إبراهيم العسم (الكويت) ما بين انتخابات مجلس الأمة الكويتي التي جرت بداية العام الحالي وهي الانتخابات البرلمانية الرابعة عشر في تاريخ الكويت، وبين الانتخابات التي تبدأ بعد غد جرت في نهر السياسة الكويتية مياه كثيرة، فقد شهد هذا العام في بدايته انتخابات برلمانية، أجريت في الثاني من فبراير الماضي، بعد أن حل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مجلس الأمة 2009 في 6 ديسمبر 2011، إثر مرسوم وفق المادة 107 من الدستور، حيث أكد المرسوم أنه "إزاء ما آلت إليه الأمور وأدت إلى تعثر مسيرة الإنجاز وتهديد المصالح العليا للبلاد، مما يستوجب العودة إلى "الأمة" لاختيار ممثليها لتجاوز العقبات القائمة وتحقيق المصلحة الوطنية"، وتم الحل وقد بلغت نسبة التصويت حوالي 60 % من إجمالي الناخبين أي 238,308 مقترعين من أصل 400,296 ناخبا، وهى نسبة كبيرة دلت على مدى شراسة المنافسة، إلا أن المحكمة الدستورية قررت بعد أربعة أشهر من انعقاده بطلانه، نتيجة خطأ إجرائي في مرسوم مجلس 2009 وفق حكم المحكمة الدستورية الذي تم عودته بحكم المحكمة، وبعد تصحيح الخطأ الإجرائي، ونتيجة لعدم تمكن مجلس 2009 من الانعقاد بسبب فقدان النصاب، لعدم رغبة أغلبية أعضائه حضور جلساته، قام سمو أمير الكويت بحله مرة ثانية وتم توجيه الدعوة لانتخابات جديدة تجرى بعد غد السبت. المعركة الانتخابية بلغت ذروتها وحشد كل مرشح كل إمكاناته للفوز بالمقعد، وبلغ إجمالي المرشحين بعد إغلاق باب التنازل، 279 مرشحاً، وذلك قبل يومين من انطلاق عمليات الاقتراع في الانتخابات ويرى مراقبون أن نسبة التصويت في الانتخابات سوف تقل عن نسبة المشاركة في انتخابات فبراير، نتيجة لنجاح دعاوى المقاطعة في عدد من المناطق وهو ما يعنى أن كعكة الأصوات انحسرت في الأقارب والمعارف وبعض الشباب الرافضين لفكرة المقاطعة وكذلك المرأة. وعلى كل الأحوال فإن الانتخابات الكويتية لها طابعها الخاص وللصوت أهميته على عكس العديد من الدول الأخرى ذات الكثافة التصويتية العالية. ومع بدء العد التنازلي لموعد الانتخابات، يحرص المرشحون على إقامة أكبر قدر من الندوات واللقاءات الانتخابية، بهدف كسب ثقة الناخبين، في انتخابات تشهد مقاطعة من المعارضة الكويتية، على خلفية المرسوم الذي صدر بتقليص أصوات الناخب من أربعة أصوات إلى صوت واحد، وإن كانت دعوات المقاطعة ستؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات من قبل الناخبين، إلا أنه وفق قانون الانتخابات الكويتي، لا يشترط نسبة معينة في الاقتراع، وأي نسبة تشارك (حتى إذا كانت هذه النسبة 1%) في الانتخابات تكسب المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات شرعية الفوز بالانتخابات. وكانت المحكم الإدارية قد أعادت قبل يومين 24 مرشحاً إلى حلبة السباق الانتخابي من أصل 37 مرشحا تم استبعادهم من اللجنة العليا للانتخابات التي يشغل عضويتها عدد من رجالات القضاء، بسبب "سوء السمعة" وصدور أحكام نهائية، حيث استبعدت اللجنة المرشحين من النواب المتهمين بقضية الإيداعات المليونية، والتي على اثرها تم حل مجلس 2009، نتيجة عجزهم عن تبرير مصدر أموالهم لدى النيابة، التي أفرجت عنهم لقصور في القانون، ولم تستبعد الشبهة الجنائية عنهم، إلا أن المحكمة الإدارية حكمت بعودتهم، نظرا لعدم ورود في القانون ما ينص على "سوء السمعة"، وقررت في الوقت نفسه أمس إلغاء قرار شطب ثلاثة مرشحين هم عبد الحميد دشتي ومحمد الجويهل وهاني شمس من كشوف الانتخابات، وهو ما طعنت فيه سريعا الهيئة العامة للفتوى والتشريع وحدد اليوم للنظر في الطعن المقدم. وقالت المحكمة الإدارية في مبررات أحكامها، التي أعادت المرشحين، إن "الشروط الخاصة بالترشح وردت على سبيل الحصر في قانون الانتخابات، وليس من بينها شرط حسن السمعة، كما أن المحكمة لم ترَ في سلوك المدعين ما يعد مبرراً لانتفاء حسن السمعة"، وارتأت أن "الإيداعات لا يصح الاستدلال بها طعناً بسمعة المدعين، ولا يجوز ترتيب أي آثار جنائية أو إدارية على قرار حفظ الدعاوى". ويتنافس 279 مرشحاً في خمس دوائر انتخابية، بواقع 47 في الدائرة الانتخابية الأولى، و47 في الثانية، و55 في الثالثة، و59 في الرابعة، و71 في الخامسة، ووفق القانون فانه يتم الفوز لأكثر عشرة مرشحين حصولا على الأصوات في كل دائرة وفي تصريح له أمس الأربعاء دعا رئيس اللجنة الوطنية العليا للانتخابات رئيس محكمة الاستئناف الكويتية المستشار أحمد مساعد العجيل الناخبين إلى الحرص على ضمان صحة اقتراعهم خلال الانتخابات، وتجنب حالات البطلان والاطلاع على الإرشادات الانتخابية الموجودة أمام كل لجنة انتخابية. وقال المستشار العجيل إن اللجنة انتهت من جميع الاستعدادات اللازمة للعرس الديمقراطي مؤكدا على رؤساء وأعضاء اللجان الانتخابية "إدارة العملية الانتخابية بحكمة ونزاهة تامة وتذليل العقبات أمام الناخبين بدءا من إدلاء الناخب بصوته وحتى الانتهاء من عملية الفرز وإعلان النتائج النهائية"، مرحبا بمشاركة المجتمع المدني والمنظمات الدولية المعتمدة في متابعة العملية الانتخابية داعيا إياهم إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه المتابعة إلى جانب حث الناخبين على المشاركة في هذه الانتخابات. وعلى الصعيد الأمني، أكد مدير عام الإدارة العامة للرقابة والتفتيش في وزارة الداخلية الكويتية العميد ركن شهاب الشمري في تصريح له أمس، أنه ستكون هناك رقابة شديدة على أداء أجهزة رجال الشرطة المشاركين في التأمين، وتشمل الالتزام بالضبط والربط العسكري وحسن التعامل مع الجمهور. الجدير بالذكر أن المعارضة دعت إلى مسيرة سلمية تحت عنوان "مسيرة كرامة وطن 3" تنظم عشية يوم الاقتراع، بعد أن حصلت على ترخيص رسمي من الدولة، للتعبير عن رفضهم لمرسوم الصوت الواحد، الذي تقام على اثره الانتخابات البرلمانية. وتبدأ من غد الجمعة مرحلة الصمت الانتخابي، حيث أهابت وزارة الإعلام الكويتية وسائل الإعلام ضرورة الامتناع عن بث أو إعادة بث أو نشر أي لقاءات أو برامج أو تقارير أو إعلانات مع أو عن أي من المرشحين لانتخابات مجلس الأمة 2012 يوم الاقتراع واليوم السابق له. وناشدت الوزارة وسائل الإعلام الالتزام بما جاء في القرار الوزاري رقم (78) 2012 المنظم لضوابط التغطية الإعلامية لانتخابات مجلس الأمة الذي تضمن ضرورة الالتزام بالصمت الانتخابي يوم الاقتراع واليوم السابق له.