في قصته القصيرة (ثروة) يروي الكاتب الروسي (أنطون تشيخوف) حكاية رجل عثر عندما كان في الخامسة عشرة من عمره على ورقة نقدية من فئة (الروبل).. ومنذ ذلك اليوم لم يرفع رأسه عن الأرض لمدة أربعين سنة!!.. وعندما وصل الخامسة والخمسين من عمره، راح يحصي ممتلكاته -كما يفعل الأثرياء في نهاية حياتهم- فوجد أنه يملك (2917) زرًا، و(34172) دبوسا، و(13) قلما، ومنديلًا واحدا، وظهرًا منحنيا، ونظرًا ضعيفا، وحياةً بائسة!. * القصة حمّالة أوجه.. ولو لم أكن متأكدًا من أن (تشيخوف) روسي ابن (ستة وستين روسي) لقلت انه كتبها خصيصًا لتنبيه شبابنا الذين قد يعميهم (ريال) الوظيفة عن (ملايين) الأعمال الحرة؛ وتجرفهم سياسة القطيع ليطاردوا بملفاتهم (العلاقي) الخضراء سراب أنصاف الفرص التي تستهلك طاقاتهم الشابة، وتضيع أعمارهم في طوابير الانتظار!.. وما أن يلتحق أحدهم بوظيفة إلا وتجده يشكو من ضعف الراتب الذي لا يسد احتياجاته!!. * حتى وقت قريب كان عذر كثير من الشباب عن الالتحاق بقوافل الأعمال الحرة هو أن معظم هذه الأعمال يسيطر عليها (غير السعوديين).. وهذا قد يكون صحيحًا في وقت سابق.. أما اليوم وبعد التنظيمات الأخيرة لوزارة العمل التي خلقت آلاف الفرص التجارية فلا عذر لأحد.. أعرف أن الدخول في عوالم التجارة ليس أمرًا سهلًا، لكنه في نفس الوقت ليس بالصعوبة التي ترهب الشباب خصوصًا في حضرة اقتصاد ضخم ومنفتح كاقتصادنا. وحكايات النجاح كثيرة، ومنها حكاية شاب أعرفه شخصيا دخل في تحد مع نفسه بعد أن رفض الوظيفة التي أتته في منطقة نائية، فبدأ بمكتب صغير للأعمال الجبسية، ورأس مال لا يتجاوز خمسة آلاف ريال، لكنه كان يعملٍ بشكل متواصل لمدة ثماني ساعات يوميًا يتنقل فيها بين الذهاب للعملاء في أماكنهم للتعاقد معهم، والتنسيق مع العمالة، والإشراف على جودة العمل، حتى أصبح اليوم يدير واحدة من أكبر مؤسسات المقاولات والديكور في مدينته، بل ويعمل لديه عشرات الموظفين. * إن كنت -عزيزي الشاب- لا تزال تسأل: كيف تبدأ مشروعك الخاص.. فسأقول لك باختصار أنه يجب عليك أولا أن تغير من طريقة تفكيرك، وأن تخرج من صندوق التفكير كموظف تابع ومتلقٍ للأوامر؛ إلى نظرة أشمل لواقع الفرص المتاحة من حولك.. دع عنك المحبطين، رتب أفكارك جيدا، لا تحتقر العمل مهما صغر، وابحث في داخلك عن المغامر المتعقل الذي يتحمل مسؤولياته.. المغامر القادر على مواجهة الصعوبات واتخاذ القرار.. وتذكر دائما أنك في بلد الخير التي قال لي عنها يومًا أحد الأجانب الذين أثروا من خيراتها: "أنتم في بلد تحفّه الخيرات من كل جانب، وكل ما تحتاجونه لرؤيتها هو أن ترفعوا رؤوسكم قليلًا!". * فضلًا ارفعوا رؤوسكم.. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (61) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain