اعتقد البعض أن مقالي السابق بعنوان «أمة اقرأ» يشير إلى عدم قراءتنا، في حين كانت الفكرة الرئيسة هي عن ذروة سنام القراءة «الاتقان» وأساسه. وبالرغم من الدراسة التي انتشرت والمشار فيها إلى أن معدل القراءة بالعالم العربي لا يتعدى 6 دقائق سنوياً، والتي للأسف تداولها كثير من كتابنا ومفكرينا بل وأيدوها واستشهدوا بها، أؤكد أننا نحن أمة تقرأ ومعدل قراءتنا يفوق ذلك بكثير. حقيقةً لا أعلم عن فرضيات ومعطيات تلك الدراسة المجحفة والتي تبث روح الانهزامية وأننا شعوب لا تقرأ. وسأحاول فقط توضيح أن هذه الدراسة خاطئة من خلال بعض الأرقام، وهنا أتحدث عن المملكة العربية السعودية حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 29 مليون نسمة منهم 5 ملايين طالب وطالبة في المدارس ومليون ومائتان في مؤسسات التعليم العالي و 770 ألفا في مدارس تحفيظ القرآن بإجمالي عدد يقارب ال 7 ملايين يمثلون تلك الشريحة من أصل 29 مليون نسمة بالمملكة العربية السعودية، فلو افترضنا جدلاً أن متوسط ما يتم قراءته يومياً من تلك الشريحة البالغ عددها 7 ملايين هو 30 دقيقة وهذا أقل بكثير ونحن هنا نتكلم فقط عن ما يتم قراءته في المدارس أو مؤسسات التعليم العالي أو حلقات تحفيظ القرآن الكريم ناهيك عن غير ذلك من قراءات مختلفة للكتب والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعية ناهيك عن قراءة القرآن بكثافة في شهر رمضان خلاف أشهر العام (قراءة جزء من القرآن تستغرق حوالي 20 دقيقة)، وبحسبة بسيطة مع افتراض أن القراءة فقط تكون في خمسة أيام من أيام الأسبوع يكون معدل القراءة سنويا لتلك الشريحة 120 ساعة سنوياً وبحسبة بسيطة أخرى مع اعتبار جدلاً أن سكان المملكة العربية السعودية خارج تلك الشريحة لا يقرأون يصبح معدل القراءة بالمملكة العربية السعودية حوالي 29 ساعة سنوياً وليس 6 دقائق كما يزعمون. بل أكثر من ذلك لو افترضنا جدلاً أن العالم العربي لا يوجد به سوى تلك الشريحة بقراءتها المتواضعة، يصبح معدل القراءة بالعالم العربي حوالى ساعتين وليس 6 دقائق كما يزعمون. نحن «أمة اقرأ» نقرأ ولكن علينا أن نطبق ما نقرأ ونهتم بالفهم ومن ثم التركيز على العمل بما فهمنا لنتعداه إلى الاتقان - ذروة سنام القراءة. القراءة وسيلة وليست غاية، فبها تنهض الأمم وترتقي الشعوب وتسود الحضارات... وبعيداً عن معدلات القراءة العربية أو السعودية فواقعنا الثقافي والتنموي يعكس قصوراً في الاتقان يعود بداية إلى عدم العمل بأحسن ما نقرأ. الحكمة ضالة المؤمن وأنا أقول الاتقان ضالة الأمم لنهوضها. وفي الختام لمن لم يقتنع بالأرقام أعلاه وما زال راغباً في ترديد أننا لا نقرأ هناك دراسة في عام 2013 قامت بها World Culture Score Index تشير إلى أن معدل القراءة بالمملكة العربية السعودية هو 6 ساعات و 48 دقيقة أسبوعياً متقدمين على كافة دول الأمريكيتين الشمالية والجنوبية وقارة استراليا والسواد الأعظم من دول قارتي أوروبا وأفريقيا. والله من وراء القصد. أ.د. خالد سامي محمد حسين - جدة صحيفة المدينة