العالم يطالب بعدم ممارسة العنف من الإنسان على الحيوان، فكيف نقبل بممارسة العنف من إنسان على إنسان مهما كانت الدوافع والظروف والأسباب؟! المبدأ مرفوض في حالة العنف الجسدي فكيف إذا كان العنف نفسياً؟ فالعنف النفسي يكون في أحيان كثيرة أشد قسوة وإيلاماً على الطرف الآخر من العنف الجسدي، كحرمان طرف لطرف من حقوقه الأساسية، كالحرية والثقة والأمان، كأن يحرم أحد الطرفين الطرف الآخر متعة الحياة الكريمة الهادئة بين أطفاله، فيحتفظ بهذه المتعة لنفسه فقط، أو تحقير طرف لطرف. كما أن هناك أمثلة كثيرة على العنف النفسي، كادعاء أحد الطرفين للطرف الآخر بالجنون أو الخيانة؛ لأن هذا العنف النفسي يؤدي في أحيان كثيرة إلى عواقب غير محمودة وأشد ضرراً من العنف الجسدي. والمرأة في العالم العربي ما زالت تعاني من ضغوط كثيرة من القانون والمجتمع. الدين الإسلامي بحد ذاته قد كرم المرأة، ولكن بعض القوانين والعادات والتقاليد طغت؛ فأصبحت سجناً ارتفعت أسواره أمام تقدم المرأة وتقديمها للأفضل. ونرى في وقتنا هذا أن أكثر الأمهات يمارسن الأمومة والعمل في البيت وخارجه، ورغم ذلك ما زال يمارَس عليهن العنف الجسدي، وفي أحيان كثيرة العنف النفسي، مع عدم التفكير بإيجاد قانون يحميهن، وما زالت المرأة خاضعة لوصاية الرجل أباً أو أخاً أو زوجاً، بل حتى الأبناء أحياناً يتحكمون بمصائر أمهاتهم، وما زال يحلل للرجل الزواج المتكرر على زوجته وغير المبرر في أحيان كثيرة، وهذا بحد ذاته عنف نفسي، وما زالت بعض القوانين قادرة على حرمان الأم من أطفالها أو حتى ممارسة الأمومة رغم أن هذا من حقها مهما كانت الأسباب الداعية لهذا الحرمان، خاصة في حالة زواجها من رجل آخر قبل إعلان الحل الأناني بحرمان أحدهم للآخر، أليس هذا عنفاً نفسياً يمارَس على المرأة العربية؟ كما أنه ما زالت المرأة تعامل على أنها ناقصة عقل، أليس هذا عنفاً نفسياً؟ ومازال لقب مطلقة عاراً عليها، ولقب عانس قيوداً في معصميها، أليس هذا عنفاً نفسياً؟ ما زالت المرأة بعد بلوغها السن القانونية لا تستطيع التنقل خاصة مع أطفالها بحرية دون موافقة هذا الزوج أو أحد أطراف العائلة من الرجال، أليس هذا عنفاً نفسياً؟ أنا تحدثت عن العنف النفسي؛ لأنها حقائق واضحة للعيان، ولا أستطيع الحديث عن العنف الجسدي؛ لأنه مخفي بين الجدران، لا قانون عليه ولا رقيب، والعلاج له هو الحرية التي كفلها الإسلام.