تحولت المبادرة الخليجية وبحكمة اليمنيين من مبادرة لحل الأزمة وإنهاء كافة الصراعات وإيجاد الحلول لتحسين الوضع المعيشي والأمني للمواطنين, إلى شماعة نعلق عليها كل الأخطاء والتجاوزات ونتخذ منها ذريعة لتبرير عجز الحكومة وفساد بعض وزرائها.. المبادرة الخليجية نصت على إيجاد تسوية سياسية وتشكيل حكومة وفاق وطني أو بالأصح حكومة تقاسم حزبي يتشارك فيها الجميع من أجل اليمن ومستقبل أبنائه.. إلا أنها لم تنص على بقاء الحكومة والتغاضي عن كل الأخطاء والتجاوزات والفساد المالي والإداري.. كما أنها لم تنص على قداسة وزرائها وتحصينهم من أي مسألة ولايوجد ما يمنع من محاسبتهم أو حتى إقالة من ثبت فشلهم وفسادهم وتقصيرهم في القيام بواجباتهم.. فتغيير وزير واستبداله بوزير آخر من نفس الحزب أو حتى اختيار حكومة جديدة بنفس المعايير لايفسد التسوية السياسية ولايخل بميزان التقاسم الحزبي. كما أنه ليس من مبطلات المبادرة الخليجية حتى نزعم أن المبادرة لاتسمح بمثل هذه الإجراءات وأن القبول بهذه الحكومة والتسليم بوجودها واعتبارها قضاء وقدراً وأن أي مساس بها يعني التنصل عن المبادرة وكل ما يتعلق بها, هذا المفهوم المغلوط والتفسير الخاطئ الذي يحاولون إقناعنا به سبب عجز الحكومة من جانب ومن جانب آخر منح الوزراء حصانة وحولهم من وزراء في الحكومة اليمنية إلى موظفين تابعين لأحزابهم ولا هم لهم إلا خدمة مصالحهم الحزبية على حساب مصالح الشعب والوطن.. قضايا فساد مالي وإداري لاحصر لها أبطالها وزراء في حكومة الوفاق الوطني ومع ذلك كلما طالب الشعب بمحاسبتهم رفعت في وجهه كرت المبادرة الخليجية مدعين أن المبادرة تمنع محاسبة أي وزير مهما بلغ فساده ومهما ارتكب من جرائم وهذا ينطبق أيضاً على أعضاء مجلس النواب الذي يسمون أنفسهم نواب الشعب لكن الحقيقة أنهم نواب لأحزابهم ولو كانوا نواباً للشعب لما سمحوا بهذا العبث وأراحوا الشعب من حكومة الوفاق أو على الأقل من بعض وزرائها. مجلس النواب الدائم حاول أن يكون مجلساً يمثل الشعب ولو مرة واحدة بعد هذه السنوات حين أجمع أعضاؤه على سحب الثقة من وزير الداخلية على خلفية الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد وكان أحد ضحاياه الدكتور عبدالكريم جدبان عضو المجلس.. لكن ولأن قرار المجلس يجب أن يتم بالتوافق, فقد تم اختيار لجنة تضم رؤساء الكتل البرلمانية بالمجلس إلا أن هذه اللجنة فشلت باتخاذ أي قرار يمس قداسة معالي وزير الداخلية بسبب اعتراض رئيس كتلة الإصلاح ورفضه التوقيع على أي قرار يتم التوصل إليه.. فالمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن تمنع إقالة أي وزير في حكومة الوفاق الوطني مهما كانت المبررات والأسباب لأن بقاء بعضهم أهم ألف مرة من بقاء الشعب اليمني على قيد الحياة. ولا عزاء لدعاة التغيير والمدنية والإصلاح المالي والإداري وبناء الدولة المدنية الحديثة.