" زهر الحصى" للشاعر باسل أبو بكر بقلم : الناقد صبحي شحروري في هذا الديوان نحن أمام انشقاق واسع بين العنوان الرئيسي على الغلاف " زهر الحصى" وبين القصيدة الأولى الطويلة ،التي ما تنفك تطرح سؤالاً واحداً يظل يتكرر ويطول ويستغرق ما يزيد على عشرين صفحة: فحواه " لماذا نحن على ما نحن عليه " .والسؤال منعقد رجاء بينما الحصى دون التراب لا ينبت شيئا! .أي ، أبعد اليأس المطبق تسأل ؟ثمَّ تسأل من ؟ ولماذا لا تسأل نفسك ؟ إن الشاعر يعبث بنا ، وأسئلته تزيد الحسرة حسرة.وهذا يذكرني فوراً بقول النائحة " يا حسيرتي علّي تحسر، عليّ كلامه ما تفسر " كلامك لا يفسر " هنا، أي المعنى هناك فهو أنك لم تحقق شيئاً مما أردت . والأسئلة إذن باطلة وقبض الريح .سؤال ينطوي على صور لإظهار شاعرية الشاعر ، بينما عقل الدارس معلق بالجدب الذي ساد ومن البداية .إنها إذن أسئلة استنكارية ما دامت تطول وتطول .تسأل وكل ما حولنا بياض مطبق هو الموت نفسه .تسأل وأنت منخرط في واقع يجافي روح السؤال..تسأل من ؟ إن الوهم الذي يقع فيه الشاعر هو أن أسئلته وما بها من صور ستدفع كل الدارسين للبحث فيما قال .ترى من سينخرط في ذلك والسؤال هو هو تسّود الصفحات وأنت مكانك تراوح . وفي القصيدة الثانية ، أن الشاعر الكبير محمود درويش قد بنى وطناً بدل قصائد الشعر الكثيرة التي كتبها .لماذا تحمّلون الشاعر كل هذه الأحمال ؟. هو أحق بأن يدرس شعره وأن تطبع أعماله بدل الدواوين الصغيرة المتناثرة . لقد قتلنا كل ما حولنا من حيوانات وطيور وليس هناك ما يدعو للحلم .أرجوك لا تحلم مثل هذه الأحلام .إنها سياسات وليست أحلاماً. الشعراء يكتبون الشعر ومن باب المجاز المهلك أو الأحلام يبنون أوطاناً !. إن الذي بقي هو شعر درويش وهو يستحق أن يدرّس .ومن خلال رؤيته وبعض سطور درويش في جداريته يرى شاعرنا هنا أن أوروبا صديقة .وعفاء على ما فعلت بنا بريطانيا وما فعلت فرنسا والأذى لا ينسى . ويرى الشاعر أننا انتقلنا من مرحلة الاحتلال إلى مرحلة الحكم، وفضل أوروبا عظيم، تعلمنا أصول الحكم.إنه حلم ولكن وراءه بعض ما يفكر فيه الشاعر. ولحب الشاعر هنا لفرنسا-لا أدري إن كان دخلها – فهو يؤثرها على أمريكا .ليت أن درويش مات في باريس وليس في هيوستن أو تراب قريته .ولا بأس بالموت في سبيل صداقة فرنسا . إنها أحلام الشاعر يلصقها بالشاعر الكبير الذي مات .وها هم بعض الشعراء الشباب يصلون إلى فرنسا وما هو أبعد فاجتهد أخي الشاعر تصل . وها هو الشاعر درويش يغادر نعشه وجاء ليسلم على أمه وفيها رائحة خبزها الذي يحن إاليه ، وبالطبع فقد ذكر صديقه الشاعر سميح القاسم .عاد إلى بروته إلى الجليل .جاء الشاعر وصافح شعبه واحداً واحداً .جاء وسلم على كل الأحبة. وقد حلمت أنا أيضاً ويحق لي ذلك ، أن الشاعر العظيم درويش وهو يسلم على أبناء شعبه واحداً واحداً تعب قليلاً ، وحين التقى شاعرنا هنا بالشاعر العظيم درويش ، صاح به درويش : هو أنت ، أما كفاك أن أسلم على الأحباب لا غير وتريدني أن أسلم على الجميع واحداً واحداً . (اسمع خذلك حبة برشام وبلاش أحلام ) . وأن الشاعر الكبير عقد مؤتمراً صحفياً في قلب القدس المحررة ، كلها أحلام وغير فيه عبارته الشهيرة من : ارحمونا من هذا الحب القاتل إلى : " ارحموني من هذا الحلم القاتل وكل الأحلام والسلام " . " زوجة الملح " للشاعر يوسف أبو لوز هذا وقد ظهر ديوان جديد للشاعر يوسف ابو لوز في اكتوبر 2013 ، وهو لا يسأل وإنما هو يتحدث عن أحواله ، وكل ما حوله ينهار . ابتداء ماذا يفيد العنوان ؟؟ إنها ستبلى سريعاً هذه الزوجة زوجة الملح فهو شؤم على غيره إن كان هو الملح ، والباب المفتوح هنا يفتح فعلاً على كل الانهيارات التي حولنا .والنساء كثيرات ، وسيهرب الملح إلى أخريات ، ويستمر في الإقامة في برج الذئب وسيستمر، في طرح الشرح الوافر عن أحواله السيئة . " من قصيدته " طلل نصف الأرض " سيهرب رجل الملح إلى زوجات كثيرات منهن عرافة الحي .قلبه كمثرى دائخة وجناحاه انقصفا . وها هو يستورد الألفاظ من مقامات مغايرة .الفرد يدوخ ويعود إلى حاله أما هنا فالمقصود التلف والفساد .ويقول " وقد بليت هذي الدنيا كقميص أخي نوح " . ولننظر إلى المعنى البعيد في العبارة المحتاجة إلى تأويل .نوح عاش طويلاً فلا شك أن قميصه اهترأ بل تفتّت واستبدله بقمصان ، والدنيا نفسها قد حلّ بها ما حلّ بالقميص ، ذلك يذكرني بالشاعر الصديق أبو القمصان . وحين كل شيء يزول ونصل القاع ينكشف كل شيء ويحل اللغز وينكشف رؤيا الهدهد ، وتنفك عقدة لسان الشاعر وينفتح على رؤيا كرنفالية ، فهناك عطارون وبجارة وغناء رجال ونساء وحصان مجروح ، صور عديدة غير مألوفة ، كرنفال وأحد غايات الشعر ؟ أن يشعل النار فيهمد كل شيء ، إنها صور كلية تستقطب بعضها وتشكل كرنفالاً . إن الشاعر يعرف ما حوله فيريك ما تود رؤياه ، وها أنت في دنيا تتسلَّخ لتموت ، إنه يعرف ويقدم رؤياه . ندوخ ولكن يبقى لك نصف الأرض الآخر غير دائخ لتخمّن .سؤال ينبع من النص ولا يفرض عليه . قصيدة حياة هنا يصف الشاعر حياته أُّمُّ النقائض ويقول عنها " قرنُ حديدٍ محمّى تدليت من طرفيه" ببساطة آسرة يعبر عن هول ما بعده هول .أما حبه فقد ضاع وضيَّع الشاعر معه. يسأل عن موته فيقول "أين موتك ؟ ها أنذا في الطريق إليه ." بساطة واقتصاد مذهل في الكلمات ، والشاعر لديه ما يقول . والشاعر شاعر الأردية والقمصان والثياب ؟ أقرب شيء للإنسان وألصق شيء وهي سريعة التلف مثل عالم يسرع في الانحدار نحو الهلاك . والصور الملفتة كثيرة ، وقد لفتت نظري هذه الصورة من قصيدة " موقف الحب" يُسأل الشاعر عن ضفافه فيقول : " ضفافي بكاء الزمان ". الزمان كله مهلكنا يبكي وضفافه لا نهاية لها ، فلينظر إلى الشاعر ماذا يروم !!! أما ضباط تركيا التي أرتنا الويلات ، فقد أسرفوا في شرب الفودكا بالفنجان الصيني كما أسرفوا في شري التنباك . لقد غربت شمسهم وأصبحوا علماً على الهلاك لعقود وعقود وسمّوا بالرجل المريض . أنا لا أعرف الشاعر وكان لي شرف الكتابة عن قصيدته العظيمة " مجرة القتلى" بوابة ديوانه " ضجر الذئب " في كتابي " شيء مما أبقته الريح " .شعر يفزع من نقائض السياسة الآنية . كان هناك كتاب واليوم ها أنا أفزع إلى جريدة تحمل ربّما طرفاً من كل هذه الانهيارات في داخلي " الحياة الجديدة الغراء " وللقائمين عليها التحية. طولكرم 25/11/2013