أصبح الآلاف من اليونانيين الذين فقدوا وظائفهم غير قادرين على سداد إيجار المساكن التي يعيشون فيها. وقد فقد عشرات الآلاف من اليونانيين والكثيرين منهم يمتلكون شهادات جامعية وخبرات عملية مهمة وظائفهم بعد ست سنوات من الركود الاقتصادي ليرتفع معدل البطالة في اليونان إلى حوالي 28% . وأصبح من يجد لنفسه مأوى مع والديه أو أحد أقاربه من المحظوظين. ولكن هذا الحظ السعيد غير متاح لأغلبية اليونانيين العاطلين مثل دريمارس الذي تضررت عائلته بشدة من الأزمة الاقتصادية التي بددت حوالي 40% من دخل الأسر في اليونان. وعلى مدى 30 عاما ظل اليوناني ديميتيس دريمارس يمارس عمله تاجرا للتحف والانتيكات قبل أن يفقد عمله على خلفية الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب اليونان منذ سنوات. وانتهى المطاف بدريمارس إلى المبيت على اريكة في إحدى المتنزهات في ميدان سينتاجما بوسط أثينا. وقال الكهل اليوناني /51 عاما/: "فقدت كل شيء، عملي وسكني وأمني". وتابع دريمارس الذي يعيش مشردا منذ 18 شهرا: "لا أريد أن أخسر كرامتي أيضا .. أنا مصر على الوقوف على قدمي مرة أخرى هذا هو هدفي الوحيد". ومع عجز الملاجئ عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المشردين انتشرت ظاهرة نوم اليونانيين الذين فقدوا منازلهم في المتنزهات والموانئ والشوارع وتحت الجسور وفي المستشفيات في مختلف أنحاء أثينا وهم يلفون أنفسهم بالاغطية. وقال آدا ألامانوس مدير الاتصالات في منظمة كليماكا غير الحكومية للخدمات الاجتماعية ومساعدة الفقراء "المشردون الجدد أصبحوا من الأسر وأفراد من الطبقة العاملة وحتى من المهنيين . لقد كانت لديهم حياة طبيعية ووظيفة لكنهم فقدوا كل شيء خلال الأزمة الاقتصادية والآن أصبحوا في الشارع". 40 ألف مشرد وذكرت منظمة كليماكا أن حوالي 40 ألف يوناني سجلوا أنفسهم مشردين بلا مأوى وهو تقريبا نصف الرقم الحقيقي للذين يعتقد أنهم فقدوا منازلهم في أثينا. ويزيد عدد المشردين في العاصمة أثينا وفقا للمنظمة عن الأرقام الحكومية الرسمية بنسبة كبيرة للغاية. وقال ألامانو: "ما نراه هو أنه رغم ارتفاع معدلات البطالة فإن الخدمات المطلوبة للتعامل مع الأعداد المتزايدة للمشردين غير كافية". وتقدم منظمة كليماكا خدمات الإغاثة والطعام وغسل الملابس والحمامات لحوالي 700 شخص أسبوعيا من خلال الملجأ الخاص بها في قلب أثينا. وكشفت دراسة لهذه المنظمة العام الماضي عن أن حوالي 89.7% من المشردين في اليونان يونانيون وأن 64.8% فقدوا منازلهم خلال العامين الأخيرين. كما كشفت الدراسة أيضا عن أن العثور على طعام بالنسبة للمشردين ليس مشكلة لاكثر من 52 % ولكن العثور على مكان يمكن الاستحمام فيه كان مشكلة رئيسية بالنسبة لحوالي 40% من هؤلاء المشردين. ومن بين الأسباب التي توفر الطعام لبعض المشردين يأتي دريمارس الذي يمضي أغلب وقته في طهي الطعام للمشردين بالتعاون مع مجموعة أسسها شخص آخر فقد وظيفته ومنزله. وكان كوستاس بوليشرونوبولوس يعمل في إدارة التسويق بإحدى الشركات متعددة الجنسية عندما تم فصله من عمله منذ أربع سنوات. يأس من العمل واضطر بوليشرونوبولوس /49 عاما/ إلى الانتقال للعيش مع والدته "أمضيت العامين التاليين في البحث عن وظيفة ولكن لا أحد يريد توظيفي بسبب سني. وفي النهاية يئست من الحصول على عمل". وفي إحدى الليالي رأي بوليشرونوبولوس شيئا ما أصبح نقطة تحول في حياته. وقال عن تجربته في ضاحية إيجاليو غرب أثينا منذ عامين "رأيت طفلين يتقاتلان من أجل قطع صغيرة من الفاكهة الفاسدة بعد عثورهما عليها في أحد صناديق القمامة .. ذهبت إلى المنزل وصنعت عددا من الشطائر وأخذتها للطفلين" حيث قرر في ذلك الوقت العمل من أجل مساعدة من هم في ظروف أسوأ من ظروفه. وأسس مطبخا خيريا باسم ألوس أنتروبوس ومعناه "الشخص الآخر". يعتمد المطبخ على تبرعات السكان المحيطين به من الاطعمة ويديره أشخاص عاطلون ومشردون آخرون. وينتقل فريق عمل المطبخ بين أحياء العاصمة من أجل الوصول إلى المشردين وتقديم الخدمات لهم. وقال دريمارس الذي كان يطهو الطعام في مطبخه المتجول بميدان موناستيراكي على بعد مرمى حجر من مبنى الأكروبول "هذه هي المرة الثانية التي نطهو فيها في هذا المكان". ومازال توفير مأوى للمشردين في اليونان مشكلة كبيرة بسبب النقص الشديد في المساكن الحكومية وقلة عدد الملاجئ المتاحة أمام راغبي الإقامة الدائمة. يقول نيكولاوس كوكينوس نائب عمدة أثينا والمسؤول عن برامج الضمان الاجتماعي فيها إنه من بين 200 سرير في ملجأ المشردين بمدينة اثينا هناك 130 سريرا مشغولا. وأضاف أنه يتم تطبيق معايير معينة لتحديد المشرد الذي يستحق الإقامة في الملجأ حيث لا يمكن قبول مدمني الكحوليات ولا متعاطيي المخدرات ولا المصابين بأمراض خطيرة. كما يجب أن يقدموا الوثائق الرسمية من وزارة المالية التي تثبت أنهم لا يمتلكون أي عقارات ولا وظيفة. ومع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تحذر المنظمات غير الحكومية من غياب أي خطة عمل حكومي على المستوى القومي لمواجهة هذه الظاهرة ومساعدة المشردين في هذا المناخ القاسي. وتقول إيوانا بريتينيدو من منظمة براكسيس غير الحكومية لمساعدة المشردين: "هناك مشروع خطة جيدة لكنها حبيسة أدراج وزارة العمل والضمان والتأمينات الاجتماعية". موازنة 2014 بالبرلمان دون موافقة الدائنين قدمت اليونان مشروع ميزانية عام 2014 إلى البرلمان أمس في وقت انتهت المفاوضات مع الدائنين الدوليين دون التوصل لاتفاق. وتضم الميزانية بنود توفير إضافية بأكثر من مليار يورو (1.34 مليار دولار). ومن المتوقع أن يصوت البرلمان على الميزانية يومي 7 و8 من الشهر القادم، بعد فترة وجيزة من عودة متفشي الترويكا المؤلفة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وقال وزير المالية إيوانيس ستورناراس: إن "الشعب اليوناني يقدم تضحيات هائلة ويجب أن لا يتحمل إجراءات إضافية"، معربا عن تفاؤله من أن المحادثات مع الترويكا تسير في الطريق السليم. وجاء في تقرير بصحيفة "كاثيميريني" اليونانية أن المحادثات مع الترويكا تركزت على فجوة التمويل المتوقعة للعام القادم ومدى إمكانية توصل الطرفين لاتفاق في وقت قبل انعقاد اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في التاسع من ديسمبر. أثينا - د ب أ