حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انحسار كبير في قراءة الكتاب
الأمية والظروف المعيشية في طليعة الأسباب
نشر في الجمهورية يوم 10 - 11 - 2007


-المقالح:
- الأوضاع المعيشية هي التي تحجم الناس عن شراء الكتاب
- عائض القرني :
- الإنسان بلا قراءة «قزم صغير» والأمة بلا كتاب «قطيع هائم»
- سيف العسلي:الإنسان العربي يقرأولا يقرأ وتسيطر عليه الثقافة الشفاهية
- عمر عبدالعزيز :
- العرب للخطابة فقط .. مبالغون في تعظيم أنفسهم ولا يحبذون الكتابة
- صادق ناشر:
- القارئ العربي يتجه إلى «قراءة السندويتش » الشكلية التي لا ترهق ذهنه وفگره
- فارس السقاف:
- الانترنت والفضائيات سبب عزوف الشباب عن القراءة
كشف تقرير حكومي صادر عن جهاز محو الأمية وتعليم الكبار أن عدد الأميين في اليمن ارتفع إلى خمسة ملايين ونصف المليون أمّي، يمثل الذكور منهم نسبة 33.3 بالمائة، والإناث 66.7 بالمائة، فيما تقول دراسات صادرة عن اليونسكو بأن عدد الذين لا يقرأون ولا يكتبون عل مستوى العالم بلغوا حتى العام الجاري 2007م نحو 774 مليون نسمة، فيما 72 مليون طفل غير ملتحقين في المدارس، ما يؤكد أن القراءة تواجه أزمة كبيرة تضاعف محنة الكتاب في كل دول العالم، وعلى وجه الخصوص اليمن، ما استدعى الوقوف على السؤال: ما أسباب عدم تراجع نسب الأمية في العالم العربي، فيما تتراجع نسب القراءة لدى المتعلمين؟! فوفقاَ لدراسة حديثة صدرت مؤخراً فإن 76 مليون عربي بنسبة 40 بالمائة من إجمالي سكان العالم العربي لا يقرأون.
قال الشيخ عائض القرني:
إن الإنسان بلا قراءة قزم صغير، والأمة بلا كتاب قطيع هائم.
وأضاف: طالعت سير العظماء العباقرة فإذا الصفة اللازمة لهم مصاحبتهم للحرف، وهيامهم للمعرفة، حتى الجاحظ مات تحت كتبه، وتوفي الإمام مسلم صاحب الصحيح وهو يطالع كتاباً، وكان ابن عقيل يقرأ وهو يمشي.. وقال ابن الجوزي: قرأت في شبابي ألف مجلد.. وقال المتنبي: وخير جليس في الزمان كتاب.. أما الروائي الروسي تيولوستي فيقول: إن قراءة الكتب تداوي جراحات الزمن.. فماذا قرأ شبابنا اليوم؟!
في البداية سألنا أحد الطلاب الجامعيين في معرض الكتاب الأخير بصنعاء عماذا يبحث في المعرض؟ فأجاب الطالب حمدي الخاشة: إنه يبحث عن كتب تتعلق بتخصصه لكي تفيده في تحقيق النجاح.. معترفاً بمشكلة افتقاد شبابنا العربي لعلاقة طيبة بالكتاب، أرجع سببها إلى البيئة التي لا تشجع على علاقة إيجابية بالكتاب بدءاً بالأسرة ومروراً بالمدرسة، فالجميع لا يعطون الكتاب أهميته...!
ويوافقه هزاع المطوع طالب جامعي في الرأي فيقول: نحن عرب نقرأ قليلاً، وإن قرأنا لا نعمل بما نقرأ ولا نستفيد منه إلا القليل، وذلك بسبب انشغال العرب بمتابعة الملذات عبر وسائل الإعلام والانترنت التي تهدم اليوم ولا تبني، وتركنا لشريعة محمد والقرآن الكريم اللذين إن تمسكنا بهما نجونا، وإن أضعناهما ضللنا الطريق.
الأوضاع المعيشية
المستشار الثقافي لرئيس الجمهورية، شاعر وأديب اليمن الكبير الدكتور/عبدالعزيز المقالح يقول:
إن العرب اليوم يقرأون ولكن بنسبة قليلة، ولكن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الحاصلة اليوم هي السبب الرئيس، فهي التي تحجم بعض الناس عن القراءة، إضافة إلى ارتفاع سعر الكتاب بالنسبة لبعض الناس، وكذا هناك تخوف من النشر لدى بعض الناشرين، حيث إن معدل طباعة الكتاب العربي لا يجد مساحته الكافية، حيث تقوم دور النشر اليمنية مثلاً بطباعة الكتاب من 3 إلى 5 آلاف نسخة فقط، فيما تجد أن الكتاب في أي بلد أوروبي يطبع وينشر من الكتاب أحياناً ملايين النسخ.. ولكن هناك أمل في المستقبل.
وأضاف المقالح: لكي نستطيع إعادة ثقافة القراءة لدى الشعوب العربية يجب أن نُّفعل وسائل الإعلام المختلفة لكي تقوم بدورها الصحيح من حيث التوعية والتثقيف بأهمية القراءة، مثلاً التلفزيون أتمنى أن يقوم التلفزيون والقائمون عليه بإذاعة أي إشارة أو حديث عن كتاب بين كل فقرة وأخرى يدعو من خلاله القارئ لقراءة كتاب.. وكذا الصحافة من خلال تخصيص جزء منها لعرض الجديد من الإصدارات والكتب القيمة.
مشيراً إلى أن الصحف الفرنسية تنشر أحاديث عن الكتب وتعرضها بغرض تشجيع القارئ على اقتناء الكتاب وقراءته، وهذا في بلادنا اليمن معدوم وغير موجود، أو على نطاق ضيق فقط.
منهجية التفكير
فيما يشير المفكر العربي الإسلامي الدكتور/عبدالحميد سليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي إلى أن الأمة العربية اليوم ابتعدت عن مفاهيم القراءة المتعمقة، فتأخرت عن ركب الحضارة.. وقال:
إن ابتعاد الأمة عن منهجية التفكير السليم ومقومات العقيدة الإسلامية المنظمة لحياة الشعوب أدى إلى تردي حال الأمة لتغدو اليوم في خانة الهامش بعد أن كانت سادت العالم بعدلها وخيرها وقيمها السمحة.
وأضاف: أصبح بين العرب والكتاب عقدة نفسية، وثقلت عليهم المعرفة، وخف عليهم القيل والقال، وأصبحت في أزمة مع صراع الحضارات، ولا تريد الأمة اليوم أن تتبين أوجه قصورها التي ستؤدي إلى استمرار التخلف، لأن الأمة العربية اليوم في حالة فجور وفسوق ومهانة وتخلف بسبب بعدها عن الشريعة الإسلامية، وبعدها عن قراءة القرآن الكريم وتدبر معانيه التي تزرع الخير والحب وتربي وتعلم أبناءنا وأسرنا على القراءة المفيدة والمفاهيم الإسلامية.
وأشار عبد الحميد إلى أن الإسلام جاء بقضيتين أساسيتين هما «العالمية» من خلال رسالته السماوية، التي جاء فيها أول كلمة نزلت في القرآن «إقرأ».. والقضية «العلمية» في الدين التي تتماشى مع الفطرة وبعيدة عن أمور الشعوذة والسحر والتضليل.. منوهاً بأن الأمة العربية بعيدة كل البعد عن هاتين القضيتين اللتين تحثان على القراءة الدائمة المعقمّة.. العرب اليوم في حالة تشرذم وانكفاء على الذات.
أما فيما يتعلق بأهمية إعادة ثقافة القراءة لدى الشعوب العربية، أكد سليمان أهمية تضافر جهود أبناء الأمة الإسلامية، خاصة علماء الدين لانتشالها من الواقع المتردي الذي تعيشه بسبب ابتعادها عن منهجية القراءة السليمة والتفكير السليم.
العرب للخطابة فقط ..!
ويتفق وزير المالية السابق الدكتور/سيف مهيوب العسلي مع المفكر الإسلامي الدكتور/عبدالحميد سليمان في نظرية القراءة ومنهجية التفكير السليم التي هي الأساس، ويقول:
إن عبارة « العرب لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفهموا» هي شبة صحيحة، لأن العرب يركزون حالياً على الإلقاء والمخاطبة الشفوية المتمثلة بالشعر، ولم يركزوا على الكتابة منذ التاريخ القديم، لأن العرب مبالغون في تعظيم أنفسهم ولم يحبذوا الكتابة، لأن الكتابة لابد أن تحمل نوعاً من النقد، والنقد عن العرب غير مقبول حتى يومنا هذا.
أما فيما يتعلق بأهمية القراءة يقول العسلي: نحن أمة «إقرأ»، وأول كلمة أنزلت في القرآن الكريم هي «إقرأ»، وأنزلت على رجل أمي لا يقرأ، فهذه دلالة واضحة على أن النبي الأمي، صلى الله عليه وسلم خاطب هذه الأمة من خلال القراءة، و هذا نقيس أنه لا يمكن أن تكون هناك حضارة إذا لم تكن هناك كتابة وقراءة، ومن خلال التراكم المعرفي للقراءة تتجمع جهود الأجيال فتصير هناك حياة أفضل.. وقال العسلي: لسوء الحظ أن الكتابة انتشرت في فترة بسيطة في التاريخ الإسلامي، وهي فترة التدوين والترجمة، حين بدأ العرب يبدعون ويدرسون حضارات العالم الجديد، ولكن هؤلاء العلماء أطلق عليهم آنذاك بالضالين، والمضللين، والسحرة، والمنحرفين وغيرها من الألقاب المسيئة لهم، ومن أمثال أولئك العلماء الذي كانت تطلق عليهم هذه الألقاب (ابن سيناء، ابن رشد، وغيرهما من العباقرة الكبار)، ولم نعترف لهم بحججهم وإبداعاتهم واختراعاتهم إلا عندما اعترف الغرب بهم، وكان بعض المسلمين يصورهم في التاريخ الإسلامي بأنهم منحرفون وأصحاب عقائد، ومازال هذا التيار موجوداً إلى يومنا.. وأضاف الدكتور العسلي: إذا أردنا أن نندمج بالحضارة العالمية أو نقودها فمفتاح ذلك القراءة ثم الكتابة وحرية التعبير التي يجب أن تكون لها قداسة، والقبول بالنقد وإن كان جارحاً، لأن النقد الجارح خير من النفاق الجامح.. فها نحن نرى الإنسان الأجنبي دائماً يقرأ، ولكن نحن نخاف من الكتاب، لأن الكتاب يشرح جزءاً من الحقيقة، ولذلك ينبغي على المجتمع بكل تكويناته أن يعلم الناس في المدارس والجامعات كيف يقرأون، لا كيف يفكون الخط كما هو حاصل اليوم نعلمهم كيف يفهمون، ويحللون، ويستنتجون، ويلخصون.. وهذه مشكلة عويصة حتى في مناهجنا التعليمة اليوم.
الميل للصمت
أما الناقد والإعلامي اليمني المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، مدير تحرير مجلة الرافد، الدكتور/عمر عبدالعزيز، فيقول:
من الصعب أن تصدر قراراً وأحكاماً بهذا المعنى، فالعرب يقرأون ولا يقرأون مثلهم كمثل بقية الشعوب، وهناك أمر تاريخي يتعلق بزيادة الثقافة الشفاهية بالعربي، من خلال الخطابة المنبرية، والاستماع، إضافة إلى القراءة الصامتة، وفي المقابل نتحدث عن شعوب قارئة لأنها بطبيعتها السيكولوجية والنفسية تميل للصمت وهو رديف للقراءة الورقية، وبطبيعة الإنسان العربي يميل إلى الاستماع إلى الشاشة، وهي ظاهرة تتعلق بعوامل تاريخية، وبدورها تزيد من الثقافة الشفاهية عبر التعاطي الذهني، والثقافة الشفاهية لا تختلف عن جوهر التعاطي الصامت المقروء.
ويضيف عمر عبدالعزيز: هناك أمر لابد من معرفته، وهو أننا كعرب نعيش حالة من التخلف، لسنا في مقامات أسلافنا الكبار، وذلك لمسائل معقدة، منها تواريخ المهانات، والاستبدادات، والعلاقة السيئة بين الرعية والنخب السياسية، ذلك ينعكس بشكل سلبي على المجتمع العربي وعلى الثقافة العربية العامة، فلابد من إعادة النظر بيننا وبين التاريخ، بمعنى أن نبتعد عن الهتافات والمناكفات الدينية والسياسية، وتسوية المقولات التاريخية، وتسوية العلاقات بين أوساط المجتمع لنعمل على إنماء ثقافتنا بالقراءة في مختلف أشكالها وصورها.
كلام يهودي
الدكتور/عبدالعزيز بن صالح الطويان عميد شؤون المكتبات في الجامعة الإسلامية، وفهد إبراهيم الرشيد مدير المعارض بوزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية يختلفان وينفيان هذه العبارة جملة وتفصيلاً.. مشيرين إلى أن مقولة «العرب لا يقرأون، وإن قرأوا لا يفهموا»، عبارة قالها أحد اليهود، وذلك لإحباط العزيمة لدى العرب.
منوهين بأن العرب يقرأون، ولا توجد هناك قطيعة بيننا وبين الكتاب، وهذا أكبر دليل يتجسد في معرض صنعاء للكتاب الذي يشهد إقبالاً كثيراً لشراء واقتناء الكتاب رغم الصعاب والظروف الاقتصادية التي تواجه الإنسان اليمني، وهذه حقيقة على حب العلم والتعلم، فيما بعض المعارض الدولية الأخرى لا تجد إقبالاً مثل معرض صنعاء، لأنه يتحول إلى مكان للترفيه والتسلية للعائلات والأهالي.
قراءة السندويتش...!
أما الصحفي والكاتب اليمني/صادق ناشر، فيقول:
العرب، كما ذكر أكثر من مصدر، أمة القرآن الكريم، والأولى بالأمة العربية أن تكون أولى الأمم بالقراءة، وسبّاقة إلى تثقيف الذات، ولكن ما يحدث اليوم أن العرب نسوا القراءة ولم يعملوا بما عمله سابقوهم، وبالتالي فإن العرب يتقهقرون إلى الخلف، وذلك لعدة أسباب، منها أن الأنظمة العربية معظمها لا تتيح فرصة لمواطنيها للتحول للقراءة الحقيقية، لأنها تحاول تجهيل المواطن حتى لا تتحول هذه الشعوب إلى قوة مناهضة لهذه الأنظمة، وهي إحدى سياسات هذه الأنظمة، وبالتالي القارئ العربي يتجه للقراءات الشكلية، ولا يهتم بالقراءات المعمّقة التي تزيد من وعيه وإدراكه واتساع معارفه، ويحبذ اللجوء إلى القراءات السريعة، أو ما يوصف (بقراءة السندويش) التي لا ترهق ذهنه وفكره ولا تشغل عقله، وهي جزء من ثقافة عامة صارت تتشكل في القرون الأخيرة، أصبحت سمة من الشعوب العربية، حتى لو قرأ المواطن العربي فإن قراءته تصبح ضيقة ومحدودة التأثير، ولهذا السبب قيل إنهم لا يفهمون، وإذا فهموا لا يطبقوا على أرض الواقع.
ويضيف الصحفي ناشر: إن هناك واقعاً نعيشه بألم، وإن المثقف أو المواطن العربي قليل القراءة، قليل الاهتمام بالكتاب، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعانيها المواطن العربي، التي أثرت على الإقبال على الكتاب والقراءة، كما أن هناك عقدة أساسية بين المواطن العربي والكتاب، عقدة بينه وبين الثقافة، وليست هناك فرص كبيرة لاقتناء الكتاب، الكتاب في العالم الأوروبي يطبع بآلاف بل بملايين النسخ، بينما نحن نطبع نحو 3 إلى 4 آلاف نسخة فقط.
من أجل أن نقرأ لابد أن يكون هناك تواجد مهم وكبير للدولة، في أن تكون هناك استراتيجية واضحة المعالم للدولة فيما يتعلق بدعم الكتاب وإنزاله إلى الأسواق بأسعار مناسبة حتى يتمكن القارئ من شراء الكتاب، وليس المهم أن نشتري كتاباً، ولكن الأهم أن نفهم ما فيه، إضافة إلى أن معظم الكتب التي تطبع في اليمن كتب نخبوية لا يقرأها إلا النخبة، وتبقى محصورة في دائرة ضيقة.
الفضائيات
الدكتور/فارس السقاف رئيس الهيئة العامة للكتاب يقول:
هناك عزوف عند أغلب الشباب عن القراءة بسبب مشاهدة ومتابعة الفضائيات والقنوات المختلفة والانترنت.. وأضاف: هناك عزوف عن القراءة، ولكن هذه العبارة كانت تكتيكية، وأرادت أن تحبط العرب، والعرب كأي أمة مرت عليهم ظروف انحطاط وانصرفوا عن القراءة لأنهم كانوا منشغلين بأولوية السكن والدواء والغذاء، وتأخرت أولوية القراءة، ولكن الآن في السنوات القليلة الماضية شهدت الشعوب العربية صحوة.. وقد بدأت هذه بقراءات سطحية، ثم إقبال، فزيادة وتفاعل ورؤية، وفي الأخير تتبلور إلى عملية عكسية للقراءة، جماعية ودراسة وقراءة لتحقيق المقاصد والأهداف وتعميق الفهم.. ويضيف السقاف: أيضاً هناك عقدة نفسية بين الكتاب وبين أمريكا، مثلاً صدر تقرير يقول: إن المجتمع الأمريكي في خطر، التعليم فاشل، والطلاب لا يقرأون، ولا يطلعون، ولا يعرفون شيئاً، ولديهم معلومات سحطية.. فيما القارئ العربي أكثر اطلاعاً ومعرفة من القارئ الأمريكي.
ويتابع: ولكي نعيد ثقافة القراءة يجب أن نحدد منهج القراءة.. كيف تقرأ، ماذا تقرأ، كيف نحول ما نقرأه إلى جوانب عملية؟ يجب أن نعلم الناس القراءة، يجب أن نعيد المكتبة المدرسية، وإعادة مادة القراءة والمطالعة كمادة أساسية حتى يرتبط من البداية وحتى النهاية بالكتاب، وكذا يجب أن يتم تدعيم المكتبات العامة والتعليم العالي والمدرسي بموازنات خاصة لكي تؤدي دورها، لا أن تكون لدينا مسميات فقط دون إمكانات، فهي ستفشل، وستسهم في إخراج جيل أنصاف جهلة، لا يفقهون شيئاً.. ويقول الشيخ الدكتور/صالح الوعيل أستاذ الشريعة في جامعة صنعاء، مؤكداً: إن الأمة العربية اليوم تغلب عليها الأمية، وإن كنا نقرأ فنقرأ قليل الشأن، ودون فهم واستيعاب وتعمق، لأنه لا توجد لدى العرب عزيمة، ولا إرادة أو أمل تجعلهم يفكرون كيف يفهمون ويفكرون.. حسب قوله.
مشيراً إلى أن الإنسان الغربي إذا وجدته راكباً أو مسافراً أو يعمل أو في النادي تجده يقرأ وينظر إلى ما هو الجديد، وما هو المبتكر في صالح حالهم ودنياهم، وإن وجدت إنساناً عربياً مسافراً أو في مكان تجده يطالع ويتلفت شمال يمين، كالذئب العاوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.