كثير من الناس لا يقبلون على القراءة إلا في شهر رمضان، والواقع أن أجواء رمضان مشوقة للقراءة فضلاً عن تلاوة القرآن الكريم.. لكن ما كل من قرأ يفهم، وقد يكون هناك من النابهين والفاهمين لكنهم لا يقرأون! . فالإذاعيون أكثر الناس قراءة لكنهم سرعان ما ينسون، فالذي يقرأ لنفسه يختلف عن الذي يقرأ للناس. بعض من شباب هذا العصر، وبالذات من المتشائمين يقولون: ما فائدة القراءة؟ ما فائدة أن نقرأ ومستقبلنا وراء ظلام دامس. إلا أن الواقع المستقبلي للأجيال يجيب: “القراءة ثقافة وعلم ومعرفة وإدراك وإحاطة بكل ما يدور ويستجد في عوالم هذا الكوكب المسكون بالبشر، إنما قل : هناك فرق بين قراءة الكتب والمجلات والصحف المنوعة الموجودة، كالجراد المنتشر وبين من يقرأ ليستمتع فيتسلى، كما يختلف الذين يقرأون بحسب ما يقرأون. لقد أمضينا من حياتنا شوطاً في أول العمر أيام كانت الكتب المفيدة عزيزة لا وجود لها عندنا , فأمضينا بقراءة الكتب الموجودة التي لا جدوى منها , ذلك قبل التوصل إلى كتب طه حسين والعقاد والمازني والمنفلوطي والحكيم، كانت القراءة من كتب حمزة البهلون، وعنترة، والمقداد، وتودد الجارية، ورأس الغول معظمها حكايات وبطولات خيالية، هكذا تتخبط في القراءة بغير هدى ولا بصيرة، فضاع الوقت دون الحصول على فائدة ولا هدف. فما هو الهدف المنشود من القراءة؟ في رأي الكاتب القدير عبدالله الأنصاري “أن الناس ليسوا على حال سواء فالذي يقرأ هذا الكتاب غير الذي يقرأ ذلك الكتاب، والذي يقرأ للمتعة غير الذي يقرأ للفهم والإدراك”. ولذلك نقول: لا بد أن يأتي السؤال هكذا : لماذا لا نقرأ؟ وإذا فهمنا لماذا لا نقرأ فعلينا أن نختار النوعية التي نقرؤها، لأننا لا نستطيع أن نحدد الطريق الذي علينا أن نسلكه. لا بد إذن أن يكون للقراءة هدف وغاية كما يقول الأنصاري ولا بد أن تكون الغاية هي فهم الحياة، وخدمة المجتمع، وخدمة الحياة هي خدمة الوطن والإنسان. قال أحد أولادنا مستغرباً ان فلاناً يقرأ كثيراً ولا يمل ليلاً ولا نهاراً!! وقال إنه لا شك أكثر من زملائه ثقافة فهل كل من قرأ فهم واستوعب؟. هناك من يعجبك انكبابه على القراءة وملاحقته لكل ما نزل من المطابع لكنه غير مثقف، فكثير من القراء غير مثقفين والمثقفون قلة اختطوا لأنفسهم طريقاً سوياً يسيرون عليه في الحياة . والملفت لنظر عبدالله زكريا الانصاري ان القراءة في بلادنا العربية قليلة جداً لأن القراءة الجادة غائبة وذلك مقارنة بقراءة الآخرين من كتب العلوم المفيدة وطبائع الناس مختلفة , ويقول : “ ومن العجيب أن تجد قارئاً لا يستوعب مايقرأ إلا بين ضجيج الناس وصراخهم.. ومازلت أتذكر أولئك الذين يأخذون كتبهم ويستقرون معها في أحد المقاهي بين صراخ المنادين ببضائعهم وبين صخب السيارات. - والحقيقة عندما نعرف جيداً لماذا نقرأ نصبح أعضاء نافعين في المجتمع، ونستطيع ان نحدد المسار الذي نسير عليه في حياتنا الصعبة ونعرف كيف نعالج الأمور المعقدة وربما توصّلنا إلى حل مشاكلنا ومشاكل الآخرين ولاشك أن ذلك يتم عن طريق اختيارنا لنوعية الكتب التي نقرؤها ونطلع عليها ونستفيد منها ونفيد، ولعل ذلك يؤدي بنا إلى متعة كبرى، وقيمة هذه المتعة أنها تحقق أسمى هدف من أهداف الحياة.. وخلاصة القول إننا نقرأ لنفهم ولندرك معنى الحياة ومن ثم لنقدم لأنفسنا وللناس ما نستطيع تقديمه من خير ولنتجنب الشر الذي يتنافى وسعادة الإنسان.