بقلم : حسن سالمين عميران الاثنين 2013-12-09 13:42:16 إقرأ المزيد ل ( حسن سالمين عميران ) الإعلام الوسيلة المُثلى الأكثر نجاعة في إيصال صوتك أو ما تريد إيصاله إلى الآخرين بل أصبح الإعلام في عصرنا الحالي سلاحاً وعاملاً حسماً رئيساً فيما إذا وضب بعناية وسار وفق دراسة تخدم الهدف المراد تحقيقه ، من هذا المفهوم أرى أن إخواننا الإعلاميين والكُتّاب والأكاديميين بالرغم من الجهود التي يبذلونها بإمكانيات مادية شحيحة ووسائل إعلامية متواضعة وظروف غاية في الصعوبة ولا ننسى فضائية عدن لايف الشمعة المضيئة في سماء الجنوب ومع هذا أرى إن قضية شعب الجنوب وثورته تتطلبان وتستحقان منا جميعاً لاسيما الإعلاميين والكُتّاب والأكاديميين والنخبة المثقفة أن نبذل جهوداً مضاعفة للارتقاء بالجانب الإعلامي إلى مستوى يحاكي مستوى وحجم قضية الشعب وثورته في ظل المفاهيم المغلوطة المعشعشة في عقول البعض من الكُتّاب العرب و التي يروج لها معتوهو السياسة اليمنية مستوى يلتقي مع مطلب الإرادة الشعبية الجنوبية ، المطلب الذي أرى أنه لم يحظ باهتمام الكُتّاب والمحللين والإعلاميين العرب ويتجاهله أولئك الذين ينطلقون من مفهوم عربي قومي وينظرون إلى الوضع القائم حالياً بين الجنوب والعربية اليمنية على أنه ( وحدة ) يتوجب بل يفترض بحسب مفهومهم الحفاظ عليها ويتأملون من أن يكون ذلك الوضع القائم نواة لوحدة عربية منتظرة وعليه فإن وجهة نظرهم في مطلب شعب الجنوب هو ( انفصال ) ، من هنا تقع على الكُتّاب و الإعلاميين والنخب المثقفة الجنوبية مسئولية تصحيح تلك المفاهيم المغلوطة والخلط الذي وقع فيه أولئك الكُتّاب وتنويرهم وإيضاح حقيقة أن : أولاً ) إن الجنوب دولة وأرض ووطن لم يكن قط على مر التاريخ تابعاً للعربية اليمنية. ثانياً ) إن الوضع القائم حالياً بين الجنوب والعربية اليمنية احتلال وليس ( وحدة ) . ثالثاً ) إن مطلب الجنوبيين تحرير واستقلال واستعادة دولة وليس ( انفصال ) . إذا تأملنا في التاريخ العربي حاضره ماضيه وقرأنا قراءة فاحصة نجد إن العرب لم يتوحدوا في دولة مركزية واحدة ذات قرار واحد إلا في مراحل ثلاث كانت في صدر الإسلام فقط بدءً من الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم باستثناء بعض المناطق في المغرب العربي ومروراً بالخلافة الأموية التي اتسعت رقعة الفتوحات فيها وشملت أرجاء الوطن العربي بل تخطت تلك الحدود ، وانتهاءً بالخلافة العباسية وأن كانت الخلافة العباسية في عصرها الثاني فيها نظر وهي بداية تفكك الدولة الإسلامية ، ماعدا ذلك لم يتوحد العرب قط تحت دولة مركزية واحدة ولم يكن لهم مصدر قرار واحد حتى في عهد الإمبراطورية العثمانية بل قامت دويلات متفرقة تتقوى واحدة فتسيطر على الدويلة الأخرى أو يأتي مستعمر أجنبي ويحتل هذه الدويلة أو تلك حيث وقعت بلادنا الجنوب تحت السيطرة البريطانية ولم تتوحد قط مع أي دولة يمنية في أي عصر من العصور إلاّ من حالات سيطرة أو احتلال مثلما ذكرنا آنفاً بل لم تكن ثمة دولة باسم اليمن إلاّ حين سموا آل حميد الدين مملكتهم الهاشمية بالمملكة المتوكلية اليمنية في عام 48م الواقعة الآن في الرقعة الجغرافية المسماة العربية اليمنية أما مفهوم اليمن هي ناحية جهوية تشمل المنطقة الجغرافية التي تقع يمين الكعبة وتقع فيها مجموعة من الدول الجنوب أحد تلك الدول بالضبط مثل جهة الشام فلا يعني هذا إن لبنان مثلاً تابعة لسوريا أو فلسطين تابعة للأردن مع علمنا أن الرقعة الجغرافية من الخليج إلى المحيط وطن عربي واحد ولكنه لم يكن دولة واحدة والجنوب لم يكن يوماً يمنياً ولا تابعاً لليمن ولم تكن هناك إعادة وحدة مثلما يتحدث إخواننا اليمنيون فحينما احُتلت بلادنا الجنوب من قبل الاستعمار البريطاني لم تكن تحكم من قبل دولة يمنية مع العلم أن الدويلات التي قامت هناك في حقبات زمنية متفاوتة تمكن بعضها من السيطرة على بعض المناطق الجنوبية وهذا لا يعني بالضرورة أن تكون تلك المناطق التي احُتلت من قبل تلك الدويلات تابعة لها كما لم يكن الجنوب أرض بريطانية كونها اسُتعمرت من قبل بريطانيا هكذا توالت الأحداث إلى أن منّ الله سبحانه وتعالى على الجنوبيين بثورة 14 أكتوبر المجيدة في العام 1963م وبها تمكنوا من طرد الاستعمار البريطاني في 30نوفمبر1967م يوم الاستقلال الوطني الأول ، الاستقلال الذي جاء و الشارع العربي حينها يغلي بالمد القومي فما كان من الجنوبيين إلاّ أن استجابوا ولبوا النداء وارتضوا أن تكون جمهوريتهم الوليدة باسم جمهورية اليمنالجنوبية الشعبية في دلالةٍ واضحةٍ على قوميتهم العربية وحبهم للوحدة العربية ولم يكن هذا الحب فقط بالتسمية بل بالفعل حينما ذوّبوا الفوارق بينهم والأخوة اليمنيين فارتقى الإخوة اليمنيون وتبوأوا أعلى المراتب في الدولة الجنوبية بينما الجنوبيون في العربية اليمنية يكتبون على البطائق التعريفية الممنوحة لهم جنوبي مقيم وإلى يومنا هذا تنطح أوعيتهم بتلك العبارات والتعاملات ، والخلاصة إن دلائل حب الجنوبيين للوحدة العربية وتضحياتهم من أجلها لم تتوقف عند هذا الحد بل ذهبوا إلى وحدة طوعية دون إكراه بعد أن رفعوا شعارها سنين طويلة جسدوها بالفعل واقعاً ملموساً وسلموا دولة مدنية حديثة بمؤسساتها وعاصمتها وأراضيها الشاسعة والمترامية الأطراف وعلمها ومقاعدها في كل الهيئات والمنظمات الأممية والدولية وكرامة وحرية مواطنيها ، ولم تقتصر الشواهد على حبنا للوحدة العربية أو تتوقف عند هذا الحد بل كنا من الدول التي وقفت مع الشقيقة لبنان في حربها ضد العدو الصهيوني عام 1982م وهو موقف لم ينسَه أو يتناسوه الأشقاء اللبنانيون وبادلوا إخوانهم الجنوبيين الوفاء بالوفاء والموقف نفسه كررناه مع الأشقاء الكويتيين في مأساتهم مع العراق فخرجنا في مظاهرات عمت الجنوب منددين بالغزو العراقي للكويت في حين أن شوارع اليمن غصت بالجماهير التي تهتف بالكيماوي يا صدام ، إن موقف الجنوبيين من الغزو كان واضحاً بالرغم من أننا قد دخلنا في الوحدة المغدورة التي أنقلب عليها اليمنيون وقتلوها في مهدها قبل أن يجف حبر اتفاقيتها وهي صفة وميزة يوصفون ويتميزون بها منذ القدم فثورة 26سبتمبر 1962م انقلبوا عليها وحكمت البلاد القوى القبلية التقليدية المتعصبة بلباس جمهوري إلى أن جاء السيد الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي وحاول أن ينقل البلاد ويؤسس دولة مدنية حديثة يسودها العدل والمواطنة المتساوية و تحكمها القوانين لم يرق لهم ذلك فقتلوه شهيداً، هكذا عاشوا وعلى الطريقة نفسها ساروا فالانقلابات وافتعال الأزمات مستنقعهم التي يعيشون فيه ولا يستطيعون الخروج منه وما انقلابهم والتفافهم مؤخراً على ثورة شباب التغيير إلاّ دليلاً آخراً يؤكد عدم قبولهم لأي تغيير أو الخروج من ذلك المستنقع كما أن أحداث مجمع وزارة الدفاع الأخيرة برهاناً حياً يثبت صحة أن عصابة صنعاء لا يمكنها قبول الدولة ولم يطب لها العيش إلاّ بافتعال الأزمات ويريدون من الجنوبيين أن يسبحوا في تلك المتاهات ويقبلوا بامتهان كرامتهم واحتلال أرضهم باسم وحدة لم يتبق منها إلاّ الاسم الذي تتشدق وتتاجر به أجهزة إعلامهم وعصاباتهم المتحكمة فأصبح الوضع القائم حالياً احتلال دولة لدولة عربية شقيقة لها فهل ترضون أيها الأشقاء العرب أن يكون أساس وحدتكم العربية قائم على مستنقع غياب الدولة و بهذه الهشاشة ؟ أو على حساب كرامتنا وحريتنا واحتلال أرضنا ؟ في الوقت الذي قدم فيه الجنوبيون تضحيات في سبيل ذلك الحلم العربي دون سائر الأقطار العربية ولا ننسى أن نذكّر أن الأشقاء السوريين ضاقوا ذرعاً بتصرفات الأشقاء المصريين في أقل من أربع سنوات مع عدم وجود مقارنة بين تعاملات اليمنيين والمصريين في الحالتين ومع هذا ذهب البعض من الكُتّاب والمحللين العرب ينعتوننا بالانفصاليين ويتمنون الحفاظ على ذلك الوضع يا لها من مفارقة غريبة عجيبة في وقتٍ انقلبت فيها الحقائق وأصبح فيه الباطل والظلم حق يطلبون منا الحفاظ عليه والقبول به والحق والعدل والكرامة والحرية التي يطالب بها الجنوبيون وتجمع عليها الإرادة الشعبية الجنوبية والمتمثل في التحرير والاستقلال يريدوننا أن نتخلى عنه ونرضخ إرضاءً لعقلية تعيش خارج نطاق العصر والتاريخ تريد أن تتسلط على رقابنا وتمتهن كرامتنا على أرضنا وهذا مالا نقبله ولن نقبله ولا يمكن للعقل والفطرة السليمة أن تقبل به ، ولا يمكن أن تقوم وحدة أساسها امتهان كرامة وحرية الإنسان وإذلاله والنار ما تحرق إلاّ رجل واطئها ، فهل لكم أيها السادة الكرام أن تعوا مطلب الإرادة الشعبية الجنوبية دون تأويل أو تلاعب بالألفاظ ؟ فالهدف تحرير واستقلال واستعادة دولة وسيادة وهوية وليس انفصال فالجنوب ليس جنوب السودان فلا مجال للمقارنة يا سعادة المستشار . 67