قرر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي فجر أمس، استبعاد إيران من حضور مؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية الذي يبدأ اليوم الأربعاء في سويسرا، بعد أقل من 24 ساعة على دعوتها التي أثارت استياء المعارضة السورية والدول الغربية الداعمة لها . وسارع الائتلاف المعارض إلى الترحيب بقرار الأمين العام، مؤكداً مشاركته في المؤتمر، وقال المتحدث مارتن نسيركي إن بان "قرر أن يعقد اجتماع اليوم الواحد في مونترو من دون مشاركة إيران"، مبرراً القرار برفض إيران دعم إعلان جنيف-،1 وموضحاً أن "مسؤولين إيرانيين كبارا أكدوا للأمين العام أن إيران تتفهم وتؤيد قاعدة المشاورات وهدف المؤتمر" أي "تشكيل حكومة انتقالية في سوريا تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة" . وأضاف المتحدث أن كي مون أصيب "بخيبة أمل كبيرة لتصريحات إيران التي لا تنسجم البتة مع الالتزام"، وتابع أنه "لا يزال يحض إيران على الانضمام إلى التفاهم الدولي حول تأييد إعلان جنيف، وكون (إيران) اختارت البقاء خارج هذا الاتفاق الأساسي، قرر أن يعقد اجتماع اليوم الواحد في مونترو من دون مشاركة إيران" . ورحب الائتلاف المعارض بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بسحب دعوة إيران كونها لم تستوف شروط المشاركة، وأكد في بيان "مشاركته في جنيف 2 الهادف لتحقيق الانتقال السياسي بدءاً بتشكيل هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، لا يشارك فيها القتلة والمجرمون" . وفي انعكاس لانقسام المعارضة حول المؤتمر، أعلن المجلس الوطني المعارض، أبرز مكونات الائتلاف المعارض انسحابه من هذا الائتلاف بعد قرار الأخير المشاركة في جنيف ،2 وأوضح أن القرار يأتي تنفيذا لقرارين اتخذهما في أكتوبر/تشرين الأول "نص الأول على رفض المشاركة في مؤتمر جنيف ،2 والثاني على الانسحاب من الائتلاف" في حال قرر المشاركة، وعلل المجلس خطوته بالقول إن قرار المشاركة "يخل بوثيقة التأسيس التي بني عليها" الائتلاف . وأعلنت هيئة التنسيق الوطنية المعارضة في الداخل رفضها دعوة وجهها لها الائتلاف من أجل الانضمام إلى وفده، وذكرت في بيان أن المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم تلقى اتصالاً من رئيس الائتلاف أحمد الجربا "يدعوه للحضور مع وفد الائتلاف في جنيف 2"، وأضافت أن جواب عبد العظيم "بصفته ممثلاً لهيئة التنسيق الوطنية يرفض حضور المؤتمر ضمن وفد الائتلاف"، وأكد البيان قرار الهيئة "رفض حضور المؤتمر وفق المعطيات المتوفرة التي تتعمد تجاهل أو تهميش قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية التي تتمسك باستقلالية قرارها الوطني ولا تقبل المشاركة الشكلية الضعيفة للمعارضة" . وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية والغربيين من "خطأ لا يغتفر" في حال غابت إيران عن المؤتمر، وقال إن سحب دعوة إيران خطأ إلا أنه لا يعتبر كارثة، وإن المعارضة السورية أرغمت الأطراف الأخرى على الإذعان لمطالبها، عندما قالت إنها لن تحضر إذا وجهت الدعوة لإيران، مشيراً إلى أن هذا الارتباك لا يعزز مكانة الأممالمتحدة . وأضاف لافروف "بالطبع هذا خطأ، وقد قلت ذلك من قبل، لكنه ليس كارثة، إنه على أي حال مجرد حدث يقع في يوم واحد ودعي إليه نحو 40 وزير خارجية من دول مختلفة، وبالطبع وحتى على الرغم من الطابع الشكلي لمثل هذه الاجتماعات يثير غياب إيران عن قائمة الأربعين هذه كل أنواع الشكوك"، وتابع إن موسكو متمسكة بموقفها القائل إن جميع الأطراف المعنية يجب أن تشارك، وإن "الذين طلبوا سحب الدعوة إلى إيران هم الذين يصرون على أن بيان جنيف يخلص إلى تغيير النظام، إنه تفسير غير أمين لما اتفقنا عليه، لكن الآن يتضح أن الذين فسروا بشكل غير أمين بيان جنيف وبشكل ما جعلوا تغيير النظام شرطاً هم الممثلون على نطاق واسع في جنيف" . ورحبت الولاياتالمتحدة بقرار كي مون سحب دعوته لإيران . وعبرت إيران عن أسفها لسحب الأممالمتحدة "تحت الضغط" دعوتها للمشاركة في جنيف ،2 وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف "نأسف لقيام الأمين العام بان كي مون بسحب دعوته تحت الضغط" . واعتبر عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني أن فرص وقف النزاع في سوريا خلال مؤتمر جنيف-2 "ليست كبيرة" بدون مشاركة إيران . والتقى كي مون الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في جنيف، وبحث معها المؤتمر المرتقب حول سوريا والأزمة الإنسانية، وذكر بيان نشر على موقع الأممالمتحدة أن "الجانبين ناقشا مؤتمر مونترو، إضافة إلى الجهود الرامية للتخفيف من الأزمة الإنسانية في سوريا" . وأعلن الكرملين في بيان أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحث هاتفياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين مؤتمر السلام الدولي بخصوص سوريا، وقال إن نبرة المحادثة كانت "عملية وبناءة" . بدوره، توقع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن يحقق (جنيف-2) تقدماً نحو السلام في سوريا، فيما قال نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن برلين تنتظر "خطوات صغيرة" . وتابع شتاينماير: نشعر بالسعادة لرؤية العاصفة قد هدأت، في إشارة إلى سحب الدعوة التي كانت الأممالمتحدة وجهتها إلى إيران لحضور هذا المؤتمر، وأضاف يجب أن تكون توقعاتنا محسوبة وألا ننتظر رؤية انتصار للسلام في هذه المحادثات، مشدداً على ضرورة تبني سياسة الخطوات الصغيرة، خاصة في المجال الإنساني . وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أمس: إن "الإنسانية لم تعد تستطيع الانتظار" لإيجاد تسوية للأزمة السورية، معتبراً أنه "لا شيء أسوأ" من السلطة الحالية في دمشق . وأضاف أردوغان في مؤتمر صحفي في بروكسيل أن التقرير الذي نشرته وسائل إعلام عن قتل معتقلين، يظهر "مدى تفاقم خطورة الوضع"، وفي إشارة إلى مؤتمر جنيف 2 قال: "إذا بقينا في حالة سلبية فإن نتيجة هذا الاجتماع لا يمكن أن تكون سوى مخيبة للآمال"، وأضاف "كفانا التساؤل حول من يمكن أن يحل محل بشار الأسد، لا يوجد أسوأ من الحكومة الحالية ولا أسوأ من هذه المأساة، إذا رحل الأسد فإن إرادة الشعب هي التي ستحكم سوريا" . وقال رئيس مجلس أوروبا هرمان فان رومبوي في المؤتمر: إنه إذا كانت المعلومات التي تضمنها التقرير حقيقية فإنها ستكون "تأكيداً للفظاعات" التي ارتكبت في سوريا . وفي غضون ذلك، صعدت الشرطة السويسرية إجراءات الأمن في مدينة مونترو المطلة على بحيرة قبل يوم من بدء المحادثات . (وكالات) الخليج الامارتية