدعها الماسونيون، سيما وأنّ الثابت تاريخيا أنّ رمسيس الثالث حكم مصر 216 سنة قبل وجود شيشنيق. أشرتم في بحث حديث إلى مجموعة طقوسيات تطبع الحضور الماسوني جزائريا ومغاربيا، ما هي تفاصيل هذه الطقوسيات؟ - تتجلى الماسونية بشكل علني في الجزائر ودول الجوار خاصة المغرب وتونس من خلال عديد الطقوس، على غرار ما يسمى ب"الهيلولة" وهي إحدى الطقوس اليهودية القديمة التي تشهد رواجا كبيرا في الجزائر، ويجري ممارسة هذا الطقس المزاوج بين الخرافة والشعوذة، نهار كل سبت في المقابر مثل مقبرة بولوغين – وسط الجزائر العاصمة – التي ظلت مركزا ل"ريباش راشباش" أحد أكبر وأخطر أحبار اليهود الناشطين في الجزائر. ووسط رواج إشارات ماسونية محضة يجهل ممارسوها معناها، يُقام طقس "الهيلولة" أيضا بقباب وأضرحة مختلفة يكثر زوارها في: غرداية وتيزي وزو، ووهران ومستغانم، وبشار وتندوف، وكثير من المناطق الجزائرية الأخرى، ويجري تنظيم مجالس "الهيلولة" ، في أيام الجمعة وكذا الأعياد، وتشهد نحر الذبائح وتوزيع الطعام وتقديم الهدايا من نقود ومجوهرات، ويكثر بها الصياح والنواح وقرع الطبول والدفوف، وفي غمرة وضعية كهذه، يغتنم الماسونيون المحليون الفرصة للإيقاع بضحاياهم ويوهمونهم بأنهم الصفوة، لتبدأ دعوتهم وحملهم على عبادة الشيطان بعد تأدية القسم الماسوني. ومثلما أنّ الماسونية نهر كبير وطويل تنبع منه عدة جداول، فإنّ لها طقوسا أخرى شائعة في ولايات الجزائر، وتُعرف ب"الحضرة" ويتم إحياءها عبر تجمع المريدين ووقوفهم في إحدى الغرف أو الساحات وأداءهم رقصات وحركات مميزة ينشدون خلالها مقاطع لها مدلولاتها وغاياتها. وينشّط تلك الطقوس فرقا مشهورة، بينها "العيساوية" في غرب الجزائر - يُطلق عليها "العيساوى" في مدائن وهران ومستغانم وتلمسان -، وتستعمل الموسيقى والتطبيل والجذب في تجمعات الاختلاط فيها مباح، فضلا عن هذا تحصي الجزائر حوالي مائة طريقة دينية تسممت غالبيتها بالماسونية بعلم أو عن جهل، على غرار "التيجانية" الحاضرة اجتماعيا وثقافيا، "الهبرية" المتخصصة في الشأن السياسي، ناهيك عن "الحمادية"، "القادرية" والرحمانية وغيرها، يحدث هذا رغم أنّ الطرق المُشار إليها تألقت في السابق بأدوارها في تعليم الدين وتحفيظ القرآن. ماذا عن الرموز الماسونية الرائجة في الجزائر والمنطقة المغاربية عموما؟ - هناك عديد الرموز والحركات التي شاع اعتمادها، مثل حركة "قرني الشيطان" التي يُراج أنها رمز للحرية، والحقيقة أنها ترمز إلى عقد بين إبليس من الجن والأعور الدجال من الإنس. أشير أيضا إلى رمز الكف "الخامسة" الذي نقله اليهود للشيعة، وانتشر كإحالة على الأمان والحماية من السحر، بيد أنّه رمز شيطاني قديم، وإلى جانبه هناك رمز "الهلال والنجمة" الذي نقله الفرس للصابئة، وجرى دسه كرمز للإسلام رغم أنّه ليس كذلك. وإضافة إلى ما تقدّم، هناك رمز العين (إله الشمس عند الماسونية ويدعى "رع")، رمز الخلخال (أصفاد تضعها النساء حول كعوبهنّ كزينة)، وهو رمز استخدمه الفراعنة الأوائل لتمييز المرأة المستعبدة عن نظيرتها الحرة. ما أسباب انتشار الفكر الماسوني في المغرب العربي عامة والجزائر خاصة؟ - العامل الأبرز بنظري هو تفاقم حدة الجهل الذي جعل الناس لا يفرقون الظاهر من بواطن الأمور، وهو ما استغلته جهات معيّنة لتمرير رسائل مشبوهة، وبما يتماشى مع الفكر اليهودي الماسوني. وأضيف كذلك عامل "الغفلة" الذي يلقي بظلاله على المجتمعات العربية وبينها الجزائر التي سمحت خلال احتضانها لفعاليات المعرض الدولي للكتاب قبل شهرين بعرض كتب مارست إشهارا صريحا للماسونية، ولا تزال الكتب ذاتها في العديد من مكتبات الجزائر، رغم صرامة سلطات الأخيرة وتشديدها الرقابة. ما هي أبرز المجموعات الماسونية الناشطة عبر العالم حاليا؟ - نخصّ بالذكر مجموعة "الإيمو" التي تنتشر في أوروبا وأمريكا، وترفع شعار "التمرد بنفسية حساسة"، وتتبّع هذه المجموعة نظاما خاصا في اللباس والموسيقى وتسريحات الشعر الغريبة التي تميّز منخرطيها (أعمارهم تتراوح بين 12 و17 سنة)، وثمة مجموعة ثانية تسمى "الميتال" تستعمل الموسيقى الصاخبة وتلبس ثيابا شيطانية، كما تستخدم الجماجم وقرني الشيطان ورقم 666 في ملابس أعضاءها الذين يعمدون إلى تطويل شعورهم. ويستوعب التيار الماسوني مجموعة "الجمجمة والعظام" التي تُعرف برقم 322 أو أخوية الموت، وتضم أبناء العائلات البروتستانتية من أصل يهودي، وكذا أصحاب النفوذ ورجال السياسة والاقتصاد، على منوال الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الذي يعدّ أحد أعضائها المؤسسين.