البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة صناعة ثقافة وهندسة الحوار مع الآخر

البكاري: الهوية والذات والآخر.. من أجل حوار حقيقي وتعاون استراتيجي
غلوم: صناعة ثقافة وهندسة الحوار مع الآخر
خضر: رؤية مستقبلة في مسرح توفيق الحكيم
صدار: المشروع الحضاري عند مالك بن نبي.. رؤية لاستشراف المستقبل الواعد
عبير: الحوار الطلابي البنّاء.. دعم للتواصل وتقبل الآخر وطريق لبناء المستقبل
حمامة: تأملات في منهجية الحوار التربوي مع الآخر في القرآن الكريم
تواصلت لليوم الثاني على التوالي أعمال ندوة صناعة ثقافة وهندسة حوار مع الآخر، حيث عقدت جلسة ثالثة صباح الاثنين بإدارة د.عبدالله ولد بابكر من مورويتانيا وناقشت ستة أوراق بحثية، وكانت البداية مع أستاذ الفلسفلة في جامعة نواكشوط د. البكاي ولد عبدالمالك، وقدم وورقة بحثية بعنوان ' الهوية، الذات والآخر.. من أجل حوار حقيقي وتعاون استراتيجي'، وتطرح العلاقة مع الآخر في الوقت الراهن إشكالية عويصة في ظل اشتداد المشاكلة الميتافيزيقية للكوكب، وتعاظم النزعات الارتكاسية القائمة على رد الفعل والداعية إلى تعميق الغيرية الثقافية. وانقسم العالم لهذا السبب جغرافيا وذهنيا إلى معسكرين: المركزية العرقية والغيرية الثقافية الجذرية، وأصبح ردم الهوة بين ذينك العالمين أمرا بعيد المنال خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر واستتباعاتها.
وويقول عبدالمالك: في الواقع، فإن مسار «التدمير الخلاق» الذي يغذي ديناميكية اقتصاد السوق من جهة وردود الفعل المتعلقة بالهوية من جهة أخرى قد أديا إلى تقهقر الثقافة الأصلية المهيمنة في الدولة الوطنية، وما نجم عنه من تفكيك لعرى الجماعات وإعادة موضعتها ضمن فلك جديد يتنكر للتاريخ ولا يعترف بالجغرافيا، وكان من نتائج ذلك أن ولد مزيدا من الغل والعداء الناجم أيضا عن سوء توزيع الثروة على الصعيد العالمي.
وأكد إن التناقض أو الانفصام الذي تعاني منه الذات العربية المتأرجحة بين الثراء القديم والفراغ المأساوي هو الذي صرف العقل العربي لعقود طويلة من الزمن عن السؤال الصحيح الذي هو سؤال الحداثة إلى سؤال «صحيح – مزعوم» هو سؤال الهوية، فتحول السؤال «من نحن؟ وكيف ننقذ كينونتنا المنهكة من هاوية العدم؟» إلى سؤال آخر خلقته ودافعت عنه أيديولوجيا الانتكاس والارتكاس وهو «من هو عدونا»؟
واختتم عبدالمالك ورقته بسؤال: هل يمكن تجاوز حالة الانفصام التي تعانى منها الذات العربية المتأرجحة بين الثراء القديم والفراغ المأساوي؟ الذي يعكسه نمط حضورها في العالم في الوقت الراهن بإعادة التفكير في مفهوم الهوية والعلاقة مع الآخر؟ هل هناك ضرورة لتحديد موقعنا في تيار العولمة لكي نتفادى في الوقت ذاته «الوجود الأحادي» و«تأحيد الوجود»؟! بتعبير آخر: «من نحن؟» و«كيف نكون جزءا من العالم؟».
الحوار صناعة وهندسة
وقدم أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. يوسف غلوم بحثا حمل نفس عنوان الندوة 'صناعة ثقافة وهندسة الحوار مع الآخر' ويقول في ملخصه: يعيش معظم المجتمعات البشرية في الوقت الحاضر حالة التعددية الإثنية بمفاهيمها وتعريفاتها المختلفة في المجتمع الواحد. ويرجع السبب في ذلك إلى وجود تلك الجماعات المختلفة منذ مئات السنوات في تلك الدول. وكذلك من الأسباب الرئيسية في وجود هذه الجماعات الهجرات التي قامت بها تلك الجماعات في الفترات المختلفة واستقرارها في بعض الدول، وبشكل ملاحظ في العصر الحديث، بسبب توافر المواصلات وتشجيع بعض الدول للهجرات لأسباب ديموغرافية أو اقتصادية, وحيث إن كل جماعة إثنية لها قيمها ومعاييرها وثقافتها الخاصة في التعامل والتعايش والعلاقات مع بعضهم البعض ومع الآخر، لذا لا بد من ايجاد ثقافة مشتركة قادرة على استيعاب مكونات المجتمع المختلفة، وهذا يحتاج إلى إيجاد منهج جديد يقوم على الحوار لفهم الآخر وأسلوب التعامل معه لتقبله حتى لا يقع أبناء المجتمع الواحد في صراعات داخلية قد تصل إلى حروب أهلية بين الجماعات الإثنية المختلفة.
ويؤكد علوم إن صناعة ثقافة الحوار مع الآخر وسيلة علمية وعملية لفهم الشريك الآخر في المجتمع وتقبله والمشاركة معه في القضايا التي تهم المجتمع لإيجاد الحلول العملية لتطوير وتنمية المجتمع خارج إطار التعصب ضد الآخرين والعمل على إلغاء الشريك في المجتمع. لذلك، على الدول أن تقوم بشكل كبير في المساهمة في وضع ثقافة جديدة وتشجيع الناس للحوار مع الآخر وتبادل الأفكار ومناقشة القضايا المختلفة وتقبل الآخر عن طريق أجهزة الإعلام والمؤسسات التربوية بإيجاد مناهج تعليمية تشجع المواطنين على الاستماع للرأي الآخر وتقبله ومساهمة مؤسسات المجتمع المدني بذلك.
رؤى مستقبلية
وطرح د. غنام خضر أستاذ الأدب والنقد في جامعة تكريت رؤية مستقبلة، في مسرح توفيق الحكيم نموذجا، مؤكدا أن الفنون بصورة عامة، والأدب بصورة خاصة، لا تمثل محاكاة للماضي ولا هي صورة آنية (سكونية) للحاضر، ولا هي مجرد توهمات مستقبلية، بل هي كل ذلك. فالأدب صيرورة زمنية تتعامل مع الماضي والحاضر والمستقبل في بوتقة واحدة، لذلك تحول الزمن المستقبلي في الأدب (وهو زمن تخييلي) إلى رؤية مستقبلية استكشافية، ولعل هذا ما يربط بين الأدب والعلوم في توجهها نحو الآفاق المستقبلية والكشف عن الحجب الزمنية، مما يشكل ترابطا خفيا وواضحا بين الازمنة الثلاثة، فيجعل من الزمن واحدا يمر من الماضي الى المستقبل مرورا بالحاضر.
وتوفيق الحكيم أديب ومفكر في آن واحد، مما أعطى لأدبه ومسرحه عمقا وخصوبة، إذ انه لا يعالج القضايا الماضوية أو الآنية، بل يحاول جاهدا أن يستكشف صورة المجتمع في سنواته المقبلة، لاسيما في مسرحيتي «الطعام لكل فم» و«رحلة إلى الغد»، فالحكيم من الأدباء الذين لم يقف الأدب عندهم محاكيا للماضي، كما أنه لم يكن عندهم الأدب مرآة للحظة الآنية فقط، بل كان الأدب عندهم كاشفا ومحاكيا للمستقبل متنبئا بما فيه من خفايا ومفاجآت، ولهذا تميز فنهم بمحافظته على الاستمرار في زمن تراجعت فيه الكثير من النظريات والدراسات، إذ افتقرت إلى الرؤية المستقبلية، فرؤية المستقبل تعطينا جوانب إيجابية كثيرة.
المشروع الحضاري
وبحث د. نور الدين صدار أستاذ المناهج النقدية في جامعة معسكر بالجزائر، في المشروع الحضاري عند مالك بن نبي.. رؤية لاستشراف المستقبل الواعد، وقدم قراءة للفكر الحضاري كما تصوره المفكر العربي ملك بن نبي في مشروعه النهضوي، والكشف عن رؤيته لاستشراف مستقبل واعد للأمة العربية من خلال بسط فلسفته الحضارية والشروط التي اقترحها لتحقيق مشروعه. ومن هنا تطفو الأسئلة التالية التي تشكل إشكالية البحث وهاجسه.
وتساءل صدار: ما هو دور الدين في رؤية المفكر مالك بن نبي في صناعة الحضارة وفي تغيير واقع الأمة العربية الإسلامية في ضوء ثقافة التسامح والحوار مع الآخر؟ هل يمكن للإسلام أن يلعب دورا أساسيا في مشروع النهضة القومي العربي في ظل الفلسفة الحضارية والشروط التي حددها مالك بن نبي؟ وهل لا يزال منهج المفكر مالك بن نبي صالحا لإنجاز مشروعه الحضاري الواعد؟ ويتصدى صدار للإجابة على هذه التساؤلات في ورقته.
الحوار الطلابي البناء
وتحت عنوان ' الحوار الطلابي البنّاء.. دعم للتواصل وتقبل الآخر وطريق لبناء المستقبل ' قدمت الدكتورة عبير الدويلة أستاذ أصول التربية في جامعة الكويت، ورقة بحثية تناولت أسس الحوار الحوار باعتباره من أهم أسس الحياة الاجتماعية وضرورة من ضروراتها، فهو وسيلة الإنسان للتعبير عن حاجاته ورغباته وميوله وأحاسيسه ومواقفه ومشكلاته، وطريقه إلى تصريف شؤون حياته المختلفة، كما أن الحوار وسيلة الإنسان إلى تنمية أفكاره وتجاربه وتهيئتها للعطاء والإبداع والمشاركة في تحقيق حياة أفضل، والحوار البناء عنوان المرحلة وحاجة أساسية وأداة وطنية لصياغة مستقبل مشرق لأبنائنا، وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته بين الطلاب، ليصبح أسلوبا للحياة ومنهجا للتعامل مع مختلف القضايا، وتوسيع مشاركة الطلاب في الحوار الوطني وتعزيز دورهم بما يحقق لهم العدالة والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية.
وعليه، فإن مؤسسات التعليم العالي معنية بتعزيز ثقافة الحوار، ومساعدة الطلبة على ممارسة التفكير النقدي، مما يتطلب إسهام البرامج والمقررات الدراسية في تعزيز قيم الحوار البناء. ولعل معطيات العصر الجديد تتجه إلى تفعيل قيم المواطنة والانتماء والحوار، واحترام الرأي الآخر والتعاون معه، انسجاما مع ما يطرحه الدين الإسلامي من جهة، وما تسعى إليه التربية الحديثة من جهة ثانية.
الحوار في القرآن
تأملات في منهجية الحوار التربوي مع الآخر في القرآن الكريم، تحت هذا العنوان بحث د. جيلاني بوحمامة أستاذ التربية في جامعة الجزائر، ويقول في ملخص بحثه إن الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في المجتمع . وقد ازدادت أهمية الحوار في العصر الراهن في ظل التغيرات السريعة والتعدد والتنوع الثقافي والحضاري وكثرة الاختلافات وتعدد وجهات النظر وتقاطع المصالح وتزايد الصراعات والحروب، ولذلك أصبح الحوار في عالمنا المعاصر ضرورة يتطلبها العصر على مستوى الأفراد والجماعات لدوره في إحداث القدرة على التواصل والتفاهم والتفاعل مع الآخرين، يحتل الحوار مكانة مميزة في القرآن الكريم لما له من من دور مؤثر في حياة الشعوب والمجتمعات. ونظرا إلى هذه الأهمية التي يوليها القرآن للحوار، فقد تناول كثير من التربويين موضوع الحوار وأهميته في حياة الأفراد والشعوب، من خلال دراسات علمية تربوية مستفيضة انصب الاهتمام في معظمها حول أسس الحوار ومصطلحاته المتعددة وآدابه وأساليبه وطرقه وخصائصه ومقوماته ومجالاته المختلفة.
وتهدف ورقة لوحمامة إلى معالجة بعد آخر من الحوار لم يحظ بالاهتمام المناسب، على الرغم من أهميته البالغة، والذي يتمثل في موضوع منهجية الحوار مع الآخر في القرآن الكريم . لذلك، جاءت هذه المحاولة لرصد وتحديد وإبراز مجموعة من القضايا المتعلقة بمنهجية الحوار من منظور القرآن الكريم، من خلال استقراء بعض النصوص القرآنية ذات الصلة بالموضوع، واستنباط بعض الأبعاد المنهجية التي يقوم عليها الحوار القرآني، لتكون قاعدة أساسية نعتمدها في تعاملاتنا الحوارية وعلاقاتنا بالآخر بصورة تتوافق مع ما تدعو إليه النفس البشرية التي فطرت على حب الآخر والاجتماع به، لأننا في حاجة إلى ذلك الآخر مثلما هو في حاجة إلينا، لتحقيق التعارف والتعايش والتفاهم تحقيقا لسنة الله في التدافع والتكاثر والتنامي.
ضمن النشاط المصاحب لمعرض الكتاب
الأدب الساخر في الخليج العربي.. ما له وما عليه
واصل المقهي الثقافي المنعقد ضمن أنشطة معرض الكتاب في دورته ال38 ،ندواته وجلساته النقاشية،وضمن تلك الندوات أقيمت ندوة تحت عنوان 'نظرة إلى الأدب الساخر في الخليج العربي ما له وما عليه'،والتي حاضر فيها كل من الكاتب الساخر محمد السحيمي من السعودية ومن الكويت الكاتبين جعفر رجب وأحمد الحيدر وأدارت الندوة وكانت عريفتها جميلة السيد علي.
في البداية قدمت جميلة السيد بعض تعريفات للأدب الساخر والكاتب الساخر قائلة 'الأدب الساخر متنوع بين المقال والقصة وما غير ذلك،والكاتب الساخر كاتب مثقف يعبر عن ما في عقلة بدون رتوش'.
ثقافة المنع
واستهل الكاتب السعودي الساخر محمد السحيمي حديثه بالإستفسار عن أسلوب المخاطبة الصحيح عند حضور محاضرة مختلطة من رجال ونساء قائلا :' من مصطلحاتي إذا تحدثت إلى جمهور من الرجال أقول 'أهلا بكم' وأذا كانوا من النساء أقول 'أهلا بكن' وأما وقد اختلطوا على عكس ما تعودت عليه في السعودية فأنا أقول 'أهلا بكمن' وهي الدعابة التي تلقاها الحضور بالضحك'.
وقال السحيمي: 'أبدأ بالأدب الساخر مباشرة وهو ميداني وتوفيق الحكيم يقول (الحياة أوسع من خيال الفنان)'،ثم عرج على قصة المنع من الكتابة وعلق ساخرا'يمنع كتابي من العرض في معرض الكتاب الكويتي ثم أدعى لمحاضرة أتحدث فيها عن الأدب الساخر وهي مفارقة تمدني بدعاية لا تقدر بثمن'.
وأضاف السحيمي:'ثقافة المنع والرقابة في عالمنا العربي – السحيمي متوقف عن الكتابة منذ عام تقريبا – جعلتني أرى في الرقيب إنسان يتغابي حتى يكتب عند الله غبيا، ونحن في عالم مفتوح ولا يزال الرقيب يحاول المنع،ولقد كتبت عندما حاولوا منع مقالات غازي القصيبي وقلت أن الرقابة فضحتنا وشبهت الرقابة في عالمنا العربي عامة والسعودية خاصة بصاحبتنا البدوية في لبسها المتدثر والتي تذهب لتقابل صاحبها،وعندما يشرع صاحبها في خلع ملابسها لا تحرك ساكنة أما لو لمس البرقع هاجت وماجت وفضحته على رؤوس الأشهاد'.
وتساءل السحيمي متعجبا ... ماذا تراقب؟ فكرة!!! كيف ذلك!!! ولماذا السخرية؟هل للهروب من الرقيب؟ ثم أجاب : إطلاقا.
وعن الكتابة الساخرة قال السحيمي أنها وخاصة الفنية منها،تعتمد على أسلوب النكتة المباشرة (التهريج)،ثم تساءل:'هل نحن أهل الخليج أهل نكتة؟ وأجاب :نعم وانظر إلى أمثالنا الشعبية ستراها منتهى السخرية ثم أعطي مثالا بالمثل العربي الذي يقول (كل فولة ولها كيال) قائلا أن السعوديون عدلوا على هذا المثل بالقول (كل فولة مسوسة ولها كيال أعور)،موضحا أن أهل منطقة شقرة أكثر أهل نجد سخرية وفكاهة،ومؤكدا على ان روح النكتة غزيرة في كل المجتمعات .
وطرح السحيمي سؤالا مفاده ...كيف تكتب فنا ساخرا؟ وأجاب :'لابد من مستوى أخر للإنتقال إلى الأدب الساخر مكتوبا فالأنسان بطبعه جاد ويقول المولى عز وجل 'لقد خلقنا الإنسان في كبد'،وشر البلية ما يضحك والكوميديا فن مختلف،وانا أنتقل من الكوميديا المباشرة إلى أسلوب الحالة والقصة،مؤكدا أن الكوميديا والكتابة الساخرة أعلى مستويات الجدية'.
وأكد السحيمي على أن أحمد قنديل هو أحد أساتذته المفضلين وكان له برنامج إذاعي اسمه 'قناديل' واشتهر بالشعر الحلمنتيشي وهذا ينقلنا إلى مستوى اللغة وكيف يكتب الكاتب الساخر وعرج إلى قول الزمخشري 'أبكي وأضحك والحالان واحد'.
وختم السحيمي حديثه بالقول أن الجاحظ له روايات يرويها بالعامة وكان يقول'لو جاءتني النكتة قلتها ولو أدت إلى وفاتي.
فن لا يعرفه المرفهون
من جهته قال الكاتب جعفر رجب :'المفترض من الرقيب أن يكون أكثر الناس ثقافة من فرط ما يمنع ويصادر من كتب،إلا أنه لا يتثقف أبدا،وعندما أتحدث عن السخرية أقول ما يقول هيكل (بومة الحكمة لا تحلق إلا في الظلام)،وكلما كان الواقع مترديا كلما زادت السخرية أكثر وضرب أمثلة على ذلك بالمسجونين واليهود '.
وأكد جعفر أنه لا يمكن لإنسان مرفه وغني أن يتمتع بروح الكاتب الساخر أو الكوميديان،وأن الواقع الجيد لا يخلق سخرية،ثم انعطف على الواقع قائلا(كيف نعطي لإفريقيا مساعدات وليس لدينا صرف صحي جيد).
وأضاف جعفر أن أخر ما كتبه على موقع التواصل الإجتماعي تويتر (إيران حصلت على حق التخصيب والعرب حصلوا على حق تخصيب النخل)،معقبا :'لدينا الإمكانيات وليس لدينا التخطيط الجيد'.
وطرح جعفر سؤالا أجاب عنه في عدة نقاط قائلا:كيف تكون ساخرا؟ مجيبا:'عندما تريد أن تصبح ساخرا تجنب أن تكتب بضمير الناصح أو المرشد بل يكفيك أن تكون ناقدا وفقط ،ولا تستعلي على الناس،ولابد للساخر أن يكون قارئا جيد وفي مقالاته أكثر تواضعا من الأخرين،ويجب أن لا يكون الكاتب الساخر بوقا للسلطة وإلا أصبح مهرجا في بلاط السلطة'.
وواصل جعفر قائلا:'يجب على الكاتب الساخر أن لا يكون فجا فاجرا في كتاباتك،حتى لو تكلمت عن الجنس أو الدين أو السياسة،وان الساخر لا يجب أن يتكلف وإلا أصبح ثقيل الظل،والأفضل أن لا يكون كاتبا ساخرا بل متهكما لأن التهكم مرتبك بالأراء والفلسفة فقط '.
وختم جعفر حديثه بالقول أنه يجب على الكاتب الساخر أن يستخرج مصطلحات ونكات جديدة ،وأنه إذا لم يسب ويمدح من القراء والنقاد فالأصلح له أن يجلس في بيته.
أين المفر من الرقيب
بدوره تطرق الكاتب الشاب أحمد الحيدر إلى الرقيب وقال أن من المؤسف أن يكون هم الكاتب هذه الأيام هو الهروب من الرقابة متسائلا ..كيف تكتب شيء يرضي الرقيب؟.
وحول مفهوم الكتابة والمجتمع طرح الحيدر سؤالا :هل أكتب ما يريده الناس أم أكتب ما أريد أن يعرفه الناس؟،وقال :إتهموني أني قد نزلت بالمستوى الثقافي للقراء وذلك لأنني أوصل المعلومة إلى القاريء بطريقة محبوبة بعيدا عن الطريقة الأكاديمية الصعبة،وأن الكاتب فردا من المجتمع ويجب أن يتفاعل معه ،وأن أشهر من كتبوا أشتهروا لأنهم كتبوا عن واقع مجتمعهم'.
وعلق الحيدر على واقع الخدمات المتردية سببها أننا كشعب نستحق ما وصل إليه حالنا،وان الشعوب المتقدمة يستحقون ما وصلوا إليه لأنهم احترموا قوانين بلادهم أما نحن فلا،ونحن لا نسعى للتغيير بالطرق المشروعة.
وختم الحيدر حديثه بدعوة الكاتب السحيمي أن لا يتوقف عن الكتابة وإعادة تشغيل حسابه على تويتر.
مداخلات
أتيحت الفرصة للحضور لطرح تساؤلاتهم وكانت أول المتحدثين الكاتبة ثريا والتي تحدثت عن تجربتها الشخصية في عالم الكتابة الساخرة ، في حين اختلف الشاعر السعودي عبد الله السميح مع السحيمي في تعريف التهريج والسخرية وأن السخرية هي فن الضحك من النفس.
وتساءلت سندس العجيل :'هل سبق تاريخيا أن الكتابة الساخرة أنتجت إصلاحا للمجتمع أو تغييرا طفيفا؟'.
وقال علي الخالد أننا كشعب يغلب علينا الشماتة وكثرة الشكاية فما دور الكاتب الساخر في أن ينشلنا من تلك العادات السمجة؟
و رد الكاتب جعفر محمد أن التهكم منهج فكري وهو مبدأ إتبعه سقراط والكاتب الساخر يبقى كاشفا للواقع ، في حين علق السحيمي بقوله أن له موقف من تويتر قائلا'أعوذ بالله من تويتر والمتوتورين'،فهو أسلوب شبابي ولا يجب أن نزاحم الشباب في أسلوبهم،وأكد على أن فولتير مثال على ما فعله الكاتب الساخر في المجتمع والكنيسة،وختم رده بأن التهريج فن أحترمه لكن الكتابة الساخرة أهم وأعقد،والشخصنة أصبحت تغلب على الكتاب الساخرين وغير الساخرين وأن رسالة المثقف هي خلق حالة من الإستفزاز، في حين كان أخر ما قاله أحمد الحيدر هو تساؤل:'هل تأثير المقال فوري أم تراكمي؟ وكيف ينظر القاريء للكاتب الساخر؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.