حينما يحمل الصبي في يده سكيناً، أو أدوات تدخين، أو سجائر أو أعواد ثقاب، فذلك أمر مستهجن، ولكن أن نرى هذا الأمر في بيئة تعليمية وتربوية، فهذا ما لا يمكن تخيله، ولكنه للأسف الشديد يحدث في كثير من المدارس على الرغم من كل الجهود التي تقوم بها الإدارات المدرسية لمحاربة هذه الظاهرة من توعية ومراقبة لتوجيه الطلاب وتقويم سلوكياتهم، وعلى الرغم من كل حيل الطلاب لإخفائها، وترويع زملائهم بها في أوقات الراحة بين الحصص الدراسية، تبقى الظاهرة صداعاً في الرؤوس، ومصدر خوف من جانب أولياء الأمور على أبنائهم داخل المدارس "الخليج" التقت بعض الطلاب وأولياء الأمور ومسؤولي المدارس للتعرف إلى ابعاد هذه الظاهرة في مدارس الدولة ودور كل من الأسرة والمدرسة في مواجهتها في البداية يقول الطالب ناصر الدرمكي "طالب ثانوي": لا أحمل ممنوعات ولكن من خلال التعامل مع زملائي أرى أن البعض لديه ميل لكسر القوانين وتحديها، بل ويفخر بذلك باعتباره أمراً يدل على قوته وسطوته، والبعض يتصرف على أنها صرعة، ولكن لولا مراقبة المدرسة لتفاقمت الأمور إلى الآلات الحادة وهي ظاهرة نادرة بمدرستنا بسبب الرقابة المستمرة من إدارة المدرسة لحقائب الطلاب، لا سيما حينما يفقد طالب أحد أغراضه الشخصية، ويتم تفتيش كل الحقائب واستخراج ما فيها من ممنوعات كهدف ثانوي . ويقول الطالب مصطفى ثابت "طالب إعدادي" إن المدرسة الخاصة به قضت فعلياً على هذه الظاهرة منذ عامين تقريباً بسبب التفتيش المفاجئ الذي تحرص على إجرائه من وقت لآخر، حيث كانت تحتوي حقائب الطلاب على الكثير من الممنوعات، وهو الأمر الذي كان يؤدي إلى الكثير من المشكلات بين الطلاب خارج الحرم المدرسي، ولكن بالمتابعة اليومية من قبل إدارة المدرسة لم يعد لها وجود . وتشير الطالبة مريم جهاد "طالبة ثانوي" إلى أن مثل هذه الممنوعات لا تنتشر كثيراً في مدارس البنات لكون اهتمامات الفتيات تختلف عن اهتمامات الفتيان، وتقول: لا توجد ممنوعات تذكر في حقائبنا فلا زلنا في عمر لا يسمح لنا إلا باستخدام أدوات التجميل على سبيل المثال، غير أن الهواتف المتحركة قد تكون هي الممنوع الوحيد داخل حقائبنا، ورغم ذلك هناك متابعة مستمرة من المدرسة وتوعية من جانبهم بخاصة في مجالس أولياء الأمور . وترى إيمان سليمان "ربة بيت ولية أمر طالب بالثانوي" إنه من الضروري قيام وسائل الإعلام بدورها في توعية أولياء الأمور والطلاب بمراقبة سلوك الأبناء ومستوى صداقاتهم، ومحتويات حقائبهم وملابسهم بشكل مستمر، فضلاً عن توعية الطلاب بعواقب وجود مثل هذه الأدوات في حقائبهم من الناحية القانونية، فكثير من الطلاب يجهل خطورة ما يحمله، ومن جانب آخر ينبغي عدم السماح ببيع السيوف والمشارط والأسلحة للطلاب، كما ينبغي وضع ضوابط للأسواق بحيث لا يتم تداول مثل هذه الإشياء من دون التأكد من هوية الشخص وعمره . وتتابع: يحكي لي ابني عما يحمله بعض زملائه بالمدرسة من ممنوعات، ويؤكد أنهم في كثير من الأحيان لا يستخدمونها بشكل فعلي، ولكن مجرد وجودها بحقائبهم يمثل خطورة ولابد من الوقاية منها بالتوعية اللازمة للطلاب والأسر . وتقول شيرين شهوان "ولية أمر وتربوية" لديها أربعة من الأبناء في المرحلة الابتدائية والاعدادية: إن الأمر فعلاً بات مقلقاً وإن كان في المرحلة الابتدائية لا يمثل خطورة كبيرة، ورغم ذلك فإنني احرص على الدوام بمراجعة حقائب أبنائي والإطمئنان على محتوياتها، وسوف استمر في هذا الإجراء حتى يصلوا إلى المرحلة الثانوية، وهو لا يعني الشك فيهم ولكن لكي يطمئن قلبي فقط، ومن خلال مشاهداتي اليومية في الميدان التربوي، وما نطلبه من أولياء الأمور من متابعة وتواصل معنا بالمدرسة، فالكثير من الطلاب لا يعلم أولياء أمورهم بما تحتويه حقائبهم من آلات حادة أو خطرة في الوقت الذي يخشى فيه زملاؤهم بالمدرسة على انفسهم من هذه الممنوعات التي تشهر في وجوههم بشكل مفاجئ في أثناء المشاجرات، ولكنني أعلم تماما أن إدارة مدارس ابنائي تؤدي كل ما في وسعها للوقاية من هذه الظاهرة، وتوعية أولياء الأمور من خلال الاجتماعات الدورية بهم . ويلفت خالد السيد "ولي أمر أحد الطلاب بالمرحلة الثانوية" أنه يطمئن بشكل دوري على حقيبة ابنه من خلال تذكير زوجته بضرورة مراقبة حقيبة ابنهما، مشيراً إلى ان بعض الطلاب يقتني هذه الممنوعات من باب التباهي أو التقليد أو لمجرد تخويف الآخرين، أو تقليد الشباب أمثالهم في المسلسلات الأمريكية ويقول: يروي لي ابني أن زملاءه من مدارس أخرى يستخدمون مثل هذه الآلات الحادة في المشاجرات للتخويف ولا يستخدمونها بشكل فعلي خوفا من الفصل من المدرسة، ولكن هناك لحسن الحظ جهود كبيرة من جانب إدارة المدرسة بمتابعة الطلاب والتفتيش على حقائبهم بشكل دوري، ولا يستخرجون منها في غالب الأحيان أكثر من موبايل صغير، أو ماشابه ذلك وباتت هذه الظاهرة على وشك الاختفاء في مدرسة ابني، بسبب المداهمات المفاجئة للطلاب، وبشكل دوري، ولكن لا يزال هناك مدارس تعاني الفوضى وتترك الحبل على الغارب بين أبائها، خاصة حينما يأتون من بيئات ذات مستوى اجتماعي متدن نوعاً ما، أو تعاني المدرسة ضعف مخرجاتها التعليمية ومستويات الطلاب الدراسية . من جانبه يقول طارق زقزوق معلم التاريخ والمنسق الإعلامي بمدرسة الدهماء الثانوية، إن الكثير من الممنوعات يتم حظرها بالمدارس وأهمها الآلات الحادة وأدوات التدخين، وأحيانا عبوات العصير التي بسكبها تتسبب في أضرار بليغة بمحتويات الحقيبة، ويشير إلى أن جهود إدارة المدرسة والحزم في التعامل مع الطلاب، والتفتيش الدوري، ووعي الأسرة من شأنها أن تحد من المشكلة يقول: مدارسنا خالية من هذه الممنوعات تماماً، فبعض الطلاب يهتمون بالتكنولوجيا الحديثة لأنها تضيف إليهم وتميزها عن غيرهم أما غيرهم فكل همهم هو تقليد الآخرين والتأثر بما يشاهدونه في وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، لكن التوعية والرقابة وتطبيق القانون يجعلهم يعيدون النظر في سلوكياتهم السلبية . ويتابع: نعمل داخل مدارسنا بكل جهودنا على التقرب للطلاب ومصادقتهم وتفهم احتياجاتهم، وبالتالي معرفة دوافع حمل تلك الممنوعات، والتواصل مع الأسرة وعلاج أية مشكلة أولا بأول، وبشكل عام هناك رعاية كبيرة من جانب إدارة المدرسة للطلاب، ومتابعة يومية وملاحظة دقيقة لأية تغيرات تطرأ على سلوكياتهم . يؤكد الموجه التربوي حسن المراشدة، أن التعاون مع أولياء الأمور مهم في سبيل الوصول لأفضل الأساليب التي من شأنها القضاء على الظاهرة، حيث تنفذ المدارس سياسة ولوائح مجلس أبوظبي للتعليم، وتبلغها للطلاب ولأولياء الأمور، وتقدم للطلاب التوعية اللازمة، ولا تتوانى عن مراقبتهم داخل المدرسة من خلال التفتيش المفاجئ لحقائبهم يقول: التعاون مع أولياء الأمور مهم للغاية في تنفيذ التعليمات والضوابط السلوكية والأخلاقية، لكن من ناحية أخرى ينبغي أن يكون هناك تعاون من جانب سلطات الدولة عبر اصدار التشريعات التي من شأنها ايقاف بيع هذه الوسائل للطلاب والمراهقين، أو بيعها وفقاً لضوابط محددة كاستخراج بطاقة هوية تثبت العمر، ومراقبة السوق لمنع مثل هذه الأدوات غير المشروعة، فضلاً عن قيام وسائل الإعلام بالتعاون مع المؤسسات التعليمية من أجل نشر الوعي الكافي بهذه الأمور التي تبدو صغيرة ولكنها من الممكن أن تؤدي إلى مشكلات كبيرة، وتوعية أولياء الأمور بدورهم الحقيقي، من متابعة ورقابة، والأهم من كل ذلك هو نشر ثقافة الود والتسامح بين أفراد المجتمع . ويضيف: أول ما يشغل المعنيون عادة هو الوقوف على قوائم الممنوعات من المواد التي يحظر على الطلاب حملها وإدخالها إلى مدارسهم في إطار الحد من مظاهر العنف أو الانحراف أو الفوضى الأخلاقية، ووضع القواعد والنظم التي يستوجب توفرها في البيئة المدرسية الصحية، إلا أنه من المفروض العمل على ارساء الأبعاد السلوكية التي تحذر من حيازة أدوات حادة، أو مخالفة للقواعد المدرسية، أو غيرها من المقتنيات . وما من شك في أن وجود هذه الظاهرة، يدعونا لضرورة بحث الأمر وأسبابه الكامنة، فضلاً عن الحلول المطروحة له، والمتابعة المشتركة مع الأسرة وتوعية الأبناء بعواقب المنع من الناحية القانونية وما يمثله ذلك من أمان لهم ولزملائهم ويتابع: في حالة معالجة هذه المشكلات على المدرسة دائما التعاون الدائم مع اسرة الطالب، وتفهم طبيعة المرحلة، والظروف الأسرية التي يمر بها، فضلاً عن تأثير أصدقائه، والعبء يقع بالدرجة الأولى على الاختصاصي النفسي بالمدرسة، وإن كان الجميع مسؤول عن هذه المشكلة سواء كانت المدرسة أو الأسرة .