24 أبريل.. نصر تاريخي جنوبي متجدد بالمآثر والبطولات    مستشار في الديوان الملكي وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية يقدم واجب العزاء في رحيل الزنداني    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    بارتي يشعل الحماس في صفوف ارسنال قبل مواجهة توتنهام    شكلوا لجنة دولية لجمع التبرعات    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    نبأ عاجل من الديوان المليكي السعودي بشأن الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد دخوله المستشفى    ضربة موجعة لجماعة الحوثي.. تحركات مكثفة للصين في عدن على كل المستويات!.. ماذا يحدث؟    كأس إيطاليا.. يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته من لاتسيو    حزب السلم والتنمية يعزي الإصلاح وأبناء فقيد اليمن الكبير الشيخ الزنداني ويسرد مناقبه    قناة mbc تفتح النار في تقرير لها على الشيخ "الزنداني"    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    إصابة طفلين بانفجار لغم من مخلفات مليشيا الحوثي الإرهابية بشبوة    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلان في مدينة عدن اليمنية عن تشكيل أول ( شبكة رجال لتجريم العنف ضد النساء) في الوطن العربي
نشر في التغيير يوم 12 - 12 - 2009

أعلن في عدن عن تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس شبكة محلية تحت اسم ( شبكة رجال من أجل تجريم العنف ضد النساء والفتيات والأطفال في الأسرة) وبذلك تعد اليمن اولى الدول العربية التي تستجيب لدعوة أمين عام الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى العاشرة لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء لانشاء(شبكة رجال في مواقع مؤثرة) .
وتشكلت اللجنة التحضيرية في ختام حلقة النقاش التي انعقدت يوم الثلاثاء 8 ديسمير 2009م بمدينة عدن تحت شعار "متحدون لإنهاء العنف ضد النساء " التي نظمها ملتقى المرأة للدراسات والتدريب(WFRT) بالتعاون مع المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث بمناسبة الذكرى العاشرة لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء وفي إطار الحملة المتواصلة لتجريم العنف الموجه ضد النساء والفتيات .
وشدد المشاركون في الحلقة من الشخصيات والقيادات في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وقيادات الشباب على اعتبار "أن ممارسة العنف ضد النساء والفتيات والأطفال داخل جدران الأسرة جريمة بكل ما تحمله من مفهوم الجريمة وأركانها وأثارها , وعليه ندعو كل من يتعامل مع قضايا العنف ضد النساء والفتيات والأطفال في الأسرة استخدام جريمة العنف بدلا من ظاهرة العنف على أساس ما يجري في داخل الأسرة شأن عام بامتياز و يؤثر سلبا وإيجابا على مستقبل البلد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية" .
وناشد المشاركون في بيان صادر عن الحلقة "أعضاء مجلس النواب أن يؤكدوا أنهم ممثلو هذا الشعب ذكوره وإناثه , وأن يعملوا على ضرورة حماية النساء من القوانين التميزية و من المعوقات والتبريرات الشخصية والاجتماعية والثقافية وذلك برفض استخدام الآراء المتشددة في تفسير مبادئ الدين والتي تتعارض مع جوهر مبدأ العدالة والمساواة ومبدأ المقاصد الشرعية , و ندعوهم كذلك ضرورة مراجعة كل القوانين التي تعمل على اتساع فجوة المواطنة بين أفراد المجتمع بسبب اختلاف الجنس أو بسبب غموض ولغة وصيغة القوانين التي تترك للتأويل والتبرير لغير صالح الجنس الضعيف" .
وفي ذات الوقت عبر المشاركون والمشاركات عن متابعتهم "بحزن وقلق شديدين التمييز السافر والغير مبرر ضد المواطنة المتساوية في جلسات أعضاء مجلس النواب ممثلو الشعب الذكور والإناث , وخاصة جلساتهم المتعلقة بتعديل قوانين الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين التي لها علاقة بقضايا وحقوق النساء" .
وقدمت في حلقة النقاش اربعة اوراق تناولت موضوع العنف ضد النساء من عدة نواحي ، حظيت بمناقشة من قبل المشاركين الذين طالبوا بايلاء هذه القضية اهتمام بالغ لأثرها السلبي المتنامي على المجتمع اليمني .
العنف ضد النساء والفتيات جريمة
في ورقتها التي لفتت انتباه المشاركين وإشادتهم دعت د. سعاد القدسي رئيس ملتفى المرأة للدراسات والتدريب الجميع الابتعاد عن وصف العنف ضد النساء والفتيات بالظاهرة والاتفاق على وصفها ب (الجريمة) ، منوهة الى انه "عند الحديث عن هذه الجريمة ووضع حد لها يجب أن تكون تدابير الدولة وإجراءاتها الطرف الأول و الأفعل و الأهم ، فبدون الإدراك بأن الأسرة صانعة مستقبل المجتمع والدولة ، وبدون قوانين تحمي النساء في الأسرة ، تعرف وتفصل وتوضح العنف على أساس أنها جريمة وتضع عقاباً مناسباً لها لن تكون هناك نتيجة .
واعتبرت ان "لفظ ظاهرة في كل تعريف عن (العنف ضد النساء ) تعني إبقاء المشكلة بعيدة عن المواجهة والاعتراف والمعالجة والعنف ضد النساء وإن كان ظاهرة منتشرة ، إلا أنه (العنف ) بالدرجة الأولى لا يمكنه أن يخرج عن كونه جريمة قائمة بحد ذاته يجب توصيفه للوصول إلى حل وعلاج يقف الجميع على مواجهته.
ودللت على ان العنف ضد النساء = جريمة لتوفر ركناها المادي والمعنوي ، فلكل جريمة فاعل وضحية وأدوات جرميه ، أولاً: الركن المادي لجريمة العنف يعني القيام بأفعال مادية مباشرة يمارسها المجرم على الضحية وهو في العنف الأسري ضد النساء متوفر وبشكل واضح في كل عمل عنيف يأتيه الرجل ضد المرأة والفتاة المعنّفة .
ثانياً: الركن المعنوي لجريمة العنف وهو يعني نية الفاعل إيذاء ضحيته وتوجيه إرادته إلى ذلك ، وهذا الركن أيضاً يتوفر في العنف ضد النساء إذ يرتكز على مبدأ التفضيل وحق السيطرة التي اكتسبها جميع الذكور على جميع الإناث (اجتماعيا ,وعرفا وقانونا وتشريعا..) .
ثالثاً: ركن الفاعل (مرتكب الجريمة ) وهو من قام بفعل الجريمة على الضحية وبالنسبة للعنف ضد النساء فاعل العنف يكون إما الزوج أو الأخ أو الأب , أو من أقارب الضحية من الأصول أو الفروع أو من معارف الضحية و بشكل واضح هو الذكر (الرجل ) الذي ترتبط به ووجدانيا أو تعتمد عليه مادياً.
رابعاً: الضحية في جريمة العنف وهي من وقع عليها فعل الجريمة ، ويتضح في العنف ضد النساء الضحية هي المرأة أو الفتاة ( زوجة كانت أو أخت أو ابنة أو قريبة.. الخ ).
خامساً: أدوات الجريمة وتعني كل ما يمكن استخدامه في الاعتداء على الضحية وفي العنف ضد النساء تستخدم كل الأدوات .. كالضرب باليد أو بالعصا أو أية أداة مؤذية أو بالركلات بالأقدام أو الحبس أو محاولات الخنق والشتائم والتهديد بالقتل والتحقير اليومي والإهانة النفسية , وسلب حرية الاختيار , والتحرش والاغتصاب أو ممارسة الجنس بالقوة رغماً عن إرادة المرأة (الزوجة ) و(إن صح التعبير) أن أهم أداة أو سلاح يعتمده الرجل عند ارتكابه هذا الفعل ( الجريمة ) القوانين والتشريعات التي تبرر ارتكاب العنف الأسري ضد النساء والتي تخلو من نص يجرم هذا الفعل و يعاقب عليه إذن .. لنتفق على أن العنف جريمة ..؟؟؟ .
واعتبرت د. سعاد الى ان "العنف ضد النساء والفتيات في الأسرة هو الأكثر شيوعا ويطال كل الشرائح النسائية ويمكن أن تكون من ضحاياه الطفلة و المرأة (الفقيرة و الغنية، المتعلمة و الأمية،المتزوجة و الأرملة و العزباء ، و المسنة على حدّ سواء.) . وان العنف بأنواعه وتنوعاته المباشرة وغير المباشرة يعمل على هدم مواهب و قدرات عدد كبير من الفتيات و النساء و ينجم عنه كلفة صحية ونفسية و اجتماعية و اقتصادية باهظة فكم طفل وطفلة هم شهود عيان لأعمال عنف متكررة في أسرهم ؟؟؟ بالنتيجة العلمية انتاج واستمرار العنف يولد ويكرس نفسه ليبقى ويستمر .
وأشارت في سياق ورقتها الى المادة الأولى من إعلان الجمعية العمومية بشأن القضاء على العنف ضد النساء/ عام 1993 حيث نصت: على أنه (أي العنف) يقوم على أساس النوع أو الجنس وينتج عنه ضرر أو أذى جسدي أو نفسي أو جنسي، واستناداً إلى ذلك يمكن لنا تقسيم العنف إلى عنف جسدي وعنف نفسي وعنف جنسي .... وأخطر النتائج المترتبة على العنف؟ :
العنف النفسي: بما أن أهم مفاتيح الإنسان الصحيح هو أن يحمل نفساً صحيحة خالية من العقد أو الأمراض والاضطرابات النفسية والتي لها أكثر الآثار السلبية على أسرته ومجتمعه وعلى إنتاجه في الحياة .. فكيف الأمر إذا كانت أكثر من ثلاثة أرباع النساء في المجتمع يلقين ضغطاً نفسياً كبيراً وعنفاً نفسياً مستمرا .
وتساءلت هل العنف في الأسرة هو (شأن خاص أم شأن عام) ؟ مجيبة "يولد العنف في الأسرة ( الفضاء الخاص) ويمتد فيما بعد إلى الفضاءات العامة . و في حين يعد سلوك العنف في الفضاء العام جريمة اجتماعية و خروجا عن المألوف و انحرافا (يعاقب عليه القانون ).. يعتبرون العنف ضد النساء في الأسرة شأنا خاصا لا يجوز الخوض فيه علنا و لا يقع التنديد به أو الاعتراف بوجوده أو تناوله في فضاء خارج فضاء الأسرة الفضاء الأسري واحة أمان أم مسرح للقتال ...!؟" .
وأضافت "بالتمعن في أنواع و أشكال العنف الممارس ضد النساء يتبين أن الفضاء الأسري و عش الزوجية تحديدا هو الفضاء الأكثر خطرا على النساء والفتيات حيث يحتل الصدارة ضمن كل أنواع العنف الأخرى و يكتسي هذا العنف شكلا قانونيا بدرجة أولى و بعض مؤشراته الحرمان من الإنفاق يليه الطرد من بيت الزوجية و عدم الاعتراف بالأبناء الضرب, سلب حرية الاختيار, أما العنف النفسي أو السيكولوجي (التحقير و الشتائم و الضغط النفسي...) فغالبا العنف النفسي يرافق أشكال العنف الأخرى" .
وأشارت الى "ان مؤسسات البحث العلمي والمنظمات الأهلية لم تعط موضوع العنف الأسري سوى حيّز ضئيل وهامشي في برامجها البحثية , وأغلب المحاولات المنجزة في المجال كانت من منظور سوسيولوجي , تناولت العنف ضد النساء في علاقته بالتحولات الاجتماعية و بتغيير الأدوار بين الرجال و النساء في الحياة الخاصة.
وإن معظم المعطيات المتوفرة حاليا حول العنف الأسري و (برامج التدخل) للحد منه قد تمت بمبادرة من المنظمات الأهلية المدنية و النسائية خاصة.
و لكن رغم أهميتها البالغة تظل جزئية .. نظرا لعدم تواجد مراكز الإصغاء .. وإن وجدت ! لا يمكن لها بشهادة القائمين عليها، أن تشكل قاعدة بيانات متكاملة و ذات مصداقية عالية في غياب عمل ممنهج وفق مقاييس علمية موحدة.
وأن ندرة المعطيات المتوفرة حول العنف الأسري في الوثائق الرسمية و في الإحصائيات و البيانات ، إضافة إلى محدودية الدراسات حول الموضوع من ناحية الكم و العينات المدروسة و غلبة الطابع النوعي عليها، من شأنه إعطاء صورة منقوصة أو مبالغ فيها و في كلتا الحالتين غير مطابقة للواقع تستدعي التعامل مع تلك المعطيات بحذر و احتراس و اعتبارها مجرد إضاءات جزئية لمشكل عائم و خطير في آن واحد يستوجب دراسته على نطاق أوسع و بشكل أعمق" .
وفي مقدمة ورقتها أسهبت د. سعاد في الحديث عن الهوية والكلمات التي تسلب حرية الاختيار والهوية والاختلافات مثل التنميط والتجانس والتماثل ، متسائلة عن ما هي الهوية ؟ وهل الهوية ثابتة أم متحولة ؟
وهل الهوية سبب للتطور والتقدم أم سبب للانكفاء على الذات وهل التفكير بالهوية الجماعية مناقض للهوية الفردية ؟ مشيرة الى انم رغم الاختلافات في تعريف الهوية (تعريف فلسفي حقوقي وتعريف سياسي اجتماعي) الا "ان التعريف الفلسفي الحقوقي يستند على عمومية الإنسان، ويقف منطقيا أمام السؤال : من أنا: أنا إنسان. إذ لا أحد يخرج من إنسانيته، وبالتأكيد ليس لأحد أن يخرج أحدا آخر من إنسانيته. وبالتالي إلى هذه الهوية التكوينية المشتركة نحتكم جميعا – ذكورا وإناثا – على صعيد حقوق الإنسان، وفي معرض التحاور والتعامل بين الأمم والأديان".
وتساءلت "كيف نقبل جمود الهوية في عالم تتجدد معلوماته ومعطياته ومطالبه ووسائله باستمرار؟؟؟؟
وهل من العبثية أن نتحدث عن عالم الزى الموحد واللغة الموحدة والمطعم الواحد والفن الوحيد والنغم الواحد والرقصة الواحدة باسم وحدة الهوية أيا كانت خصائصها ؟؟ وهل يمكن أن تتعدد الأعراق والأديان والايدولوجيات ضمن الهوية الثقافية الواحدة ؟؟ و كيف يتعامل الناس مع هذه التعددية من نمطية ثقافية غالبة؟؟
وعن ماهية الثقافة اليمنية قالت "نجد أن الثقافة اليمنية تغلب النمطية السلبية على التعامل مع الاختلافات.
ومن مظاهر ذلك نرى تغليب الانتماء القبلي والمذهبي والمناطقي والطائفي على الانتماء الوطني والقومي ، وما تبنى عليها من امتيازات مجحفة على مبدأ المواطنة وتكافؤ في الفرص وأمام القانون".
واشارت الى"أننا اليوم أمام ثقافة معولمة وهذا يفسح فرصة كافية لمختلف الأمم على جعل ثقافة الغد ثقافة جامعة، مرتكزة على مبادئ وقيم أخلاقية عالمية، وملتزمة بمقاصد عليا تهم البشرية جمعاء، ويجب أن تعمل الشعوب أو تستعد للعمل من أجل ضمان حقوق الإنسان عالميا، و قبول الفروق المرئية وغير المرئية في الثقافات" .
مطالب نساء وفتيات اليمن
وفي ورقتها الموجزة دعت الاستاذة إحسان عبيد سعد مدير المؤسسة العربية لمساندة قضايا المرأة والحدث الى "التصدي لهذه الظاهرة عبر أنشطة وفعاليات مختلفة وذلك في اتجاه مجابهة العنف وتجريمه إنصافاً وإحقاقاً للمرأة وحقوقها وبتضافر كل الجهود الرسمية الأهلية ذات العلاقة بالأسرة والمرأة" .
واعتبرت "أن قمع المرأة في الأسرة وتعرضها للاهانة والشتم والضرب وخلافه يعد انتهاكاً لإنسانيتها _ الأمر الذي ينتج معه مجتمعاً مشوهاً في علاقاته ضعيف في ركائزه وبنيانه وقد ساد فيه السلوك السلطوي للأب والأخ والزوج وفي بعض الأحيان ذوي القربى من الذكور عاكساً بذلك سلطة وسيطرة تمثل نمودجاً للخضوع ومرتبطة بموروث اجتماعي وثقافي يكرس كل صور التمييز ضد المرأة" .
وأوجزت الأستاذة إحسان في الورقة مطالب نساء وفتيات اليمن في ضوء حملة الأمم المتحدة لمناهضة العنف ضد المرأة بالتالي :
• أن مرتكبي العنف الأسري ضد النساء والفتيات هم غالبا ( ذكور الأسرة والعائلة ) يعتمدون على التشريعات والقوانين التي تميزهم عن النساء وتبرر لهم فعلتهم بالإضافة إلى خلو تلك القوانين من نص يجرم فعل العنف الأسري .. لذا يعد من الضرورة تغيير التشريعات القانونية وخاصة قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات بما يتناسب مع الواقع الحالي ومع ما تقدمه النساء من عمل وما تساهم فيه من تطوير لأفراد العائلة على كافة الأصعدة سواء بعملهن داخل المنزل والاعتناء بأفراد الأسرة ورعايتها .. أو بما تقوم به النساء خارج المنزل من أعمال وما تقدمه من مساهمات مالية واقتصادية لأفراد الأسرة والعائلة .
• ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لحماية الفتيات والأطفال والنساء في الأسرة في إطار استراتيجيه وسياسات عامة واضحة للدولة تترابط فيها المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية مع المؤسسات التشريعية والتنفيذية .
• ضرورة تأسيس مراكز إصغاء واستماع للنساء والفتيات تكون تحت إشراف الجامعات المتخصصة في الإرشاد النفسي وبالتعاون الفني والإداري مع مؤسسات ومنظمات حقوقية .
إشكالية تجريم العنف الموجه ضد المرأة
وفي الورقة التي حملت عنوان (إشكالية تجريم العنف الموجه ضد المرأة) مقدمة من أستاذ القانون الجنائي المساعد بكلية الحقوق بجامعة عدن د. هدى علي علوي تقول "ولما كانت هذه الظاهرة معقدة من حيث صعوبة حصرها ، فإن ذلك ينعكس بالضرورة على استعصاء تحديد المترتبات الأكثر خطورة في كل من أنواع العنف الواردة في التعريف القانوني السابق باعتبار أن كافة أشكال العنف تترك أثارها السلبية الوخيمة على حياة المرأة وذلك على السواء" .
وحول إشكالية ظاهرة العنف ترى "إن الحملات المجتمعية المناهضة للعنف ضد المرأة ظلت محدودة قياساً إلى حجم انتشارها في بلد مثل اليمن ، حيث تفشت فيها هذه الظاهرة خلف الجدران ووراء الحواجز ، كما لا يتم في الغالب الإبلاغ عنها ، وتبقى حبيسة واقع قهر النساء اللواتي يحكمهن الحياء ويأٍسرهن الخوف ، ويرسخ المجتمع بكل أطيافه ثقافة التسامح مع الرجل فيما يتعلق بحقوق المرأة" .
وبصدد تأثير الخطاب الإسلامي تقول د. هدى "وإذا كان اتجاه فقهي قد رأى أن حق القوامة يقضي ضمن مفهومه منح الرجل ما يسمى بالحق في التأديب ، وبين علته وأسبابه وأضفى عليه طابع مثالي ، فنظر إليه من حيث أنه إصلاح وتهذيب للمرأة لا يقصد فيه الأضرار بسلامة جسدها ، حتى أن هذا الضرب يفترض أن يكون خفيفاً وفي غير الأماكن الحساسة ، وأن لا يترك أثراً وفي وصف أخر (أن لا يكسر عظماً ولا يدمي جسماً ، ولا يسود جلداً ) .
والحقيقة أن هذا الخطاب لم يكن قادراً على إخفاء مدلول النص لدى أنصار حقوق الإنسان أو الهيئات المدافعة عن المرأة ، والتي لم تقرأ فيه إلا صورة مقننة للعنف ، فاستنكرت أي معنى للإصلاح والتقويم فيه واعتبرته تعرضاً بكرامة المرأة مهما كان متناهي في قدره وغايته ، من منطلق أن خطورته تكمن في كونه يشكل مساس باحترام آدمية الإنسان ، على أن فكرة التأديب ذاتها لا يمكن أن تنشأ إلا في ظل صلة قهرية وعلاقة غير ندية تتجلى في جو من أللا تكافئ بين الطرفين" .
وفي سياق عرضها لصور العنف ضد المرأة تقول"أن عدد غير قليل من القوانين اليمنية أسهمت في تأكيد مشروعية العنف ضد المرأة بسبب تأثير المرجعية القبلية على عقل المشرع وطبيعة بناء مؤسسة السلطة التشريعية ، والانتماءات الاجتماعية للأفراد الذي يسهمون في صناعة القرار جنباً إلى جنب القوى السياسية الدينية ، التي تنزع نحو إضفاء طابع شرعي على مختلف التشريعات بدافع خفي يصب في اتجاه محاربة التيار الليبرالي أو العلماني داخل مؤسسة السلطة التشريعية ، وهو ما يتجلى واضحاً لدى استقراء الصورة العامة لواقع المرأة في اليمن والذي يكشف بلا أدنى جهد أن حقوقها تتخبط في دوامة الصراعات والتناقضات فتتجاذبها الضغوط والإملاءات التي تمارسها قائمة جلادي الموروث الاجتماعي وسلسلة طويلة من متملقي المفاهيم التمييزية" .
وفي سياق حديثها عن (العنف الجسدي) تقول " أن قانون الجرائم والعقوبات قد كرس أسوأ صور العنف ضد المرأة وهو ما يطلق عليه اليوم العنف القانوني ، وذلك برفعه صفة التجريم عن الفعل الناتج عن استعمال الحق ويقصد به حق الزوج دون غيره من الأقارب فيما يعرف بتأديب الزوجة ، وأن لم يفصح المشرع عن تطبيق هذا الحكم صراحة ، فاستناداً للمادة (26) من هذا القانون ووفقاً لبعض التفسيرات الفقهية لإباحة الأفعال التي تقع استعمالاً للحق وإن ترتب عنها ضرر . فيسقط عنها الركن الشرعي وتستبعد عنها صفة الجريمة والأصل في ذلك الحكم ، قوله تعالى : " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن وأهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغو عليهن سبيلا .. " ، على الرغم من أن قراءات مختلفة في فقه التجديد قد أوردت أكثر من سبعة عشر معنى لكلمة الضرب التي وردت لها سياقات متعددة في النصوص القرآنية" .
وتعرف (العنف الجنسي) ( نموذج للعنف الذكوري الفردي ) ويقصد به مجموعة الأفعال التي ترتكب عدواناً ضداً المرأة وتستهدف ما يعرف ( بالحرية الجنسية ) كالاغتصاب ، وهتك العرض ، والفعل الفاضح المخل بالحياء ، إذ تشكل تلك الاعتداءات الجنسية مساساً بعرض المرأة وشرفها ، وتتعرض بالإساءة لكرامتها ، مما تسبب لها أضراراً جسمانية ومعنوية تبقى عالقة في ذاكرتها ، كما تترك علامات سوداء في حياتها .
وحول ما يعرف ب (جرائم الشرف في القانون الجنائي اليمني) توضح نصت المادة (232) من قانون الجرائم والعقوبات على تخفيف عقوبة الزوج الذي يرتكب جريمة قتل زوجته هي ومن يزني بها حال تلبسها بالزناء أو يعتدي عليهما اعتداء يفضي إلى موت أو عاهة ، وذلك لتوافر حالة الهياج الشديد وهو سبب قوي للانفعال بدعوى الاستفزاز والغيرة ، حيث يصل هذا التخفيف إلى الحبس مدة لا تزيد على سنة أو الغرامة بدلاً من الإعدام قصاصاً ، ويسري الحكم ذاته على من فأجأ إحدى أصوله أو فروعه متلبسة بجريمة الزنا .
ولما كانت حالة التلبس بالزنا تحكمها شروط شرعية لا يستعصي فهمها ، وقامت الحالة مع استيفاء تلك الشروط وفي ظل تبادل للأدوار بين الأزواج بحيث تكون الزوجة التي قتلت زوجها قد ضبطته متلبساً بجريمة الزنا ، فإن الشارع لم يولي أي معنى لتأثيرات الجريمة ، وكأن الدفاع عن الشرف قيمة أخلاقية وجدت مع الرجل ولا تستقيم إلا لأجله ، مع التحفظ حول (مفهوم الشرف ذاته) .
ونجد في هذا الصدد أن المشرع يعاقب الزوجة على جريمة القتل في مثل هذه الظروف دون أي وجه للتخفيف أي بذات عقوبة جريمة القتل في الأحوال العادية وهو الإعدام قصاصا ً .
ومن هذا المفهوم فإن هذا النص التمييزي يرجع في الأساس إلى تقدير المشرع لخطورة فعل زنا الزوجة ارتباطاً بالآثار المترتبة عنه بالنسبة لاختلاط الأنساب ، كما أن مدلول عدم المساواة بين عقوبة كلٍ من الزوج والزوجة المرتكبان لنفس صورة الفعل الموصوف في قانون العقوبات اليمني مرده حتماً إلى أن المجتمع يستنكر أي سلوك لا أخلاقي للزوجة وينظر لها باحتقار كبير باعتبارها جرائم ماسه بالعرض والشرف ، بينما يتحفظ المجتمع ذاته إزاء ممارسة الأزواج لأفعال الرذيلة .
وخلاصة القول إن المشرع اليمني في هذا النص التمييزي قد خرق أحكام الشريعة الإسلامية وشكل مساساً بروح الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية ، ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، وعليه أصبح تعديل هذه المادة بما يتلاءم مع احترام مبدأ المساواة بين الجنسين أمر بالغ الأهمية ، لاسيما وأن هذه المادة والتي تتعارض تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية تفوق آثارها المترتبة كل الأثار السلبية التي ترتبها القوانين التمييزية ، حيث يمنح الرجل عذر مخفف لممارسته عنف جسدي ضد المرأة يصل إلى درجة الاعتداء على حق الحياة .
والمعروف أن الحق في الحياة حق أصيل لكل إنسان ، وهو حق مشتق من المبادئ العامة الرئيسية لحقوق الإنسان ، والمعنى الضيق للحق في الحياة هو عدم جواز حرمان أحد من حياته تعسفاً .؟
وواقع الأمر يشير إلى أن نص المادة (232) من هذا القانون قد أعطت الرجل حق إصدار حكم الإعدام وتنفيذه على من يضبطها متلبسة بالزنا من قريباته ، فيصدر الحكم خارج نطاق الدستور والقانون ودون أدلة شرعية واضحة ، إذ في الغالب يقوم هذا الحكم على الظن والشبهة ، على أن التلبس بالزنا في لغة القانون الجنائي اليمني لا معنى وجود المرأة على فراش واحد مع رجل على هيئة عري تام أو شبه تام ، بحيث يغلب الظن أن معه زنا ، بالرغم من الزنا في الشريعة الإسلامية لا يستوفي أركانه إلا بتحققه من خلال الاعتراف أو أربعة شهود .
وحول (ختان الإناث) تقول "... أصدر وزير الصحة اليمني قرار بمنع المشتغلين في الخدمات الصحية العامة والخاصة في الجمهورية اليمنية من إجراء عمليات الختان إلا أن مثل تلك القرارات لا تتسم بقوة القانون حيث يتم تجاوزها باستمرار دون رادع ، والسبب يرجع إلى غياب النص الجنائي الذي يجرم مثل هذه العمليات ويعاقب مرتكبها ، على الرغم من أن القانون الجنائي اليمني يكفل في الأصل سلامة جسد الإنسان في المواد (41 ، 42) ويعاقب على أي مساس بالبدن من شأنه أن يذهب أي عضو فرد أو أكثر من جنس واحد في البدن أو تفويت منفعته أو جمالة كاملاً أو جزئياً أو ذهاب معانيها مع بقاء صورة .
الجدير بالذكر أن هذه النصوص ليست كافية لحماية حياة وصحة الطفلات اللاتي يتعرضن لعمليات الختان ، وعليه فإن على المشرع اليمني أن يدرك المسؤولية الواقع عليه بضرورة إدراج نص صريح في قانون الجرائم والعقوبات يجرم هذا الفعل ويعاقب المنفذ وكذا كل من يساهم قصداً في التستر عن هذه الممارسات وذلك بعدم الإبلاغ عنها للجهات المعنية في الدولة .
ولما كانت الدولة ملزمة بكفالة حياة المواطنين وحرياتهم وحماية أعراضهم والحفاظ على أمنهم وكرامتهم ، فإن المشرع يناط به واجب الحماية القانونية للأفراد رجالاً ونساء .
الجدير بالذكر أن المشرع اليمني ولحيثيات تحالف القوى القبلية المحافظة والتيارات الدينية والتي أسلفنا ذكرها ، قد أخفق في الحماية الجنائية لحقوق المرأة من الاعتداءات البدنية والجنسية ، حيث أنه من ناحية لم يتطرق بالإشارة إلى تجريم التحرش الجنسي وزواج الصغيرات بيان تبعاته الأخلاقية على الصعيد الاجتماعي وأثاره النفسية الوخيمة على حرية المرأة وكرامتها ، كما أنه لم يوفق من ناحية أخرى في تقدير عقوبات ملائمة لجرائم الاغتصاب تحقق الردع ومقتضيات العدالة ، حيث أن مرتكب جريمة الاغتصاب يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنين ، في الأحوال العادية ، وتشدد إلى الخمسة عشر سنة في حالة توافر الظروف المشددة ، بينما يعاقب القانون على قيام الزنا وهي العلاقة القائمة دون إكراه بالإعدام رجماً في حالة عدم الإحصان وذلك وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية .
وجدير بالإشارة أن جريمة مثل الفعل الفاضح المخل بالحياء بقدر إشارة كثير من الدراسات إلى انتشارها في الواقع اليمني إلا أنه لم تعرف طريقها إلى المحاكم ولم تصدر فيها أحكام قضائية بسبب عدم الإبلاغ عنها من قبل المجني عليهن ، وعلى الأغلب يكون السبب عدم معرفتهن بكونها تعد جرائم يعاقب عليها القانون أو خوفاً على سمعتهن خاصة ، وأن تلك الأفعال تعد مساساً بالعرض والشرف ، كما أن عدم جدية أجهزة الأمن في استقبال البلاغات المتعلقة بالأفعال الفاضحة والاستخفاف بخطورتها ، ولعدم إعطائهم أية أهمية لها باعتبارها من الجرائم ذات الضرر التافة وذلك من وجهة نظرهم قد لعبت دوراً في ضعف الحماية القانونية للمرأة .
وتعرف (العنف النفسي) "يطلق عليه العنف المعنوي ، ويتمثل هذا النوع في تجسيده للأذى الصامت الذي يقع على المرأة ، وتكمن صعوبة قياسه في تعثر عملية ضبطه ، إذ لا أثر واضح ملموس له ، ويكرس العنف النفسي ثقافة الكتمان ونكران المعاناة ومجاراة المرأة للقهر الواقع عليها والذي يأخذ صيغ مختلفة كالحرمان من الحقوق أو الاحتياجات والقسر والإذلال وتقييد حرية الاختيار والترهيب والتهديد ، وينخرط في هذه الصور كل مظاهر العنف اللفظي كتلك الدالة على الاحتقار بسبب الجنس أو السب أو الإهانة أو الانتقاص من إنسانية المرأة ومعاملتها كناقصة الأهلية القانونية ، وغير ذلك من الممارسات المحكومة بمستوى قراءة واقع معاناة النساء عموماً .
ضرورة قيام شبكة اجتماعية لمناهضة العنف ضد المرأة
وفي ورقته التي حملت عنوان (العنف ضد المرأة) يتطرق أ.د. سمير عبد الرحمن هائل الشميري أستاذ علم الاجتماع بجامعة عدن إلى عدة تعريفات للعنف ليخلص الى القول "والعنف بوجه عام سلوك عنيف وغير محتشم يتسم بالعدوانية ومفعم بالقسوة والإكراه والتهديد والوعيد ويخلف خسائراً جسيمة مادية وبدنية ونفسية لإخافة وإذلال الآخرين أو حملهم على القيام بتصرفات خارج نطاق قناعتهم فيلحق الأذى بالأحاسيس والمشاعر الإنسانية ويجلب أضراراً بالأفراد والممتلكات".
ثم يعدد (أنواع العنف) "هناك ألوان متعددة من العنف: فهناك عنف سياسي وعنف اقتصادي، وعنف اجتماعي، وعنف ثقافي، وعنف روحي، وعنف قانوني. وهناك من يقسم العنف إلى نوعين: 1. عنف رسمي – وهو العنف الذي تقوم به هيئات ومؤسسات الدولة الرسمية. 2. عنف غير رسمي – وهو عنف مجتمعي غير سلطوي تقوم به الجماعات والأفراد خارج نطاق أجهزة السلطة ومؤسساتها.
وفريق ثالث يقسم العنف إلى نوعين: 1. مادي: ضرب - ركل – طعن – قتل - خنق – عض – سجن – حرق – شد الشعر – لكم في الوجه وأجزاء أخرى من الجسم. 2. معنوي: شتم – سخرية – إهانة – احتقار – تجريح.
وفريق رابع يقسم العنف وخصوصاً الأسري إلى:-1. العنف الجسدي.2. العنف الجنسي.3. العنف النفسي. 4. العنف اللفظي .
وفي حديثه عن (العنف ضد المرأة) يقول "من الإعطاب الكبرى في حياتنا هو التعامل بطريقة مهينة مع المرأة واستخدام العنف ضدها وعدم معاملتها بالقسطاس: العنف الأسري ضد المرأة في المجتمع اليمني تصل نسبته إلى 54,3% من إجمالي حوادث العنف ضد المجني عليهن، كما يشير تقرير وضع المرأة في اليمن لعام 2007م.
في دراسة لباحثة اجتماعية تشير أن النساء يتعرضن لعنف ومضايقات مقززة في الشارع، حيث أن 75% من النساء استقصيت آراءهن يتعرضن للضرب والمضايقة باليد أو العصا أو بالرجل و45% يتعرضن للرجم بالأحجار و35% يتعرضن لهجوم أو اختطاف حقائبهن و27% يتعرضن لمحاولة اختطاف و90% للكلام البذيء و66% للمعاكسات بأنواعها المختلفة .
ويؤكد أ.د. سمير الشميري ان فالشواهد والمعطيات كثيرة التي تبين تعرض المرأة للعنف من قبل الزوج أو أحد أفراد الأسرة ففي اليمن قالت إحدى الدراسات الميدانية إن 15,2% من ضحايا العنف نساء .
فلا زال الوعي الاجتماعي قاصراً تجاه المرأة حتى عند بعض النخب المثقفة التي تؤيد التسلط الذكوري على المرأة ولا تؤمن بالعلاقات الزوجية والإنسانية المتكافئة المبنية على الحب والاحترام والتسامح واحترام المشاعر وعدم التجريح واستخدام العنف.
وتؤكد الدراسات الخاصة بالعنف ضد المرأة في المجتمع اليمني، أنه يمارس العنف ضد المرأة بألوان شتى منها: الوعيد، العنف الجنسي، العنف الجسدي، العنف التقييدي " لا يسمح لها بالخروج "، السجن في المنزل، والتأثير المادي، ومن هنا سنجد أن 50,9% من النساء يعانين من الوعيد بعمل شيء، 17,3% هم ضحايا للعنف الجنسي و54,5% عرضة للعنف الجسدي، 28,2% يعانين من تقييد الحريات، 34% يسرقن ملكيتهن, فقط 28,2% من النساء لا يعانين أي نوع من العنف، 44,5% يعانين من ثلاثة أنواع من العنف .
وعلينا واجب الإشارة إلى أن الزواج المبكر وختان الإناث يندرج ضمن دائرة العنف المادي ضد المرأة ففي دراسة عن ختان الإناث في اليمن لعام 1999م توصلت الدراسة إلى أن المحافظات الساحلية تكثر نسب ختان المرأة فيها وتقل في المحافظات الأخرى وعلى التالي: 79,3% في الحديدة، 96,6% في حضرموت، 96,5 في المهرة، 82,2 في عدن، 45,5% في أمانة العاصمة.
ويضيق "للعنف ضد المرأة أسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية ودينية وسياسية وقانونية ، فلكل حادث عنف ضد المرأة له أسبابه الخاصة التي تندرج تحت مظلة الأسباب الأنفة الذكر، ولقد رصدت إحدى الدراسات أسباب العنف ضد المرأة في المجتمع اليمني إلى: مرض الزوج – 70,8%. سعى المرأة للمساواة – 65,16%. عمل المرأة - 61,5%. انتقام الزوج – 60,6%. تبرير الطلاق – 56,1%. الخلافات مع أهل الزوج – 53,5%. الإسراف في الصرف – 51,3%. الغيرة – 32,1% .
ويبرر د. الشميري في نهاية ورقته لضرورة قيام شبكة اجتماعية لمناهضة العنف ضد المرأة : " قبل حين من الزمن لم يكن معترفاً أن ثمة عنف ضد المرأة في المجتمع برغم الشواهد الكثيرة في إيقاع الحياة اليومية التي تبرز كحقائق ناصعة لا يمكن التغاضي عنها . فحرمان المرأة من الوراثة عنف غليظ يتقاطع مع الدين الإسلامي والقيم الاجتماعية الحميدة ، وحرمان المرأة من التعليم عنف ضد المرأة ، ومنع المرأة من العمل وحرمانها من العيش من خير أناملها عنف ، ورشق المرأة بالملافظ البذيئة والسخرية من عقلها ومواهبها الفكرية والوجدانية عنف غير مبرر ، وفرض الزواج القسري على الفتاة أو تزويجها في سن مبكر من عمرها عنف شائع في المجتمع ، والاعتداء الجنسي وختان الفتيات عنف ضد المرأة ، والحرمان من الخدمات الصحية والاجتماعية وجعل المرأة على هامش الحياة السياسية والفضاء العام يعتبر انتهاكاً خطيراً لحقوق وحرية المرأة فضلاً عن الاستخدام العنيف للقوة والإكراه ضد المرأة ، ومصادرة عقل ووجدان المرأة وفكرها وأحاسيسها عنف أهوج يعطب نصف قوة المجتمع .
وبما أننا نعيش في كنف أوضاع متلاطمة وغير مستقره تواجه فيها المرأة صنوف شتى من الاضطهاد والتمييز ومصادرة الحقوق بصورة سافرة ومستترة ، وتحتاج إلى مهاجع دفاعية لصيانة حقوقها وآدميتها ولكبح جموح الجامدين والمتنطعين الذين ينزلقون في ممارسات هوجاء ضد المرأة منطلقين من رحم مفاهيم خاطئة للمرأة ودورها ويشعلون فتيل الإحترابات والأزمات .
فالمرأة محتاجة كغيرها من المهمشين والمستضعفين في المجتمع إلى شبكة حماية اجتماعية تذود عن حريتها وكرامتها وتدأب من أجل إحقاق الحق وإسعاف المظلومات وللبحث عن صيغة مثاليه للتوازن الاجتماعي بمنأى عن التفجع والاغتراب والعذاب الأليم والعنف والفجاجة والخشونة الغليظة بشقيها المادي والروحي" .
* نص البيان وقوام اللجنة :
أنه في مدينة عدن و بمناسبة الذكرى العاشرة لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء نحن المشاركات و المشاركون في حلقة نقاش تحت شعار "متحدون من اجل إنهاء العنف ضد النساء " والتي عقدت في يوم 8 ديسمبر 2009 بهدف حشد الجهود نحو تجريم العنف ضد النساء نعلن البيان التالي :
أولا: نحن نقدر كل الجهود والمبادرات الحكومية نحو مشاركة النساء في الحياة العامة , إلا أننا مع أهمية تلك المبادرات نرى أنها مازالت لم تقنن ولم تتمكن من إلغاء الفوارق التميزية ضد النساء.
ثانيا : وأننا إذ ندرك بأن هذه الفوارق التميزية وتهميش النساء مفاهيم وسلوكيات تبدأ وتستمر إنتاجها في الأسرة , لذا نعلن بأن ممارسة العنف ضد النساء والفتيات والأطفال داخل جدران الأسرة جريمة بكل ما تحمله من مفهوم الجريمة وأركانها وأثارها , وعليه ندعو كل من يتعامل مع قضايا العنف ضد النساء والفتيات والأطفال في الأسرة استخدام جريمة العنف بدلا من ظاهرة العنف على أساس ما يجري في داخل الأسرة شأن عام بامتياز و يؤثر سلبا وإيجابا على مستقبل البلد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية , وعليه ندعو الدولة بأجهزتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضاء ضرورة اعتبار الأسرة المكون الرئيس للدولة وتقنين ما يجري داخلها ومنها , مع ضرورة اتخاذ جميع التدابير التي من شأنها أن تعمل على محاسبة المسئولين عن ممارسا ت العنف ضد النساء والفتيات والأطفال في الأسرة مع اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الإفلات من العقاب , وحماية ضحايا العنف و الشهود والمبلغون , كون ممارسات العنف ضد النساء والفتيات والأطفال بأنواعها المختلفة وتكرار انتاجها تقع بين جدران الأسرة الصامت وخوف الضحايا والشهود من الإبلاغ .
ثالثا: كما أننا نؤكد بأن إنهاء العنف على المستوى البعيد لن يكون إلا بمعالجة جذور العنف والقضاء على المنابع التي تعمل على إنتاجه وذلك من خلال رسم وتفعيل استراتجيات موحدة في التعليم والإعلام والثقافة واعتبار الأسرة إحدى مكونات الدولة التي تقع عليها واجب تنفيذ بعض تلك الإستراتيجيات .
رابعا : أننا نؤكد بأن العنف ضد النساء في الأسرة جريمة بما تحمله من عناصر ومكونات الجريمة و إلى ما تتركه هذه الجريمة من امتهان عميق لكرامة النساء و انتهاكا صارخا لإنسانيتهن.
وبما أن النساء هن إحدى الركائز الأساسية للتنمية المستدامة لأي مجتمع كالرجل تماما ، أن لا ديمقراطية ولا دولة حديثة بدون نساء يدركن إنسانيتهن وكرامتهن , و أن الديمقراطية لا تستقيم ولا تتطور مكوناتها إلا بسلوك وممارسات المواطنة والفرد المواطن من الجنسين الذكور والإناث .
خامسا: أننا نرى بأن وصول بعض النساء إلى مراكز صنع القرار وخاصة في مجال المشاركة السياسية يجب أن يمر من خلال تدابير وإجراءات وقوانين ملزمة تشجع المشاركة السياسية للنساء وتعاقب من يخالفها بعيدا عن المساومات التوفيقية التي دائما تضحي بالنساء .
سادسا : أننا نتابع بحزن وقلق شديدين التمييز السافر والغير مبرر ضد المواطنة المتساوية في جلسات أعضاء مجلس النواب ممثلو الشعب الذكور والإناث , وخاصة جلساتهم المتعلقة بتعديل قوانين الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين التي لها علاقة بقضايا وحقوق النساء , وعليه ندعو أعضاء مجلس النواب أن يؤكدوا أنهم ممثلو هذا الشعب ذكوره وإناثه , وأن يعملوا على ضرورة حماية النساء من القوانين التميزية و من المعوقات والتبريرات الشخصية والاجتماعية والثقافية وذلك برفض استخدام الآراء المتشددة في تفسير مبادئ الدين والتي تتعارض مع جوهر مبدأ العدالة والمساواة ومبدأ المقاصد الشرعية , و ندعوهم كذلك ضرورة مراجعة كل القوانين التي تعمل على اتساع فجوة المواطنة بين أفراد المجتمع بسبب اختلاف الجنس أو بسبب غموض ولغة وصيغة القوانين التي تترك للتأويل والتبرير لغير صالح الجنس الضعيف .
سابعا : وفي اتجاه مساهمتنا الإقليمية والدولية نعلن بأن حملتنا لهذا العام تتبنى نفس شعار الأمم المتحدة "متحدون من لإنهاء العنف ضد النساء" والتي أطلقتها في مطلع العام الماضي لتستمر حتى عام 2015 بهدف حشد الجهود في جميع أنحاء منظومة الأمم المتحدة .
ونؤكد كذلك مساندتنا كذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في الاقتراع الذي اعلن يوم الاثنين 14 سبتمبر 2009 على إنشاء وكالة جديدة للمرأة ذات صلاحيات أقوى ودمج المكاتب الأربعة الحالية للأمم المتحدة التي تتعامل مع شؤون المرأة في هيئة واحدة يرأسها وكيل للأمين العام , وفي هذا السياق ندعو الأمين العام للأمم المتحدة أن يعمل على إتمام تشكيل الوكالة في زمن قصير مع وضع ترتيبات تنظيمية لهذه الوكالة تكون أكثر إلزامية و فاعلية. كما ندعو المنظمات غير الحكومية المحلية والعربية والدولية العمل على مساندة دعوة الأمم المتحدة المذكورة أعلاه
ثامنا : وفي إطار مساندتنا ((شبكة رجال في مواقع مؤثرة )) التي دعا إلى إنشائها أمين عام الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى العاشرة لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء
بدورنا نعلن بأننا قد شكلنا لجنة تحضيرية لتأسيس شبكة محلية تحت اسم( شبكة رجال من أجل تجريم العنف ضد النساء والفتيات والأطفال في الأسرة) من الأسماء التالية :
د. سمير شميري / أكاديمي جامعة عدن ، د. سيف علي حسن / أمين عام المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان ، عبد الرحمن أحمد عبده / إعلامي ، فيصل بحصو / فنان مسرحي ، نصر ناصر باغريب / إعلامي ، عبد الرحمن صالح المدحجي / إعلامي ، فتحي بن الأزرق / إعلامي حقوقي ، عبد الله ناجي / كاتب سياسي ، فهمان حسن / محامي ، محمد العمراوي / محامي ، إيليا طارق عمران / محامي ، فواز عبد الرحمن / محامي ، صهيب محمد علي / إعلامي ، فواز عبد الرحمن عبد الله العويضاني / محامي ، خالد علي ناصر / محامي ، أصيل فيصل عبد الله / محامي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.